د.جمال الحميري - المقدمة: الحقائق الخمس
إن نظرتنا إلى تاريخنا وتجاربنا السابقة، بالمقارنة لواقعنا الراهن تؤكد لنا حقائق مهمة في نظرتنا إلى المستقبل هي:
* الحقيقة الأولى:
إن شعبنا لم يصنع حضارته القديمة إلا في ظل الاستقرار والأمن والسلام، ولم يتحقق له ذلك إلا في ظل وحدة الأرض والشعب والحكم.
ولم تتحقق له الوحدة إلا في ظل حكم يقوم على الشورى والمشاركة الشعبية.
* الحقيقة الثانية:
إن كل الأحداث الدامية، عبر تاريخ اليمن الطويل، قد زعزعت كل شيء في حياة الإنسان اليمني، إلا إيمانه بالله وتمسكه بالعقيدة الإسلامية، هذه الحقيقة تؤكد أن العقيدة الإسلامية هي ضمير شعبنا الذي يستحيل بدونه الاندفاع إلى الأمام، وتؤكد أن مجتمعنا اليمني في ظل الشريعة الإسلامية الحقة، قادر على فهم واقعه وتكوين النظرة الواقعية السليمة لحاضرة ومستقبله، وضمان الوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
* الحقيقة الثالثة:
إن التعصب الأعمى لا يثمر إلا الشر، وأن محاولات أية فئة متعصبة للقضاء على الآخرين، أو إخضاعهم بالقوة، قد فشلت عبر تاريخ اليمن كله، وأن الاستقرار الجزئي أو الشامل لليمن في ظل حكم يتسلط بالقوة ويتسلط بالدجل والخديعة لا يدوم طويلاً، وغالباً ما ينتهي بكارثة، بعد أن كان نفسه كارثة على الشعب، وأن الحوار الواعي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق حياة أفضل للجميع.
* الحقيقة الرابعة:
إن مجتمعنا اليمني بدون الديمقراطية والعدالة الاجتماعية غير قادر على تعزيز وحدته، وغير قادر على استغلال ثروته المادية والبشرية وإحداث التطور والتقدم والحفاظ على السيادة الوطنية.
* الحقيقة الخامسة:
إن مجتمعنا اليمني، كان وما يزال يؤكد رفضه لأشكال الاستغلال والظلم، مهما كانت أصولها ومصادرها، ويؤكد -في الوقت ذاته- حرصه على الاستقلال والأمن والإيمان.
والآن ونحن على أبواب مرحلة من أهم مراحل التاريخ الحديث، مرحلة الانتقال إلى التطبيق الديمقراطي وإقامة المجتمع المدني، لا بد أن نملك الوضوح، وضوح الهدف، ووضوح الوسيلة، ذلك أن التطبيق الديمقراطي الحقيقي تطبيق الشورى، تطبيق المشاركة الشعبية في الحكم، سيبقى الهدف الأساسي للحركة الوطنية وللثورة والمحتوى الأساسي للنظام الجمهوري، وبدونه يبقى النظام الجمهوري شكلاً بلا محتوى، جسداً بلا روح.
ومن أجل هذا كله جاء هذا الميثاق الوطني محاولة مخلصة وصادقة وواعية يحقق لنا وضوح الرؤية، وفي إطاره الفكري تأتي برامج العمل السياسي ملتزمة بمبادئه الأساسية، ومستفيدة من تجاربنا الوطنية، محددة احتياجاتنا الواقعية ومعالم الطريق للمستقبل، في نظام ديمقراطي يقوم على التعددية الحزبية ومبدأ التداول السلمي للسلطة.
إن الشعب اليمني اليوم - في ظل الجمهورية اليمنية- مصمم على استعادة مكانته الحضارية من جديد، ومندفع -بوعي- لاستيعاب منجزات الحضارة الإنسانية في هذا العصر، والتفاعل مع إيجابياتها أخذاً وعطاء، تأثراً وتأثيراً، وهو في تصميمه واندفاعه متسلح بعقيدته الإسلامية ومحتفظ بذاته الأصيلة، وأن هذا الميثاق الوطني، عهد نلتزم به جميعاً، ونعزز به الوحدة الوطنية ونرسخ به الأسس الديمقراطية للنظام السياسي والشرعية الدستورية.
(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)
صدق الله العظيم
|