موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


189 صحفياً فلسطينياً استشهدوا في غزة - أبو عبيدة يعلن مقتل أسيرة في شمال غزة - زوارق حربية إماراتية في ساحل حضرموت - ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 44176 - 17 شهيداً في قصف إسرائيلي على غزة - مجلس النواب يدين الفيتو الأمريكي - المستشار الغفاري يبارك نجاح بطولة العالم للفنون القتالية بمشاركة اليمن - الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة -
مقالات
الميثاق نت -

الإثنين, 16-سبتمبر-2019
حسن‮ ‬عبدالوارث -
ما‮ ‬زالت‮ ‬صنعاء‮ ‬تحتفظ‮ ‬بأسرارها،‮ ‬وتبسطها‮ ‬بغَنَجٍ‮ ‬آسر‮ ‬وبعنفوانٍ‮ ‬باهر‮.. ‬القادم‮ ‬اليها‮ ‬يهتزُّ‮ ‬لها‮ ‬برعشة‮ ‬الدهشة،‮ ‬والمقيم‮ ‬فيها‮ ‬يراها‮ ‬كل‮ ‬يوم‮ ‬لأول‮ ‬مرة‮.‬
ولاتزال‮ ‬صنعاء‮ ‬كنزاً‮ ‬عصيَّاً‮ ‬على‮ ‬الانكشاف،‮ ‬وبحراً‮ ‬في‮ ‬الوعي‮ ‬بلا‮ ‬ضفاف،‮ ‬وقمراً‮ ‬يرسل‮ ‬أشعته‮ ‬في‮ ‬نسيج‮ ‬الروح‮ ‬خيطاً‮ ‬من‮ ‬ألقٍ‮ ‬زاهٍ‮ ‬شفاف‮.‬
لم‮ ‬أكن‮ ‬يوماً‮ ‬لأتخيَّل‮ ‬أنني‮ ‬سأعشق‮ ‬مدينة‮ ‬أخرى‮ ‬غير‮ ‬مدينتي‮ ‬الأولى،‮ ‬عدن‮..‬
ولم‮ ‬أكن‮ ‬يوماً‮ ‬لأُصدِّق‮ ‬أنني‮ ‬سأقيم‮ ‬في‮ ‬مدينة‮ ‬أخرى‮ ‬غيرها،‮ ‬اقامة‮ ‬الوجدان‮ ‬لا‮ ‬العنوان‮..‬
حتى جاء يوم تطلَّب الحدث الوحدوي أن أغادر عدن صوب صنعاء، فغادرت على مضض، وأقمت على مشقَّة، وبرَّرت حينها لنفسي أن الوظيفة تقتضي، وأن الواجب يُحتِّم، أن أهجر حضن حبيبتي الرابضة عند خاصرة البحر إلى أحضان مدينة لا تعرف لغة البحر قط.
كيف‮ ‬لي‮ ‬أن‮ ‬أتصوَّر‮ ‬اقامتي‮ ‬في‮ ‬مدينة‮ ‬بلا‮ ‬بحر‮ ‬ولا‮ ‬ميناء‮ ‬ولا‮ ‬ضفائر‮ ‬مجدولة‮ ‬على‮ ‬شاطىء‮ ‬منسرح‮ ‬الرمال‮ ‬والشجون‮ ‬والذكريات؟‮ ‬لا‮ ‬أظن‮ ‬أنني‮ ‬سأقوى‮ ‬على‮ ‬هذه‮ ‬الاقامة‮ ‬لأيام‮ ‬معدودات‮!‬
كيف لي أن أهجر كل ذلك الجمال والدلال والدفء العدني الحميم؟ وأستبدله بوحشة الجبال وقسوة الشتاء ورعونة اللحظة المنفلتة بين خليط كئيب من التماع الجنابي واحتشاد القبائل، وانسدادها بين ربطة القات ورابطة "الديوان"!
لكن صنعاء قالت لي قولاً كريماً، ومسَّدت على قلبي، وربَّتَت على كتفي، بحنان لم أكن لأقوى على مقاومته، فإذا بي أصاب بمسٍّ من سحر أو جنون.. وإذا بي أرجع إلى عدن يوماً فلا أُطيل البقاء، وأتحيَّن الأوقات والأسباب للعودة إلى أحضان صنعاء.
‮"‬نقِّلْ‮ ‬فؤادك‮ ‬حيث‮ ‬شئت‮ ‬من‮ ‬الهوى
ما‮ ‬الحُبّ‮ ‬إلاَّ‮... ‬للحبيب‮ ‬الثاني‮".‬
هل‮ ‬يصحُّ‮ ‬تعديل‮ ‬البيت‮ ‬الشعري‮ ‬على‮ ‬هذا‮ ‬النحو؟
وهل‮ ‬سيتقبَّل‮ ‬الجد‮ ‬النبيل‮ ‬أبو‮ ‬تمّام‮ ‬مني‮ ‬هذا‮ ‬المساس‮ ‬بقوله‮ ‬الأثير؟
لقد أدركت يومها كلاماً بدا غامضاً لأول وهلة، أخبرتني به امرأة استثنائية ذات لحظة استثنائية، قالت إن المرأة الأخرى غالباً ما تكون أكثر روعة بل أقوى زلزلة من الأولى، لأن للأولى سطوة الرحلة، أما للأخرى فبصمة الاقامة، فما بالك بالاقامة في حضن امرأة تضمَّخت ببخور‮ ‬التاريخ‮.. ‬فاختزلت‮ ‬تاريخ‮ ‬البخور‮.‬
هل‮ ‬لعدن‮ ‬أن‮ ‬تتهمني‮ ‬بالخيانة؟
هل‮ ‬لشواطئها‮ ‬ونوارسها‮ ‬وقوارب‮ ‬الصيد‮ ‬في‮ ‬ساحلها‮ ‬وملاعب‮ ‬الصبا‮ ‬في‮ ‬حواريها‮ ‬ومدارج‮ ‬الشباب‮ ‬في‮ ‬ضواحيها‮ ‬أن‮ ‬تتهمني‮ ‬بالخيانة؟
وهل‮ ‬لأصدقاء‮ ‬الطفولة‮ ‬وصديقات‮ ‬الرجولة‮ ‬وأساتذة‮ ‬الدروس‮ ‬الأولى‮ ‬ورفاق‮ ‬الدروس‮ ‬الأخيرة‮.. ‬والمقهى‮ ‬والملهى‮ ‬والحديقة‮ ‬والمحطة‮ ‬والدار‮ ‬والجريدة؟
إن‮ ‬القلب‮ ‬وما‮ ‬يهوى،‮ ‬والروح‮ ‬وما‮ ‬تريد،‮ ‬وما‮ ‬العقل‮ ‬إلاَّ‮ ‬منقاد‮ ‬إلى‮ ‬حيث‮ ‬يستقر‮ ‬القلب‮ ‬وتستوطن‮ ‬الروح‮..‬
وفي‮ ‬صنعاء‮ ‬أقام‮ ‬القلب‮ ‬خيمته،‮ ‬وأرخى‮ ‬غيمته،‮ ‬وكتب‮ ‬ثيمته‮.‬
هذا‮ ‬ليس‮ ‬مقالاً‮ ‬في‮ ‬مدح‮ ‬صنعاء‮.. ‬إنما‮ ‬هو‮ ‬بيانٌ‮ ‬في‮ ‬حُبّ‮ ‬صنعاء‮.‬
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)