الدكتور ابو بكر القربي* - يسألني الكثيرون عن وضع المؤتمر ودوره المستقبلي وعن مآلات انقسامه وأهم من ذلك متى سيتعافى من الحالة التي يعيشها.. والحقيقة ان معافاة المؤتمر أصبحت الشغل الشاغل لدى الكثيرين سواء أكانوا من بين ابناء الشعب اليمني الذين عرفوا المؤتمر ووثقوا به من قبل او الكثير ممن كانوا في الساحات ورأوا ما نتج عن ثورتهم من دمار وحتى بين خصومه الحزبيين الذي ادركوا ان المؤتمر رقم صعب وانه لن يتحقق حل للازمة الا بوجوده والإستفادة من قياداته وخبرته في إنقاذ اليمن من هذا الدمار القائم، كما ان العديد من الدول إقليمياً ودولياً ادركت- وان كان بعد فوات الأوان- كم تعقد الحل وتعمق الصراع نتيجة إقصاء قيادات المؤتمر من الدولة ومن ادارتها وتسليمها الى احزاب وجماعات لم تفهم مفهوم الدولة والمواطنة المتساوية التي لا تمثل لهم سوى شعارات للوصول الى السلطة.
لذلك ونتيجة للفراغ الذي تركته قيادات المؤتمر في الدولة والحاجة لاستعادة المؤتمر لموقعه السياسي والتنفيذي في الدولة تُبذل اليوم جهود حثيثة لتوحيده الا انها للاسف تواجه صعوبات نتيجة اطراف تريد توحيد المؤتمر ولكن دون تمكينه من قراراه السياسي المستقل أو نتيجة رغبتها لفرض قيادات عليه، الا ان هناك من يعمل جاداً على توحيد المؤتمر ليكون صاحب قراره وليتحمل مسئوليته الوطنية لتحقيق السلام وبناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة ولكنهم يواجهون معارضة ممن لا يريد للمؤتمر استعادة مكانته ودوره الحقيقي ومن بين هؤلاء للأسف قيادات مؤتمرية.
في خضم هذه التجاذبات لم تحقق قيادات المؤتمر سواء في الداخل او الخارج أي درجة من التوافق والتفاهم على توحيد القرار واسلوب المشاركة في اتخاذه مع تقدير حدود التنسيق فيما بينهم نتيجة مواقعهم الجغرافية وتأثير اطراف الصراع عليهم ، وبدلاً من الوصول الى هذا التوافق وخلق قيادة مشتركة تضع مصلحة اليمن أولاً والمؤتمر ثانياً تعمد البعض رفض التعامل مع من كان له موقف مختلف عن موقفه بل ووجهوا لبعضهم تهماً مختلفة مما أوصد أبواب التواصل والتوافق، وقاد بعضهم الى التحضير لمشاريع عقد مؤتمرات لفرض قيادات جديدة وفي تجاهل كامل للنظام الداخلي للمؤتمر غير مدركين أن كل ما سيجنونه من اجل الوصول الى القيادة هو تقسيم المؤتمر وتعميق الخلافات فيه مما سيجعل من الصعب معالجتها كما سيؤدي إلى فقدان المؤتمر لكوادره وشعبيته .
لكن المطمئن انه بالرغم من كل ماتعرض له المؤتمر فقد اثبتت الأحداث منذ بداية الحرب وحتى بعد استشهاد الزعيم رحمه الله تماسك كوادر المؤتمر وقدرة قياداته رغم الضغوط التي يواجهونها سواء في الداخل او الخارج على منع التشظي او الحد منه والعمل على ابقاء باب الحوار مفتوحاً فيما بينهم للحفاظ على وحدة المؤتمر ، الا ان هذا وحده لا يكفي لاستعادة المؤتمر اليوم لدوره بينما هو يقف على مفترق طرق مما يستدعي توحيد قيادته لتحدد موقفه من الأحداث ودوره في عملية السلام وان تقدم رؤيته للحل بشراكة كل مكوناته في الداخل والخارج خاصة واننا اليوم نمتلك العديد من وسائل التواصل لتحقيق ذلك، كما أن علينا التصدي للأجندة الخاصة والمصالح الشخصية ومنعها من التأثير على القرار الوطني للمؤتمر او رغبتها في التنازل عن ثوابته وفي نفس الوقت أهمية التعامل بحكمة مع اطراف الصراع وتأكيد موقف المؤتمر المنحاز للسلام والحل السياسي الشامل والعادل للجميع بعد ان اعترف الجميع بأنه لا بديل اليوم للحل السياسي بعد تهيئة الأرض لتحقيقه.
* الأمين العام المساعد للمؤتمر
|