حاوره/توفيق الشرعبي - أكد الدكتور شوقي الدعيس المحاضر الأكاديمي والخبير التربوي على اهمية تفعيل المشاركة المجتمعية لدعم التعليم في ظل الازمات المركبة التي أنتجها العدوان السعودي الامريكي الغاشم والحصار الخانق على بلادنا..
وقال في حوار مع صحيفة »الميثاق«: العدوان يتعمد استهداف القطاعات الخدمية وفي مقدمتها التعليم سعيا منه لخلق جيل جاهل يسهل ترويضه على التبعية والخيانة..ولكنه - أي العدوان - فشل أمام صمود اركان العملية التعليمية من معلمين ومعلمات وطلاب وطالبات وأولياء أمور الطلبة وكذلك المجتمع المحلي و كافةقيادات المؤسسة التربوية و التعليمية..
وأضاف :استمرار العدوان يجب ان يواجهه استمرار الصمود وهذا يتطلب المزيد من المبادرات الرامية لتفعيل المشاركة المجتمعية واستشعار المسئولية تجاه وطننا وأبنائنا..
قضايا أخرى مهمة تطرق إليها الدكتور الدعيس في سياق الحوار التالي:
< نعرف كغيرنا انه في ظروف كالظروف التي تعيشها بلادنا تُشكَّل فرق لادارة التعليم في الأزمات ..وباعتبارك من القيادات التربوية ما اهمية هذه الفرق ، وهل تم تشكيل فرق لادارة التعليم في الازمات في بلادنا؟
- إن هذا الواقع الذي نعيشه والذي تم فرضه علينا ظلماً وعدواناً من قبل تحالف العدوان وبدعم امريكي وصهيوني وفي ظل صمت العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن والتغاضي عن كل الجرائم التي يرتكبها هذا العدوان ومرتزقته، سواءً الجرائم التي ارتكبها في الجوانب المادية والبشرية أو في الجانب الاقتصادي والتي تمثلت في نقل البنك المركزي الى عدن وحرمان موظفي الدولة من رواتبهم.. والتربية في مقدمة الجهات التي تضررت من هذا الاجراء العدواني، حيث تشكل وزارة التربية والتعليم بجميع فروعها القوام الأكبر في نسبة عدد الموظفين، وقد ألقت هذه المشكلة بظلالها على المدارس فتم حرمان المعلمين من رواتبهم، وكان العدوان ومرتزقته يراهنون من خلال هذا الاجراء على وقف العملية التعليمية وحرمان ملايين الطلاب من مواصلتهم التعليم إلا أن تخطيطهم باء بالفشل الذريع من خلال الصمود الاسطوري الذي سطره منتسبو التربية والتعليم لمدة أربع سنوات، وبناءً على هذا الواقع الأليم الذي فرض علينا كان لابد لوزارة التربية والتعليم اتخاذ الكثير من التدابير منها تشكيل فرق ادارة الأزمات في التعليم في المدارس والتي تهدف من خلالها الى ضمان استمرارية التعليم وممارسة ابنائنا الطلاب لحقوقهم المكفولة عالمياً من حصولهم على تعليم مناسب في ظل هذه الأزمة الخانقة التي تعرضت لها بلادنا في ظل صمت العالم اجمع.
< بكل تأكيد ان العدوان الغاشم والحصار الجائر على بلادنا قد خلف كوارث تعد الاخطر على مستوى العالم..هل لك ان تطلع القارئ الكريم على تأثيرات الازمة الناتجة عن العدوان بما يخص التعليم في بلادنا؟
- في البداية نريد أن نوضح للقارئ الكريم انه ومن الوهلة الأولى التي بدأ فيها هذا العدوان البربري الغاشم عدوانه على بلادنا الحبيبة عمد الى تدمير البنى التحتية، حيث ركز على البنى التحتية الخدمية والتي تقدم لملايين اليمنيين خدمات متنوعة من صحة وتعليم ومياه وصرف صحي وطرقات وغيرها وقد نالت البنى التحتية للتعليم الحظ الأوفر حيث عمد هذا العدوان البربري الغاشم الى تدمير المدارس ومكاتب التربية والمعاهد العليا، وهو يهدف من خلال هذه الوحشية ايقاف العملية التعليمية وحرمان الملايين من ابنائنا الى من حقوقهم في مواصلة تعليمهم وهو بهذا العمل غير الاخلاقي وغير المبرر ينهج سياسة التجهيل من خلال ايجاد جيل جاهل غير متعلم سيسهل من خلاله تكريس الوصاية السعودية على مقدرات وثروات هذا الشعب.
< وكيف تم تجاوز هذه الآثار التي اشرت اليها وهل تمت الاستفادة من نظام ادارة التعليم في الازمات في مواجهة تلك الآثار؟
- الحقيقية ان هذا التوجه من قبل وزارة التربية والتعليم في بناء دليل ارشادي لإدارة التعليم بالازمات والذي حمل في طياته الكثير من الارشادات والتعليمات والخطوات الاجرائية لتشكيل فرق ادارة التعليم في الأزمات في المدارس مازال في بدايته حيث تم اعداد الدليل من قبل كوكبة من خبراء التدريب واكاديميين في الجامعات ومراجعته وتم تطبيقه على عينة من المدارس في أمانة العاصمة ومحافظة عمران وحسب علمي أن هذه التجربة لاقت استحساناً من الجميع وسجلت قصص نجاح كبيرة، وفي اعتقادي يجب أن يعمم هذا التوجه على كل المدارس وخصوصاً في ظل هذه الأزمة علماً أن هذا الدليل الارشادي تحتاج اليه المدارس حتى في ظل الاوضاع الأمنية المستقرة، وذلك لأنه يوفر ارشادات وتعليمات وخطوات اجرائية لإدارة أي أزمة طارئة سواءً أكانت كوارث طبيعية كالزلازل والبراكين والفيضانات وغيرها أو في كل الأزمات التي يصنعها البشر كالحروب وغيرها.
< هل يقتصر تأثير الازمات التي تطال التعليم على المباني المدرسية والمناهج ورواتب المعلمين فحسب أم تتجاوزها لأشياء أخرى؟
- تجاوز تأثير الأزمة في التعليم ليشمل مناحي أخرى مثل ارتفاع نسب التسرب من المدارس نتيجة موجات النزوح الكبيرة للمواطنين من محافظات كثيرة جرَّاء القصف البربري لقوى العدوان وايضاً لأسباب تردي الوضع الاقتصادي لكثير من الأسر كما أن هناك جانباً مهماً عادة ما يتم تجاهله من الكثير من المهتمين بقضايا التعليم وهو الجانب النفسي لابنائنا الطلاب والذي تأثر تأثيراً كبيراً نتيجة الأزمة الكارثية التي فرضت علينا من قبل تحالف العدوان، ويتمثل في تردي الوضع النفسي للكثير من الطلبة جراء الأحداث الصادمة التي تعرضوا لها وبالتالي أثرت سلباً في تحصيلهم الأكاديمي، ناهيك عن الحالات التي عجزت المدرسة عن التعاطي معها وتتطلب احالتهم الى مختصين نفسانيين.
< البعض يقول لامانع ان توقف التعليم مادامت البلاد تعيش ظروفا صعبة في ظل العدوان والحصار..بينما يذهب البعض الى القول بأن أهمية استمرارالتعليم تزداد في ظل الازمات.. ما تعليقك على القولين ؟
- أنا باعتقادي وهذا هو السائد في العالم أنه وفي ظل الأزمات والكوارث يجب أن يستمر التعليم ولو بالحد الأدنى من المعايير فالتعليم يعتبر المفتاح الأساسي في تجاوز الأزمات مهما كانت درجة تأثيرها.
أما الذين ينادون بوقف العملية التعليمية متحججون بالظروف التي تتعرض لها فهؤلاء يفكرون بنفس تفكير قوى العدوان والتي عمدت من البداية من خلال محاولاتها القذرة والمتكررة الى ايقاف العملية التعليمية وحرمان اطفالنا من حقوقهم في التعليم والتي كفلتها الأنظمة والقوانين والاتفاقيات العالمية.
< الاستراتيجية الوطنية للتعليم في بلادنا كانت قد شددت على اهمية المشاركة المجتمعية في التربية والتعليم.. وباعتبارك خبير تدريب في ادارة التعليم في الازمات ،كيف تقيم المشاركة المجتمعية في دعم التعليم في وضعنا الراهن العصيب ..وماذا عن المبادرات الطوعية التي انطلقت امس الاحد في امانة العاصمة لتفعيل المشاركة المجتمعية؟
- تقييمي أن المشاركة المجتمعية في بلادنا مازالت تعاني جوانب قصور متعددة ولم يتم تفعيلها بالشكل المطلوب من خلال ارسائها كثقافة مجتمعية.. وبالرغم من هذا برزت نماذج كثيرة من بعض المدارس والتي نجحت في تفعيل المشاركة المجتمعية، والتي كان لها أثر ايجابي في استمرارية التعليم ضمن ممارسة اطفالنا لحقوقهم في التعليم.
وأرجو من قيادات الوزارة في قطاع تعليم الفتاة ممثلة بالجهة المختصة الادارة العامة للمشاركة المجتمعية توثيق هذه التجارب الناجحة والمتميزة وتعميمها على المدارس للاستفادة منها.
< العام الماضي سمعنا عن تفاعل مجتمعي مع بعض المدارس وتم جمع مبالغ مالية كحوافز للمعلمين والمعلمات المنضبطين ..وما حدث انه لم يصل لأؤلئك المعلمين سوى الفتات..ألن يؤثر ماحصل وانتشر إعلاميا على اية مبادرات تسعى لتفعيل المشاركة المجتمعية ؟
- نعم سمعنا بهذا، أما عن التجاوزات التي حدثت لم نسمع باتخاذ اي اجراءات قانونية ضد مديري المدارس الذين تلاعبوا في المبالغ المالية، وباعتقادي لو أن هذا حصل فعلاً فهذا يعود الى أن الأمر تم بصورة عشوائية وغياب الرقابة على المدارس من جانب مجالس الآباء/الامهات ومن الجهات الرسمية ذات العلاقة.
< كنا خلال سنوات ماقبل العدوان نسمع عن منظمات عالمية مهتمة بالتعليم وتضخ اموالا طائلة في دعم مشاريع تربوية..أين اختفت تلك المنظمات اليوم في حين التعليم بأمسّ الحاجة لدعمها..؟
- للأسف أن جميع المنظمات كانت تدخلاتها تصب في عمليات الصيانة والترميم للمدارس أو في تقديم البرامج التدريبية للمعلمين وللقيادات التربوية، وتناسوا الوضع الكارثي للمعلم جراء انقطاع الرواتب وبالتالي فإن قيادة الوزارة رأت أن الأولوية هو دعم المعلم بحوافز مالية تمكنه من الصمود والاستمرار في أداء عمله، بدلاً من اقامة برامج تدريبية محكوم عليها بالفشل بسبب الوضع المأساوي الذي يعيشه المعلم، فالأولوية هي في أداء عمله بتقديم الدعم المالي له بما يمكنه من الاستمرار في أداء مهامه على الوجه المطلوب.
< كلمة اخيرة نود توجيهها ،او تجيب بها عن سؤال فاتنا في هذا اللقاء المثمر؟
- في الأخير يجب أن يعي الجميع أن التعليم هو الحياة وهو أمل هذه الأمة في النهوض والتطور، وهو العلاج لكل ما نعيشه من أزمات، وأن ايجاد جيل متعلم ومتسلح بالعلم هو الأمل الوحيد في نهوض أمتنا واللحاق بركب الأمم المتطورة.
|