جميل الجعدبي - 1- لأنّ رحلات الطيران من وإلى اليمن متوقّفة إجبارياً منذ 5 سنوات ماضية، وذلك بالنظر إلى أنّ رحلات الطيران هي السبب الرئيس لانتقال فيروس كورونا المستجد covid-19 ، من الصين بؤرته الأولى إلى ايران، ومن هناك إلى دول الخليج العربي المجاورة لليمن.
2- لأنّ دول تحالف " عاصفة الحزم - وتحديداً دول الخليج العربي المجاورة لليمن، باستثناء سلطنة عمان " فرضت حصاراً جوياً وبرّياً وبحرياً خانقاً على جارهم اليمن، منذ بدء العمليات العسكرية 26 مارس 2015م، ولايزال قائماً حتى اليوم، أي أنّ اليمن وسكّانها (أكثر من 27 مليون نسمة) وضعت قسرياً قيد حجرٍ غير صحّي للعام السادس على التوالي.
3- لأنّ الصراع القائم والحرب والانقسام السياسي في هذا البلد أنتج سلطتي أمر واقع، حكومتان متنازعتان/ وزارتي صحّة، لذات الصلاحيات، ولأنّ التنقل الداخلي بين المحافظات تحت إدارة السلطتين، وفي ظلّ هذا الواقع المشوب بالشكوك والارتياب بات محدوداً جداً، ويكاد يقتصر على الضرورات القصوى، وخاضع في ذات الوقت لإجراءات إدارية احترازية استثنائية.
4- لأنّ انتشار الوباء عالمياً، وبما مثّله من صدمة للدول المتقدّمة صحياً، وانكفاء كلّ دولة على مصيبتها، خلق نوعاً من التنافس الايجابي بين السلطتين المتنازعتين،(والتنسيق المشترك بين طرفي النزاع بإشراف منظمة الصحة العالمية) فسارعت كل جهة لإبراء ساحتها، واتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، بتعليق الرحلات المحدودة (أصلاً) للطيران، ففي صنعاء تمّ تعليق رحلات طيران الأمم المتحدة، وتم إخضاع موظفي البعثات الأممية للحجرالصحي الاحترازي، وإخضاع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السيد مارتن غريفيث لذات الإجراءات الاحترازية، وبالمثل علّقت السُّلطات في عدن الرحلات المحدودة للطلاب والمرضى .
5- لأنّ السُّلطات في صنعاء تمكّنت من تتبّع العائدين من الصين قبل إعلان الوباء، وإخضاعهم للحجر المنزلي الطوعي لمدة 14 يوماً، وتحرير تعهدات خطية عليهم.
6- لأنّ ذات الإجراءات الاحترازية المشدّدة عبر المنافذ البرية، أو عبر مطاري عدن وسيئون للواصلين هناك باتجاه صنعاء، يتم تكرارها إحترازيا ًفي منافذ مستحدثة فيما بين خطوط تماس السُّلطتين المتنازعتين.
7- لأنّ هشاشة الوضع الصحي وانعدام وندرة الأدوية وتوقّف صرف مرتبات الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، وانتشار الأوبئة بفعل الحرب والحصار لـ5 سنوات ماضية، كلّ هذه العوامل دفعت بمعظم اليمنيين المقيمين في الخارج - كانوا قطعوا تأشيرات العودة- إلى إيثار البقاء في بلدان الهجرة، بمن فيهم من تأكّد إصابتهم بفيروس كورونا، ذلك أنّ فرص شفائهم في تلك لبلدان أكثر، وما إعلان وفاة قرابة 4 يمنيين وإصابة آخرين خارج اليمن إلاّ دلالة على ذلك .
8- لأنّ السُّلطتين أتيح لهما الاستفادة من تجارب الآخرين، مثلما تكونت خلال هذه الفترة (منذ اعلان الوباء وحتى اليوم- اكثر من 100 يوم) جبهةً رقابية توعوية جماهيرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ففي صنعاء كاد حضور مسئول حكومي قاعة حفل زفاف بعد قرارات إغلاق صالات الأفراح، كاد أن يطيح بهذا المسئول من منصبه، وفي عدن أُطيح بعدد من مسئولي مكاتب الأوقاف سُجّلت بمناطقهم عمليات كسر لقرار حظر صلاة الجمعة.
9- لانّ البلدان المشابهة لليمن، سوريا، ليبيا، (حروب، نزاعات مسلّحة) ظهر فيها الوباء متأخراً، وعبر قادمين من بلدان أخرى، ففي سوريا سُجّلت أول حالة يوم الأحد 22 مارس الماضي، لشخص قادم من خارج سوريا، وفي ليبيا سُجّلت أول حالة يوم الأربعاء 25 مارس الماضي، لشخص عائد من السعودية عبر تونس.
10 - أخيراً، حتى لو ظهر فيروس كورونا في اليمن، فالأرجح أنّه سيتسرّب (لا قدّر الله) عبر عائد من دول الجوار إلى اليمن، نتيجة خطأ فادح لإحدى السلطتين، لكنّه وبالنظر للحالة المشابهة في سوريا وليبيا، سيبقى تحت السيطرة، وفي نطاق ضيّق جدا، ففي سوريا مثلا منذ ظهور الوباء سجلت 30 إصابة تعافت منها 5 حالات، وسجلت حالتي وفاة فقط، وفي ليبيا سجلت 48 إصابة تشافى منها 11 حالة وسجلت حالة وفاة واحدة، مقارنة بالدول المجاورة لهذين البلدين تراوحت الإصابات مابين 500- 1000 إصابة والوفيات بالعشرات، (كانت رحلات الطيران منتظمة خلافا للحالة في سوريا وليبيا)..
لكن ذلك سيبقى مرهوناً برفع منسوب الوعي المجتمعي للوقاية من الوباء، ومواجهته افتراضيا بالتّخلي التام عن التجمعات وكافة مظاهر الاحتشاد اليومية في اليمن، وحتى تحقيق ذلك يمكن القول انّ الحالة في اليمن ستكون أقلّ حدّة من سوريا وليبيا، وأكثر استفادة من عنصري الوقت وتجارب الآخرين، وليس بمستحيل تعافي الحالة الوحيدة المصابة، وبالتالي إبقاء اليمن خالية من فيروس كورونا..
|