علي محمد الزنم - بمناسبة الذكرى. الخامسة عشرة لرحيل القيادي السبتمبري اللواء يحيى محمد المتوكل
نتحدث بعد مرور خمسة عشر عام من رحيل رجل الدولة والسياسي الثائر السبتمبري والوحدوي اللواء المناضل يحيى محمد المتوكل رحمه الله .
ولي معه شخصيا مواقف لا تنسى من خلال معرفتي به بل والتعامل معه من خلال عملي التنظيمي في المؤتمر الشعبي العام وهو كان مشرفا تنظيميا على محافظة إب أثناء الانتخابات بعد الوحدة المباركة وما تلاها .
وكم كان حكيما وسياسيا وتنظيميا من الدرجة الممتازة له كاريزما ملفتة ويحترم مواعيده وله مكانة كبيرة في قلوب أبناء محافظة إب خصوصا والوطن بوجه عام استطاع بأخلاقه وتعامله الصادق أن يروض كبار مشائخ وشخصيات المحافظة وهو صاحب الكلمة الفصل في كل المواقف والقضايا الخلافية وكان مرجعا مهما ويمتلك القدرة على الإقناع ومحاور متمكن حديثه وكلماته كانت بلسما لكل تساؤلاتنا أثناء الاجتماعات معه في القضايا الرسمية والتنظيمية وبذل جهوداً كبيرة مكنت المؤتمر في محافظة إب من إحراز نتائج جيدة في ظل التنافس المحموم بين المؤتمر والإصلاح والاشتراكي وباقي الأحزاب في تلك الفترة وهو مشرف تنظيمي..
وكنت في حينه مقررا لقيادة الهيئة التنفيذية للمؤتمر الشعبي العام بالمحافظة والقيادة الانتخابية منذ عهد المحافظ الشهيد عبدالقادر هلال ثم طيب الذكر اللواء على بن علي القيسي وكنت مكلفاً بكتابة المحاضر بشكل مستمر وترفع للأمانة العامة للمؤتمر بصورة منتظمة كمهمة روتينية وأفاجأ باللواء يحيى المتوكل يسجل الشكر والثناء على تقارير ومحاضر اجتماعات إب لتميزها وكلما التقيت به وهو يحدثني حول ذلك ويشكرني باعتباري المقرر ويشيد- على حد تعبيره- بقدراتي وإن كنت اراها متواضعة لكنه كان حريصا على رفع المعنويات للكثيرين ممن يعملون مع المؤتمر بجد وإخلاص.
عموما كان جمهورياً حتى النخاع.
كيف؟؟
أعددت كتاباً عن حرب الانفصال في عام 1994م وأحببت أن تكون مقدمة الكتاب باسم وقلم اللواء يحيى المتوكل رحمه الله لتأثري به بشكل كبير كغيري من اليمنيين ممن تعاملوا معه.
وطلبت منه ذلك بعد أن وجه الدكتور عبدالكريم الارياني رحمه الله التوجيه المعنوي بطباعة كتابي واثناء ذلك طلبت من اللواء المتوكل عمل مقدمة فقال اعمل مشروعاً ورسلها لي فتم ذلك .
عموما عند تسليمه المسودة بعد مراجعتها من الدائرة المختصة بالأمانة العامة للمؤتمر وبعد تعديلها اتصل على تحويلة المحافظ وطلب مني الذهاب إلى منزله لأخذ المقدمة بعد المراجعة وكنت حينها في إب وطلبت من الشيخ أحمد البصير كان في صنعاء أن يمر السواق الخاص به إلى منزل المتوكل ويأخذ المقدمة وقد فعل ذلك مشكورا بنفسه .
ولكن للأسف لم نتمكن من إدراج المقدمة في الكتاب لتأخرنا ولم تصل إلا والكتاب قيد الطباعة في مطابع التوجيه المعنوي.
المشهد الأخير في وداعه الحزين
بعد أن تم تكليفه مشرفا تنظيميا على محافظات تعز وعدن وأبين ولحج ولم يعد في إب فقد كلف اللواء يحيى الراعي بدلا عنه وكان أثناء مروره قبل وفاته بأربعة أيام من إب إلى تعز ثم عدن تواصل مع اللواء علي بن علي القيسي المحافظ في حينه واتفقا على الغداء في منزل المحافظ بصورة خاصة دون دعوة أحد فاتصل بي طيب الذكر المحافظ القيسي وقال لي صاحبك هنا تعال نتغدى سويا بالبيت بس لاتكلم أحد لان محبيه كثير ولن يتركوه بسهولة ولديه ارتباطات.
عموما حضرت الغداء وكانت جلسة من أروع الجلسات التي سادها الضحك والمزاح وأخبار الانتخابات والتحضير لها وكلام كثير وبعد الغداء انفرد بي ولمح بأنه مرتب لي عمل بصنعاء ويتكلم عني بإطراء قلت له شكرا كثيرا انا مرتاح هنا مع الأسرة ومستقر والمحافظ مايقصر امورنا معه طيبة جدا قال لا وعموما قال عند عودتي إلى صنعاء نتواصل هذا والله ما جرى تماما ودخل بعدها القيسي وغيرنا الحديث وبذكاء المتوكل على الله يوصي المحافظ القيسي بي قبل مغادرته بلحظات .
وودعناه إلى جوار سيارته متوجها إلى تعز ثم انتقل إلى عدن..
وفي صبيحة يوم الحادثة الأليمة وكان لدينا اجتماع مع المحافظ تفاجأ باتصال من طه غانم محافظ عدن يبلغه بالحادث وأنه خرج الآن من المستشفى وقد توفي اللواء يحيى المتوكل فكان الخبر كالصاعقة علينا جميعا رجل بحجم يحيى المتوكل فارقناه وهو في خير وعافية وسيارته جديدة لا يظهر عليها أي عطل وحدث ما حدث وقدر الله بأن تخسر اليمن أبرز القيادات التي كانت تجمع ولا تفرق ويحمل رؤية وطنية ونشاطه كبير وتأثيره السياسي والاجتماعي عميق ومؤثر جدا.
فقلت ما شاء الله كان رجالات اليمن من كانت تمثل صمام أمان مع الرئيس السابق الشهيد علي عبدالله صالح تترجل واحدا تلو الآخر وبعده تقريبا خسرنا اللواء مجاهد أبو شوارب ثم جار الله عمر ثم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وآخرين رحمهم الله جميعا وعندما رحل حكماء اليمن شعرنا بفراغ كبير وتوالت علينا النكبات والأزمات على الشعب اليمني الصابر والصامد في وجه العواصف .
عموما لديّ الكثير لأقوله له عن سيرة المرحوم اللواء يحيى المتوكل ومن مواقف عشتها عن قرب ولا يتسع المجال لذكرها ويمكن عمل سلسلة من المقالات عن السيرة العطرة للجمهوري السبتمبري اللواء يحيى محمد المتوكل رحمه الله لنسهم ولو بالجهد اليسير والمتواضع في توثيق سير أعلام اليمن الابطال والمناضلين والمثقفين والسياسيين الذين تركوا في نفوسنا وفي وطننا فراغا كبيرا افتقدناه.
* عضو اللجنة الدائمة الرئيسية للمؤتمر الشعبي العام
|