موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
مقالات
الميثاق نت -

الأحد, 22-يوليو-2018
ضياف‮ ‬البرّاق -
عندما يقعُ نبضي على وتر (أيوب) الفنتازي، تزورني فراشات الضوء وتتلاشى الكآبة بداخلي حتى أكاد لا أستطيع أن أعشق غير الحياة.. هذا الفنان الذي في عزفه يتلاقى الوطن والحب وبينهما تشرق الشمس وتتسامى القلوب.. عرفتُ أيوبَ عندما كنتُ في السابعة عشرة من عمري، في ذلك الحين تمامًا كنتُ جاهزًا للغوصِ في أعماق العشق والسير في دروبٍ مكتظة بالتمرُّد والمعجزات، وهناك تفاصيلٌ كثيرة تتعلق بهذا السياق، لكني لا أستطيع التعبير عنها كما أريد.. أنا الشاب المتمرد، الذي خذلتْهُ أحلام بلا حساب ومواقف رومانسية لا تنتهي، لكن لم يخذله همسُ‮ ‬أيوب‮ ‬المعجون‮ ‬بالنقاء‮ ‬وطيف‮ ‬قزح‮.‬
لا أخفي عليكم أن دمعتي الأولى التي ذرفها قلبي على حافة المحبة والوله كان عنوانها أيوب، أيوب الذي لا يُمَّل؛ لأنه أغنية ناضجة في منتهى الجمال، هذه الأغنية -بصفة عامة- لها ألقها الخاص والفريد، الذي يميزها عن غيرها، هذا الألق الخالص الذي يجذب روح المرء بتلقائية‮ ‬عالية‮ ‬ويتسلل‮ ‬إلى‮ ‬أعماقه‮ ‬كما‮ ‬لو‮ ‬كان‮ ‬الوحي‮ ‬إذ‮ ‬يناديه‮ ‬إلى‮ ‬الحياة‮.‬
غناء أيوب، جسّد قيمة الفن بكل أناقة وإبداع، إنه غناء مائز، وكل الأشياء تنحني لهذا الصوت الفردوسي الشجي وكل التفاصيل ترتشف منه لكنها لا ترتوي.. وعندما يتعلق الأمر بالفن اليمني الغنائي ستجد أيوب بارزًا مرفرفًا في الواجهة، لقد كان - بحق - الأفضل ببساطة شديدة؛‮ ‬الأمر‮ ‬الذي‮ ‬جعل‮ ‬كل‮ ‬الأطياف‮ ‬اليمنية‮ ‬تحبه‮ ‬وتنتمي‮ ‬إليه،‮ ‬وتصغي‮ ‬لتراتيله‮ ‬الساحرات؛‮ ‬الممزوجة‮ ‬بجمال‮ ‬الطبيعة‮ ‬وندى‮ ‬المحبة‮ ‬وأبجدية‮ ‬الوطن‮ ‬الغالي‮.‬
ما‮ ‬من‮ ‬أحد‮ ‬في‮ ‬مقدوره‮ ‬أن‮ ‬يسيئ‮ ‬لفن‮ ‬هذا‮ ‬الكائن‮ ‬المتصوف‮ ‬الذي‮ ‬تجاوز‮ ‬كل‮ ‬الانتماءات‮ ‬الضيقة‮ ‬ورفضَ‮ ‬بواعثَ‮ ‬الكراهية‮ ‬ولم‮ ‬ينتمِ‮ - ‬حتى‮ ‬اليوم‮- ‬إلا‮ ‬للوطن‮ ‬والإنسان‮ ‬والثقافة‮.‬
شخصيته التي جسدت سلوك المسيح، ألحانه التي أعطت للأرض معنى جديداً، وللوطن قامة أخرى: كل هذا المُنجَز الفني الواسع والمضيئ، بالضرورة يستحق اهتمام الثقافة كما يستحق البقاء الحيّ في القلب والذاكرة، وهكذا مُنجَز كبير محال أن يُنْسَى أو يتراجع إلى الوراء. وحين يغني‮ ‬هذا‮ ‬الإنسان‮ ‬المُخلِص‮ ‬في‮ ‬مبادئه،‮ ‬العالي‮ ‬في‮ ‬تواضعه،‮ ‬تصغي‮ ‬له‮ ‬الحياة‮ ‬وتتراقص‮ ‬بين‮ ‬تناهيده‮ ‬الأرواحُ‮ ‬والهواجس‮ ‬والنوافذ‮ ‬أيضًا‮. ‬
الحديث عن الأغنية النظيفة ، كأغنية أيوب، هو حديثٌ عن منتهى الفن والجمال، حديث فلسفي لا ينضب.. وهذه الأغنية لا تموت، ذلِك لأنها تخلق نفسها كل يوم وتتجدد مع حركة الوجود، وفي كل قلب تغرسُ وردةً للسلام، وعلى جنبات الطريق تنشرُ ضوءها وتنشدُ أسمى معاني الخير وحب‮ ‬الوطن‮ ‬الحُرّ‮.‬
‮"‬الفن‮ ‬رسالة‮ ‬سامية،‮ ‬رسالة‮ ‬لا‮ ‬تعرف‮ ‬طريقًا‮ ‬للكراهية‮ ‬ولا‮ ‬لونًا‮ ‬للقُبْح‮ ".. ‬هذا‮ ‬ما‮ ‬تقوله‮ ‬لنا‮ ‬أغنية‮ ‬أيوب،‮ ‬الأغنية‮ ‬التي‮ ‬تسامت‮ ‬إلى‮ ‬حدٍّ‮ ‬عالٍ‮ ‬لا‮ ‬ينخفض‮ ‬ولا‮ ‬يستهان‮ ‬به‮ ‬عبْر‮ ‬الزمن‮. ‬
أعرف جيدًا أنه ليس في مقدوري الكتابة عن الوطن (أيوب) على النحو الذي يليق به، لكنني سأكتب عنه بالضرورة؛ فالكتابة عن العظماء والأحرار شيءٌ آخر، شيءٌ مُشرِّف لصاحبه، هذا الشيء لا يُشبه الموت ولا يميل إلى النسيان أو الزيف.
وللإيضاح أكثر، أقول هنا: الفنّانون الرائعون هم قلب هذه الحياة، وحضارتها ومجدها، وهم وحدهم يستحقون الكتابة والتقدير، ومن لا يدرك جمالية الفن وقوة تأثيره أو لا يؤمن به، هو بالطبع لم يرقَ إلى مستوى الحب والنضوج، وبالتالي هو كائن معرض دائمًا للإحباط وهجمات البؤس‮. ‬
مع غناء أيوب تهطلُ علينا الأنوارُ والأمنيات الخُضْر، وترقصُ أرواحنا دونَ الجسد، فهذا الغناء المتنوع والجديد والماتع معًا، هو من وحّدَ قلوب اليمنيين على المحبة والنضال وقيم التعايش، وبدَّدَ الوحشة التي معها تبدو حياة الإنسان بائسة وقاسية.. إن وطنيَّات أيوب التي اختزنت في ألحانها وكلماتها كل معاني النضال والارتقاء، هي وحدها تشهد له بالعظمة والفرادة، إذ ليس هناك ما يبعث الحب في أعماقك وعشق الوطن سوى هذا الفنان السامق وقامته الحضارية والإنسانية التي صنعها هو في قلوبنا وكانت فخرًا ورمزًا لهذا الوطن الجميل الذي لم‮ ‬تحترمه‮ ‬حروب‮ ‬الظلاميين‮ ‬والجبناء‮. ‬
أيوب الإنسان: رجلٌ عظيم حدّ النبالة وما فوقها، بل هو كل المعاني الإنسانية الجميلة، بالرغم من أنه غنيٌّ عن التعريف والتبجيل والمديح.. إنه الوطن الأخضر، الذي بدونه لا قيمة للفن ولا طعم للعيش.
أيوب الفنان: مدرسة فنيّة كبيرة في الغناء، مدرسة بلغت قمة الفرادة والجاذبية دونما ادّعاء، والجميع يشهد لها بذلك؛ هذه المدرسة هي التي رفعت سقفَ الغناء اليمني إلى مستوى لائق يبعث على الدهشة وروعة الأصالة، كما أعطتْ للإنسان قبل الوطن ما يستحقه من الجمال والمجد،‮ ‬ومن‮ ‬هذا‮ ‬المنطلق‮ ‬كان‮ ‬أيوب‮ ‬معشوق‮ ‬كل‮ ‬اليمنيين،‮ ‬وخلاصهم‮ ‬الأمْثَل‮ ‬من‮ ‬عوامل‮ ‬الفُرقة‮ ‬والشتات،‮ ‬بل‮ ‬كان‮ ‬لهم‮ ‬كل‮ ‬شيء‮ ‬جميل،‮ ‬وها‮ ‬هو‮ ‬مايزال‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬عروقنا‮ ‬ويسمو‮ ‬في‮ ‬أذهاننا‮ ‬وسيبقى‮ ‬ما‮ ‬بقينا‮.‬
هذا‮ ‬هو‮ ‬قيصر‮ ‬الفن‮ ‬اليمني‮ "‬أيوب‮ ‬طارش‮ ‬عبسي‮".. ‬وللحبِّ‮ ‬بقية‮.‬
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)