د. عادل غنيمة - جاء قرار حكومة صنعاء بإلغاء التعامل مع العملات المطبوعة من بنك حكومة هادي مفاجئاً ولكن كان قراراً متأخراً كثيراً وان كان قد سبقته تحذيرات متعددة من سلطات مختلفة من حكومة صنعاء للبنوك التجارية وشركات الصرافة والتجار المستوردين ومحطات البترول بعدم التعامل مع العملات المطبوعة ولكن لم يتم اصدار قرار حكومي رسمي بالمنع والتبديل وتحديد مهلة لمنع التداول وهو ماتم تفسيره بالموافقة الضمنية وليس الصريحة بتداول العملات المطبوعة في روسيا والامارات والسعودية..
وقد تم تداول مشكلة طباعة العملة بين العديد من خبراء الاقتصاد والاكاديميين واعتبروا ان طباعة العملة المحلية دون غطاء من العملات الصعبة سوف يتسبب في انهيار قيمة الريال ولم يتم الالتفات لكل الكتابات والتقارير والمقالات التي تم نشرها في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي فقد تم التحذير من تزايد حجم الكتلة النقدية في السوق المصرفية اليمنية وان ماتم اقراره من طباعة للعملة المحلية في روسيا كان بهدف اعدام العملات التالفة واستبدال المطبوعة في روسيا بدلاً عنها وكان حجم المبالغ 400 مليار ريال يمني فقط ورغم موافقة محافظ البنك المركزي آنذاك على طباعتها في سلطة اللجنة الثورية كسلطة امر واقع تمارس السيادة الفعلية على القرار الاقتصادي في اليمن فإن القرار كان قانونيا ومبرراً كبديل للاموال المطلوب اتلافها.. ونحن كاقتصاديين نعلم ان الطباعة لاتتم الا اذا كانت هناك زيادة في الناتج المحلي من السلع والخدمات وللعلم ان اقتصاد الحرب في جعل النمو سلبياً ولايحق للبنك المركزي الطباعة.. والسبب الثاني هو تبديل المطبوع بالتالف واعدام الاموال التالفة وهذا كان السبب الذي استند اليه بن همام واللجنة الثورية في صنعاء ولكن بعد قرار امريكا والسعودية والامارات بنقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن لم تصل الاموال المطبوعة الى صنعاء ووصلت الى يد حكومة هادي..
اذا اردنا معرفة اسباب نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن فإن مقولة السفير الامريكي لوفد صنعاء بعد فشل مفاوضات الكويت قد تحققت بقوله سنجعل الريال اليمني لايساوي قيمة الطباعة التي تطبع به وعلينا العودة الى سعر صرف الريال اليمني قبل نقله من صنعاء الى عدن 245 ريالا بينما وصل في مراحل عدة الى 800 ريال واليوم سعره في عدن يفوق 600 ريال ويتساءل البعض ماهو سبب انهيار الريال هل هي الحرب ام السياسة النقدية التدميرية التي انتهجها بنك عدن التابع لحكومة هادي وبتوجيهات امريكية وسعودية كأحد اهم ادوات الحرب الاقتصادية لكون انهيار الريال اليمني امام العملات الاجنبية نتيجة الطباعة المتواصلة للريال سيؤدي لانهياره مما يؤدي الى تضخم اسعار السلع الغذائية والكمالية لاسيما ان اليمن تستورد 90 بالمائة من السلع الغذائية واحتياجاتها وهو ماتحقق بالفعل بعد اعلان محافظ البنك المؤكزي السابق زمام بأن البنك المركزي قد قام بطباعة 1720مليار ريال يمني مما ادى الى تزايد الكتلة النقدية في السوق المصرفية اليمنية الى اربعة ترليون ريال يمني واكثر ولا توجد ارقام واضحة اليوم عما يتم طباعته منذ اكثر من عام على آخر تصريح لمحافظ بنك عدن التابع لهادي وقد تكون الارقام اكثر بكثير عن الرقم الذي اشار إليه زمام وباشراف امريكي وسعودي واماراتي..
ولذلك نقول تأخرت حكومة صنعاء كثيرا في وضع استراتيجية لمواجهة الحرب الاقتصادية التي يقوم بها العدوان فيما يخص نقل البنك المركزي وطباعة العملة بهذا الحجم المهول في خلال سنتين ونيف ولاندري كم حجم المبالغ المطبوعة منذ عام ايضا لكون الامر يتم بسرية تامة من قبل هادي والسفيرين الامريكي والسعودي وان كان المعلن عنه قد فاق حجم الاموال المطبوعة في عهد صالح مرتين باعتبار ان حكومات المؤتمر لم تطبع اكثر من ترليون وثلاثمائة مليار خلال ثلاثين عاما وبتغطية نقدية من العملات الصعبة كاحتياطي للبنك المركزي في الخارج لمبادلة الاموال المطبوعة من الكتله النقدية للريال بالعملات الصعبة وتغطية فاتورة الاستيراد من قبل بنك صنعاء المركزي طوال هذه العقود كبائع للعملات الصعبة ومشترٍ للعملات المطبوعة ولكن هادي وبنكه المزعوم في عدن كبنك مركزي كان يبيع الاموال المطبوعة ويشتري العملات الصعبة من السوق السوداء وبالتحديد من مناطق المحافظات الشمالية وقد كشف عن ذلك الامر محافظ بنك عدن المعين من هادي حافظ معياد ونشر ذلك الموضوع بالمستندات المؤيدة لذلك ورفعها لهيئة الفساد الوهمية في عدن مما تسبب في اقالته باعتبار ان طباعة العملة وشراء البنك المركزي في عدن للعملات الصعبة من محلات الصرافة كان ضمن مخطط امريكي سعودي ، وأحد اساليب العدوان في الحرب الاقتصادية..
وقد تناقل عدد من الخبراء الاقتصاديين الآثار الايجابية للقرار بعودة الروح للريال اليمني في مناطق حكومة صنعاء وهو ما تشهده السوق المصرفية في صنعاء بتناقص قيمة الدولار الى 565 ريالا يوم السبت الماضي مقارنة بالسعر في عدن الذي وصل الى613 ريالاً يمنياً..
ومن آثاره الايجابية بعد وقف انهيار اسعار الصرف اعادة الثقة لادارة بنك صنعاء للسوق المصرفية ، ومن آثاره الايجابية بعد تحسن اسعار الصرف واستمرار التحسن لاشك أن ذلك سينعكس على وقف تضخم اسعار السلع ان لم يكن انخفاضاً للاسعار على المدى القريب كما ان حكومة هادي سوف تفقد ورقة مهمة كانت في يدها لنهب المال العام وسحب العملات الصعبة من مختلف مناطق اليمن شمالاً وجنوباً بينما تنهب معظم موارد الشعب اليمني عائدات البترول التي يتم توريدها للبنك الاهلي السعودي والمقدرة سنويا "بمليار ومائة مليون دولار وتحت تصرف هادي شخصياً ولايدخل منها دولار واحد للبنك المركزي المزعوم في عدن.
|