مطهر تقي - احتفل المؤتمريون وانصارهم في اليمن وخارجه بالذكرى الـ38 لإنشاء واعلان مسيرته السياسية والثقافية والاجتماعية والتنموية الشاملة في مختلف مناحي الحياة العامة.. وسط زخم شعبي واضح للمؤتمر.. وتهاني بتلك الاحتفالات من المكتب السياسي لأنصار الله لعدد من اعضائه وقيادات القوى السياسية بالمشترك وبالتحالف أيضاً وقامت محطات تلفزيونة واذاعية محسوبة على صنعاء وعلى الرياض وأبوظبي وقطر بالتغطية الاعلامية المكثفة وكل يتفق على تميز المؤتمر الشعبي العام بأدبياته ورؤاه السياسية اليمنية الوسطية وعلى منجزاته التنموية الشاملة التي شملت كل محافظات الجمهورية اليمنية لكن تلك الوسائل الاعلامية اختلفت في الاشارة إلى رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام السابق الزعيم علي عبدالله صالح فقنوات صنعاء قد أشارت اليه بالرئيس المؤسس للمؤتمر عرضاً وكان جل حديثها وتحليلاتها حول المؤتمر وادبياته المتميزة ومسيرته التنموية الشاملة وضرورة جمع الشتات المؤتمري هنا وهناك والتصدي للعدوان.. أما القنوات الأخرى فقد احتفلت بالرئيس المؤسس للمؤتمر ودوره الأساسي والمحوري في مسيرة المؤتمر أكثر مما احتفلت بالمؤتمر كتنظيم سياسي رائد متميز بين القوى السياسية اليمنية.. وهذا التباين في رأيي امر طبيعي في ظل العدوان والحصار وحرب الأخوة اليمنيين في ما بينهم وتضارب خطابهم السياسي.
وللحقيقة والتاريخ لا يمكن لأحد أن ينكر دور علي عبدالله صالح في تأسيس وتفعيل المؤتمر الشعبي العام ومسيرته السياسية والتنموية ابتداء من ثمانينيات القرن الماضي وحتى تدشين مشروع الغاز العملاق في بلحاف بشبوة عام 2007م واقامة خليجي عشرين الرياضي عام 2010م في عدن، كذلك دوره الأساسي في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية بدستورها الذي ضمن النهج الديمقراطي وحرية الرأي وحرية الصحافة والتعددية السياسية الحزبية ولا أحد ينسى كذلك أن علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر من تحالف مع أنصار الله ضد العدوان لأكثر من ثلاثة أعوام حتى دب الخلاف وتضاربت رؤى المؤتمر والانصار حول طريقة ادارة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ وتغلب الثأر عند البعض.
وكما لا يمكن أن ننكر إيجابية الزعيم طيلة حكمه لا يمكننا أيضا أن نغفل السلبيات والأخطاء التي تمت في عهده بعلمه ودون علمه ومنها اعتماده على مجموعة من المتملقين والمنتفعين والمفسدين الذين أساءوا اليه وطعنوه من الخلف ابتداء من انشقاق بعضهم عليه بعد عام 2012م إلى جناح عبدربه والتحاق البقية -من الذين ركزهم الزعيم واعتمد عليهم- إلى صفوف العدوان ومؤتمر الرياض بعد عام 2014 و2015م وهم اليوم الذين يضربون سطورهم وظهورهم على الزعيم ويحاولون شق الصف المؤتمري ضد المؤتمر الشرعي في صنعاء بإقامة كيانات مؤتمرية هزيلة وممسوخة بعيدة عن لائحة المؤتمر التنظيمية وادبياته وبدون صفة مؤتمرية بعد فصل غالبية تلك المجاميع من المؤتمر في حياة علي عبدالله صالح وفي عهد الرئيس الشرعي للمؤتمر اليوم الشيخ صادق بن امين ابو راس.. ومن يتذكر أكثر من لقاء تلفزيوني او صحفي للرئيس السابق للمؤتمر حين اعترف بأخطائه يوم اعتمد على أولئك المنتفعين الذي كان لهم السبق بطعنه في الظهر قبل الخصوم وحين أكد كذلك أن المؤتمر الشعبي العام ليس مِلْكاً لأحد واذا كان له فضل السعي والعمل على تأسيسه من خلال عقول رجالات اليمن بكل شرائحهم المجتمعية فالمؤتمر أولاً وأخيراً مِلْك للشعب اليمني ومِلْك من آمن بميثاقه وادبياته ونهجه الديمقراطي المعتدل... وهو نفس الموقف الذي أكده رئيس المؤتمر الشيخ صادق في كلمته يوم الاحتفالية بالذكرى الثامنة والثلاثين لقيام المؤتمر بأن المؤتمر ليس ملك شخص او أشخاص لكنه ملك جماهير المؤتمر العريضة وملك كل أبناء اليمن بمختلف مشاربهم السياسية والمذهبية الذين يؤمنون بالوسطية والاعتدال في حياتهم بعيداً عن الشطط السياسي والمذهبي والمناطقي.
ومن سياق احتفال المؤتمر بذكرى تأسيسه والذي بُدى بافتتاح مقر المؤتمر الشعبي العام بعد ترميمه من اعتداءات فوضى 2011م سيمكن الامانة العام للمؤتمر من مزاولة انشطتها التنظيمية والمجتمعية وفق برامج مزمنة تجدد علاقة قيادة المؤتمر الرئيسية وقيادادتها على مستوى محافظات الجمهورية والفروع في الخارج بقواعد المؤتمر وأنصاره لمزيد من اللحمة والتفاعل مع قضايا الوطن المصيرية.. وقد احسن قولاً الشيخ صادق رئيس المؤتمر في كلمته أمام المحتفلين حين أكد على الموقف الثابت للمؤتمر من العدوان والحصار وحرص المؤتمر على استمرار التحالف والتنسيق مع أنصار الله وحرصه شخصيا وقيادة المؤتمر وأعضائه على تقوية الجبهة الداخلية من خلال إعادة نظر المجلس السياسي الأعلى وكذلك المكتب السياسي لأنصار الله وفي المقدمة السيد عبدالملك الحوثي على دعم حكومة الإنقاذ في تنفيذ سياسة الدولة وبرامجها من خلال وضع حد لتدخل حكومة الظل بوزرائها ومسئوليها الفاعلين (اللجان الاشرافية) في التأثير والتدخل السلبي في سير عمل حكومة الإنقاذ فينتج تضارب وخلاف بين مسئولي الحكومتين مما يؤثر كثيراً على فعالية ونجاح الحكومة في أداء مهامها ضد العدوان والحصار وسد حاجة المواطنين من غذاء وبترول ومشتقاته المختلفة فلا يمكن وضع سيفين في غمد واحد.. كما أن اشارته إلي ضرورة تفعيل الرؤية الوطنية لبناء الدولة التي أقرها المكتب السياسي الأعلى فلأنها خطوة ايجابية للحفاظ على ما بقي من الدولة.. أما المصالحة الوطنية التي اختتم بها كلمته فهي الحل الوحيد والأمثل لوقف العدوان والحصار والخروج باليمن من الوضع الصعب الذي يعيش فيه ولا يمكن أن تتم المصالحة الوطنية إلا بإجماع كل القوى السياسية اليمنية على تحقيقها بعيداً عن الارتهان للخارج وأجندته السياسية واطماعه في اليمن.. وقد يبدو تحقيق المصالحة الوطنية أمراً صعباً نظراً لتعقيدات المشهد السياسي اليمني لكن مع الارادة السياسية القوية والصادقة مع الله ثم الشعب اليمني ومصالحة العليا يمكن أن يكون المستحيل أمراً ممكناً حدوثه.
|