لقاء/عبدالرحمن الشيباني - تلعب منظمات المجتمع المدني دوراً كبيراً في ارساء مفاهيم المشاركة السياسية والاجتماعية والدفع بعملية الاصلاح والتنمية نحو مراحل متقدمة وكذلك السياسات الرشيدة التي تساعد السلطات في اتخاذ القرارات الناسبة، وبالرغم من أن منظمات المجتمع المدني حديثة العهد في بلادنا إلا أنها لعبت دوراً معقولاً في تحقيق بعض الأهداف وخلق وعي ازاء الكثير من القضايا التي تهم المجتمع.. منظمة سفراء السلام إحدى منظمات المجتمع المدني الفاعلة التي تدعو للسلام ونشر المحبة والتآخي كهدف سامٍ ونبيل يسعى الجميع من أجله خصوصاً ونحن نعيش ظروفاً استثنائية بالغة التعقيد »الميثاق« التقت برئيس هذه المنظمة وناقشت معه عدة قضايا في هذا الحوار، فإلى الحصيلة:
د.أحمد أيام قليلة تفصلنا على احتفال الشعب اليمنى برحيل آخر جندى بريطانى من عدن فى الـ 30 من نوفمبر1967..ماذا تقول فى هذه المناسبة ؟
هذه اللحظات التاريخية من حياة شعبنا اليمنى يجب أن تسجل بأحرف من نور وان تكون باعثة للانطلاق نحو التغيير فلقد سجل أبناء الشعب ملحمة اسطورية فى الدفاع عن حياض الوطن ومرغوا أنف المستعمر فى التراب وغيبوا الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس.. إنها لحظات فارقة فى حياة شعبنا وفى سفر التاريخ ستظل فى ذاكرة اليمنيين نبراسا وأيقونة لكل الأحرار فى العالم.. ذكرى الجلاء هذه يجب أن تكون ملهمة لمواصلة النضال والسير فى درب الحرية الذي سبقنا إليه الأحرار خصوصا ونحن نواجه تحديات كبري تهدد وحدتنا ومستقبلنا وكأن التاريخ يعيد نفسه والذي يستلزم منا أن نصطف حول الوطن الجامع بعيدا عن المشاريع الصغيرة التى لا مستقبل لها..من الضروري أن تكون هذه المناسبة محطة تأمل ودراسة فى سبيل الخروج من المنعطف الخطير الذي يهدد كياننا.
< هل يمكن إعطاء القارئ نبذة مختصرة عن عمل منظمة سفراء السلام التي تترأسونها؟
- منظمة سفراء السلام منظمة مدنية ووفقاً للمعايير الدولية وقد بدأت عملها منذ 4 سنوات وواجهت الكثير من الصعوبات اثناء تأسيسها ولكن استطعنا التغلب على ذلك وفيها الكثير من الكوادر المؤهلة والطموحة مستندة في عملها لنظام مؤسسي ودولي والحمد لله قطعنا شوطاً كبيراً في عملنا وأصبحنا موجودين في الساحة محلياً وخارجياً فلدينا فروع في أكثر من 12 دولة والأنشطة التي نقوم بها 70٪ منها تصب في مجال السلام والباقي منها في مجال الاغاثة الانسانية.. بدأنا تشكيل نواة مصغرة لسفراء السلام وتوسيع قنواتنا الاعلامية لعملنا للتواصل مع الآخرين خصوصاً مع القائمين على موسوعة جينس للأرقام القياسية بهدف اطلاعهم على ما أنجزناه بأكبر وثيقة في العالم تم انجازها وعكس صورة اليمن المحب للسلام والمنادي له بعيداً عن النظرة السلبية التي تم تصويرها عن اليمن بأنهم معادون للسلام ولأول مرة ستدخل هذه الوثيقة موسوعة جينس.
< هل يمكنكم أن تحدثونا عن الوثيقة التي أعددتموها وإلامَ تهدف؟
- الوثيقة جماهيرية شعبية في مضمونها قام بها أطياف واسعة من أبناء الشعب اليمني من خلال كتابة الاسم والتوقيع والبصمة عليها.. تنشد السلام حيث يشعر الفرد بالمسئولية وكذا رغبة اليمنيين في السلام كما أنها تهدف الى لفت انتباه العالم ودعاة السلام فيها لما يعانيه اليمنيون من ويلات الحرب وآثارها التدميرية على حياة البشر.. إنها بمثابة صرخة لإيقاظ الضمائر الحية والتي يجب أن تتكاتف وتعلي صوتها من لإرساء السلام والمحبة ونشر الوئام بين شعوب العالم والتي يواجه الكثير منها حروباً ونزاعات أدت الى ما نشاهده اليوم من مآسٍ وويلات.
< أنتم بصدد اقامة فعالية في الأيام القليلة القادمة.. ما الذي تريدون إيصاله من خلال هذه الفعالية؟
- البرنامج الذي نحن بصدده سيتم فيه عرض هذه الوثيقة كما أن هذا المؤتمر الذي سيعقد سيكون من أهدافه دعم اتفاقية السويد في اطار السلام الشامل والعادل في اليمن كاملاً.
< على ذكر اتفاق السويد الذي يُنظر إليه الكثير من المحللين السياسيين أنه صيغ بطريقة مفخخة وغير واضحة في بعض نقاطه والتي جعلت من الأطراف الموقعة عليها تفسرها بحسب رؤيتها وها هو اليوم يكاد يلفظ انفاسه كما هو متوقع كيف يمكن دعم هذا الاتفاق وهو شبه ميت؟
- هذا الخلاف واللبس الذي حصل بين الأطراف يكون دخولنا ضرورة هنا واذا لم تتدخل منظمات المجتمع المدني سيبقى الصراع وينهار الاتفاق كله.. نحن هنا لسنا مخولين باسم الشعب وإنما نمثل احلامه وتطلعاته التي هي في مجملها ترنو للسلام ونحن كطرف نمثل استقلالية تامة ولا ننحاز لأحد فعلاقتنا مع الجميع جيدة نحن هنا نضع الرؤية الوسطية لكل الأطراف ونعرضها من أجل رفع المعاناة التي يزرح تحتها الشعب اليمني.
< بالنسبة للمصالحة الوطنية وهي مبادرة قام بها المجلس السياسي الأعلى .. كيف تقرأونها على ضوء ما يحدث من تعقيدات وأحداث في المشهد السياسي اليمني والانسداد الحاصل؟
- هذه مبادرة جيدة ونحن مع كل ما شأنه أن تلتئم القلوب وتهدأ النفوس وهي قابلة للتنفيذ اذا ما أخلصت النوايا ووجدت المصداقية لدى الأطراف واذا ما حدث ذلك سيكون الجميع منتصراً فيها بمن فيهم الشعب اليمني ونحن في عملنا ندعم أي مبادرات على هذا النحو ولا نتخندق مع أحد ضد طرف آخر بمعنى نحن لسنا مع الأشخاص وإنما في ماهية المبادرة التي تفضي للحل ولا أبالغ إذا قلت إن لدينا مكونات كثيرة تسعى للتحالف مع منظمات أخرى كطرف قوي وفاعل تدفع باتجاه خيار السلام فالحرب ليس فيها منتصر الكل خاسر ولذلك نحن نبقي أشرعة الحل مفتوحة للجميع ونسعى من أجل أن تتقارب وجهات النظر وأن يصل الجميع الى حل، نحن كما اسلفت في موقع الوسط بكل ما يحمله المعنى ونعتبر انفسنا شركاء في كل الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة.
< هناك من يصف اتفاق الرياض بين حكومة ما تُسمى الشرعية والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً بأنه اتفاق استعماري جديد ولشرعنة الاحتلال .. كيف ترون ذلك وهل سينجح هذا الاتفاق؟
- هذا الاتفاق ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، هناك محاولات لتقسيم اليمن وجعله دولاً داخل دولة وإضعاف القوى الوطنية الحية التي تدرك الخطر المحدق باليمن.. هناك من يحاول جعل اليمن ضعيفاً ممزقاً من أجل السيطرة عليه، لابد من العودة لمشروع الوطن الواحد الذي يكفل للجميع حقوقهم ومشاركتهم في صنع القرار وتحديد ملامح المستقبل الذي لن يكون كذلك إلا بايجاد المشروع الكبير والذي سيقضي على كل المشاريع الصغيرة نحن أمام تحديات كبيرة ومنعطف خطير تمر به بلادنا وعلى الجميع أن يعي خطورة الوضع الذي نعيش فيه.
< من خلال حديثك نستشف أنك متشائم وأن السلام مازال بعيد المنال وأن الحرب ستستعر وستكون هي الفيصل؟
- لا أقصد ذلك تماماً فالمخطط الذي يراد لليمن أن تنزلق فيه أكثر مما نشاهده اليوم ولذا نحن ندفع باتجاه أن تسكت أصوات المدافع وأزيز الرصاص وأن تحط الحرب رحالها واوزارها فهناك من يتربص بنا الشر، نحن أصبحنا ساحة معركة دولية تتجاذبها المصالح وهناك تجار حروب مستفيدون منها ولذلك لا نخفي قلقنا من أن تنزلق اليمن لما هو افظع مما نحن فيه اليوم لكن لا يجب أن نيأس فنحن نراهن على حكمة اليمنيين.
< لكن ألا ترى أن النخب السياسية في اليمن اختارت مصالحها وجعلت الوطن آخر حساباتها وأن الثقة معدومة بين الشعب ونخبه السياسية التي يراها الشعب ليست جديرة بالمسئولية وغير معبرة عن تطلعاته هل هي أزمة انتماء؟ ومتى سيكون الوطن حاضراً؟
- هذا سؤال كبير والاجابة عليه تتطلب وقتاً طويلاً فله جذوره التاريخية لكن لا يمكن أن ننكر أن هناك شخصيات وطنية عبرت وجسدت هذا الانتماء الذي أشرت إليه واذا ما رجعنا للتاريخ سنجد الكثير من هذه الشخصيات والتي مازالت حاضرة بيننا بعد أن غيبها الموت لكنها حاضرة في قلوب وذاكرة الشعب اليمني ومن كان عكس ذلك فهو في غياهب النسيان والتاريخ لا يرحم أحداً.. أنا أرى أنه لا وجود لحاضنة صادقة وبيئة ملائمة فهم موجودون لكن الفرصة لم تحن بعد.
< مقاطعاً.. لا تحتاج النخب السياسية الصادقة منحها فرصة بل عليها أن تصرح بما تؤمن به كما فعل كثيرون وغيروا من واقع بلدانهم واصبحوا عظماء لدى شعوبهم؟
- هناك رجال وطنيون اكفاء وساسة يستطيعون قيادة الجماهير لا يمكن أن نقول إنهم خونة ولا وطنيين ولكن لهم مواقف متصلبة ونحن نتابع ذلك سواءً أكان اليوم أو في الأمس.
< اذاً لندع ذلك الأمر الآن ونسألكم حول الاجراءات التي قامت بها أعلي سلطة وهي المجلس السياسي الأعلى في الحد من مكافحة الفساد والذي اصبح غولاً يهدد المجتمع والدولة ككل.. كيف تقرأون هذه الاجراءات؟
- أنا أقول إن هذه الاجراءات فاشلة لأن المعالجة يجب أن تكون جذرية وهناك عوامل سبقتها مهدت لهذا الفساد فمنذ خمسين عاماً لم تكن هناك معايير تختار الكفاءات المخلصة والنزيهة، هذا الكادر بالطبع سيكون صاحب رأي وقرار لذلك يفضل دائماً المجيئ بأشخاص أكثر تبعية واستجابة لمن يقوم بتعيينهم لهذا اذا كانوا جادين فعلاً في مكافحة الفساد يجب عليهم أخذ الناس الانقياء الشرفاء والذين هم كثر وموجودون في بيوتهم بمختلف تخصصاتهم يعطونهم صلاحيات كاملة عندها سترى أن هذه الصلاحيات واختيار الكادر الكفؤ الجيد ستكون له نتائج مثمرة وبداية حقيقية لمكافحة الفساد والقضاء عليه والذي أصبح في كل مكان في مفاصل الدولة أعاق حركتها عن العمل، وسأضرب لك مثالاً بسيطاً في مصلحة الجمارك يقوم التاجر بجمركة بضائعه في عدن وفي ذمار وفي صنعاء أليس هذا فساداً ستنعكس آثاره على المواطن فذلك جريمة وتدمير للبلد من الداخل، هناك من يرى أن ذلك يوفر مزيداً من المال لكن لا يعلم أن ذلك يضر بالاقتصاد الوطني، رأس المال الوطني اصبح في الخارج هناك استثمارات ورؤوس آموال تهرب للخارج، لا توجد بيئة مناسبة لذلك فالبلد بحاجة لاصلاحات جذرية لتهيئة المناخ الملائم للاستثمار والذي سيعود بالنفع لصالح الوطن ويحرك الاقتصاد المنهك فيه.
< كلمة أخيرة تودون قولها في نهاية هذا اللقاء؟
- أرجو أن يعم السلام في اليمن وأن يمد الجميع يده اليه عبر هذا المؤتمر الذي هو ليس مؤتمراً لمنظمة أو جهة معنية أو باسم أحد بل مفتوحاً للجميع.
|