|
|
|
حاوره/ رئيس التحرير - في منزله المتواضع الذي تحتل الكثير من الاصدارات والكتب ذات العلاقة بالوحدة اليمنية جزءاً كبيراً من جداراته ومن الصور المعبرة عن محطات مهمة في مسيرة الوحدة.. حديث عكس أيضاً استشعار الرجل مسئوليته الوطنية والمهنية المرتبطة بمسار الوحدة وحتى اللحظة.. إنه الأستاذ والمفكر والمثقف والوزير والدبلوماسي يحيى حسين العرشي والذي مازال يتمتع باهتمام الرأي العام اليمني.. شخصية جاذبة يحب متابعتها والوقوف أمام رؤاها الوحدوية واستنتاجاتها التي تمثل عصارة لعقليته المتقدة ولسلوكه الوطني الذي لا غبار عليه..
وقد سعدنا كثيراً في أن الرجل قد استجاب لحوار "الميثاق" بعد مرحلة انقطاع له عن الصحافة والإعلام دامت بضع سنوات كما أن إطلالته هنا بـ"الميثاق" وفي حديث مفعم بالشجون عن الوحدة حاضراً ومستقبلاً وفي ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد اليوم والتي تشهد خلالها الوحدة اليمنية التحدي الأكبر في مسارها سيكون لهذه الإطلالة أهميتها لدى جمهور القراء الذي يأنس ويطمئن لكل ما يعبر عنه الأستاذ العرشي من آراء وتطلعات وحدوية وخاصة قضية الوحدة التي تمثل همه الأكبر ويعطيها جل وقته وجهده في الكتابة والتحليل علاوة على أن الرجل وبالرغم من كل ذلك مازال يتطلع لإنجاز مركز لدراسات الوحدة يمثل بأهدافه وأنشطته وفعالياته خدمة للوحدة بما يمكنها من مواكبة التطورات والتحولات والتعامل بثقة مع التحديات الكبرى - إلى الحصيلة:
< هل انتم قلقون على الوحدة اليوم في ظل المعطيات الراهنة؟ هذا سؤال حرص كثيرون على ان انقله لك شخصيا.. ويهم الجميع التعدف على رأيكم؟
- اليمن وقع بالكماشة، اليمن وجد نفسه في حرب ظالمة ليس له فيها ناقة ولا جمل، اليمن يعيش الدماء ويعيش الدمار ويعيش انتهاك سيادته واستقراره وامنه.. هذا هو اليمن اليوم، لا اريد ان ابالغ، وان نقول بأن اي حديث لا يصاحبه دموع على ما وصلت اليه اليمن من ذل وهوان فسيصعب ان يعمد اي حديث بالمصداقية، الوحدة اليمنية او على الاصح استعادة الوحدة اليمنية في الـ22 من مايو 1990م هي الانجاز الوحيد والثابت لثورتي 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م وهو الثابت الذي لا تستطيع اي قوة ان تجهضه او ان تنال منه.
اليمن الواحد هو الوضع الطبيعي لهذه الرقعة الجغرافية صحيح ان اليمن كشعب وكجغرافيا لم نكن عند مستوى اهمية هذه الرقعة الجغرافية... اهميتها، منطقتها اليابسة على البحر، البحر الأحمر وعلى البحر العربي ومضيق باب المندب ولها من الجزر ولها من المواقع الجغرافية الرائعة والمهمة في السلام العالمي وفي المرور العالمي وفي التحرك العالمي عبر التاريخ واليوم للأسف لم نستطع ان نكون عند مستوى هذا الكم الهائل من البعد الجغرافي والتاريخي والاستراتيجي للمنطقة وبالتالي لم نستطع ان نؤسس لدولة تدرك هذه الأهمية ومن ثم تضع الاسس السليمة التي تستطيع ان تسيطر على هذه المناطق ليس فقط السيطرة عليها عسكريا ولكن ايضا ان تطورها وتجعلها في مصاف الاستثمار والاستقرار، واستغلال هذا البعد الاستراتيجي في هذه الاماكن الاستراتيجية وهذا الشريط الاستراتيجي في هذه المنطقة من العالم.
ويضيف: ان تتوحد انسانيا على وحدتها الجغرافية هو الوضع الطبيعي ولكن الاهم كيف نستطيع ان نحافظ على هذا الانجاز وعلى هذا الموقع وعلى هذا الكم الهائل من البعد الاستراتيجي والتاريخي والسياحي، هذا ما يشغل في الواقع التفكير تجاه اليمن وهي في هذا الظرف الصعب، والتساؤل الذي ذكرتموه هو تساؤل مستمر في اذهان الواقع اليمني خاصة حينما، يشاهد الدماء ويشاهد الدمار ويشاهد الاغتصاب سواء أكان ذلك من اخوة لنا او من غير اخواننا حينما يشاهد يتبادر الى ذهنه، كيف لي ان انظر الى سقطرى؟ وكيف لي ان انظر الى المهرة؟ وكيف لي ان انظر الى عدن؟ ومن هؤلاء الذين يثبتون أقدامهم على سيادته وعلى استقراره.. ويصاحب هذه الرؤى المؤسفة والمحزنة، يصاحبها التساؤل وانا لا ابالغ ولكنني اقول ربما تكون هي الحقيقة ان الوحدة اليمنية واستعادتها هي الضامن الوحيد لكي تجد اليمن نفسها في حالة من الامن وفي حالة من الاستقرار وفي حالة من الاستعداد لبناء مستقبل زاهر للجميع، الوحدة اليمنية هي الضامن للاستقرار وهي الضامن لمواجهة هذه العنترة في انتهاك السيادة وانتهاك الاستقرار، لا يمكن ان نقاومها بالبندقية سنقاومها بوحدتنا سنقاومها بتماسكنا، لا ابالغ يا استاذ يحيى حينما اتلقى من وقت لآخر اتصالاً من اخوتي من الاخوة في المهرة ليطمئنوا عن الاحوال ويتحدثوا عن احوالهم.. لا ابالغ، حينما تلقيت اتصالاً من صديق عرفته منذ وقت حينما اجد هذه الاتصالات اشعر بان هذه هي الوحدة حينما يستشعر الانسان في المهرة معاناة الإنسان في صنعاء وعندما يستشعر من هو في صنعاء معاناة من هو في سقطرى هذه الوحدة هي التي ستدفعنا الى ان يتحقق السلام ولن يتحقق السلام من خلال حوار الاطراف المتصارعة على حساب دمائنا، ومراكز القوى التي لا يمكن لها ان تفكر مجرد تفكير بالسلام الا حينما تجد نفسها إما منتصرة او مغلوبة، والى متى سننتظر حتى ينتصر طرف او يتغلب طرف على آخر.. الحوار لن يأتي الا من خلال صوت الشعب، الشعب الذي يدفع الثمن، وهذا ما اقوله باستمرار في اي مناسبة بان صوت الشعب غائب في ان يفرض نفسه على القوى المتصارعة ويفرض نفسه على هذه المعمعة الدولية التي نعتمد عليها وننتظر نتائجها وهي ليست الا مجرد مؤسسات تبحث عن دمار الشعوب وتبحث عن الحروب لكي تستنفد الأموال وتجذب الاموال.
< بالمقابل استاذنا اشرتم الى ان الوحدة اليمنية هي ضمانة حقيقية لليمن، لكن المنطقة ألا تعتبر الوحدة هي الضمانة ايضا للمنطقة؟ ولماذا المنطقة لا تتعامل مع الوحدة اليمنية على انها ضمانة للكل في خلق الاستقرار وتعزيز الاصطفاف بالمنطقة في مواجهة التحديات الكبرى؟
- هذا ما يجعلنا نتساءل ايضا كيف وجدت الوحدة اليمنية نفسها ولم يكن هناك من يثق بانها ستتحقق بحول الله، كل البلدان التي للأسف قريبة منا كانت تراهن على ان الوحدة لن تتم، وحينما تحقق الانتصار لهذا الشعب ساعتها وجدت نفسها مع واقع مفاجئ.. مع واقع استعادة الوحدة اليمنية، وربما هي مقارنة صعبة يعني حينما فكر الألمان ان يتوحدوا كانت بريطانيا وفرنسا صريحة معهم حينما كانوا في اتجاه استعادة الوحدة.. بانكم يا ألمان انتم فقط أتبحثون عن ان تغير عليكم طائرات من جديد.. ولكن الالمان روح الالمان ووحدة الالمان تجاوزوا هذا المنطق وحققوا وحدتهم، وكان الشرق الى المانيا هو الدافع القوي لاستعادة الوحدة الألمانية، فيها شبه ايضا ان اخوتنا في الجنوب كانوا الدافع الأقوى لاستعادة الوحدة اليمنية فكان هذا يشكل مفاجأة للقوى التي كانت لا تجد في الوحدة الا ما يضرها وليس العكس، هم كانوا يرون انه لابد ان ننسج الخيوط التي تساعدنا على الانقضاض على هذه الوحدة وهذا ما عبروا عنه في 1994م، حيث كانت هناك فرصة مناسبة لان نجهض هذه الوحدة ولكن بإرادة الله ثم ارادة هذا الشعب ظلت الوحدة وكانت هي اقوى، وتفاجأوا مجددا بأن الوحدة اليمنية قائمة وما علينا الا ان نتعامل مع الامر الواقع حتى تأتي فرصة جديدة لكي نعمل ما يضر باليمن وما يشتت اليمن وما يدني اليمن، وهذا ما حدث مع الاسف مؤخرا .
< قلتم ان الشعب اليمني يجب ان يكون له دور في الحفاظ على انجازاته وألا ينتظر من المتصارعين أي حوارات معينة وان يكون للشعب دور.. لكن الشعب واضح انه لا يمتلك الاطارات المدنية والابداعية والسياسية التي تمثله في فرض واقع هذ الاشكالية؟
- تماما الدور الشعبي غير مؤطر وهو يقول في نفسه بان كل ما يجري سينتهي، ربما تجد انه يعيش حالة سلبية وهو يشاهد الدمار ويشاهد تكالب القوى عليه ولم يستطع ان يقدم نفسه كقوة وطنية لهذا السبب وهو غياب ما يؤطره، وتجربته في اطاراته الحزبية جعلته لا يتفاءل كثيرا بهذه الاطارات التي كان عليها ان تتعقل في القضية اليمنية وان لا توقعها في الدمار .
مضيفاً: لذلك فهي دعوة دائمة لكل وطني شريف في هذه الساحة اليمنية انه لابد ان يكون هناك صوت يمني صوت شعب، صوت الشعب يقدم نفسه على الاطراف المحلية وعلى الاطراف الخارجية، لأننا في اليمن لا نريد الا ان توقف الحرب ولا نريد الا السلام، وهذا يجعلني اتساءل عن دور المراكز الثقافية وهي غائبة الا ما ندر منها أو ما يظهر منها وحينما نلتقي في بعض النشاطات وآخرها في مركز منارات كان هناك محاولة لايجاد مجتمع واطار مدني يقدم نفسه بغرض تحقيق المصالحة بين الاطراف ومن ثم المضي بهدف كيف يمكن لليمن ان تتجاوز هذا الامتحان الصعب وكيف يمكن ان تتوقف الحرب ويعود الاستقرار فيها باعتبار أن السلام هو المدخل لمن يطمح بشكل او بآخر في العمل السياسي او حتى في العمل الوطني، بان السلام هو المدخل وهو المناخ الملائم لكي يحقق حضوراً، ولا يمكن ان يتحقق حضور بالبندق لا يمكن ان يتحقق حضور بالسلاح ابدا، الحضور لمن اراد الحضور .. عليه ان يسعى للحوار لكي يحقق الاستقرار والسلام.
< بالتالي هناك دور الاحزاب والتنظيمات السياسية، في نظركم لماذا افرغ دورها الوحدوي ايضا،، يعني ظلت حبيسة اجندة ضيقة على حساب قضايا استراتيجية وهي احزاب كبيرة وفاعلة في الساحة لا نجد لها هذا الدور الوحدوي او التفاعل الشعبي مع الوحدة ؟
لا اريد ان أعبر عن لسان هذه الاحزاب ولكننا جميعا نقول إنها وقعت في اخطاء تاريخية فيما يتعلق بقضية الديمقراطية وتجنب ما وقعنا فيه وجدت نفسها او بعضها مرهونة فيه بدون الاختيار ومن ثم لم يعد لها المناخ ملائماً لان تلتقي بسهولة وبيسر وان تحاول قدر الامكان ان تستعيد الحوار فيما بينها ويعلم الله أني سعيت جهدي قبل انفلات الاوضاع وفي هذا المكان المتواضع لأجمع بعض الاطراف لكي تلتقي حول تفاهمات لانقاذ اليمن، نعم كان هذا في مرحلة الاصطفاف الشعبي ولكن مع الاسف كان الشر دائما هو الاقوى وكان قد اخذ على نفسه ان يحضر في الواقع اليمني وان يبعدنا عن الحوار وان يبعدنا عن التفاهم فيما بينهم كاخوة ودخلت اليمن في هذا الظلم الفادح، وللاسف بانه ظلم فادح ليس في الدماء والدمار ولكن ايضا في النسيج الوطني، النسيج الوطني حينما تحضر اللغة، لغة المذهب او لغة المناطقية او لغة التحزب حتى حينما تحضر هي تشتت ولا توحد.
< ايضا هناك، باعتبارك الشخصية الوحدوية الجاذبة للرأي العام، والرأي العام هذه الايام يتحدث عن مشاريع تطرح حول الوحدة، الحديث عن اقاليم.. كيف تنظر لهذه المشاريع وما رؤيتك لها؟ هل تمثل استجابة حقيقية لمطلب يمني ملح؟ وهل هي نتاج لعدم تطور مسار تصحيح مسار الوحدة وان هناك تراكمات تكونت بفعل عدم الاصلاحات اولاً بأول فوصلنا الى هذه الاطروحات؟
- دعني اقول بان فشل المركزية كان سببا قوياً، وهذه المركزية التي حملت ما حملت هي اصلا لم يتحقق لها النجاح بحيث نستطيع ان نقارن ونقول المركزية واللامركزية ذلك ان الشعوب المتقدمة هي التي تكون المركزية من اللامركزية وليس العكس كمعادلة علمية، فالواقع اليمني كما قلت لكم فشلت المركزية وفشل عطاء التنمية وهو المدخل الوحيد والاساسي، عطاء التنمية لم يتحقق وانا اقولها بصراحة بانه لم توجه الاموال، والاموال التي ارادها الله لنا، ظهور البترول مع ظهور الوحدة لم نوجهها لصالح التنمية ولم نوجهها لخير الناس لم نحسن ان نحمد الله على هذه النعمة ونجدها في مدرسة وفي طريق وفي سدود وفي مشاريع هائلة على مستوى كل اليمن، وذهبت كل الاموال أو جُلّها الى جيوب الفاسدين ولم تذهب لإزالة معاناة الناس وابرز معاناة كان علينا ان نوجه الاموال للاستثمار فيها، مشروع محو الأمية، يؤسفنا جدا ان الامية في ازدياد في اليمن نسبة الارتفاع من الصغار وليس من الكبار ، وهذا دليل بان فشل محو الأمية وعدم الضخ المناسب لكي نحقق هذه القاعدة الاساسية وهي قاعدة محو الامية ويليها قاعدة التعليم الكفؤ والتعليم الذي يكوّن لدى الفرد اليمني معارف، معارف وطنية ولهذا عندما تجد ابن الوحدة اليمنية بعد ثلاثين سنة من مضيها (تقريباً) لم يكن على علم كيف كان عليه الحال قبل الوحدة، هل هذا قصور في التعليم، ليس قصور غياب في التعليم بل غياباً كاملاً في التعليم بان القضية الوطنية ليست حاضرة في قضية التعليم، ليست حاضرة في المدرسة وليست حاضرة في المنهج وبالتالي ظهر الجيل وهو لم يدرك الواقع المأساوي قبل الوحدة وبالتالي جاءته افكار تجعله يعتقد ان البديل للوحدة هو ما يمكن ان يوفر له الخير.. لا ابدا، حتى لو كان على مستوى كل قرية أو دولة وهي فاسدة لا تستطيع ان تقدم خيراً، وتجربة المجالس المحلية كان عليها ان تكوّن هذا البعد الوطني بتقديم الخير ولكن بعض التعامل مع هذه التجربة تجربة المجالس المحلية وضعف ايضا مع التجربة الديمقراطية بدليل ومن اسباب الضعف اخترنا من يكون في مجلس النواب وليس الناس واخترنا من يكون في المجالس المحلية وليس الناس واخترنا من يكون المحافظ المنتخب وليس الناس، هذا التعامل المزدوج في الصورة وفي الفعل لا يمكن الا ان يعطي هذه النتيجة بان تنهار الدولة وينهار كل مكسب مع الاسف الشديد، هذا ما وقعت فيه اليمن. وكذلك التجربة الرائدة التي هي كانت جوهر الوحدة اليمنية وهي الديمقراطية والتعددية السياسية، وتعدد الصحف والرأي والرأي الآخر هو ركيزة مهمة للوحدة اليمنية ولاستقرار الاوطان والشعوب ولكن للاسف تم التعامل من داخلها بدون ديمقراطية وفي نفس الوقت تجزأت حتى الفصائل التي كنا نعتقد انها يمكن ان تكون متماسكة، تجزأت الى عدة اجنحة وكل جناح ابتغى مصالحه على حساب المصالح الوطنية العليا، هذه من الاخطاء التي سببت هذا الانهيار وهذا الضعف وهذه الحرب.
< وهل مشهد الاقاليم مفيد للبلاد؟
نعود الى سؤالكم في هذه النقطة عن حالة الوعي التي تعطي النتيجة بمعنى حينما تقدم على خطوة واعية بدون عُقَد مسبقة وبدون تحفظات غير مدروسة، تجعل من هذه الخطوة بعبعاً مخيفاً ومقلقاً والبدائل كثيرة فيما يتعلق بإدارة الشعوب يعني ليست بعيدة المنال فبإمكاننا ان نرتب القميص المناسب لنجعل من الدولة هي المواطن والمواطن هو الدولة، يعني لا نوجد هذه الهوة الكبيرة بانه موظف في حضرموت يراجع الترقية هنا في صنعاء، واتذكر عندما كنت وزير الخدمة المدنية تركنا الصلاحية لكل مديري العموم ان يوافقوا على التوظيف ويوافقوا على الدرجة طالما وهي في ميزانيته ولم يأتِ الى صنعاء من هو في عدن ولا من هو في حضرموت ولا من هو في المحويت، ميزانيته عنده وفقا لما هو موجود في المالية وما على المالية إلا ان تعتمدها على حسب ما هو في الميزانية، بمعنى ان الاسس في الميزانية هي التي تحدد الضوابط للتعامل معها، وعزز من الجهات الرقابية انها تراقب المخالفات وتتعامل معها، ولهذا عندما كنت في الخدمة المدنية ايضا آخر ما وصلت اليه انه ليس بالضرورة ان تتعامل وزارة الخدمة، مع الميزانية بصورة مركزية شديدة من اختصاص الجهات بمعنى انه يمكن ان نرتب اوضاع الادارة الذاتية للمناطق بما يتناسب معها وطبيعي ان يكون للمناطق البعيدة كلها نظام معين وهكذا وأذكر أني سُئلتُ وابديت رأيي اثناء مؤتمر الحوار هنا قلت له ممكن ان يكون هناك مقر لدولة الوحدة ان نبني مدينة خاصة بإدارة البلاد وهي دولة الوحدة اليمنية وبالتالي المحافظات نعطيها صفاتها نعطيها استقلالية ويكون لها مؤسساتها المنتخبة ويكون لها مؤسسات المراقبة لِمَ لا؟ لماذا نحصر انفسنا في قميص لا نستطيع ان نتحرك فيه؟ او انه قميص فضفاض لا نستطيع ان نحقق شيئاً فيه، فالتفكير في هذا بمنطقة كيف تستطيع ان يكون هناك نظام، ما هو الدور لعدن وما هو الدور لتعز وما هو الدور لصنعاء وما هو دور المكلا وما هو دور المهرة، نعيد النظر في هذا بعلم وبأرقام، بأرقام سكانية وبأرقام المسافات ومن ثم تضع لها الدولة، نضع لبلادنا ما يناسبها وما يحقق هذا الارتباط الوثيق بين الناس وبين مصالحهم وادارتهم.
< كان الشيخ صادق بن امين ابو راس اعلن قبل اربعة اشهر في احدى المناسبات انه من ضمن الرؤية التي يراها المؤتمر الشعبي العام، او يسعى هو شخصيا بارتباطه بالادارة المحلية، الى فكرة ان يكون هناك حكم محلي كامل لجميع المحافظات كواحدة من المعالجات، بخبرتك الوحدوية كيف تنظر لهذا ؟
- التفكير في ان تكون المناطق التي لها ما يديرها وما يحكمها هذا هو منطق العصر ، وان الميزانيات والخطط هي التي تحكم في برامج هذه الجهات وهذه الجهة تكون معنية بتنفيذ ما يخص مناطقها، طبعا انت حينما تدير عن قرب شأن المنطقة، بالتأكيد تحت اي مسمى أكان حكماً كما ذكرتم او غيره بالتأكيد هو الافضل خاصة في ظروف حاجة المناطق وحاجة البلاد، لا يجوز ان نبقى متمسكين بمسميات او بهيكل اداري معين للدولة يجب اعادة النظر بما يتناسب مع الظروف وما يتناسب مع الحاجة، وبما يتناسب مع الثروة والتي ربما تكون هنا ثروتها من نوع معين بترول ونفط وغيره وهناك ثروتها بشرية وغيرها زراعية أو مائية، لهذا لابد ان يعاد النظر بهيكلية الدولة بما يتناسب مع التطلعات وهو الكفيل اليوم بان نقدم على الحوار وان نقدم على الاستقرار ان يكون لدينا هذه الخلفية لمستقبل اليمن .
< الحفاظ على الوحدة من خلال ما استشفيت من كلامك، هو الحفاظ على اليمن، هل ترون معالي الوزير الحاجة باتت ماسة لعقد مؤتمر وطني شامل تشارك فيه كل الفعاليات للنظر في قضية الوحدة التي تصب في القضية اليمنية؟
- بطبيعة الحال يجب ان يتحقق بدايةً ايقاف الحرب ومن ثم السلام نعيش السلام ثم من خلال هذا السلام بعيدا عن البندقية وبعيدا عن فرض الرأي بالقوة، لابد ان يكون هناك تكامل في البلاد لقاء شعبي شامل لكل ابناء اليمن لمزيد من وضع ما يناسب اليمن ومن ثم المضي في هذا الطريق وانا معكم بان الاتجاه الى اقامة مؤتمر فاعل شامل بالتأكيد سيكون له نتائج اجتماعية على مستوى الوطن ومن ثم نعيد النظر في السياسات والمخرجات السابقة، وهذا ليس قرآناً وعلينا ان نجدد من رأينا فيما يتعلق بإدارة الشأن اليمني ان نجدد مما يمكن ان نطلق عليه اعادة النظر في هيكلية الدولة بشكل عام على المستوى الوطني وبالتالي المؤتمر - اللقاء الشعبي الواسع طبعا بين الشرائح وبين النقابات وبين المؤسسات وبين الناس في مختلف انحاء اليمن لو تحقق هذا بأمانة ومن ثم مخرجاته فهي التي ستضع اليمن في مستقبل آمن.
< كيف للاطارات المدنية أن تهيئ لدور نخبوي فاعل كهذا؟
- هناك جهد وإن كان متواضعاً في منارات وغيرها من المراكز ولكن للاسف قليلة هي في الساحة اليمنية، وايضا صوتها مازال مكتوماً وهناك ما يسمى باللقاء المدني ولقاء المؤسسة المدنية وقد عمل جهده فيما يتعلق بحل مشكلة المتقاعدين وحقوقهم وسعى كذلك لمحاولة تحقيق الاستقرار في تعز لإزالة ما بين جبهتي تعز، ولكن الخطوات مازالت محدودة والطموح اقوى وهي دعوة من خلالكم الى أن المجتمع المدني لابد ان يشكل حضوراً في هذا الوقت وان يتجرد من العصبية ومن التقوقع بأي شكل من الأشكال ونأمل ان تنظر الاطراف المعنية اليه باطمئنان وان لا تعتقد انه ضدها بشكل او بآخر بل العكس هو يساعد على ان تكون الرؤية الوطنية هي السائدة وهي الحاضرة ومن ثم كل الاطراف المعنية هم في نهاية الامر يمنيون كل من يتصارع هم يمنيون والدماء من اليمن وبالتالي لا يعني هذا انه الشجب على فصيل او شطب فصيل بدون حق، لا ابداً هو استرشاد لخير اليمن ومصلحة اليمن وعلى كل طرف ألا يعتقد انه سيستطيع ان يحقق انتصاراً بدون الشعب.
< سيدي لتأخذ الوحدة اليمنية بعدها العربي هناك وحدويون في المغرب بالمشهد العربي يكتبون عن الوحدة اليمنية يتصلون لنا، الا توجد عملية الاتصال بين وحدويي اليمن وهذه النخب العربية؟ ما اسباب هذا الانقطاع؟
- نعم مليون نعم بانه الرقم الواحد لليمن الواحد باستعادة الوحدة اليمنية شكل حضوراً قوياً جداً على مستوى الساحة العربية والساحة الدولية، النظرة الى اليمني بعد الوحدة اختلفت حتى عن النظرة التشطيرية التي كانت قبل الوحدة ومن ثم هي ما زالت فعلا الآن على هذا النحو، وبمعرفتي في المغرب العربي وقد عشت فيه لسنوات طويلة في المغرب وتونس وفي شمال افريقيا من موريتانيا الى السنغال الى غينيا، يجدون في الوحدة اليمنية قوة هائلة وينظرون اليها باحترام ومن حولنا كذلك ينظرون اليها باحترام ولكن بمخاوف ليس هناك ما يبررها ولكن مع هذا لا نستطيع ان نقول بان الكويت الا مع وحدة اليمن وسعت بكل مسئولية قبل الوحدة وبعدها الى ذلك، وانا عشت سنوات في قطر وكانوا يقفون الى جانب الوحدة اليمنية، قد يكون لهم خلفية اخرى فيما يتعلق بنظرتهم بعد اليمنيين ولكن علينا أن نعمل بالظاهر انه هكذا وحدة اليمن، وكانت الامارات هكذا أيضاً قبل حرب الخليج لكن بعد حرب الخليج ربما فسر الموقف بتفسير اكثر مما يستحق، نحن الذين نستطيع ان نقول للآخرين نحن اليمن وهذه وحدتنا وهذه علاقتنا معكم وهذه قراراتنا السياسية تعبر عن نفسها بانها ليست ضد احد.. لم تعرف اليمن بانها صدرت المتاعب لأي قطر من الاقطار ولا لجهة من الجهات، اليمن دائما تنظر بعقلانية في التعامل مع الآخرين، ومازالت بحاجة لهم ونرجو ان يكونوا في يوم من الايام هم بحاجة الينا ليس لكي نعطي فقط ولكن لكي نؤمن الاستقرار في المنطقة نحن بهذا الموقع الاستراتيجي بهذا الزخم النمو السكاني بهذه النفسية اليمنية الطيبة نستطيع ان نواصل عطاءنا.. نحن بجهودنا نشأت تطورات في منطقة الخليج بسواعد ابناء اليمن كما لاحظتم كمغتربين فكانوا في الخليج، في قطر وغيرها نجدهم خير مثل للإنسان المستقيم، للإنسان الذي يعطي ويحافظ على النظام الذي يعمل فيه، انضباط اليمني في الخارج مليون مرة على انضباطه في الداخل.
< اذكر وزير خارجية كوريا الجنوبية عندما زار اليمن بعد الوحدة ببضعة اشهر من قيامها زار تعز ومناطق التماس وقال لماذا لا يقام في هذا المكان الذي يربط بين الشطرين بانوراما تحكي للاجيال معاناة الشعب اليمني اثناء التشطير وان تكون البانوراما كمتحف يحوي صوراً فوتوغرافية وكتباً واصدارات، انطباعات ومذكرات تحكي للاجيال هذا ؟
- نعم كان من حسن حظي اني زرت كوريا الشمالية والتقيت بالرئيس كيم إل سونج، والتقيت رئيس كوريا الجنوبية، كوريا زرتها مرات لاحقا وقدمت محاضرات عن تجربتنا في الوحدة اليمنية، وكتاب »اليمن الواحد« ترجموه الى الكورية ونشروه، حتى الرئيس السابق تم تقديم تجربة اليمن له فيما يتعلق بالوحدة اليمنية، وهم ينظرون اليها بمنظار واعٍ، ينظرون الى الوحدة اليمنية بانها مكسب كبير، وهم متواضعون لا يلغون من تفكيرهم الاستفادة من تجربة اليمن بدليل ترجمتهم لكتاب »خطوات الوحدة اليمنية« واستضافتنا لالقاء محاضرات في الجامعة في كوريا الجنوبية.
وما يتعلق بإنهاء منطقة الشطرين السابقة كما تلاحظون صور ازالة البراميل، كانت اول ما بدأت الفكرة في الواقع مع القذافي وقال -وكان الحديث معه هنا في صنعاء وفي الجنوب قبل الوحدة وانا من الحاضرين- سنبني في هذه الاطراف مدينة الوحدة تكون هي علماً من معالم اليمن في هذه المنطقة معلماً وحدوياً، وكنا سعداء بهذه الرغبة وعندما تمت الوحدة وجاء الى هنا القذافي والتقينا معه، ودخلنا بالموضوع في القصر الجمهوري قلنا له الآن اخوتنا من الجنوب من المسئولين في الجنوب جاءوا الى صنعاء وما فيش سكن وقد تم استئجار مبانٍ كثيرة لماذا لا تبني او تتولى مشروعاً منها حي سكني هنا لاخواننا وفعلاً تبناه وهو الآن في ثلاث جهات واعتبر انه عوضاً عن المدينة التي كانت ستُبنى في ما بين الشطرين.. ولكن مع هذا تبقى هذه الفكرة، يعني هذه الفكرة ستشرف اليمن وتشرف الريال اليمني وامكانات اليمن والجهد اليمني حتى لو تُبنى هذه المدينة بارادات شعبية في هذه المناطق وألا تبقى هكذا معرضة فقط للدمار.
< ندوة تعدو لها او فكرة معينة تحبون التعامل معها قريبا، ذات علاقة بالوحدة اليمنية؟
- دائما كما قلت لكم ظروف الحرب هذه تشكل عقبة امام اي جهد او اي محاولة كظروف حرب وظروف استثنائية، دمار ودماء، بحث عن المعيشة، وبحث عن مصدر رزق، والبحث عن بصيص من الكهرباء، او اسطوانة الغاز -والنت ايضا هههه- ولهذا وجدت نفسي في حالة استنفار كي استعيد تجميع وثائقي واصدر ما اصدرته خلال هذه السنوات يعني ما اصدرته في هذه الكتيبات التي يسعدني ان اقدمها لك، كلها ذات اتصال بالوحدة اليمنية وبما انا عاكف عليه لكي اقدمه من جديد كتجربة اليمن فيما يتعلق بالوحدة اليمنية وفيما يتعلق ايضا بالمراحل السياسية التي عاشتها اليمن بدءاً من 1962م ومروراً بنوفمبر وبالثالث عشر من يونيو وهكذا الى مايو عام 1990م، ومع ذلك تظل الفكرة هذه التي ذكرتموها مهمة واتذكر انه قبل سنتين أو ثلاث دعيت الى المغرب بصفتي رئيس جمعية الاخاء المغربية اليمنية واقيمت ندوة في المغرب وكان لي شرف الحضور فيها وكانت متعلقة بالوحدة اليمنية ولهذا تجد ان ذلك مهم، لان بلاد المغاربة فيها كثير من الاصدقاء الذين يجدون في الوحدة اليمنية انتصاراً للشعب اليمني وانتصاراً للحق اليمني.
< إذاً دخلنا عام 2020م، فما توقعاتك، امنياتك لهذا الشعب في هذا العام؟ وماذا تقول ايضا لمختلف القوى الوطنية ونحن نسير باتجاه رغبات يعبر عنها المجتمع الدولي لإيجاد حلول ومخارج للازمة؟
- أرجو من كل جهد على المستوى الفردي وعلى المستوى التنظيمي وعلى مستوى الفئات وحتى على مستوى الفئات المتصارعة ان يجنحوا للسلم هذا اولاً.. السلم هو القاعدة الاساسية التي لابد ان نسعى لها.. نرجو في هذا العام ان يشهد الوطن غياب الحرب ونهايتها إن شاء الله وان نذهب للسلم، ومن السلم ننطلق آفاقاً واسعة لمستقبل اليمن وكيف يمكن التعامل مع كل الاطروحات على المستوى اليمني، ومن ثم على من حولنا.. عليهم ان يدركوا ان السلم في اليمن والاستقرار في اليمن هو استقرار لهم، وألا يعتقدوا ان تخريب اليمن هو استقرار لهم، او ان تخريب اليمن هو تحقيق لانتصار ولمصالح.. ابداً.
أرجو أن يكون هذا عام السلام لنا ولمن حولنا وللآخرين البعيدين منه، وعلى المصالح الدولية البعيدة جدا ان تنظر الى اليمن بمنظار أن مصالحهم من خلال السلم، من خلال التعاون الثنائي وليس من خلال الصاروخ.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|