د. عبدالوهاب الروحاني - لم يعزز احد من قناعاتي بتعبير "القبائل الماركسية" كما فعل صديقي الاشتراكي المعروف يحيى منصور ابو اصبع ..
و"القبائل الماركسية" هو مصطلح انتشر وكثر تداوله من قبل المثقفين والصحفيين العرب في النصف الثاني من عقد ثمانينيات القرن الماضي ..
كان ذلك بالتزامن مع تقاتل "الرفاق" في احداث عدن 1986م، التي خلفت ما بين (10 - 15) ألف قتيل خلال شهر واحد من الاقتتال الدامي بمختلف انواع الاسلحة برية وجوية وبحرية .
إطلاق وصف "القبائل الماركسية"حينها على المعركة كان اصدق تعبير على تقاتل الاخوة الرفاق "الاشتراكيين" .. حيث كانت التصفيات تتم في الشوارع والبيوت بالهوية ..
يحيى منصور ابو اصبع ..صاحبي وصديقي وزميلي في مجلس النواب في دورته الانتخابية الاولى بعد قيام دولة الوحدة ، سرد شهادته في بعض الاحداث التي عاشها كمناضل "اشتراكي" في زمن هيجان الوضع بين الشمال والجنوب.
عاش الرجل في كنف الحزب الاشتراكي وتربى عليه ربما اكثر من خمسين عاما .. لكن لم تستوقفني في شهادته -وهو القيادي "الاستراكي" المعروف- اي قضية من قضايا الوطن .. الدولة والمجتمع .. العدالة والمساواة .. حقوق الطبقة المسحوقة، التي كان الحزب يقول لنا انه يناضل من اجلها ، بل استوقفتني نشوة القبيلة وزهوها في ذهنية "الشيخ" وليس "الرفيق"..!!!
الصور والمشاهد التي تراءت لي مما قرأته من شهادة العزيز ابو اصبع ان الدولة والمجتمع ، والرئيس ، والتظاهرات والاحزاب ، والعسكر ، والادباء والمثقفين، والمحافظين في الشمال لم تكن لهم قضية اكثر اهمية من قضية حبس الشيخ يحيى والافراج عن الشيخ يحيى .
ليس ذلك فقط، بل كل اللقاءات والاحاديث والتجمعات الرسمية والقبلية التي قرأتها في شهادته ، تُصوّر الشمال بكل مكوناته الرسمية والمجتمعية وكأنه جزء من الحزب الاشتراكي وتكويناته او على الاقل بين منتمٍ ومتعاطف .. وهو بالتاكيد كلام يجانب الصواب لكنها -كما قلت- نشوة القبيلة التي لم تغادره.
حتى على العتمي الرجل الاكثر شهرة وسطوة ، والأهم حضوراً في الامن السياسي منذ محمد خميس وحتى غالب القمش صَوَّرته شهادة الاخ يحيى (رعاه الله) وكأنه مخبرا مع الاشتراكي ، ويحذر من وجود "تعليمات لملاحقة الناصريين والحراكيين وكل اليساريين" - كما ذكر في شهادته..!!!
خمسين سنة تقريباً ويحيى منصور يتعلم في مدرسة "الاشتراكية العلمية" لكنه رجع الى وكره ، وعاد قبيلي أصيلاً.
ورحم الله سعد زعلول حينما قال:
"ما فيش فايدة يا تَفِيدَه" ..!! |