أحمد الزبيري - منع الوفد الوطني من السفر الى المشاورات التي كان من المزمع انعقادها في جنيف حسب دعوة المبعوث الأممي الى اليمن مارتن جريفيث يوم الخميس الماضي 6 سبتمبر 2018م ليس جديداً فقد حصل هذا في جنيف الأولى والتي دعا إليها المبعوث الأممي السابق الموريتاني ولد الشيخ أو حسب تندر اليمنيين ولد »الشيك« والتي جرت بعد أشهر من العدوان السعودي الاماراتي الاقليمي والدولي وصاحب مثل هذا السلوك من قبل هذا التحالف العدواني الوحشي كل المشاورات اللاحقة في الكويت الأولى والثانية ولا نحتاج الى سرد قصة سفر الوفد الوطني ومعاناته في جيبوتي وفي مطارات أخرى أثناء مشاركته في مشاورات جنيف الأولى والثانية، وفي الكويت والتي تعرضوا خلالها لضغوطات كبيرة لم يسبق أن تعرض لها وفد آخر في كل تاريخ المشاورات والمفاوضات.
ولم يسمح للوفد الوطني بمغادرة الكويت إلا بصعوبة وضغوط في معظمها كانت ليس فقط من السعودية بل ومن أمريكا وبريطانيا من ضمنها التهديد بتصعيد الحرب العسكرية والاقتصادية على الشعب اليمني وتحديداً في المناطق التي فيها سلطة القوى الوطنية الصامدة والمتصدية لهذا العدوان المدافعة عن سيادة ووحدة واستقلال اليمن في مواجهة الغزو والاحتلال والتقسيم والتي هي عبارة عن املاءات لتنفيذ مخططات تحالف العدوان بمعنى آخر قبول شروط الاستسلام التي لم يذهب من أجلها الوفد الوطني وإنما من أجل السلام..
اليوم بات واضحاً بعد ثلاثة أعوام ونصف لكل اليمنيين وغير اليمنيين أن الحرب العدوانية القذرة التي يشنها تحالف تدخل فيه أمريكا وبريطانيا واسرائيل والمستهدف اليمن الوطن والشعب أما ما تُسمى الشرعية لم تكن إلا ذريعة لتنفيذ مخططات مشاريع قوى كبرى لاخضاع اليمن والمنطقة العربية.
مشاورات جنيف الجديدة تأتي في هذا السياق ومجلس الأمن الذي شرعن هذا العدوان بعد فترة زمنية من إعلان شنّه الذي أعلنه سفير السعودية من واشنطن آنذاك عادل الجبير وكانت مكافأته ترقيته من سفير الى وزير خارجية للسعودية قبل صدور قرار مجلس الأمن »2216« وهو بمثابة التأكيد أن الأمم المتحدة هي إحدى الأدوات لتنفيذ الإرادة الأمريكية.
سردنا لكل هذا في تناولنا لعرقلة وصول الوفد الوطني الى مكان المشاورات الذي حدده ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لليمن »جريفيث« يعكس مدى تبعية الأمم المتحدة للهيمنة الأمريكية والمال السعودي والإماراتي، فلا يمكن أن يكون هذا ضعفاً خاصة اذا عرفنا أنهما يخوضان ويمولان حروباً لا مصلحة لهما فيها سوى لضمانة الحماية الأمريكية لعروشهما وانظمتهما الرجعية الاستبدادية وعليهم القيام بكل ما شأنه ضمان أمن وهيمنة الكيان الصهيوني على المنطقة باعتبار أن بقاءه مرتبط ببقاء المصالح الأمريكية والغربية على المدى الاستراتيجي.
لهذا لا يمكن فهم عجز الأمم المتحدة عن عدم القدرة على ايصال الوفد الوطني الى جنيف بعد أخذ موافقة بحضور هذه المشاورات من الأطراف.. وهنا تصبح المسألة برمتها ليس بيد تحالف العدوان السعودي بل بيد المجتمع الدولي الذي أعلن مراراً وتكراراً تأييده لجهود المبعوث الأممي ورؤيته وخطته للحل السياسي الذي بكل تأكيد لن تجرؤ السعودية أو الامارات على منع الطائرة العمانية التي ستقل الوفد الوطني، والأسوأ أن وقوف الارادة الدولية في حالة صمت يعطي انطباعاً سلبياً عن مدى جدية الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة ومبعوثها لليمن جريفيث الذي لا يختلف عن ولد الشيخ وأن الكلام عن الحل السياسي الذي يتغنى به كل أطراف العدوان على اليمن هو فقط يأتي في اطار الكذب الذي هدفه التغطية على الجرائم الوحشية التي يرتكبها التحالف السعودي في اليمن طوال ثلاث سنوات ونصف والتي صار الرأي العام بمرور الوقت أكثر معرفة بها وبالتالي بهذه الحرب على الشعب اليمني لذا كل هذا يأتي لذر الرماد في عيون من يصدقون الحديث عن الحل السياسي.. وفي نفس الوقت منع الوفد الوطني من الوصول تم عبر حملة اعلامية تضليلية تظهر أن الوفد الوطني يرفض المشاورات والحل السياسي ليبرروا جرائمهم ومواصلة عدوانهم لأن أنصار الله أو الحوثيين -حسب تعبيرهم- لا يريدون السلام..
في حين أن العالم بات يعرف أن هذه الحرب العدوانية على الشعب اليمني قذرة منذ البداية وتقوم على مسوغات لا اخلاقية أو قانونية وهي تطبيق قانون الغاب في ابشع صوره.. كما يعرف العالم أن تحالف المعتدين بنى مبرراته على كذبة ما يسمى بشرعية الخائن الفار هادي.. فالشرعية الحقيقية لا تمنحها السعودية أو الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة بل تستمد من الشعب الذي كما كان واضحاً عند فرار هادي من صنعاء ثم من عدن الى السعودية أن الشعب يرفضه في الشمال والجنوب وهذه حقيقة مثبتة اليوم في المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية المحتلة وأن التحالف المتغطي بشرعية هادي ليس إلا عدواناً واحتلالاً اجرامياً.. وأبناء هذه المحافظات يطالبون في انتفاضتهم برحيل المحتلين وعملائهم من أرض اليمن الذي لم يُقتل ابناؤه بأسلحتهم الفتاكة المحرمة دولياً فحسب بل وبالحصار والأوبئة والأمراض والحرب الاقتصادية وسياسة التجويع الممنهج كتعويض عن هزائمهم في الجبهات والآن يسعون مجدداً في مشاورات جنيف الثالثة الى تحقيق ما فشلوا في تحقيقه في ساحات المواجهة العسكرية على طاولة السياسة ويعتقدون أن عرقلة أو منع الوفد الوطني المفاوض من الوصول الى جنيف سيوصلهم الى هذه النتيجة.
مرة أخرى وفي هذا المنحى نقول لهم إن رهانكم خاسر فالشعب اليمني يريد السلام ويده ممدودة له أما الاستسلام فهو مفردة لا وجود لها في قاموسه، وعلى الأمريكان والبريطانيين وبني سعود وزايد أن يستوعبوا ذلك وأن كل ألاعيبهم ومؤامراتهم ستذهب جفاء أما السلام فهو ما ينفع الناس.. واليمانيون سوف يبلغون السلام بما يقدمونه من تضحيات لينتصروا بأبطالهم في الجبهات ويقتصوا لدماء اطفالهم ونسائهم وشيوخهم الأبرياء الذين يبادون يومياً بهذه الحرب العدوانية القذرة.. وانتصارهم سيكون انتصاراً لشعبنا ولشعوب الجزيرة والخليج والعرب والمسلمين والإنسانية جمعاء.
|