مطهـــر تقــــي - بإرادة كل القوى السياسية الصانعة للأحداث السياسية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي كان إجماعها على الميثاق الوطني وقيام المؤتمر الشعبي العام بكافة أدبياته بعد جهد كبير من لجنة الحوار الوطني المشكَّلة من كافة أطياف العمل السياسي وقتها شمالاً وجنوباً كأول وثيقة لأول هوية سياسية يمنية خالصة بعيداً عن هوية وتأثير القوى السياسية والفكرية في العالم العربي والعالم الأممي والرأسمالي، حيث تمكنت تلك القوى السياسية اليمنية في أغسطس 1982م، من إعلان ميلاد قوة سياسية يمنية بهوية فكرها نابع من قيم الدين الإسلامي الوسطي ومن خلاصة الفكر الثقافي اليمني وقيم الشعب اليمني الأخلاقية والاجتماعية.
وبتلك الإرادة السياسية اليمنية ، كان ميلاد المؤتمر الشعبي العام الذي وُجد ليبقى قوة سياسية فاعلة على أرجاء الساحة اليمنية يؤمن بمبادئ ميثاقه الوطني غالبية الشعب اليمني لأنه ببساطة نابع من دينه وثقافته وقيمه الاجتماعية بدون شطط مذهبي أو تعصبي مناطقي أو استعلاء سلالي (قحطاني او هاشمي)... فمذهبه كل المذاهب الإسلامية الوسطية وارضه كل الأرض اليمنية ورجاله كل رجالات فئات الوطن.
صحيح أن الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح رحمة الله عليه ، قد أشرف وعمل على رعاية إجماع القوى السياسية اليمنية وبذل جهوداً عظيمة حتى تم إقرار الميثاق الوطني وادبياته وإعلان مولده وأعطاه جل وقته وجهده ، لكن ذلك لا يعني أن بموت المؤسس أو المشرف على قيام أي حزب أو تنظيم يموت ذلك الحزب أو ذلك التنظيم وإذا كان ذلك صحيحاً فيعني ذلك أنه لم يعد في الساحة السياسية العربية والعالمية أي حزب أو قوة سياسية ، فقد مات كل من أسسها أو أشرف عليها أو ألف منهجها.
وهنا نؤكد أن المؤتمر الشعبي العام بدليله النظري الميثاق الوطني ولوائحه التنظيمية باقية في فكر وضمير كل يمني يؤمن بقيم اليمن الثقافية والأخلاقية وقيم الولاء للوطن ودولته المدنية العادلة.
وحين أؤكد في سطوري هذه أن المؤتمر بخير ويتعافى فلا يعني ذلك أني لا أعي الظروف السيئة التي تحيط به خصوصاً بعد محنة ديسمبر الماضي وانتقال رئيسه إلى ربه وما تلى ذلك من إجراءات قاسية ضد المؤتمر من بعض قيادات أنصار الله وتمكن قيادة المؤتمر الحالية برئاسة الأستاذ صادق أمين أبو راس من تجاوز أكثر من نصفها بفضل حكمتها وحكمة عقلاء الأنصار وبقي النصف الآخر المتمثل بتسليم مقرات المؤتمر وممتلكاته وإطلاق بقية المساجين ورفع اليد عن إعلام المؤتمر وإطلاق جثمان رئيسه السابق كل ذلك استوعبه وتستوعبه كل قيادات وأعضاء وأنصار المؤتمر ، لكن إيمان الجميع بالله ثم بأهمية تجاوز أي خلاف وعوامل فرقة بين المؤتمر وبين أنصار الله حتى ولو غلب المؤتمر في بعض حقوقه ، فكما صبر على المشاركة السياسية مع أنصار الله على قاعدة ثلثين وثلث قبل محنة ديسمبر ، فإنه بعدها قد فقد الثلث الباقي وأخذ الأنصار جزءاً منه ولأن المؤتمر يعي تبعات الفرقة والخلاف على الجبهة الداخلية فإن وزراء المؤتمر وكل منتسبيه في مؤسسة الدولة وعلى رأسهم رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور مازالوا يتحملون المسئولية بصدق وولاء وطني ، كل ذلك من أجل عزة وكرامة الوطن والتضحية من أجل سلامة الجبهة الداخلية ، والتأكيد أن طبيعة المؤتمر الوسطية وعدم انتهاجه سياسة الاقصاء والتهميش تجعله الأعلى بتضحياته وعقلانياته ورؤيته الوطنية وهو بكل ذلك سيظل بخير وعافية وستشكل قيادته وكل أعضائه جبهة صلبة أمام كل تحديات الوطن باعتباره قوة سياسية ، سيكون لها شأن كبير في صنع السلام والمصالحة الوطنية مع كل أبناء اليمن في الداخل والخارج وإعادة الأمن والأمان لليمن الواحد حتى ولو طال السفر.
|