لمياء الارياني - أن تتحدث عن الطفولة في زمن الحروب والنزاعات المسلحة فأنت تتحدث عن هم وطن ..عن أحلام منكسرة ،وآمال ممزقة .. عن طموحات شردتها رياح الحرب وعبثها .
أن تتحدث عن الطفولة اليمنية بعد أربع سنوات من الجنون والعبث والدمار فأنت تتحدث عن واقع يضج بالألم والوجع والحزن، يضح بالقسوة والعنف والإهمال والإساءة .
أن تتحدث عن أطفال اليمن اليوم ..فأنت تتحدث عن :
- اطفال في الشوارع مشردين بعيدين عن أسرهم ومدارسهم ..معرضين لابشع أنواع الاستغلال والانتهاك والاساءة ، تطاردهم الوحدة وصقيع الأمكنة والازقة المظلمة .
- أطفال في خلاف مع القانون ،يزجون في السجون ليس لان تلك الممارسات الخاطئة تستهويهم ولكن لأن ظروفاً قاسية فرضت عليهم بسبب أنظمة متعاقبة غير عادلة في توزيع السلطة والكرامة ..افرزت الفقر، والتفكك الأسري.. اليتم.. العنف في البيت والمدرسة ..تلك الصعاب وغيرها راودت شياطين صغار فانجروا بدون إدراك منهم الى ممارسات ألقت بهم خلف قضبان من حديد، ووحشة المكان والقادم .
- أطفال مشردون يتسولون لقمة العيش بين أروقة المدن وزحام الطرقات ، تتلقفهم تفاصيل المجهول وعصابات الشوارع وضعاف النفوس ..
أطفال فارين من مدارسهم لا سكن يأويهم ولا من يخاف على مستقبلهم الذي سيتفجر يوما في وجه المدينة فيشوهه ..
- اطفال يعانون الامراض والمجاعة ، يتساقطون في بيوتهم ومدارسهم من شدة الجوع بينما تكتظ قمامات المدينة ببقايا اطعمة المترفين .
- فتيات صغيرات يتم تزويجهن فقط للخلاص من مسئولية إطعامهن وللارتزاق من بيعهن بضاعة منتهكة الكرامة والانسانية ، لتعود تلك الصغيرات لاسرهن بعد سنوات قليلة مع اطفالهن فتتضاعف معاناة أسرهن في صعوبة توفير لقمة العيش لهن ولصغارهن ويكون العنف الاسري هو النتاج الاكيد لتلك المآسي المفتعلة والمسكوت عليها مع سبق الاصرار والترصد.
أن تتحدث عن الطفولة في اليمن بعد أربع سنوات من التدمير للحجر والبشر ، فإنك تتحدث عن :
- أطفال يعانون الخوف ونوبات الهلع والازمات النفسية الخطيرة والمزمنة جراء الانفجارات وموت اهلهم أمام أعينهم ، وضياعهم وفقدانهم لمصاحبة أسرهم .. ولنقف للحظة نتخيل كيف يمكن ان يكون مستقبل وطن اكثر من نصف سكانه يعانون مشاكل نفسية .. كم سنحتاج لمعالجة تلك المشكلة التي ستثقل كاهل الحكومات في قادم السنوات .
- أطفال تركتهم الصواريخ معاقين ، خارج حدود حياتهم السابقة عاجزين عن استرداد أجزائهم التي انتزعتها الصواريخ والمدافع بوحشية الحروب المعتادة .
- أطفال جلهم خارج اسوار المدارس اما لعجزهم او لعدم توافر المدارس او جاهزيتها لاستقبال الاطفال.
جيل كامل اصبح أميا متخلفا جاهلا مريضا ،وكأن خمسة وخمسين عاماً من ثورة 26 سبتمبر تم تدمير مكاسبها بامتياز ، وعدنا الى نقطة الصفر ، الى المربع الاول .. الى التفاصيل الخلفية للتاريخ..
- حالات متعددة ومتكررة لولادات مشوهة كنتاج طبيعي لكل هذه السموم التي تلقي بها آلات الحرب اللعينة ، مع عجز شبه كلي عن انقاذهم ، أو حتى حماية مستقبل وطن من كارثة انسانية كهذه .
ان تتحدث عن أطفال اليمن بعد اربع سنوات من جنون الحرب المدمرة ، علينا ان نتساءل اين العالم ،اين صوت المنظمات العالمية المدافعة عن حقوق الانسان؟!
اين الحاصلون على الجوائز العالمية في دعمهم للحرية والحياة وحقوق الانسان؟
أين كلهم من مأساة اليمن واليمنيين؟
أقول :هذه الحرب يجب ان تنتهي ، وهذا العبث يجب ان يردم منبعه، تعبت الارض والسماء والبشر
خسرنا وطناً بأكمله، والاكثر وجعاً اننا نخسر كل يوم جيلاً كاملاً من الاطفال ممن نعول عليهم اعادة إعماره .
لذا واجب على كل وطني حر ان يدعو للسلام ، أنت من بيتك ، وهو من مشفاه وانت من مدرستك وهم من شوارع المدينة..
الدعوة للسلام هي الدعوة الى الله.. فالله سلام .
الدعوة للسلام هي الدعوة للمحبة.. فالمحبة سلام .
وهي الدعوة للحياة لان لا حياة بدون سلام .
سنظل بكل حبنا لتراب اليمن وأطفاله ندعو للسلام الى أن تتوقف الحرب.
|