حاوره/ يحيى علي نوري - حذر الأستاذ الدكتور عبدالخالق طواف -نائب رئيس جامعة عمران- من محاولات تدويل الأزمة اليمنية وخطرها في شرعنة تقسيم البلاد وترسيخ العداوات بين ابناء المجتمع.
وقال طواف: إن من يطلب التدويل هو طرف ضعيف يركن الى القوة والعنف وفرض الحلول الخارجية.. واشار الى أن اطراف الصراع قادرة على التوصل الى حلول لولا اليد العليا لـ»التحالف« التي تتحكم في قرارات مستلمي العطايا الملكية.. الى التفاصيل..
< يعج المشهد بالعديد من الافرازات والتداعيات والسؤال إلى أين؟ وهل ما زالت البلاد تتحمل المزيد؟
- المشهد السياسي برمته يمر بحالة من التوجس والحذر بانتظار حلول غير سياسية فكل طرف ما يزال ينظر إلى ان الحل السياسي مضيعة للوقت ولا بد من الحسم باستخدام استعراض القوة والنفس الطويل.. في حين يعيش الناس أياما صعبة بدون مرتبات او محروقات وأصبح البحث عن لقمة العيش هو المشترك في جميع مناطق اليمن وكأن المخُرج يفرض التعادل ويبحث عن تنفيذ أجندته التي لم تكن مقبولة قبل عدة سنوات من الشعب اولا ومن الأطراف السياسية التي كانت ترتجي أن تقضي بالضربة القاضية على الأطراف الأخرى..
< تشكيل الحكومات او تعديلات عليها في صنعاء او من الرياض هل يمثل اتجاها للحل ام ان المشكلة اخرى؟
- الناس أصبحت تعاني شظف العيش ولم تعد تأبه لأي متغيرات سياسية، والحال في صنعاء وعدن وحضرموت ومأرب متقارب ولهذا أصبح الناس ينظرون بيأس إلى أن أي تسويات لن تفضي إلا إلى جولة جديدة من الصراع وأصبح التوجه إلى الهجرة أو الجبهة هما خياري العيش الوحيدين في ظل انهيار الاقتصاد والعملة الوطنية
بالنسبة لتغيير الحكومات وإضافة وزراء او حذف البعض لا يحمل للشعب أي جديد ما عدا الشخص المعين وأسرته.. لكن الوضع العام ينحدر بقوة نحو الفوضى والتي تتوسع شيئا فشيئا فيما يشعر المجتمع الدولي أن ما تسمى الحكومة الشرعية مجرد ثقب اسود تمتص مرتبات وارزاق الناس وقد وصلت الأسعار إلى ارتفاعات قياسية لم توقفها المبالغ الهزيلة التي وضعت في البنوك والتي تسربت إلى جيوب المسؤولين على شكل تحويلات بالدولار افقرت الشعب الذي أصبح يدفع فاتورة الغلاء والمصروفات الحكومية من جيبه.
< الازمة الاقتصادية واضحة وجلية في اسبابها.. هل ترى ان هناك ارادة حقيقيه لايجاد الحلول ؟
- لحل المشكلة الاقتصادية يلزم توافر النية الصادقة والشعور بمعاناة الناس ولكن كيف يتأتى ذلك، كيف تريد ممن يستلم راتبه بالدولار او يسطو على مساعدات المنظمات الدولية أن يشعر بما يعانيه الناس.
ان البلد يحتاج إلى قصر الاستيراد على السلع الأساسية وتجميع إيرادات اليمن في جهة واحدة ولكن الحال يحكي تواطؤ الأمم المتحدة لكي تواصل حكم اليمن من خلال المنظمات وجعل الأطراف اليمنية تتسول ايرادات مؤسسات ومصانع اليمن، ولا نبرئ الطرف الإقليمي الذي يعتقد أن احد أشكال المعركة تجويع شعب بأكمله لكي يكسب المعركة بسهولة وهو بذلك جعل الشعب يناصبه العداء ويشعر بأنه يريد اذلاله وتركيعه وهذه نقاط يتزايد أثرها يوما بعد يوم
< في ظل تداعيات الفقر غاب دور الاحزاب والتنظيمات السياسية وحتى الاطارات المدنية.. إلامَ ماذا توعزون هذا الغياب وهل هو مخطط؟
- لم يعد هناك أي دور للأحزاب السياسية إلا تلك الأحزاب الدينية ولهذا لا نعول على الأحزاب السياسية التي ضعف دورها سواء في صنعاء او عدن ولم يعد الاهتمام بها إلا لإضفاء نوع من أنواع الشرعية على من يحكمون حاليا وهناك امل اكبر في صنعاء أن تنتعش الحياة السياسية أكثر منها في عدن بفضل الشخصيات الحكيمة مثل الأستاذ صادق ابو راس رئيس المؤتمر والشيخ يحيى الراعي وقيادات تتسم بالحكمة ولكنها تتواجد بالخارج.
المطلوب ارخاء القبضة الحديدية وإطلاق سراح المعتقلين وتطبيب العلاقة بين أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام وبقية الأحزاب بشكل ندي وليس ديكوري وهذه مقدمة لتشكيل جبهة سياسية موحدة ستتوسع في المستقبل وستجتذب مزيداً من أطراف العمل السياسي من المهجر الى صنعاء.. لعودة العمل السياسي بشكل أفضل وخلق الثقة التي تدمَّر بفعل ممارسة القوة والتصفيات يلزم أن يشعر الآخرون بأن هناك طرفاً يغلب مصلحة الوطن ككل على ما سواها من مصالح الجماعات والأحزاب الهامشية
نؤمل خيرا في أنصار الله ان يقوموا بما يتوجب عليهم في تعديل المزاج الشعبي بإجراءات عملية تقطع الطريق على الأطراف الإقليمية التي لم تكن رغم إمكاناتها جزءاً من الحل بل تحولت إلى طرف يناصب اليمنيين الموجودين في صنعاء وعدن والمكلا ومأرب والجاليات في السعودية والإمارات وقطر، العداء والطرد والكفالات والابعاد
< نتطلع للتعرف من خلالكم على اسباب غياب ادارة الازمات في هذا التوقيت الذي يتطلب وجودها كأحد الخيارات المنقذة الذي يبدو ان هذا النوع من الإدارة لم تسمع به الحكومتان بالتحديد؟
ادارة الأزمات يتطلب نجاحها توصيف الأزمة ولكن الحاصل أن كل طرف له توصيف خاص بها وهذا يجعل نجاح إدارتها غير ممكن فكيف تنجح إدارة أزمة غير موجودة بحلول غير منطقية.
< من وجهة نظركم ما الحل المناسب لقضية البنك المركزي اليمني لضمان دوره في تسليم الرواتب على الاقل وهل ادارة محايدة مخرج مناسب لمشكلة البنك؟
- لا يوجد حل مفرد يستطيع طرف لوحده أن ينفذه ولكن الحل البديهي لتقليل شراء الدولار هو توطين الحكومة اولاً وتقليل المشتريات من الخارج وحصر سلع رئيسية يتم استيرادها دون غيرها ووضع أي إيرادات حكومية في وعاء واحد واعتقد ان المكان المناسب لهذا الوعاء هو العاصمة صنعاء والمعاناة السابقة بعدم صرف الرواتب ستحصن البنك من تدخلات أطراف الصراع اما بقاؤه في عدن فهو حل بائس ولم يحقق أي نجاح ويمكن أن تتدخل جهات دولية في إدارة البنك كما تتدخل في إدارة بعض المنشآت الإيرادية..
< يواصل المبعوث الدولي جولاته في اكثر من عاصمة بهدف تحريك المفاوضات.. ماهى في نظركم الضمانات الحقيقيه لتحقيق حوار ناجح؟
- أولاً كيف تتوقع لحوار مع أطراف تعيش في الخارج وتتقاضى مرتبات شهرية من الخارج أن تشعر بضرورة وطنية لإنجاح الحوار وهل تتوقع أن يجرؤ شخص جَرُأ على تأييد قصف المدنيين أن يجهر بموقف مغاير لمن يدفع له راتبه ويسدد أجرة سكنه في الرياض أو القاهرة او جدة..
الأمر الذي يجب أن نفهمه جميعا ما هي الخطة الأمنية لتحقيق السلام، هل هناك خطوات أمنية واضحة لإخراج اليمن إلى بر الأمان وإخراج البلد من تحت الفصل السابع وإلزام الأطراف بتشكيل حكومة ام أن مشروع الأمم المتحدة أصبح تقسيما للمقسم وتجزئة للمجزأ؟
هل تنفذ الأمم المتحدة قراراتها ام أنها تعمل وفق أجندة خفية لتقسيم اليمن وتمزيقه؟
كل هذه التساؤلات توضح هل يمكن لمساعي أمين عام الأمم المتحدة أن تنجح بأن الرغبة الشعبية مع انتخابات وحكومة واحدة.
< استمرار الاشكالات التي اعاقت الحوار بالكويت وجنيف هل بات ضروريا تجاوزها؟
- من يحب بلده يجب أن يفكر في تذليل الصعوبات امام الحوار فالحرب لن تحقق هدفها بانتصار طرف ولكنها ستظهر كل شيء والواجب البحث عن المشتركات وتذليل الصعوبات امام أي حوار.
< الى اي مدى تؤثر التدخلات الخارجيه في حوار اليمنيين وهل بإمكان اليمنيين ايقاف هذه التدخلات لإنقاذ بلادهم؟
- للأسف التحالف الذي أسموه في البداية إعادة الأمل لم يجعل وضع اليمنيين أفضل بل استعرض عضلاته ونثر قنابله وصواريخه وزرع الألم في كل بيت دون استراتيجية يلحظ منها مصلحة لليمن..
فعدن تعيش فوضى عارمة وحضرموت محكومة من القاعدة ومأرب استقطعها الإصلاح كملكية خاصة به وزاد على ذلك نقل البنك وعدم صرف رواتب الموظفين، كلها تحملها التحالف قانونا وعمليا والمطلوب من التحالف أن يكف أذاه عنا ويحل مشاكله بعيداً عنا..
اصبحنا نبتاع الجالون البنزين بـ12000 ريال في عدن ومناطق تحت سيطرة التحالف وفي صنعاء في نفس الوقت الذي نسمع عن منحة نفط سعودية وأصبح الريال مسعرا بالدولار في أدنى قيمة في الوقت الذي نسمع عن وديعة سعودية
أصبح اليمن ممزق الاوصال في الوقت الذي تمنع الإمارات العربية المتحدة طائرات يمنية من الهبوط في مطار عدن، ورئيس الوزراء الجديد لما تُسمى حكومة الشرعية لا يتجرأ على زيارة عدن إلا بعد تواصل أحمد بن مبارك سفير الساحة بواشنطن بقطاع الطرق والفصائل الجنوبية للسماح له بزيارة مؤقتة.
من الأشرف للتحالف أن يلملم شتات فصائله وقابضي عطاياه ويغادرنا إلى غير رجعة فما رأينا منه إلا الألم والمعاناة وتنفيذ أجندة لا يفهمها حتى التحالف نفسه.
< تشير مراكز بحوث عالمية الى ان الازمة اليمنية باتت مدولة.. الى اي مدى هذا التدويل سيؤثر على جعل التسويات تتفق مع مصالح القوى الكبرى؟
- من يطلب التدويل ويحرص على استمراره هو طرف لن يحقق أي نصر في اكتساب ثقة الناس فهو طرف ضعيف يركن إلى القوة والعنف وفرض الحلول الخارجية، ومن مصلحة مثل هذه الأطراف أن يستمر التدويل والتدخلات ولكن مشكلة التدويل أن تخرج من يد الجميع فلا يحقق احد اي مصلحة وتتحول اللعبة الى دوامة تودي بالبلد إلى اتون الحرب التي تقضي على المشتركات بين أفراد المجتمع وترسخ العداوات وتشرعن لتقسيم البلد، هذه نقطة خطيرة يجب أن يتنبه لها الجميع.
< التحالف الذي تقوده السعودية وبعد أربع سنوات ما الذي يجب عليه وهل حان له ان يعترف بفشل العمل العسكري؟
- التحالف لم يدر بطريقة تحفظ المصلحة اليمنية ولكنه سار وفق أجندة ضيقة لدرجة ان التحالف المشكل من عدد من الدول العربية أصبح يقصف منازل في صنعاء والحديدة وإب وذمار لعداوات شخصية بين نزلاء فنادق الرياض ومناوئين لهم بالداخل..
يجب على كافة الأحزاب السياسية أن تجد لها مكان انطلاق داخل اليمن ومن أوساط الجماهير يمكنها أن تتلمس همومهم وتقدم المبادرات وتسعى إلى التوفيق بين أطراف الصراع الذين نجزم بأن لديهم الإمكانية للوصول إلى حلول لولا اليد العليا للتحالف التي تتحكم في قرارات مستلمي العطايا الملكية.
< كلمة أخيرة ؟
- من يحب اليمن يجب أن يسعى لاعادة بناء الثقة والوحدة والمحبة بين الناس ويلزم لذلك ترميم العلاقات وقيام الشخصيات الوطنية التي تحظى باحترام جميع الأطراف بلعب دور في ذلك.
استقرار بلادنا لن يأتي من الرياض او واشنطن او طهران او قطر او فنادق الخارج، بل سيأتي من خلال أبناء اليمن الذين يعيشون الظروف الصعبة في مختلف المدن والقرى وعلى من بيده قرار أن يوفر البيئة المناسبة لذلك.
|