بقلم السفير/ يحيى السياغي - في مثل هذا الشهر وتحديداً في الـ24 منه عام 1982م أعلن قيام الموتمر الشعبي العام كتنظيم وطني يمني رائد انبثق من حوار شمل كافة مكونات المجتمع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية على اختلاف انتماءاتها واتجاهاتها الحزبية اليمينية والقومية واليسارية توافقت واتفقت في حوارها على دليل نظري جامع لعملها السياسي يقوم على أساس تغليب مصلحة الوطن والشعب على ما عداها من المصالح الأنانية الضيقة المناطقية والحزبية الفئوية والطائفية.. كان هذا الدليل النظري هو »الميثاق الوطني« الذي لم يكن فقط محصلة حوار وطني يمني واسع وشامل وانما نتاج لاجماع شعبي عبر عنه في استفتاء انطلاقاً منه برز تنظيم شعبي رائد تجاوز في مبادئة وأهدافه كل تعقيدات المرحلة ما بعد عقدي الستينيات والسبعينيات بتراكماتها الخلافية والصراعية بين الأطراف اليمنية الواقعة تحت تأثير استقطابات المصالح الاجتماعية الداخلية بارتباطها في مضامينها وابعادها بالتجاذبات الحادة للوضع الدولي والاقليمي المفعم بالصراعات التي بكل تأكيد انعكست على اليمن والمنطقة بسلبياتها فكانت الثورات الوطنية التحررية ضد القوى الاستعمارية والقوى الداخلية التي كانت صنيعة وتابعة للاستعمار الغربي بشقيه القديم المضمحل والجديد المتشكل في اطار الثورات المضادة والتي كان لها انعكاساتها على بلادنا.
وإزاء ذلك كله كان لابد من خروج اليمن من دوامات الصراعات والخروج الى مسار وسطي مغاير تحدد السياسة الداخلية والخارجية على أساسه مستوعب لمتطلبات الاستقرار النسبي في وجود يمن منقسم في كيانين ودولتين شطريتين تموج بهما وبينهما اختلافات في التوجهات عبرت عنها صراعات وحروب لم تكن بمعزل عن دول الجوار النفطي في الجزيرة والخليج وخاصة مملكة بني سعود والذي بلغ أسوأ مظاهره في الحرب العدوانية القذرة التي تشنها على الشعب اليمني للعام الرابع على التوالي.
كل هذه الخلفية التي أوردناها ونحن في المؤتمر الشعبي نعيش الذكرى الـ36 لتأسيسه والتي وصل فيها الوطن اليمني الى وضع مأساوي يدعونا نحن المؤتمريين الى التفكير ملياً فيه وفي نفس الوقت ندعو الآخرين في القوى السياسية اليمنية الى السير في ذات الطريق لنلتقي في المنتصف بحثاً عن مخارج مما نحن فيه ولكن هذا يفترض منا نحن المؤتمريين أن نعطي النموذج والقدوة في التوجه الى التصالح والتسامح بين كافة ابناء اليمن لنكون حقاً مجسدين أعلى درجات الوفاء لتاريخ تنظيمنا الوطني من خلال اعلاء قيم التسامح والتصالح المعبر عنها في حوار حقيقي ليس فقط من أجل حل القضايا الخلافية فيما بيننا ومع قوى العمل السياسي الوطني بأعتبارهم جميعا شركاء لنا في الوطن وفي العملية السياسية والعمل معاً لإنهاء المأساة التي سودت حياة اليمنيين جميعاً الناجمة عن العدوان الخارجي المتمثل في التحالف السعودي وانهاء خلافاتنا وصراعاتنا الداخلية على نحو يعيدنا الى تلك الروح الوطنية اليمنية التي انبثق منها المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982م والذي يحسب للقائد المؤسس الزعيم علي عبدالله صالح مع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية أعظم انجازين يحققان في تاريخ اليمن المعاصر والحفاظ عليهما مسئولية وواجب يعبر عن اخلاصنا ووفائنا لوطننا وشعبنا ومستقبل إجياله.
وهنا أقول إن علينا ونحن نحتفل بذكرى تأسيس تنظيمنا المؤتمر الشعبي العام الـ36 علينا أن نعتز ونفتخر بما حققناه دون التخلي عن مبدأ النقد الذاتي ومراجعة تجربتنا على نحو يجعلنا نقدم النموذج والقدوة في هذا الاتجاه للآخرين باعتبارنا الحزب الذي حمل على كاهله هموم وتطلعات اليمنيين الى الأمن والاستقرار والوحدة والديمقراطية والتعددية منطلقين من حقيقة أن من لا يعمل لا يخطئ.
في هذا السياق ينبغي أن يكون على المؤتمر بقيادة الشيخ صادق بن أمين أبو راس الذي هو واحد من أبرز المؤسسين المخلصين الأوفياء لمشروع المؤتمر الوطني الوحدوي الديمقراطي أن تكون مناسبة التأسيس ملهمة لكل المؤتمريين قيادة وقواعد في الداخل والخارج وعلى نحو يمكنهم من الاسهام في اخراج شعبنا مما هو فيه وهذا لن يكون مالم نتصدر صفوف ابنائه الخيرين في تقديم الحلول والمعالجات لكافة القضايا والمشاكل التي أوصلت اليمن والوطن والشعب الى ما وصل إليه والعمل على إعادة بناء اتفاقية الحوار والتسامح وبما يحافظ على سيادته واستقلاله ووحدته وإعادة السلام والاستقرار الى كل ربوعه.
عضو الأمانة العامة
رئيس دائرة العلافات الخارجية
|