أحمد الزبيري - تكمل الثورة اليمنية التحررية 14 أكتوبر ضد الاستعمار البريطاني عامها الـ 56 التي خلال سنواتها وعقودها شهدت الساحة اليمنية متغيرات ارتبطت بالاستقطابات الاقليمية والدولية منذ فترة الحرب الباردة التي اتسمت بنظام دولي ثنائي القطبية خلق توازناً عالمياً أدى إلى بروز حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار على امتداد القارات الخمس لتصبح الكثير من دول العالم مستقلة بالمعنى السياسي وكانت ثورة الـ 14 من اكتوبر اليمنية واحدة من هذه الثورات التي اجتمع فيها البعد الوطني والقومي ، وبالتالي بعد 56 عاما ينبغي النظر إليها باعتبارها ثورة قام بها الشعب اليمني بالارتباط الوثيق مع مسارات حركة التحرر العربية التي شكلت الحركات والاحزاب القومية بقيادة جمال عبدالناصر وكامتداد لحركة القوميين العرب وحزب البعث والاحزاب اليسارية العربية ، ولأنها كذلك فقد كانت وطنية وحدوية يمنيا وقوميا ، حاضرة في قلبها قضية فلسطين..
الحكم على ما واجه اليمن وثورته سبتمبر واكتوبر من صعوبات وتحديات وانعطافات متروك للتاريخ لأسباب ترجع إلى أن قوى الهيمنة العالمية ممثلة بالاستعمار القديم البريطاني الأوروبي ووريث نفوذه الأمريكي إلى جانب الدور الذي لعبته أدواته المتمثلة بالأنظمة الرجعية العربية وعلى رأسها النظام السعودي وبعض مشيخيات النفط في الخليج التي استطاعت أن تجد لها أدوات داخلية انحرفت بالثورة عن سياقها الصحيح مستخدمة المال النفطي لجعل اليمن ضعيفا منشغلا بالأزمات والصراعات والحروب وصولا إلى العدوان المستمر للعام الخامس على التوالي واهدافه في تدمير اليمن وإبادة شعبه وتقسيمه إلى كيانات متصارعة واضحة.. والأسوأ في كل هذا أن النظامين السعودي والإمارتي وجدا لهما أدوات داخلية حتى بعد اتضاح اهداف مشاريعهما من العدوان على اليمن..
وعودة إلى مناسبة الذكرى الـ 56 لثورة الـ 14 من اكتوبر نقول إن هذه الثورة ستظل تضحيات مناضليها في سبيل استكمال استقلال ووحدة اليمن مدونة في سفر تاريخ اليمن المعاصر بأحرف من نور ولن تؤثر خيانات تلك الدماء الطاهرة التي صنعت فجر الاستقلال عن الاستعمار البريطاني في ذلك اليوم الاغر الثلاثين من نوفمبر 1967م على عظمة هذا الشعب وثورته السبتمبرية الأكتوبرية..
وكما انتصر اليمنيون على الغزاة والمحتلين وركائزهم وأدواتهم الداخلية سينتصر هذا الشعب في معركته التحررية الثانية على الغزاة الجدد وأدواتهم المحلية الذين تنكروا لتلك التضحيات والدماء واعتبروا أن تلك الفترة المؤلمة من الاستعمار البريطاني عبارة عن شراكة كما قال إحدى أدوات مشروع الاستعمار الجديد الذي بكل تأكيد تقف خلفه أمريكا وبريطانيا وكيان العدو الصهيوني..
لهذا لن يكون الاحتفال بهذه الثورة اليمنية التحررية الخالدة إلا بطرد الغزاة وتحرير الأرض اليمنية من دنس اقدامهم والخلاص من كل المشاريع الانفصالية والمناطقية والمذهبية التي حاولوا عبرها وبهذه الأدوات إلغاء هذا التاريخ الكفاحي النضالي لشعبنا الحضاري العريق والعظيم..
الاحتفال بذكرى الثورة الاكتوبرية لن يكون إلا بإعادة الاعتبار لعظمتها والانتصار لأهدافها المتمثلة في الاستقلال الناجز والوحدة اليمنية ورمي كل مشاريع الهيمنة والوصاية الخارجية إلى الأبد في مزبلة التاريخ..
ومواجهتنا اليوم لتحالف العدوان السعودي الإماراتي هو تأكيد على استمرارية ما بدأناه قبل اكثر من ستة عقود ، وانتصارنا هو انتصار للمبادئ والقيم الوطنية التي ضحى من أجلها ذلك الرعيل الذي فجر الثوره اليمنية »سبتمبر وأكتوبر« .. والذي سيكون نهائيا بإذن الله على كل المشاريع التي حالت دون تشييد اليمنيين لدولتهم المستقلة القوية القادرة والعادلة..
المجد والخلود لشهداء الثورة اليمنية »26 سبتمبر و14 اكتوبر« وكل شهداء اليمن الذين وقفوا في وجه كل من أراد القضاء على آمال وتطلعات اليمنيين في وطن موحد مستقل متطور ومزدهر وعلى رأسهم اولئك الابطال الميامين الدين هزموا اقوى وابشع تحالف عدواني إجرامي على شعبنا عرفه التاريخ.
|