لقاء/ بليغ الحطابي - هاجم الخبير الاقتصادي والاكاديمي توفيق ذمران المنظمات الدولية الانسانية.. وقال إنها تتاجر بدماء اليمنيين ولا يصل المواطن من تلك المساعدات إلا الشيء اليسير.
موضحا أن غالبية فئات الشعب باتوا في خط الفقر وبحاجة للمساعدة.
وأضاف: بعض المنظمات جعلت من الدماء اليمنية مرتعاً لفسادها.
وشخص ذمران في حديثه لـ»الميثاق« الآثار المترتبة التي لحقت بالقطاعات التنموية كافة، مؤكدا أنها أجزهت على مايزيد عن 41٪ من المنشآت الاقتصادية بالقطاع الخاص.
وكشف في الوقت ذاته عن تضرر عشرات الآلاف من العاملين وفقدانهم لمصادر رزقهم وانضمام غالبيتهم لطوابير البطالة والفقر التي تحيط بالبلد.
وانتقد الاكاديمي ذمران تعامل حكومة الانقاذ تجاه الوضع الاقتصادي وضبط السوق المحلية.
مبيناً أن معالجة الوضع الاقتصادي لن يجد طريقه للحل الا بتحييد البنك المركزي وتجنيبه الصراع.. الى جانب اجراءات أخرى يتضمنها سياق الحوار التالي:
أضرار كارثية
< حرب اقتصادية كانت احدى نتائج العدوان السافر على بلادنا.. كيف تقيم الوضع الحالي؟ البنى الاقتصادية والتنموية التي رؤيتها لحرب وأبقت عليها؟ !
- لقد تركت الحرب العدوانية على بلادنا آثاراً اقتصادية كارثية في كل القطاعات فقد تراجعت ايرادات الخزينة العامة بسبب تدمير المنشآت الاقتصادية، وتوقف ايرادات المنشآت النفطية بالاضافة الى توقف القروض والمساعدات الخارجية، وتوقف الانفاق على الجانب الاستثماري اضافة الى أزمة الثقة التي حصلت بين المواطن والتاجر والبنوك التجارية حيث اعتمد على خزن مدخراته وامواله في خزائن خاصة دون ايداعها في البنوك التجارية بالاضافة الى ارتفاع الدين الحكومي الى ملياري دولار، وانخفاض سعر الصرف للريال مقابل العملية الأجنبية وتآكل الاحتياطات النقد الأجنبي، وارتفاع معدلات التضخم وبالتالي ارتفاع مهول في أسعار السلع..وهذه ايضا ادت الى انخفاض دخل الفرد الى مستوى الصفر تقريباً بسبب انعدام مصادر الدخل وعدم صرف المرتبات، ما يعني أن المواطن اليمني يقع تحت خط الفقر.
أرقام مخيفة
وتشير الاحصاءات الى أن 41٪ من المنشآت قد سرحت 55٪ من العاملين بها.. كما تشير الدراسات الى أن 19 مليون مواطن يحتاجون الى مساعدات، فيما أكثر من 14 مليوناً يعانون من انعدام الأمن الغذائي وتفاقم سوء التغذية بالاضافة الى عملية نزوح داخلية وخارجية لأكثر من مليوني مواطن جرَّاء العدوان وحرمان أكثر من مليوني طفل من التعليم بسبب قصف المدارس وتدميرها.
انقطاع الرواتب
كما أن حرمان 1.2 مواطن يمني من مرتباتهم كان له الأثر السلبي على الاقتصاد الوطني عموما فإن نتائج الحروب للبلدان المستقرة اقتصادياً تترك آثاراً سلبية على الاقتصاد في تلك البلدان ومستويات دخل الفرد وانخفاض اسعار العملة الوطنية أمام النقد الأجنبي وتفاقم أسعار المواد الغذائية والسلع الاساسية، وتترك آثاراً أكثر سلبية في البلدان الفقيرة بحيث يزداد الفقير فقراً وينهار الاقتصاد الوطني.
تجارة الحروب
< كيف تنظر لتعامل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية في ظل تصاعد أرقام الجوع والفقر المفزعة.. وهل بإمكان هذه المنظمات أن تغير شيئا من الواقع؟
- استطيع أن أجزم ومن خلال معرفتي وارتباطي بهذه المنظمات على مدار عشرين عاماً أن الفساد الذي تمارسه هذه المنظمات في ادوارها يغنيك ذلك أن تتكلم عنها بأي جملة ايجابية.
وللأسف الشديد وكما لمسناه أن هذه المنظمات في الأمم المتحدة جعلت من الدماء اليمنية مرتعاً لفسادها وجعلت من الدم اليمني جسرا او ممراً لتنفيذ الصفقات وكسب المزيد من مليارات الدولارات تحت مسمى العمل الانساني الذي لا يصل منه للمواطن اليمني إلا الشيء اليسير.
استغلال وانتهازية
وفي اعتقادي ان هذه المنظمات ومنها منظمات الأمم المتحدة الإنسانية وغير الانسانية اصبحت حريصة على استمرار نزيف الدم اليمني وحتى تحقق مكاسبها المادية والحصول على مليارات الدولارات تحت مسميات كاذبة ووهمية وتضخيم المسميات الانسانية التي تستهدفها فقط شعارات من أجل المال.
ولذلك ونحن في هذه الاوضاع والمعاناة المتزايدة لا نأمل من هذه المنظمات أي خير ولن يأتي منها إلا مزيد من التصعيد والترويج لاستمرار نزيف الدم اليمني.
صورة مقربة
< قطاع العمل والعمال واحد من القطاعات التي طالها الضرر البالغ نتيجة القصف المتعمد من الجو والبر والبحر.. حبذا لو تضعنا أمام صورة ما حدث لهذا القطاع الحيوي؟
- تأثر منشآت القطاع الخاص والعاملين فيه كما أشرت سابقاً أن 41٪ من المنشآت الخاصة قد سرحت أكثر من ٥٥٪ من العاملين لديها جراء تأثر هذه المنشآت سواء بالأوضاع الاقتصادية السيئة او نتيجة الدمار والاضرار التي لحقت بها وادت الى اعاقة نشاطها، بالاضافة الى أن أعداداً كبيرة من المنشآت قد تعرضت للتدمير الكلي والجزئي وبشكل عام فإن العملية الاقتصادية هي حلقات مترابطة تؤثر وتتأثر بالأوضاع السائدة فانعدام النقد الأجنبي وارتفاعه وانعدام مستويات الدخل للأفراد بقطع مرتباتهم كل هذا ترك آثاره السلبية التي انعكست على الأوضاع الاقتصادية وتأثر فيها قطاع العمل في القطاع الخاص الأمر الذي ترك آثاره بايقاف معظم المنشآت الخاصة وتسريح العاملين بها.
حرب ظالمة..وحلول ممكنة
سواء أكانت منشآت صناعية تحويلية انتاجية،، انشائية نفطية، خدمية، نقل وشحن، تجارية، مصرفية غذائية، كل هذه المنشآت تأثرت سلباً جراء الحرب الظالمة التي لم تستثنِ أي شيء حتى الإنسان.
< في اعتقادكم كيف يمكن تجاوز هذه الحالة واعادة عجلة الاقتصاد الوطني الى وضعه الطبيعي؟
- بشكل عام لن يعالج الاقتصاد الوطني إلا بتجدد الموارد من النقد الأجنبي واستخدام البنك المركزي لأدواته الاقتصادية في الحفاظ على القيمة النقدية للعملة الوطنية من خلال: -
-تحييد القطاع المصرفي، توحيد الاجراءات والأدوات الاقتصادية لمواجهة انهيار الاقتصاد الوطني، اعادة الثقة في البنوك التجارية ورجال الاعمال في السوق اليمنية، وفتح الاعتمادات المصرفية لمواجهة قضايا الاستيراد للسلع الضرورية، ايقاف استيراد السلع الكمالية وغير الضرورية وحظر الاستيراد على( 107) سلع تمس حاجة المواطن الأساسية، منع المضاربة في شراء العملة الأجنبية واتخاذ قرارات وعقوبات ضد كل من يقوم بهذه التصرفات لتكون داعمة، وتحفيز فتح الحسابات المصرفية ورفع اسعار الفائدة في النقد المحلي والأجنبي، وفق آلية تعزز الثقة لدى المواطن والتاجر بما يمكنه من سهولة ايداع وسحب اي مبالغ نقدية دون قيود، ايقاف عملية طبع العملة دون غطاء من النقد الأجنبي تحت أي مبرر، البدء بتصدير وبيع النفط والغاز لتوفير عملة اجنبية.
الاستعاضة بالقروض الداخلية في تغطية العجز من خلال بيع سندات نقدية، في تغطية داخلية بدلاً عن الطبع للعملة.
اقامة مؤتمرات اقتصادية ويشترك فيها الموسسات النقدية العالمية والعربية لتسهم في دعم الاقتصاد اليمني وانقاذه من الانهيار.
التواصل منقطع
< لكم علاقة قوية بمنظمات العمل العربية وأيضاً الدولية.. ما الذي قدمتموه للعامل اليمني خلال هذه الحرب والعدوان الجائر؟
- سؤال مهم.. واقول ان منظمة العمل الدولية هي منظمة ثلاثية الأطراف حكومات، عمال، أصحاب عمل، واليمن عضو أساسي في هذه المنظمة وعلاقتنا بهذه المنظمة علاقة قديمة وعريقة واليمن مكون رئيسي من مكونات المنظمة ضمن أجهزتها ومكوناتها الثلاثية.
إلا أنه في الفترة الأخيرة أصبح تواصل المنظمة مع صنعاء شبه نادر كتواصل رسمي وفقاً للتوجهات الدولية إلا أن تواصلها عبر أجهزتها المختلفة مازال مستمراً بصفة شخصية بحكم علاقتنا المهنية التي تربطنا بهذه المنظمة ومؤسساتها كخبراء وطنيين ودائماً ما تستعين بنا عبر استدعائنا في بعض انشطتها التي تعقدها.
فمثلاً خلال هذا العام تلقيت من منظمة العمل الدولية (ilo) ثلاث دعوات حضور للمشاركة في فعالياتها المختلفة باللغة العربية والانجليزية، ولم نتمكن من المشاركة بسبب عدم توافر الالتزامات البسيطة التي تخص الجانب اليمني في حين انها- اي المنظمة- ستتحمل معظم التكاليف ونتيجة لعدم تعامل حكومة الانقاذ بإيجابية كما لم تتفهم اهمية ذلك في تشكيل صورة حقيقية عن وضع العمل والعمال والاضرار التي طالت الاقتصاد الوطني نتيجة العدوان الغاشم بقيادة السعودية منذ اربعة اعوام ولذلك كما قلت لم تستوعب ذلك ولم تعط مثل هذه المواضيع أهمية في سياستها وخططها ولذلك قمنا بالاعتذار لعدم توافر ما يخصنا من النفقات ونتيجة لعدم المشاركة فإننا نحرم من أشياء كثير وأهمها ابراز وضع الجانب الاقتصادي للقطاع الخاص من منشآت وعاملين وإيقاف النشاط بهذا الجانب وايضاً نحرم مما تقدمه المنظمة من برامج وأنشطة تخدم أنشتطنا وأهدافنا الاستراتيجية.
|