د. عبد الوهاب الروحاني - يقولون في بلاد "النصارى" اذا رأيت شخصا يشتري كوبا من القهوة ويأخذ اكثر من حاجته من المناديل فتأكد انه فاسد..!!
وعندهم اذا استغل الموظف وظيفته وسهل لنفسه او لاهله اي نوع من الاجراءات يحاكم مباشرة بتهمة استغلال الوظيفة العامة..
ولذلك حينما حاول الرئيس الفرنسي ساركوزي ان يسهل لابنه ادارة اعمال المجمع التجاري في حي "لادي فانس" في الضاحية الغربية من باريس، قامت الدنيا ولم تقعد ، وقالوا ان "ساركوزي جعل مستقبل ابنه وراءه" .. واثيرت انتقادات لا تزال تفاعلاتها حية حتى بعد رحيله .
ولمجرد "شبهة" .. نعم بشبهة حصوله على قرض منخفض الفائدة من صديقه الثري طلب المدعي العام رفع حصانته كرئيس للدولة .. فقدم الرئيس الألماني (كريستيان وولف) فورا استقالته من منصبه عام 2012 ، ليغادر بعدها المشهد السياسي إلى غير رجعة.
بينما في بلادنا . . بلد الايمان والحكمة الذي اصبح الفساد فيه "رجالة وشطارة" يفسد المسئول الف مرة ومرة
يفتتح بنكا لغسيل الاموال وتهريبها
يتاجر بآثار البلد وهو وزير ، ورئيس وزراء او قائد عسكري كبير ،
يحول كل مشتريات الوزارة او المؤسسة التي يشغل المسئول الاول فيها الى وكالة حصرية لاولاده وشركاته ،
يشتري نصف فلل حدة ، ويشتري المزارع والضياع ..ثم يضيق به الوطن ، ويغادر معارضا ،
يذهب للاستثمار في المانيا ، والقاهرة، ودبي ، ولا يزال في الطابور ينتظر دوره في اختطاف كرسي الرئاسة او الوزارة ..
بيرلسكوني رئيس وزراء ايطاليا مثل أمام القضاء 2500 مرة في 106 تهم فساد او تحايل، ادين بواحدة منها فقط ..قدم الرجل على اثرها استقالته ، وحكم عليه في عام 2013 بالسجن ، وبعدم الأهلية للمناصب العامة ، وطرد من مجلس الشيوخ .. واقصي من المشهد السياسي ، وذهب لمصيره ..!!
وفي بلادنا يشرعن المسؤول الكبير للفساد ، وينظر له، ويفاخر به ، ويتغنى بمناقبه ، وحينما يقول إن "الفساد بهارات السلطة والمسئولية" يذهب قوله مثلا يتداوله الناس وهم سعداء يقهقهون ..!!
رئيس وزراء سلوفينيا (بانز يانسا) طالته "شكوك" في التهرب الضريبي وعدم نشر الذمة المالية ..
هذه الشكوك اطاحت به عبر تصويت علني في البرلمان عام 2013 ، وغادر المشهد تلاحقه التهمة ووصمة العار .
وفي بلادنا تاجر "مدكن" ومراهق ثورة استحكم في لحظة زمن غادرة بقرار الحكومة واول ما فعله هو توجيهها باعفائه من الضرائب المستحقة عليه للدولة بمليارات الريالات ، وقالوا عليه "ونعم ..ابن الوز عوام" .. !!
المسئول في بلادنا عندما يتهرب طول العمر من دفع فواتير الكهرباء والمياه (عندما كانت هناك كهرباء ومياه) لا احد يسأله .. وعندما تجتاحه لحظة مزايدة ويسدد فاتورة في نهاية العمر تحتفي به الكهرباء والمياه وتقدم له شهادات الشكر والتقدير والعرفان على الجميل الذي قدمه ويقدمه ..!!!!
الملك الاسباني (خوان كالروس) يقرر مغادرة بلاده بسبب تهم قضائية تلاحقه بالفساد وتلقيه اموالا من السعودية والبحرين ما يسبب تهديدا حقيقيا لمستقبل الملكية في اسبانيا..
وفي بلادنا يتسابق المسؤولون الكبار وشخصيات البلد الاحتماعية والسياسية على مد ايديهم للخارح ، ويترزقون ليل نهار باسم الوطن، ويبيعون ويشترون بقضاياه وسيادته ، ويقولون انهم يناضلون من اجل استعادة الشرعية والحقوق وبناء الدولة ..!!
حينما يصوب المسئول في بلاد النصارى نظرة زائغة نحو امرأة يحاكم بتهمة التحرش ويعاقب بالحبس والغرامة والتعويض .. اما الاغتصاب فشيء آخر ..
وفي بلادنا وكل بلدان العرب حينما ينتهك المسئولون والمشائخ والامراء والقادة الحقوق والحريات .. وحينما يرتكب ابناؤهم جرائم من هذا النوع تغيب الاجهزة وتختفي المحاكم ، ويعتبرون الظلم قوة وصرامة والسفاهة فحولة و"حمرة عين"..!!
بنماذح وحالات ووقائع كهذه يغيب في بلداننا النظام والقانون وتحضر الفوضى ويتعثر بناء الدولة ..
ذلك لاننا بطريقة مغايرة لنواميس الكون نفهم الفساد ونقيم الفاسدين ونتعامل معهم ..!!!
الاجهزة والمحاكم في بلداننا تبحث دوما عن الضحايا .. وتتعقب دوما الشرفاء والجائعين .. ولذلك اصبح الفساد معول هدم للدولة وحكم (اكيد) على المستقبل والاجيال بالضياع ..
لكن "الحقوق لا تسقط بالتقادم" وفقا لكل الشرائع والقوانين .. وحينما لم يجد القانون طريقه في بلدان العرب والمسلمين ذهب الكثير من الحقوقيين للبحث عن العدل وملاحقة الفسدة والظالمين في بلاد النصارى حيث ينعم هؤلاء ويستثمرون ..!!
وهناك وجد الكثير عدلا واقتصت المحاكم للكثير من العرب والمسلمين والدعاوى لا تزال ترفع ، والحبل على الجرار.
|