د. عادل غنيمة - خلال لقاء الشيخ صادق بن امين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام مؤخراً "بالسيد مارتن غريفيث كان الشيخ صادقاً في حديثه مع المبعوث الدولي غريفيث بأن القضية اليمنية قضية سياسية بامتياز ومعقدة وبحاجة الى جهود دولية وأممية صادقة في إيجاد الحلول السياسية لإنهاء العدوان على اليمن والبدء بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم بالسويد كخطوة اولى للحل السياسي للقضية اليمنية كما حث المبعوث الدولي على استكمال حل باقي النقاط العالقة والتي تتمثل بالمعاناة الانسانية للشعب اليمني واهمها فتح مطار صنعاء وتحييد البنك المركزي وصرف مرتبات موظفي الدولة لعدد يقارب مليون ومائتي الف موظف وحل قضية تعز الانسانية، كما كان الشيخ أبوراس أميناً مع المبعوث الدولي من خلال حديثه الصريح بقوله إن المؤتمر الشعبي العام يرفض رفضاً قاطعاً ان يتم تحوير القضية اليمنية الى قضية انسانية وهذا ما تمت ملاحظته من خلال التصريحات الاممية والدولية وتصريحات دول التحالف الاخيرة والتي تحاول من خلاله خلط الاوراق السياسية والتركيز على المعاناة الانسانية التي وصل اليها حال الشعب اليمني واهمال السبب في هذه المعاناة وهو تحالف العدوان وحربهم العبثية على الشعب اليمني والحصار المستمر منذ اربع سنوات والاستناد الى اعادة الشرعية كنتيجة لحالة الصراع السياسي بين القوى السياسية اليمنية وان المعاناة الانسانية والجوع والمجاعة وانتشار الاوبئة التي كانت عنوان مؤتمر جنيف الاخير للمانحين للأمم المتحدة باسم قضية اليمن كحالة انسانية ليس الحل لانتهاء هذه الكارثة الانسانية سوى وقف العدوان
ولذلك فقد طلب رئيس المؤتمر من المبعوث الدولي معالجة السبب للمعاناة الانسانية من خلال اصدار قرار دولي لإنهاء العدوان ورفع الحصار عن الشعب اليمني وان يكون رد المبعوث الدولي ايجابيا "كوسيط يكن له الشعب اليمني احتراما "لدبلوماسيته وجهوده الدولية فقد وعد رئيس المؤتمر بالعمل على استكمال ما تم الاتفاق عليه في اتفاق السويد والاستمرار في جهوده لاستكمال التسوية السياسية كحل وحيد للقضية اليمنية.. ولكن ما هو السر الخفي في تعقيدات القضية اليمنية ؟ولماذا لا تتطابق الاقوال مع الأفعال فنقرأ ونسمع تصريحات القوى الدولية والمسئولين الأمميين وكذلك قيادات دول تحالف العدوان بأن الحل السياسي لقضية اليمن هو الخيار المتاح بينما نجد التصعيد العسكري مستمراً والتحوير الاممي والدولي لقضية اليمن الى قضية انسانية ؟
ورغم مرور شهرين ونيف على اتفاق اعادة الانتشار في الحديدة واتفاقية تبادل الاسرى فان اتفاق السويد لم يتحرك خطوة واحدة باتجاه التنفيذ.. وللإجابة على تساؤلاتنا نستعرض كافة نقاط اتفاق السويد ونتعرف من خلالها على ما تم انجازه حتى التاريخ وما أسباب عرقلة تنفيذ خطة الامم المتحدة بإعادة الانتشار في الحديدة وكذلك التعرف على اسباب عرقلة تنفيذ اتفاقية تبادل الاسرى الكل مقابل الكل اضافة الى معرفة من يعرقل استكمال المشاورات حول باقي نقاط اجراءات بناء الثقة.
أولاً: "اتفاق اعادة الانتشار لقوات اطراف الصراع في الحديدة
كان اتفاق السويد قد نص على انسحاب اطراف الصراع من اطراف مدينة الحديدة واعادة انتشار هذه القوات خارج المدينة وتسليم موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى الى السلطة المحلية من المنتمين لقوات خفر السواحل عام 2014م وكانت خطة الامم المتحدة تقضي بانسحاب الجيش واللجان الشعبية من الموانئ اليمنية لمسافة 5 كيلو مترات في مقابل انسحاب قوات التحالف من اطراف المدينة مسافة كيلو متر كمرحلة اولى وتم رفضها من حكومة صنعاء لعدم وجود ضمانات دولية بقيام التحالف بغزو الحديدة ولذلك تمت المطالبة بتغيير الخطة وضرورة وجود ضمانات اممية وخطة متوازنة بحيث يتم الانسحاب من موانئ الصليف ورأس عيسى مقابل انسحاب قوات التحالف لكيلو متر يتبعها انسحاب من ميناء الحديدة وازالة الالغام بعد ضمان احلال قوات الامم المتحدة من المراقبين من اماكن انسحاب التحالف..
حيث لم يتطرق اتفاق السويد لآلية اعادة الانتشار في الحديدة وطريقة الانسحاب وتم ترك الامر للبعثة الدولية الاممية من المراقبين ورئيس البعثة الامنية والتي تم اعتماد ارسالها الى اليمن بقرارين من مجلس الامن الاول برقم 2451باعتماد اتفاق السويد وارسال مراقبين من 45مراقباً أممياً، والقرار الثاني برقم 2452 الذي عزز من عدد المراقبين بعدد 75مراقباً اضافياً، وقد عقدت اللجان المشتركة من اطراف الصراع اجتماعات متواصلة مع رئيس البعثة الامني السابق باتريك ولم يتم الوصول الى اتفاق لعدم حيادتيه وتبنيه خطة من التحالف لم تكن متوازنة ولايوجد بها ضمانات لعدم تعرض مدينة الحديدة للغزو من التحالف حال تم الانسحاب واصراره على ازالة الالغام في المرحلة الاولى ولذلك تم رفض التعامل مع المبعوث الامني باتريك وتم تغييره بمبعوث جديد »مايكل لويس غارد«.
وقد وضع المبعوث الجديد خطة جديدة لإعادة الانتشار لقوات حكومة صنعاء وقوات التحالف التي تقودها الامارات تقضي بإعادة انتشار قوات صنعاء من مينائي الصليف ورأس عيسى لمسافة 5كيلو مترات في مقابل انسحاب قوات التحالف الغازية من اطراف مدينة الحديدة التي تتمركز فيها لمسافة كيلو متر كمرحلة اولى ويتم خلالها الوصول الى مطاحن البحر الاحمر وفتح الممرات لدخول المساعدات الانسانية الى سكان المناطق المحاصرة في المحافظات الشمالية ويتبعها مرحلة ثانية بإعادة انتشار قوات حكومة صنعاء من مدينة الحديدة ومينائها وازالة الالغام في مقابل استكمال انسحاب قوات التحالف الغازية الى 5 كلم من اطراف المدينة جنوباً وشرقاً، ورغم موافقة الطرفين من اللجان العسكرية لحكومة صنعاء وحكومة هادي الا ان التحالف كان له رأي آخر وعرقل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه واشترط الانسحاب من كافة الموانئ وازالة الالغام قبل انسحاب قوات التحالف لمسافة كيلو متر من نقاط تمركزها شرقا وجنوبا، فاذا اردنا معرفة المعرقل فهو الخاسر من اعادة الانتشار لكون تنفيذ خطة الامم المتحدة سيعمل على وقف غزو مدينة الحديدة من قبل التحالف ومنع سيطرة الامارات على المدينة هذا من ناحية ومن ناحية اخرى سنجد ان من رفض اتفاق السويد واعادة الانتشار ووصول قوات اممية للفصل بين القوات المتحاربة هو وفد حكومة هادي في السويد وتم ارغامهم على الاتفاق في السويد بضغوط امريكية وسعودية بعد اتصال الامين العام بالأمريكان وبن سلمان.
ثانياً :اتفاقية تبادل الأسرى
لم يصل وفدا صنعاء والرياض الى السويد الا وكانا قد قطعا شوطاً كبيراً بخصوص الاسرى وكان للأمم المتحدة والزيارات المكوكية لغريفيث الى صنعاء والرياض دور بارز في الوصول الى تفاهمات اولية بشأن عقد اتفاقية لتبادل الاسرى الكل مقابل الكل.. فما اسباب عرقلة تنفيذ اتفاقية تبادل الاسرى؟ رغم سلاسة مشاورات السويد بشأن الاسرى والذي اتضح من خلال توقيع الاتفاق السريع على اتفاقية الاسرى وفي اعتقادي ان ذلك يعود لعدة عوامل ومنها:
1- وفد الرياض يمثل نفسه ولاعلاقة له بالأسرى الذين بيد أطراف الصراع »الإمارات، السعودية، السلفيون، القاعدة، الاخوان«، فبالرغم من عقد عدة لقاءات بين اطراف الصراع حول الاتفاق على استكمال عملية تبادل الاسرى الكل مقابل الكل الا ان العراقيل والمعوقات مازالت قائمة حتى اليوم وهو ما حذرت منه في تحليلات سياسية سابقة لوسائل الاعلام حول تعقيد قضية الاسرى لكون الكشوفات المتبادلة بين اطراف الصراع لحوالي 15 الف اسير من الطرفين كان يشوبها الكثير من المغالطات لاسيما من قبل طرف وفد الرياض الذي يمثل حكومة هادي والذي لم يكن موفقاً في توثيق كشوفات أسراه من حيث تاريخ ومكان الاسر والبيانات الشخصية الكاملة حول شخصية الاسير واكتفى بالبلاغات المقدمة من انصاره عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث اكتشف وفد حكومة صنعاء أن عداً كبيراً منهم قد تم اطلاق سراحهم في عمليات تبادل جزئية للأسرى من اطراف الصراع المختلفة أنتماءاتهم السياسية والفكرية والبعض منهم كانت اسماء وهمية وغير حقيقية، في حين اعترف وفد صنعاء بوجود 3 آلاف اسير لديها من الكشوفات المستلمة فإن وفد الرياض الممثل لحكومة هادي لم يعترف سوى بحوالي 800 أسير من اصل سبعة آلاف ونيف ،وهو دلالة واضحة للعيان أن كافة القوات المعتدية إما تابعة للامارات او تابعة للسعودية او تابعة لقياداتها مثل الاخوان أو السلفيين او القاعدة.
وبالتالي فإن موضوع الاسرى متشعب وكان ينبغي اشراك الامارات والسعودية والاخوان والسلفيين والقاعدة ضمن اتفاق التفاهمات لملف قضية الاسرى.
2-عدم جدية وفد الرياض في اطلاق جميع الاسرى:
حيث ان ما تم انجازه حتى اليوم لايتعدى الاتفاق النظري ولم يتوصل الطرفان الى اتفاق حول آلية تبادل الاسرى الكلية او الجزئية والتي كانت مبادرة من وفد صنعاء لإطلاق 10٪ من كشوفات كل طرف كبادرة حسن نية ،ولكن تم التركيز على اطلاق كبار الشخصيات السياسية والعسكرية والاسرى الاجانب دون الخوض في حل قضية جميع الاسرى. ولذلك فإن على وفد حكومة الانقاذ المطالبة بإشراك بقية الاطراف في التفاهمات حول ملف الاسرى ، وأن يتم اشراك المنظمات الدولية مثل الصليب الاحمر والهلال الاحمر في عملية البحث والتقصي والرصد لكل الحالات والتأكد من صحة المعلومات مع إعطاء حق التفتيش لكل السجون في مختلف المحافظات اليمنية لاسيما سجون الامارات التي يمارس فيها الاحتلال ابشع الجرائم الانسانية بحق السجناء لكي يتم تحديد اماكن الاسرى الذين يتم انكار وجودهم واعتبارهم مفقودين عمداً لإفشال اتفاق السويد.
|