عبدالجبار سعد - بين عشية وضحاها توقف ضجيج الكون وساد سكون عجيب في ارجاء المعمورة..
سكن ضجيج القطارات والسفن والطائرات والسيارات والشوارع والبشر وساد صمت يكاد يكون مطلقا..
توقف ضجيج المصانع توقفت المداخن العملاقة التي كانت تشق عنان السماء وتلوث الاجواء وتحجب رؤية الأشياء..
سكنت الشوارع المزدحمة ، دخل الجميع مساكنهم ، أطلوا من الشرفات ليشاهدوا هذا السكون العجيب الذي لم تألفه حواسهم طيلة حياتهم .
**
بدأ الموت يعانق الصغار والكبار والأغنياء والفقراء ، وبدأ الجميع يبحث عن وقاية منه ولكن اين من الناس المعين والمنقذ؟
بدأ الاعلام ينشر على الناس اخبار موتاهم ومرضاهم ويشيع فيهم الرعب الذي لم يألفوه ، وبدأ الساسة يبشرون رعاياهم ان الموت قادم لامحالة وان فراق الأحبة قدر لامفر منه.
**
سكن كل شيء إلا ضجيج الاخبار والاعلاميين، هدأ كل شيء الا نفوس البشر ، استراح كل شيء الا الباحثين عن الأمان .
السماء صافية بعد ان توقفت المداخن والأبخرة وسائر الملوثات للبيئة ، البحر صافٍ ، الهواء نقي وشفاف والرؤية كاملة .
بعض مناطق في الهند لم يكونوا يرون اجزاء من مدنهم، أضحوا الآن يرون جبال الهملايا.
المخلوقات البحرية الغريبة غادرت الاعماق وانطلقت تجوب المدن القريبة منها ، الحيوانات البرية استغلت فراغ الشوارع من الناس فأصبحت ترعى فيها.
**
كل هذه الظواهر وغيرها اعادت صياغة الكون وحركته وروعت الناس واوقفت الاعمال فكأنك في مشهد من مشاهد القيامة .
الآن نعلم كيف تتصرف القدرة الإلهية حين تشاء لتري الناس عظمتها فيخضع لها الانسان المتمرد كما تخضع لها كل الأشياء .
فسبحان القادر على كل شيء..اللهم ارحمنا برحمتك ولا تعذبنا بقدرتك يا أرحم الراحمين.
|