إبراهيم ناصر الجرفي - من المعلوم لدى الجميع أن الحزب السياسي هو تنظيم سياسي يحتكم إلى مجموعة من الثوابت والمبادئ الوطنية والسياسية ، والقيم الروحية والمادية ، في إطار برنامج عام يحدد توجهاته وأهدافه وغاياته ، والانتماء الحزبي هو نتاج رغبة وقناعة شخصية ، وكل من ينتمي إلى هذا الحزب أو ذاك ، فالواجب عليه الالتزام بالمنهج والثوابت والمبادئ الحزبية والتنظيمية ، وعليه الالتزام بمواقف الحزب الايجابية المتوافقة مع ثوابت ومبادئ وبرنامج الحزب ، وغير ملزم بالتقيد والعمل بمواقف الحزب السلبية المتعارضة مع ثوابت ومبادئ وبرنامج الحزب ، وهنا تكمن الحزبية الإيجابية ، أما الحزبية السلبية فهي الحزبية العمياء المتعصبة ، التي تتبع مواقف قيادات الحزب ، بغض النظر عن توافقها مع ثوابت ومبادئ الحزب من عدمه ..!!
فمثلاً .....
من مبادئ وثوابت حزب المؤتمر انتهاج الوسطية الدينية ، لذلك من الخطأ تأييد أي مواقف لقيادات الحزب تدعو إلى التطرف والتشدد ، ومن مبادئ وثوابت حزب المؤتمر انتهاج النظام الجمهوري كنظام للحكم ، لذلك من الخطأ تأييد أي مواقف لقيادات الحزب تؤيد أي نظام حكم يتعارض مع النظام الجمهوري ، ومن مبادئ وثوابت حزب المؤتمر انتهاج الديمقراطية كوسيلة وحيدة للتداول السلمي للسلطة ، لذلك من الخطأ تأييد أي مواقف لقيادات الحزب تؤيد الاستيلاء على السلطة خارج إطار العملية الديمقراطية ، ومن مبادئ وثوابت حزب المؤتمر التمسك بالهوية اليمنية والتحرك في إطار المشروع القومي العربي ، لذلك من الخطأ تأييد أي مواقف لقيادات الحزب تُفرِّط بالهوية اليمنية ، أو تعمل ضد المشروع القومي العربي ، وهكذا ، لأن هكذا مواقف سلبية تتعارض مع مبادئ وثوابت وبرنامج حزب المؤتمر ..!!
وليس من حق القيادات في أي حزب سياسي ، الخروج عن المبادئ والثوابت والبرنامج السياسي للحزب ، لأنها بمثابة العقد السياسي الملزم لكل من ينتمي للحزب ، والعمل بها والتمسك بها أمر واجب ، وليس أمراً اختيارياً أو مزاجياً ، بحسب أهواء ومصالح هذه القيادات أو تلك ، وبمجرد تجاوزها أو انتهاكها لمحددات وثوابت ومبادئ وبرنامج الحزب ، فإنها تفقد صلاحياتها ولا طاعة لها على كوادر وأعضاء الحزب ، لأنها تكون بمواقفها السلبية تلك قد أخلَّت بالعقد السياسي الرابط بينها وبين جماهيرها ، وهنا تكمن الحزبية السياسية الإيجابية المتحررة من التعصبات الحزبية ، لأن إتباع القيادات في المواقف السياسية التي تتعارض مع منهج الحزب وثوابته ومبادئه ، هي بذاتها الحزبية السياسية السلبية ، الواقعة في مستنقع التعصب الحزبي الأعمى ، بل إن بعض أعضاء الأحزاب المتعصبين ، يندفعون في تبعيتهم لقيادات أحزابهم ، لدرجة التقديس والتعظيم ، بغض النظر عن مواقفهم وتصرفاتهم ، حتى وإن كانت تلك المواقف تتعارض مع منهج وثوابت ومبادئ الحزب ، وفي هذه الحالة أصبح الولاء ليس للحزب ولا لمنهجه السياسي ولا لمبادئه وثوابته ، بل ولاء شخصياً للقيادات نفسها ..!!
ومن هنا يتلاشى المعنى الحقيقي للحزبية السياسية ، وتتلاشى مبادئها وثوابتها ، لتكون مزاجات وأهواء تلك القيادات ، هي البديل عن الثوابت والمبادئ الحزبية ، لذلك ليس من العقل والحكمة اتباع المواقف السلبية للقيادات الحزبية ، التي تتعارض مع ثوابت ومبادئ ومنهج الحزب ، بل إن الواجب رفضها ومواجهتها كونها تُخِّل بالعقد السياسي ، الذي بموجبه انتمى الشخص إلى هذا الحزب أو ذاك ، وإذا كان هناك نضوج سياسي لدى كوادر وأعضاء الحزب ، فانهم وبمجرد اتخاذ قيادة الحزب مواقف سياسية سلبية تتعارض مع الثوابت والمبادئ والمنهج السياسي للحزب ، لا يترددون في العمل على إزاحتها وتغييرها ، كونها قد نقضت العهد السياسي الذي بموجبه تولت قيادة الحزب ، فقيادة الحزب مسئولية وطنية وسياسية كبيرة جداً ، وليست مناصب وامتيازات ، وقيادة الحزب تتطلب قيادات قوية وصلبة ، لا تتنازل ولا تفرط أبداً في ثوابت ومبادئ الحزب في كل الظروف والأحوال ..!!
لذلك .. وفي ظل الظروف الاستثنائية الصعبة ، التي يمر بها حزب المؤتمر ، فإن القيادات المؤتمرية الصادقة والقوية والتي تستحق قيادة هذا الحزب الوطني الرائد ، هي المتمسكة بثوابت ومبادئ ومنهج حزب المؤتمر ، وهي التي تحترم العقد السياسي الذي يربط بينها وبين كوادر وأعضاء حزب المؤتمر ، وتحديد مواقف تلك القيادات إيجابية كانت أو سلبية ، لا يحتاج لكثير من الذكاء والجهد ، فالمواقف الإيجابية هي لتلك القيادات المؤتمرية الوطنية المتمسكة بثوابت ومبادئ ومنهج حزب المؤتمر ، المتمسكة بالوسطية والاعتدال الديني ، والمتمسكة بالنظام الجمهوري ، والمتمسكة بالديمقراطية كوسيلة وحيدة للتداول السلمي للسلطة ، والمتمسكة بالهوية اليمنية ، والمتمسكة بالقومية العربية ..الخ ..
فالقيادة في حزب المؤتمر هي مسئولية قومية ووطنية وإنسانية ، قبل أن تكون مسئولية حزبية ، والانتماء لحزب المؤتمر ، هو أيضاً مسئولية وواجبات ، والانتماء لحزب المؤتمر ليس بالأقوال والمزايدات ، بل بالأفعال والسلوكيات والالتزام بثوابت ومبادئ ومنهج حزب المؤتمر ، فمن كانت أفعاله وسلوكياته ومواقفه السياسية والحزبية والعملية ، تتطابق مع مبادئ وثوابت ومنهج حزب المؤتمر فهو مؤتمري قولاً وعملاً ، ومن كانت أفعاله وسلوكياته ومواقفه السياسية والحزبية والعملية ، تتعارض مع ثوابت ومبادئ حزب المؤتمر ، فهو ليس بمؤتمري وإن ادعى ذلك ..!!
الحزبية السياسية تتجلى وتظهر من خلال الأفعال والمواقف ، وليس من خلال الأقوال والأهواء ، والحزبية السياسية تتجلى وتتوضح في أيام الشدة ، والأوقات العصيبة ، وليس في أيام الرخاء والأوقات العادية ، والحزبية السياسية مواقف ومبادئ وثوابت ، وليست مغانم ومصالح ومكاسب ، والمرحلة الصعبة التي يمر بها حزب المؤتمر ، كفيلة بالتمييز بين هذا وذاك ، وكل قيادي وعضو في حزب المؤتمر يضع نفسه حيث يشاء ، من خلال مواقفه وأفعاله ، ومدى تمسكه بمبادئ وثوابت ومنهج الحزب..
|