موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
مقالات
الميثاق نت -

الإثنين, 03-فبراير-2020
زيد‮ ‬بن‮ ‬علي‮ ‬الوزير -
عندما يسمع كثير من الناس كلمة "اللامركزية" فإن حروفها ومعانيها تتحول في أذهانهم إلى ضجيج أبكم، وإلى أصوات مشوشة لا تمكنهم - في النتيجة- من قراءة دلالتها الحقيقية، وإنما يقرأونها وكأنها محاولةً لتفكيك نظام مقدس ترسّخ في أذهانهم.
وأكثر من ذلك ضجيجا وتشويشا عندما يقرأون كلمة "فيدرالية"، فهنا في الحالتين يستبق إلى أذهانهم فهم مغاير لما ألفوه ، وما اعتادوا عليه، وما تمسكوا ويتمسكون به، أي أنهم ببساطة متناهية يجهلون حقيقتيهما، ومن ثم فلا غرابة أن يرفضوهما، ولا غرابة أن يشنوا عليهما حربا‮ ‬لا‮ ‬هوادة‮ ‬فيها،‮ ‬وقديما‮ ‬قالوا‮: ‬الإنسان‮ ‬عدو‮ ‬ما‮ ‬يجهل‮.‬
ولأنهم يجهلون- والبعض منهم يتجاهل- فقد اعتقدوا -جهلا أو تجاهلا- أن "اللامركزية" و"الفيدرالية" تفكيك لـ "نمط النظام السياسي المقدس" المسكون في أعماق النفس، وباطن الوجدان الجمعي، منذ آلاف السنين، أي منذ ذلك اليوم الذي حُوِّر فيه نظام الخلافة الراشدة المدنية إلى خلافة دينية، وتم إخراجها من "أصول الفقه" -حيث للاجتهاد فيه مسرح واسع-، إلى "أصول الدين" حيث لامجال لأي اجتهاد، وعلى مدى أعوام طوال تعتق هذا النمط-بواسطة "علماء السلطة"- في بوتقة التديين حتى انصهر فيها، وبات جزءا منها، وأصبح بالتالي مستمسكا دينيا مصاغا بروحانية‮ ‬خادعة‮.‬
ادعى "الخلفاء- القياصرة" أنهم "خلفاء الله" فانبرى "فقهاء السلطة" "فادخلوا نظام الخلافة السياسي" في إطار المقدس، واعتبر الخليفة خليفة الرسول او خليفة الله يقوم مقامه على حراسة الدين والدنيا، عبر سلسلة من الادعاءات الجوفاء، بالرغم من ان "الصحابة" كانوا قد سموا "أبا بكر" بالخليفة، إلا أنهم سرعان ما تخلوا عن هذه التسمية-التي قد توحي وكأنها امتداد لتمثيل النبوة - إلى تسمية جديدة هي "إمرة المؤمنين" التي تلقب بها الخليفة الراشد "عمر بن الخطاب" والتي هي تسمية تعزز حق الإنسان في اختيار نظامه، ومراقبته وعزله، لأن المؤمنين هم الذين يختارونه وهم الذين يعزلونه، فهو يأتي إلى هذا المنصب عن طريق الاختيار، ويروح بنفس الطريق، وليس عن طريق نص قرأني ولا نبوي ، ولكن "فقهاء السلطة- وبذكاء انتهازي- تمسكوا بهما معا بالخليفة و"الخليفة القيصر" واخضعوا المدني السياسي للمقدس، وخلطوا الأوراق، وجعلوا نظام "الخلافة المدني" في "العهد الراشدي" القائم على العقد والاختيار يتماهى مع نظام "الوراثة القيصري الكسروي" القائم على القهر وغلبة القوة، وبالرغم من التباين الصارخ بين نظام المدينة المدني وبين نظام دمشق وبغداد القيصري الكسروي، فقد اكتسب هذا التحوير‮ ‬هو‮ ‬الآخر‮ ‬نفس‮ ‬القداسة‮.‬
بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك عندما سمي ملوك المسلمين انفسهم بخلفاء الله وليس فقط بخلفاء رسول الله، وإذا عن لأحد ان يشك في أن "معاوية" كان اول من أطلق على نفسه لقب خليفة الله، فإن دينارا مسكوكا ما بين العامين 75و 79ه/ 694و698م عليه صورة "عبد الملك بن مروان" تؤكد وجود هذا الادعاء الهائل، فقد كتب أسفل الدينار المسكوك: خليفة الله عبدالله عبدالملك بن مروان.. فلم يعد أدنى شك في أن هذه التسمية قد وُجدت منذ زمن مبكر، وأن تقديس النظام السياسي بلغ ذروته منذ زمن مبكر أيضا، وأنه قد حجب بكل قسوة "مدنيّة النظام". ومن ذلك اليوم وحتى الآن اقتبست الأنظمة المغتصبة هذا التراث المقدس وتلفعت به ولبسته قميصا وهبها الله، وما وهبه الله لا ينزعه البشر، وعلى أساس هذا التزوير مضت اجيال واجيال حتى تلقفتها ما تُسمى-اليوم- الجمهوريات العربية.
بهذا المسكون التراثي المتدين أصبح هذا النمط من الحكم في مستوى من القداسة لا يقبل فيه نقاشا، بل اعتبر الاقتراب منه لكشفه محرما، والخروج عليه خروجا على الدين، وبسبب هذا المذخور اعتبروا "اللامركزية" و"الفيدرالية" نوعا من هذا الخروج على نظام الإسلام، ومن ثم يقفون منها موقف العداء. وكما اعتادوا في الماضي على تكييف القداسة مع أوضاع مختلفة ومتضادة وإلباسها ثوبا واحدا عبر تحايل لفظي ابتدعوا شعارا آخر يحمل مضامينه لصيغة مخالفة؛ فبعد شعار "خليفة الله" رفع شعار "سلطان الله" عندما أصبح السلطان هو "ولي الأمر" واصبح لسلطان‮ ‬الله‮ ‬حقوق‮ ‬وصلاحيات‮ ‬خليفة‮ ‬الله‮ ‬المقدسة‮. ‬وهكذا‮ ‬تكرس‮ ‬التديين
لابد من الاعتراف بأن عند "فقهاء السلطة"، قابلية التكييف مع أي نمط يحكم ليمنحوه - عبر هذا الـتحايل اللفظي- هذا المعنى نفسه الذي يستبقي الأشياء في قوالب التقديس، وعندما تواجهوا مع "اللامركزية" و"الفيدرالية"-في اليمن خصوصا- عمدوا إلى نفس النغمة فوقّعوا عليها ليهربوا من تطبيقهما على حقيقتهما، ويمنعوا أن يكون للإنسان دوره الأول في اختيار نظامه، لأن النظام قد فرضه الله ومن ثم فلا حاجة لنظام البشر ومن هنا يُطرح "الحكم المحلي الواسع الصلاحيات" محل "اللامركزية" ليتفادوا تطبيق قوانين اللامركزية على حقيقتها من نقل السلطة‮ ‬من‮ ‬الفرد‮ ‬إلى‮ ‬الأمة‮ ‬عملا‮ ‬بقوله‮ ‬تعالى‭{‬ولتكن‮ ‬منكم‮ ‬أمة‮ ‬يدعون‮ ‬إلى‮ ‬الخير‮..‬
لا اعتراض على تسمية "اللامركزية" بـ "الحكم المحلي"، فهي ترجمة أخرى "لللامركزية"، لكن عبارة: الواسع الصلاحيات هي التي تثير الشك، فلماذا لا يكون التعبير هو "الحكم المحلي المطلق الصلاحيات" ؟ لماذا استبقاء محاذير مبيتة داخل تعبير الواسع الصلاحيات؟، لماذا لا يقال: كل الصلاحيات الخاصة به. أما ذلك الطرح فهو يستبقي شيئا لتهديمه من داخله، كما تفعل السوسة الكامنة في الحبّة. وإذن فان القضية ليست في التسمية، ولا في الشكل، وانما في المحتوى، إلى ذلك فهم لم يطرحوا حتى الآن محتوىً "للحكم المحلي الواسع الصلاحيات" سوى الاسم ، ولو طرحوا هذه الصلاحيات الواسعة بدون تحايل لوجدوا انفسهم في قلب "اللامركزية"، ولكنهم لم يطرحوه بالشكل العلمي، ومن ثم فهم يستبقون الصراع ليدور حول الشكل بعيدا عن تلمس الجوهر، وتظل المعركة تلوك القشور، وإذن فلا خلاف على "الشكل" ولا على "التسمية"، وإنما على "المضمون" و"المضمون" عندهم ما عبر عنه بعضهم عندما نظر إلى ثورة الشباب المدنية فلم يحد فيها إلاّ عودة إلى الخلافة الإسلامية كما طبقت من بعد الخلافة المدنية-في طقوسها الدينية التي ألفها فقهاء السلطة ورعايا الفقه الجاف.
إذاً هناك عائق من تراث "فقهاء السلطة" السياسي يحول دون رؤية "اللامركزية" و"الفيدرالية" على حقيتهما. والغالب على المعترضين عليهما هم "تلاميذ" ثقافة فقهاء السلطة قديما وحديثا، و"رعايا" فقهٍ مجدب، ومن هنا يجب توضيح خطأ وخطر ما قام به "فقهاء السلطة" من جريرة ارتكبوها بلَيْ "النظرية الإسلامية المدنية" الراشدة والرشيدة، والتاريخ يُرينا-إذا تمكنا من إزالة ركام التحريف الهائل- أن نظام الخلافة نظام مدني لا ديني فالخليفة "أبو بكر" انتخب من قبل "أهل المدينة" بعد حوار عنيف فرضته الأكثرية وأطاعته الأقلية أي أنها قامت باختيار أكثرية المسلمين عن قناعة ناتجة عن حوار، وليس عن نص قرآني أو نبوي، فالنبي لم يرشح خليفة ولم يوص إلى خليفة، وإنما ترك الأمر شورى بين المسلمين، وهكذا تم انتخاب الخليفة "عمر" و"عثمان" و"علي" من قبل الناس، ولما توسعت الفتوح نشأ ما يسمى بــ "نظام الولايات"‮ ‬ومنحت‮ ‬هذه‮ ‬الولايات‮ ‬صلاحيات‮ ‬واسعة‮ ‬من‮ ‬حقها‮ ‬البت‮ ‬فيها‮ ‬بدون‮ ‬العودة‮ ‬إلى‮ "‬المدينة‮" ‬إلا‮ ‬إذا‮ ‬لم‮ ‬يتفق‮ ‬الناس‮ ‬على‮ ‬حل‮ ‬لمستجد‮ ‬طرأ‮.‬
وإذن فإن المستجدات كانت تفرض عليهم حلولا جديدة يستوحون فيها الثوابت ويجتهدون بما يتوائم مع المصلحة العامة، وما دام "الصحابة" قد أجازوا ومارسوا المستجدات، وأوجدوا الحلول المدنية، فلماذا يُحرّم -أو بتعبير أخف لهجة: ما الذي يمنع- مواجه المأزق السياسي والاقتصادي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬في‮ ‬زمن‮ ‬الإنجازات‮ ‬المتلاحقة‮ ‬بما‮ ‬يتلائم‮ ‬مع‮ ‬إنجازاتها‮ ‬الهائلة‮ ‬كـ‮ "‬اللامركزية‮"‬،‮ ‬و‮"‬الفيدرالية‮"‬،‮ ‬وما‮ ‬كان‮ ‬آنذاك‮ ‬صلاحيات‮ ‬واسعة‮ ‬يصبح‮ ‬اليوم‮ - ‬بقانون‮ ‬التطور‮- ‬صلاحيات‮ ‬كاملة‮.‬
عندما أوقع الخليفة "عثمان" نفسه وبسبب شيخوخته وطيبة قلبه- في فخ تديين حكم الخليفة ابتدأت السوسة السياسية تنخر في "جسم المدنيّة" ذلك أن التدبيرات التي نسجها اللوبي الأموي بدأت تظهر على السطح، مما جعل كبار "الصحابة" يدخلون معه ومع اللوبي في جدل عاصف، وكان كلما يقبل نصحهم يعود اللوبي فيصده عما قبل به، ثم تقدم الثائرون فطلبوا منه الاستقالة فأجاب بجواب يخالف العقد الاجتماعي الذي بويع عليه، فقال: ماكنت أخلع قميصا ألبسنيه الله، والله جل جلاله لم يلبسه قميصا، ومن ثم فتح هذا التعبير الطريق إلى التديين. والخليفة يعرف، والصحابة يعرفون أنهم هم الذين اختاروه، وأنهم هم الذين بايعوه، وهو يعرف وهم يعرفون أنه إذا خالف ما بايعوه عليه فلا طاعة عليهم له، فلما خالف -أو خالفت بطانته باسمه-وطالبوه بالاستقالة انسجاما مع ما عاهدوه عليه، حوَّل القضية- أو حولوا له القضية- من عقد اجتماعي‮ ‬جرت‮ ‬مبايعته‮ ‬بموجبه‮ ‬إلى‮ ‬قميص‮ ‬البسه‮ ‬الله،‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬للأمة‮ ‬أن‮ ‬تخلعه‮ ‬عنه‮. ‬وهكذا‮ ‬غدا‮ ‬هذا‮ ‬القميص‮ ‬درعا‮ ‬حديديا‮ ‬يقي‮ ‬صاحبه‮ ‬أي‮ ‬ضربة‮ ‬حاسمة‮. ‬لقد‮ ‬غدا‮ ‬بحق‮ ‬قميصا‮ ‬من‮ ‬نار،‮ ‬شوى‮ ‬النظرية‮ ‬المدنية‮ ‬شياً‮.‬
وإذاً ما دمنا نعرف ان النظام السياسي الإسلامي نظام مدني أي عقد اجتماعي، وليس من "أصول الدين" فللناس أن يجتهدوا في تطويره وتحسينه، لا في الانتكاسة به ، ولا بالتمسك بأنه من "أصول الدين" ولا بالمكابرة على تبرير تشوهاته وتزويق ندوباته وصبغه بالوان زاهية، لتخفي‮ ‬رمة‮ ‬متعفنة‮.‬
لكي نفهم "اللامركزية" و"الفيدرالية" على حقيقتها ينبغي أن نتبين حقيقة النظرية السياسية التي ابتدعها "الصحابة" لأنفسهم "يوم السقيفة" وتعهدها "علي" و"عمر" و"ابن عبد العزيز" بالخصب والنماء باعتباره عقدا اجتماعيا متطورا، وليس ركنا دينيا متجمدا لا يجوز فيه اجتهاد‮ ‬ولا‮ ‬إضافات،‮ ‬لقد‮ ‬رفض‮ ‬الإمام‮ "‬علي‮" ‬أن‮ ‬يتقيد‮ ‬بسيرة‮ ‬الخليفتين‮-‬على‮ ‬فضلهما‮- ‬واعتمد‮ ‬الحكم‮ ‬بموجب‮ ‬المستجدات،‮ ‬ولو‮ ‬تقيد‮ ‬بهما‮ ‬لتجمد‮ ‬النظام‮ ‬في‮ ‬إطار‮ ‬لا‮ ‬يتغير‮.‬
بتنظيف‮ ‬التاريخ‮ ‬من‮ ‬زيفه‮ ‬يتنظف‮ ‬الذهن‮ ‬من‮ ‬عوائقه،‮ ‬فيقبل‮ ‬على‮ ‬دراسة‮ ‬المستجدات‮ ‬بذهنية‮ ‬صافية،‮ ‬فتقبل‮ ‬ماتراه‮ ‬صوابا،‮ ‬وترفض‮ ‬ما‮ ‬تراه‮ ‬خطأً،‮ ‬وبهذا‮ ‬الصفاء‮ ‬علينا‮ ‬أن‮ ‬ندرس‮ "‬اللامركزية‮" ‬و‮"‬الفيدرالية‮" ‬ونتحدث‮ ‬عنهما‮.‬
فما‮ ‬هي‮ ‬حقيقة‮ ‬هذه‮ ‬اللامركزية؟‮ ‬ثم‮ ‬ماهي‮ ‬حقيقة‮ ‬هذه‮ "‬الفيدرالية‮"‬؟
باختصار شديد فـ "اللامركزية" هي مشاركة "المركز" في الصلاحيات، وإعادة توزيع هذه الصلاحيات على حسب متطلبات المناطق وحاجاتها، بحيث تستوفي نصيبها من الحقوق التي يستأثر بها "المركز" فيتنعم بخيراتها، ويترك لغيره الفتات. وبهذا تكون "اللامركزية" في الأساس تلبية لمتطلبات التنمية، وتوزيع العدالة الاجتماعية" الاقتصادية بين مناطق الأمة، وعندما عجز "المركز" عن أداء دوره، جاءت "اللامركزية" لتحقق ما عجز عنه "المركز" فهي إذن إنماء اقتصادي لنظام تجمد، وتخفيف -بل قضاء- على عسف متعمد.
استخلص "فهمي محمود شكري" من بحثه عن "اللامركزية" أو "الحكم المحلي" في "بريطانيا" النتيجة التالية: (إن خلاصة الحصيلة التي توصل إليها الباحث من بحثه هذا هو أن نظام الحكم المحلي يعتبر أكبر تطبيق لدعم الديمقراطية، وسلاحا ماضيا ضد بيروقراطية السيطرة المركزية، وتعقيدات الروتين والتسلط المركزي) واستطرد فقال انه يمثل في "بريطانيا" : (أفضل صور تطبيقات ديمقراطية إدارة المجتمع نفسه وبنفسه عن طريق أسلوب تمثيل الجمعيات السكانية في إطار من التوزيع الجغرافي الذي يستهدف تحقيق الإدارة العامة اللامركزية لقسم مهم من وظائف وواجبات الدولة، وفي كلما يتعلق بمضامينها من تفاصيل وجزئيات العمل الوطني الشعبي: خاصة في سد احتياجات وتوفير الخدمات للتجمعات السكانية محليا لما يتمتع به الحكم المحلي بالكثير من الاستقلالية في إصدار القرارات والعمل والتنفيذ).
ثم قال: (أهم مزايا نظام "الحكم المحلي" هو تبنيه لمفهوم الإدارة بالمشاركة أو الإدارية الجماعية فليس هناك شخص بذاته في نظام "الحكم المحلي" أو في اي من مستويات هيكله التنظيمي تكون له سلطة أو حق الأمر أو النهي، فرئيس السلطة المحلية "رئيس المجلس" ليس إلا عضوا كغيره في إطار السلطة المحلية فالقرار بالأمر أو النهي بيد "المجلس" نفسه أو بيد لجانه، وبتولى الجهاز الإداري للسلطة المحلية تنفيذ القرارات وليس هناك بين السلطة وهذا الجهاز خطوط فاصلة او قنوات معقدة، وذاك لأن لجان المجلس هي المشرفة والمراقبة والمقيِّمة للعمل مباشرة‮ ‬ومن‮ ‬ورائه‮ ‬المجلس‮ ‬نفسه‮). ‬واللبيب‮ ‬من‮ ‬الإشارة‮ ‬يفهم‮ ‬من‮ ‬تعبير‮ ‬الصلاحيات‮ ‬الواسعة‮ ‬أن‮ ‬هناك‮ ‬صلاحيات‮ ‬لن‮ ‬تمنح‮ ‬،‮ ‬وأن‮ ‬هناك‮ ‬صلاحيات‮ ‬ستبقى‮ ‬في‮ ‬قبضة‮ ‬المركز،‮ ‬أي‮ ‬أن‮ ‬السوسة‮ ‬ستظل‮ ‬في‮ ‬الحبة‮.‬
إذا‮ ‬انتهينا‮ ‬من‮ ‬الجواب‮ ‬الموجز‮ ‬عما‮ ‬هي‮ "‬اللامركزية‮" ‬في‮ ‬خطوطها‮ ‬العريضة‮ -‬والحديث‮ ‬عنها‮ ‬لن‮ ‬ينتهي‮ ‬بمثل‮ ‬هذا‮ ‬الموجز‮- ‬فنصل‮ ‬إلى‮ ‬التعريف‮ ‬الموجز‮ ‬بـ‮ "‬الاتحادية‮" ‬أو‮ "‬الفيدرالية‮".‬
إذا كانت "اللامركزية" استجابة للتنمية الاقتصادية، وللخروج من هيمنة المركز الاقتصادي فإن "الفيدرالية" استجابة للخروج من هيمنة "المركز" السياسية، وإعادة توزيع السلطات على نحو يكفل "العدالة السياسية" بين "الأقضية" أو "المخاليف"، -أو ما شئت من تسميات- ضن الدولة الواحدة. وليس شرطا في تحقيق "الفيدرالية" وجود عدة دول، أو دولتين، حتى يستقيم أمر "الفيدرالية"، فـالنظام "الفيدرالي" صالح لدولة واحدة، مثل "ألمانيا" مثلا، أو حتى نصف دولة كما كان الحال عليه قبل توحيد "المانيا" الشرقية والغربية، وقد أثبت "الاتحاد الفيدرالي" -القائم على "اللامركزية"- قدرته الفائقة على النهوض الاقتصادي، والسياسي، والعلمي، والصناعي، وما من دولة صناعية ناهضة إلا والتطور حليفها، على عكس الدول "المركزية" التي وإن نجحت مؤقتا فالإخفاق في انتظارها دائما. فـ "الاتحادية" هي ذروة ما توصلت اليه البشرية عبر‮ ‬تجاربها‮ ‬الأليمة‮ ‬للخروج‮ ‬من‮ ‬جمود‮ ‬المركز‮.‬
ولست أدري بعد هذا لماذا يخاف بعض الناس من "اللامركزية" و"الفيدرالية" ماداما نظامين ذواتي آلية متطورة، تنهض بالأمة، وتصونها من العسف السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وليس لها مساس بدين ولا بعقيدة، لا من قريب ولا من بعيد، بل هي نظام أقرب ما يكون إلى "نظام الخلافة الراشدة المدنية" حيث تقوم على العدل، والرخاء، والمساواة، والأخوة في: الحقوق، والواجبات، والمنافع. فلماذا الرفض إذن؟ ولماذا العداء إذن إذا لم نحتسب سطوة الفردية السياسية الضاربة جذورها في الأعماق البعيدة؟.
وأخيرا‮ ‬لماذا‮ ‬تأكل‮ ‬القطط‮ ‬السياسية‮ ‬والتضليلية‮ ‬أبناءها‮ ‬بالشكل‮ ‬المتوحش؟‮ ‬لماذا؟
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)