عبدالرحمن بجاش - اسم لاتخطئه العين ..اسم لزمن طويل كان يعني " صحيفة الثورة " يوم أن كان" السيكل البيدل " سيارة بورش …ومن تلك اللحظة الى العام 2011م..
اذا شاهدت قبل غروب يوم من ايام مجد الثورة احدهم يسير بسيكله البيدل في شارع القيادة فاعلم أن محمد عبدالماجد يتجه الى بيت التويتي بجانب " التجاره الخارجية " أيامها يكون الزرقة بين الورق ، ونحن نتوزع في الزوايا والاركان : أين انت ياعزي ، امانة اسرع بالماكت ، قد محمد شرف جنن بنا ، وسليمان رايح جاي حاضر يااستاذ ، لايزيد رده عن كلمتين يفرش مما تبقى من اوراق " الرول " ويضع قلمه على الصفحة : خذ يااستاذ ، يلقي الزرقة نظره ، ويناول الحدأ : لاعند محمد شرف ..فيم يواصل العزي وضع ماكت لبقية الصفحات..
اذا شاهدت عند غبش الفجر ظل سيكل بيدل ينهب الأرض حثيثا ، فاعلم أنه الجبري يتجه الى المطابع ليبدأ التوزيع ، الجبري ذهب الى الحج ولم يعد ، اتى فريد " العراسي " ليواصل المهمة ، كان الجبري ولن يصدق احد قد وزع صحيفة الثورة على ظهرحمار!!!..
العريقي بلل كل الاوراق التي صدرت بها الثورة بما تساقط عليها من حبيبات عرق .. كنت اذا اقتربت منه فتفوح منه رائحة الورق والحبر وحب المهنة .. وإن التقيته صباحا فكان يحارب على جبهة اخرى " التربية والتعليم " ليلا ونهارا لايكل ولايمل..
العريقي اكثرنا مهنية ، وافضلنا وعلى كل اصعدة فنون التحرير الصحفي تجده يرفع علمه .. وهو من أسس سكرتارية التحرير .. قاسم مشترك في الصحيفة .. كل من تضيق نفسه لسبب ما يذهب الى مكتبه حيث الجميع اصحاب العريقي..
كان الزرقة وهو استاذ مهنة بامتياز يلقي العبء الى ظهره ويركن .. وعلى الطاولة قبل اجهزة الكمبيوتر فتجد صاحبه من يكمله احمد حسين الاشول والراديو التاريخية التي زجت بهيئة التحرير مرات في سراديب الامن الوطني ، مرة بسبب " حجر الاساس " واخرى بسبب" هافانا عاصمة كمبوديا " وثالثة بسبب " قائدة المسيرة " ، كان احمد الاشول علامة فارقة بقلمه الذي طالما خط به مانشيت الثورة الرئيسي وكل العناوين الفرعية ، هناك كان احمد عبدالعزيز البنا الهادئ ابداً إلا من الشغل يخرج المائدة بمظهرها الاخير، محمد شرف لايذهب الى بيته سوى الخميس..
العريقي سيرة مهنية وانسانية ارتبطت بسيرة الثورة من لحظة أن التحق بها ...ولوكتب احدهم مستقبلا عن مسيرتها سيكون عبدالماجد احد اهم معالمها..
امام المرض ، امام التناسي ، امام التنكر، امام الاهمال ، امام الحرب اللعينة ، لايعود ربما لكل ماقلته وهو قليل، قليل قيمة ..لكننا ندرك أن الرجل ذاك لم يقل عبثاً: لاكرامة لنبي في وطنه..
وفي هذه اللحظة يظل الكلام كلاما تذروه الرياح خاصة عندما يكتشف المبدع انه مكشوف ، ينتظرقدره فقط..
العريقي عانى طويلا وبصمت ، اعتمد على جهده وارادته في مواجهة الفيروس .. لم يشكُ، ولم يئن ، ولم يمد يداً الا لجيبه من جهده وعرقه..
الوجع العام والذي كما يبدو سيطول ، انعكس وجعا خاصا ، فقد هاجم الفيروس كبد الرجل الذي لم يضعف يوما ، ربما تيمناً بالحرب ، حرب تفتك بالجسد الاكبر، حرب اصغر تريد أن تفتك بأنبل مهني الى جانب محمد الزبيدي رحمه الله ، انبل رئيس تحرير عملنا برضا تحت امرته ببساطة فقد كان أباً للجميع .. والعريقي بتحيته " الله يحييك" بها يحتوينا جميعا..
اقولها بالفم المليان : العريقي يعاني .. يعاني حقيقة..
بضاعتنا الكلام ، غير هذه البضاعة لانجد..
لكنها الكلمة..
من ينقذ زميلنا ؟
من يخفف وجعنا بالوقوف إلى جانبه جانبنا؟
من ينتصر للقيم ؟
من يفهم ماذا تعني مهنة الصحافة؟
من يدرك ماذا يعني أن تكون مهنيا؟
من يعرف ماذا مثل لنا ومايزال محمد عبدالماجد العريقي زميل وصديق الجميع ، من لا انتماء له سوى المهنة واسرة رعاها ورباها بجهده وعرقه ومثله العليا..
الوحيد الذي يرفع له الجميع ايديهم بالتحية بدون حسابات الربح والخسارة..
من ومن ومن ..
لله الأمر من قبل ومن بعد .
|