|
|
|
الميثاق نت: - المصور الفوتغرافي الفنان عبدالرحمن الغابري يعد واحداً من مشاهير الفن الفوتغرافي في العالم العربي وربما على مستوى العالم كما يعتبر واحدا من مشاهير الفن الراقي المهملين في الساحة اليمنية كغيره من الفنانين والمبدعين والرواد .
وُلد الفنان عبدالرحمن الغابري في قرية القشعي بمديرية عتمة محافظة ذمار 1956م وهو احد مؤسسي نقابة الصحفيين ، كما أنه مخرج مسرحي ومصور فوتوغرافي وعضو مؤسس بنقابة الصحفيين اليمنيين وحاصل على العديد من الشهادات التقديرية وله الكثير من المعارض الشخصية الفوتوغرافية في الدخل والخارج بما يزيد عن 69 معرضا أقامها داخل اليمن وفي دول عدة في مقدمتها الولايات المتحده الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والكويت والعراق وتونس والسعودية .
استطاع الفنان الغابري أن يحصل على العديد من الشهادات التقديرية المحلية والدولية في مجال التصوير كما شارك في العديد من الصحف الخارجية من أهمها : جريدة الشرق الأوسط، مجلة المجلة، مجلة الوسط،عرب نيوز، فضلاً عن عمله في عدد من الصحف المحلية .
كما يعتبر الفنان عبد الرحمن الغابري واحد من أهم وأقدم المصورين في اليمن ويمتلك أرشيفاً نادراً لمعالم اليمن وأحداثها وشخصياتها يزيد عمره عن 35 عاماً، عرض معظمه في معارض شخصية محلية ودولية ناهيك عن نشر أعماله في الصحف الدولية .
تاريخ الفنان المبدع عبدالرحمن الغابري
يمتلك الفنان القدير عبدالرحمن الغابري أكثر من مليون صورة، يحتفظ بها في أرشيفه، تمثل ثروة، استخلصها طوال مسيرته الابداعية من منجم الوجوه والاماكن التي لا تنضب.
والماثل ان أعماله ومقتنياته البصرية العابرة للأزمان، تصلح كي تكون متحفاً انثروبولوجياً، لأشياء ومكنونات يمنية مختلفة، تبدأ بالعمارة ولا تنتهي عند الازياء، مروراً بشتى اضافات التاريخ على الشخصية اليمنية، والمكان النوعي اليمني. هذه التجربة الرائدة بلغتها المستوعبة للأرشيفات، كما بطاقتها النابضة بالإنسان وبالبيئة وبتحولاتهما كذلك، تمثل في مخرجاتها كنزاً حقيقياً لانطواء مدخلاتها على مغامرات معرفية جوهرية، لفنان ليست غايته مجرد التوثيق النمطي، وإنما الخلق الفني المتراكم بالخبرات وبالمعنى، من الناحيتين السيوسيولوجية والابتسمولوجية.
ولقد احترف الغابري التصوير وعشق الكاميرا، مجسداً علاقة أليفة معها. وفي ظل التخريب الهمجي الذي يتغلغل داخل مسامات اللحظة اليمنية الراهنة، لا بد لنسياننا اليائس من الحروب طبعاً، ان ينتعش وهو يقيم قليلاً في ذاكرة الغابري التي تنمي فعل البهجة الجمالية بإتقان. ذلك ان نصوصه البصرية الخلابة، تشكل جزءاً أصيلا من شجن الارض وحكايات الذات اليمنية، تحدث تأثيراً على الدوام، وتمنحنا شيئاً جديداً ومختلفاً.
ومع ان التلقائية مادتها الخام؛ إلا أن أعمال الغابري تنتمي الى الهوية الثقافية اليمنية وتمثلاتها الرمزية، اضافة الى استراتيجية عين الرائي المتفاعلة في دلالات معرفية بالغة التنوع، لها ان تحفظ وتصون وجدان اليمنيين الجمعي من التلف المباشر والحثيث. والشاهد ان فوتوغرافيات الغابري توسع مخيلاتنا، كما يحيطها الشعر من كل جانب. إذ تعيد طرح الاسئلة، إلا انها تفسر عجز اللغة، بمقدار ما تثير انفعالات مطمورة ذات ادراكات شاسعة وتائهة في آن. بمعنى انها فوتوغرافيات وديعة، تمارس الاحتجاج كله. فوتوغرافيات تقتفي آثار انسان ما، ترك فينا سره الغامض الحميم، واعتقدنا أنه مضى، لكنه مازال يقتفي معنا آثاره، مشرعاً على الحب والحرية والسلام.
وفي الوقت الذي يتسم فيه فن التصوير بالندرة يمنياً ، استمرت اعمال الغابري مشحونة بالعاطفية وبتمثيلاتها العميقة، معززة في السياق، لمسيرة فنان صاحب وعي ثري وماهر في تصيد اللحظات المنفلتة، ليمنحها تاريخاً مستقبلياً لا ينتهي.
يؤمن الغابري بالحداثة ، بالقدر الذي يؤمن فيه بالهوية اليمنية ، وداخل هذه البنية الفكرية ، تتسق جيداً قيمتا الأصالة والمعاصرة بشكل ادهاشي عميق .
إنه ابن القرية الذي لديه احساس عال بالمدينية، الفلاح المتحدر من اسرة تعرف قيمة الارض ، مازال يتغنى ببهاء اليمن تاريخاً وحضارة دون كلل، والفلاش وسيلته الوحيدة لإنتاج سعادته الخاصة.
يعتز الغابري بالمرأة الريفية وعظمتها وهي تقهر الطبيعة ، كما يعيش حياته وهو في عقده السابع بشكل فني ملفت ؛ بحيث يعتني بأناقته وبقيافته ، معتداً بإرادته الحيوية للحياة، ومتخففاً على نحو نادر من وطأة التورط بالعمر الثقيل في بلد يقصف العمر ، وبالمقابل ، يبرع في استفزاز اصدقائه ومحبيه من الشباب المهمومين والمحبطين، عبر اتكائه الساحر على قدرته المتألقة في خلق الامل والبهجة .
مبكراً؛ أراد الفنان الغابري ان يكون مخرجاً سينمائياً ، لكنه تعثر في هذا المسعى الصعب في بلد كاليمن . وبالرغم من ذلك ظلت الطاقة السينمائية هي بؤرة احترافه الفوتوغرافي . كما بشكل استثنائي ، تفرد الغابري بالبحث عن اليمن المفقودة ، إذ انه بسيارته العتيقة جاب كل اليمن بحثاً عن الجمال المتجذر والمتعدد ، منحازاً الى الاصل والى الشغف معاً.
ففي كل رحلة ، كان يتمكن من استعادة عافيته كفنان ، كما بنبالة ملحمية ، يستشف ماهية تفاصيل رحلاته المنقولة الى منتجاته البصرية بشكل آخاذ وفاتن "يطرب سامعيه ويسيل لعابهم" إذا جاز التعبير. والمعلوم ان الغابري ظل لفترة طويلة، مصوراً رسمياً في أروقة الدولة، ومقرباً من رجالاتها النافذين ، لكنه لم يخضع لهذا المناخ الخانق على مستوى المضمون والمحتوى كفنان ، بحيث استمر غير متوائم مع الفلاشات المقولبة والمنمطة، وفي نهاية المطاف تمكن من النجاة واتقان حريته التي يهواها ويقاتل من أجلها.
وللغابري العديد من التجارب التجريبية النابهة في الاضاءة والتكوين والمعالجات الرقمية . لكن الفنان المتمكن من ادواته لم يستسغ حظائر الاكاديميات، فتعلم من الكاميرا مباشرة ، فضلاً عن الاستديو المنزلي الذي قام بإنشائه بجهد ذاتي ملحوظ .
ثم ان الغابري المصنوع من اغاني الفلاحين في الحقول المعلقة ، هو الهائم بأفلام بازوليني (عاشق اليمن) الذي التقاه اكثر من مرة ونشأت بينهما صداقة بصرية سريعة . لكن من يصدق ان الغابري الذي كان قد مارس شقاوته اللذيذة في بدايات المسرح الوطني، مسهباً في تشجيع رفاقه واصدقائه المبدعين -مثله-على العمل الاعلامي في الراديو والتلفزيون وفرقة الرقص والغناء الشعبي كما ضمن جوقة الغناء الجماعي ، فترة التأسيس قبل قرابة خمسة عقود ؛ هو الغابري نفسه الذي انضم في فترة من حياته للمقاومة الفلسطينية ، وانجز فيلم "مكان الولادة فلسطين".
موسوعته وثقافته الفنية والإبداعية
اختزل "عبدالرحمن الغابري" كل عناصر التضاريس الطبيعية والإنسانية والثقافية اليمنية، في لوحات، على فوتوغرافيتها ، نفخ فيها من خياله الفني ورؤيته الجمالية والفكرية ، ما تفتق عنها نصوصاً تنبض بالتشكيل حياة ظل الغابري يجددها مع كل لقطة تقتنصها عدسته التي جال بها جبال وسهول ووديان وقرى ومدن وسواحل وجزر اليمن ،على مدى أربعة عقود ،قدم فيها اليمن فوتوغرافيا في سيمفونيات بصرية رفعت اسمه عالياً .
يعشق الفنان الغابري الكاميرا منذ طفولته ،ويحتفظ منزله بعددِ كبير من أنواع مختلفة من الكاميرات من ماركات عدة، ويوثق أرشيفه الفوتوغرافي للطبيعة والإنسان في اليمن وبشكل يكاد يكون هو الأرشيف الوحيد الذي يمكنك من خلاله أن تتحسس الطبيعة والإنسان في اليمن المعاصر بصرياً ،في الوقت الذي قد لا يتوافر لك ذلك معلوماتياً وكذلك فوتوغرافيا، وبخاصة ذات العلاقة ببعض المعالم المعمارية والثقافية التي اندثرت واختفت ، ولا تحتفظ الجهات الحكومية بأي صورة لها إلا أنك ستجدها - حتماً- في ذاكرة هذا الفنان وأرشيفه .
نظم عبدالرحمن عشرات المعارض داخل اليمن وخارجه، ونال العديد من الجوائز، واُحتفي بتجربته في منابر كثيرة، ومنحته وزارة الثقافة درع الوزارة، فيما منحه اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في حفل مماثل درع الاتحاد.ويمثل تكريمه من أعلى مؤسستين ثقافيتين في اليمن دليلاً على المكانة التي تتموضع فيها تجربته الفنية.
يقول الكاتب والناقد الدكتور حاتم الصكر في كتابه أقوال النور: "يقضي الفنان عبدالرحمن الغابري أوقاتاً طويلة منتظراً طلوع الفجر وراء سحابة أو قمة جبل أو فوق زرقة البحر ليأسر انعكاسات الشمس و حوار الظلال والأضواء في الأفق المفتوح للبصر حين تنام عن هذا المشهد البصري أعين كثيرة ؛فيقدم لها مشاهداته بعد أن تمسها يداه في مراحل إعدادها وتحويلها إلى مفردات بصرية معالجة بالحيل والتقنيات البصرية التي كان السينمائيون يدعونها خدعاً ،وهي في ظني قراءة للمشهد البصري تؤول جمالياته وتستكمل غير المنطوق من دلالاته بإضافات الآلة وسحر الطباعة والتظهير".
ويضيف موضحا في حديث إلى مجلة ددبي الثقافية :" تبقى العين المُحبة هي أساس جمال الصورة؛ فالحُب هو دليل الفنان إلى حيث يكون الجمال مختلفاً متوهجاً في ذروة تجلياته " .
تركز عدسة الغابري في كل لوحاتها على معاني الحياة وتجليات الجمال ولهذا نجده في المعمار وفي الوديان والحقول والغابات والسواحل والجزر وغيرها لا يتجاوز منظراً مفعماً بالحيوية، سواء أكان المنظر لشجرة أو نبات أو طائر أو حتى أحياء بحرية أو حتى لحشرات…وهو في كل ذلك لا يتجاهل العنصر الإنساني بل يبرزه في أفضل وأبسط مظاهره من خلال وجوه أجاد تصويرها مجسداً كل ما فيها من طفولة وبساطه ومعاناة وبخاصة في الريف.
وعلى الرغم من تنوع وتعدد أعمال هذا الفنان؛ إلا انه يبقى سعيداً بكل هذه اللوحات…فجميعهن نتاج حبه لوطنه، وبالتالي" فجميعهن بناتي وأنا سعيد بكل لوحة من هذه اللوحات"..
ويخلص الغابري مشيراً إلى بعض العوامل التي تبلورت من خلالها علاقته الخاصة بالتصوير انطلاقا من الحب : حب التصوير وحب اليمن وحب المنظر وعشق الجمال ،من خلال العين الجميلة، والقدرة على قراءة واصطياد الخصوصية بواسطة حس ذكي ….أنا لولا محبتي لليمن لما أنتجت هذه الصور اللوحات التي تعكس ، أيضاً ، مدى عشقي وحبي للكاميرا وللفوتوغرافيا … الفوتوغرافيا هذا العالم الذي لم نستوعب في العالم الثالث أبعاد سحره، وهو السحر الذي ننبهر بانعكاساته القادمة إلينا من الشمال، ونكتفي بذلك الانبهار الذي لم يحرك لدينا نزعة توطين هذا السحر وتعريبه والاحتفاء به والاستفادة منه وتوظيفه في ترسيخ ثقافة الجمال في مجتمعاتنا… فنحن كما قال احد زملائي المصورين لم ندرك سحر الفوتوغرافيا بعد؛ إذ مازلنا ننظر إليها من بُعد وظيفي نَسَقي في الغالب، أما البعد الفني الرؤيوي الذي يتجاوز المرئي إلى التأويل عبر لغة الضوء …فلم نحز من قدرة التعامل معه وقراءته سوى القليل جدا ".
تاريخه الفني الحافل بالعطاء
استطاع المخرج والمصور اليمني عبدالرحمن الغابري أن يحبس الأزمان بصور فوتغرافية وثقت تاريخا مرئيا، أبطاله رؤساء وسياسيون وفنانون وأشخاص عاديون ومناظر طبيعية.
ويفتش الغابري حاليا أرشيفه الذي تعود أقدم صورة فيه إلى ستينيات القرن الماضي، وينشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، كمبادرة ضمن نشاط "الهوية اليمنية" المؤسسة التي أسسها منذ سنوات.
ويعود الغابري إلى طفولته التي رسخت أول رغبة للتصوير قائلاً: "في الطفولة كنت أقف مذهولاً أمام الطبيعة كأول صورة ارتسمت في ذهني، وكنت شغوفا بما حولي، بالمرأة التي تذهب إلى الحقل بصوت المهاجل التي يرددونها وهم يعملون، بالأناشيد الدينية، بالجبل والمطر، وحين كبرت عرفت أن الصورة ستحقق حلمي".
وانتقل الغابري من قريته إلى صنعاء نهاية الستينيات، وهناك حصل على أول كاميرا روسية الصنع، وعمل كموظف في التوجيه المعنوي الذي أسس إرشيفه لاحقا، ثم حصل على فرصة لدراسة الإخراج في بيروت لبنان في العام 1975، صقل خلالها موهبته وشارك في تصوير أفلام تسجيلية عن الحرب منها "كفر شوبا النبطية"، و"مكان الولادة فلسطين". وهي أفلام تحكي عن المخيمات وصبرا وشتيلا، واللاجئين من خلال قصة مجموعة من الشباب لم يمنعهم أي شيء من العيش داخل هويتهم الفلسطينية، حتى لو ولدوا في أماكن أخرى، أو شردوا.
وجمعته سنوات الشباب فنيا، بكل رؤساء اليمن ابتداء من أول رئيس للجمهورية اليمنية عبدالله السلال، حتى علي عبدالله صالح. ومثلما ينتقي اليمنيون الرئيس الثالث "إبراهيم الحمدي" ليمنحوه أجمل صورة، منحه هو أجمل صورة وأكثرها أناقة بين الرؤساء .
يتحدث الغابري عن التصوير، كأنه يتحدث عن الحياة، يقبض على اللقطة في كفه باحتراف كما أظهرته بعض الصور التي التقطها للطبيعية ويعرضها في جاليري مؤسسة "الهوية اليمنية" الذي افتتحه مع أبنائه قبل سنوات. وهنا يقف ليشير إلى صور التقطها لشلال ينعكس على ماء مصبه لون السماء مؤكدا: "الصورة المبدعة هي التي صبرت عليها كثيرا".
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|