حوار/ عبدالرحمن الشيباني - قال الأستاذ /عبدالعزيز ابو طالب- نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمنى- ان العدوان على اليمن فشل فشلا ذريعا فى تحقيق أيًّ من أهدافه بالرغم من الإمكانات المهولة التى يمتلكها، لأن اليمنيين لديهم قضية وإيمان عميق بعدالة ما يدافعون عنه إلا هو الوطن وسيادته، التى فرط بها المرتزقة وباعوا أوطانهم بثمن بخس، مشدداً على أن النصر قريب جداً.. وفيما تشهده منطقتنا العربية من مواقف مهينة ومخذلة من قبل الانظمة العربية تجاة القضية الفلسطينية أشار ابو طالب إلى أن الانظمة تلك تخلت عن دينها وعروبيتها ووطنيتها مصيرها إلى زوال والشعوب هى من تبقى، كل ذلك واكثر سيجده القارئ الكريم فى هذا الحوار..
* هل بالإمكان أن تعطونا لمحة عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني والأنشطة التي تقومون بها؟
- مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية اليمني مركز بحثي أنشئ حديثاً استجابة للظروف الداعية إلى وجود مراكز بحثية في الوقت الذي تعتمد فيه الدول على الخلايا التي تفكر وتقدم خدماتها لصانع القرار في جميع مؤسسات الحكومية وغيرها، وكان إنشاء المركز في العام 2016 بعد انطلاق العدوان على بلدنا اليمن من قبل دول تحالف العدوان ليقوم بمهمته في المساعدة على تقديم الرأي والدراسة والبحث والتقرير الذي يسترشد به صانع القرار في خضم معركته في مواجهة العدوان متعدد الوجوه.
يقوم المركز كغيره من المراكز بتقديم الدراسات والبحوث الاستراتيجية التي تهم اليمن ومحيطه الإقليمي ودراسة الفاعل المحلي والإقليمي والدولي المؤثر على اليمن خاصة فيما يتعلق بالعدوان وأهدافه وما يرمي إليه وكيف يفكر العدو وكيف ينبغي مواجهته لا سيما في المعركة السياسية والاستراتيجية.
إلى جانب ذلك ينظم المركز الكثير من الفعاليات كعقد الندوات العلمية والسياسية وحلقات النقاش وورش العمل، ويشارك بعض الجهات في الفعاليات والبحوث المشتركة كالمراكز الأخرى أو الجامعات التي له مذكرات تفاهم معها للتعاون في مجال البحث العلمي والنشاطات المشتركة كجامعة البيضاء وغيرها.
يصدر المركز دورية محكمة باسم مجلة مقاربات سياسية وهي نتاج بحثي لعدد من الباحثين اليمنيين والعرب والأجانب الذي يساهمون في الكتابة فيها بطريقة علمية محكمة كما تستقبل المجلة البحوث العملية من طلاب الدراسات العليا بغرض نيل الشهادة أو الترقية.
يتم نشر مخرجات المركز على موقعه الالكتروني
( www.yecscs.com)
* هل هناك تواصل مع نظرائكم من المراكز خارج اليمن؟ وكيف يمكن الاستفادة من هذا التواصل؟
- التواصل والتعاون مع المراكز النظيرة في خارج اليمن أحد أهداف المركز ولكن مع ظروف الحصار المفروض على بلدنا لم نتمكن من التواصل الفعلي كالسفر وعقد التفاهمات المشتركة وحضور الفعاليات أو تبادل الخبرات، ولكن يتم التواصل مع بعض المراكز عبر الفضاء الالكتروني وهو يفي بالغرض حالياً، وقد تلقينا عدة دعوات للحضور والمشاركة خارج اليمن ولكن الحصار وإغلاق المطار حال دون ذلك، وسيكون لنا تعاون بشكل أكبر بعد انتهاء العدوان ورفع الحصار وفتح المنافذ.
* ألا ترون أن مراكز الأبحاث العلمية في اليمن ما هي إلا عن لافتات فقط ولا تقدم شيئاً؟ أين يكمن الخلل برأيكم؟ وكيف يمكن تنشيط هذه المراكز لتؤدي دورها الحقيقي؟
- قد أختلف معكم جزئياً، فبالنظر إلى مكانة البحث العلمي لدى الأنظمة السابقة لم تكن توليها الأهمية اللائقة بمكانتها ومخرجاتها وهو ما تعمد إليه بعض أنظمة العالم الثالث التي لا تؤمن بالحرية والموضوعية في مجال البحث العملي، فكان الهدف من إنشاء المراكز البحثية هو أن تدعم توجه النظام لا أن تقدم له الحقيقة والرأي الواقعي خاصة إذا كان مخالفاً لتوجه قادة النظام.
اليمن كغيره من دول العالم الثالث أنشأ مراكز بحثية ولكن دورها كان هامشياً ولا يرقى للموضوعية والشفافية والشجاعة في تقديم نتائج البحث أو الدراسة، كما أنها لم تكن تحظى بالدعم السياسي والاستقلالية ما جعلها مقيدة في بحثها وضحلة في مخرجاتها.
ما تحتاجه مراكز الدراسات اليوم هو المنهجية والاستقلالية لتتمكن من التفكير بعيداً عن أي ضغط سياسي لتقوم بمهمتها الوطنية تجاه البلد الذي يستحق أن يقدم له أبناؤه خيرة أفكارهم للنهوض به من الواقع الذي يعيشه ويرفعه إلى المستوى اللائق به بين الأمم.
* لماذا لا ينفتح المركز على الآخر المختلف من الباحثين والكُتّاب لتقديم رؤاهم وأفكارهم هناك من يقول إنكم تنتهجون خطاباً أحادياً هل مناخ الحرية لديكم ضيق وتعتمدون على أسماء معينة ومحدودة تتفقون معها فيما يكتبه هؤلاء لكم؟
- المركز منفتح على الجميع ويستقبل الآراء بل ونبحث ونتواصل مع الآخرين إلا أن البعض لا يستجيب لدوافع أيديولوجية أو سياسية أو موضوعية تخصه، مع العلم أن المركز يستقبل الكثير من الكتابات أو المشاركات يمكن الرجوع إليها في الموقع الإلكتروني وصفحات مجلة "مقاربات سياسية" وبالتعرف على الكتاب المتوزعين على الجغرافيا السياسية اليمنية والعربية بل والأجنبية يمكن التحقق من انفتاحنا على الآخر الذي يقبل ولديه الاستعداد لذلك، ونحن ندعو ولا نجبر أحداً.
فقد دعونا كتاباً يمنيين ومصريين ولبنانيين وعراقيين وفلسطينيين وجزائريين وتونسيين وليبيين بل قد استجاب وتفاعل معنا كتاب أجانب من بريطانيا وأمريكا وفرنسا ولدينا عدد جديد من المجلة يحوي مشاركات لبعض من ذكر سابقاً.
ونستغل اليوم الفرصة وعبر صحيفتكم لدعوة الإخوة الكتاب والمفكرين اليمنيين في الداخل والخارج للمشاركة وتقديم المساهمات البحثية والعلمية في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمركز أو للمجلة المحكمة.
* بعد ست سنوات من العدوان على اليمن أرضاً وإنساناً هل حقق تحالف العدوان على اليمن مراميه على ضوء ما نشهده اليوم من تداعيات؟
- يقال إن الحرب إذا طالت فهي خاسرة، والعدوان يدخل عامه السادس دون أن يتمكن من تحقيق أيٍّ من أهدافه المعلنة باحتلال صنعاء أو الحديدة أو تركيع الشعب اليمني، صحيح أنه قتل وجرح وشرد وهدم البنية التحتية لليمن من منشآت مدنية وعسكرية وقصف المدارس والمنازل والأسواق والمساجد والأعراس ومجالس العزاء ولم تسلم من طائراته حتى آثارنا ومقابرنا ولكن ذلك لا يعد نصراً ولا حسماً للمعركة، فما زال رجال الجيش واللجان الشعبية ومن ورائهم الشعب العظيم المعطاء في مواجهة هذا العدوان الغاشم لمنعه من تحقيق أهدافه الحاقدة على اليمن تاريخياً وإرغامه على التوقف ورفع الحصار ودفع التعويضات وتأديبه بما أصبح يمتلكه من قوة رادعة اليوم بفضل الله تعالى ثم بجهود أبناء هذا الشعب العظيم الذي أقسم أن لا ترى الدنيا على أرضه وصياً.
العدو السعودي اليوم يقيل قائد قواته المشتركة ويحيله للتحقيق وبدأ بالتخلي عن مرتزقته وأوقف عنهم الدعم والمرتبات بل يقوم باستهدافهم بالطيران كما حدث العام الماضي في نقطة العلم واليوم في أبين، وقريباً سيقوم بطرد المرتزقة من أراضيه ويعلن هزيمته أمام رجال الله من الجيش واللجان الشعبية الأحرار.
* المجتمعات الحية قادرة على اختبار ثقافتها باستمرار في اللحظات الصعبة وأوقات المحنة وخلال الأزمات، أيضاً، الثقافة ليست كتابة ولا كتباً ولا مؤلفات ومحاضرات، والدين ليس طقوساً وشعائر تعبدية فحسب، إنّ الثقافة والدين هما الأثر الذي يصنعانه في الحياة، من أجل الحياة ومن أجل الله سبحانه وتعالى، أستاذ عبدالعزيز كيف ترون هذا الأمر وعلى ضوء ما يجرى اليوم؟
- فعلاً المجتمعات الحية على امتداد التاريخ والجغرافية البشرية تندفع من منطلقات ثقافية دينية وفكرية تمدها بالدافع والحافز لمواجهة المخاطر واللحاق بالأمم المتقدمة، وقد تجسد في اليمن كل ذلك على أكمل وأبلغ ما يمكن تصوره فعند انطلاق العدوان على بلدنا وهو ما ركز عليه الشهيد القائد رحمه الله الذي أكد على أن الدين الذي لا يقود لمواجهة الأعداء فلا خير فيه، والترجمة الفعلية للثقافة والدين والمبادئ والشعارات حققها الشهيد أبو حرب الملصي رحمة الله عليه حيث قال: " أقول لليمني الحُر الذي قال من عيوني يا سعودية، أن إحنا اليوم قلعنا عيناً من عيون السعودية وماضين نقلع العين الثانية" فالثقافة والدين والوطنية التي يمتلكها الشهيد الملصي كانت فاعلة ولم تكن مجرد شعارات وهو الذي أقسم القسم العسكري بالحفاظ على تراب وطنه واستقلاله، ولم يحنث في يمنيه كما فعل المرتزقة الذين آثروا المال المدنس على حساب وطنهم وشعبهم وحريتهم واستقلالهم.
وكثير من الأمثلة التي تحتاج إلى مجلات لتوثق هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا.
* النظام السياسي يفقد شرعيته في اللحظة التي يفشل فيها في التعاطي مع الحياة الإنسانية ويفقد القدرة على الحفاظ على حياة مواطنيه.. هل النظام العربي اليوم حقق برأيك هذه الشرعية؟
- النظام العربي الرسمي خيب آمال الشعوب التي منحته الشرعية للحفاظ على حياتها واستقلالها وكرامتها وصيانة ثرواتها وجغرافيتها، النظام العربي فقد الشرعية لأنه أخل بالعقد الاجتماعي مع الشعوب وهو مدار النظام السياسي وجوهره، واليوم لا نقول إنه وقف عاجزاً عن الدفاع عن الشعوب وحفظ الحياة والمقدرات بل أصبح متواطئاً مع الأعداء لتقديم بلداننا وثرواتنا لهم دون أن يكلفوا أنفسهم عناء المواجهة التي ستقوم بها الشعوب وتدفع ضريبة الحرية والكرامة من دمائها الطاهرة.
* التطبيع مع الكيان الصهيوني يصفه البعض بالعقلاني ويبدو أن قطار التطبيع مع العدو لن يتوقف عند نقطة معينة بل سيستمر، كيف يمكن مواجهة ذلك بنظركم خصوصاً أن النظام العربي الرسمي متماهٍ مع هذا الأمر؟ هل ستكون الكلمة الأخيرة للشعوب العربية أم أن المراهنة على ذلك ضرب من الخيال؟ وكيف يمكن أن ينعكس الأمر سلباً على القضية الفلسطينية خاصة والعرب عامة؟
- هكذا يريدون تصوير ما يسمى بالتطبيع وأنا لي تحفظ على المصطلح (أقصد مصطلح التطبيع) لأنه يعني عودة الأمور إلى طبيعتها! بمعنى أن الأصل والطبيعي هو إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني والأمر ليس كذلك، بل الأمر إقامة علاقات محرمة شرعاً وعقلاً وقانوناً مع كيان مغتصب للأراضي العربية والمقدسات الإسلامية وقاتل مجرم مرتكب للمجازر ولا يزال بحق إخوة لنا في فلسطين ولبنان وسوريا وغيرها،
قطار الخيانة يراد له أن يستمر وقد تمت التهيئة لهذا المشروع مبكراً عبر أنظمة وقيادات ضعيفة وعميلة تخلت عن مبادئها ودينها وقيمها وعروبتها ووطنيتها لتمنح العدو جائزة على جرائمه وضوءاً أخضر للمضي قُدُماً في انتهاكاته.
المواجهة بنظري هي في المرهنة على الشعوب التي تم تغييب دورها فأين الملايين الذين كانوا يخرجون غاضبين لقتل فلسطيني واحد، واليوم تقف الأنظمة في طريقهم ومنعم من التعاطف أو التعاون أو دعم الفصائل المقاومة للاحتلال الصهيوني.. وحدة الفلسطينيين والأمة العربية بشكل عام أهم عامل في المواجهة، وكذلك الإعداد للقوة التي أمر الله تعالى بها ويوجبها العقل والمنطق والتجربة التاريخية.
الوعي ومعرفة من نحن ومن هو العدو وهنا يأتي دور مراكز البحث والدراسات لمواجهة الحرب الثقافية وحرب المصطلحات التي يمارسها العدو على ثقافتنا ووعينا، فلا يمكن لأمة أن تنهض لمواجهة عدو لم تعرفه بعد ولم تتعرف على أساليبه ووسائل حربه ضدها.
* أخيراً ما الكلمة التي تودون قولها في نهاية هذا اللقاء؟
- أتوجه بالشكر لصحيفتكم الرائدة لإتاحة الفرصة في هذا اللقاء، وأدعو جميع النخب السياسية والفكرية للقيام بمسؤوليتهم في هذه المرحلة التي الوطن بأمس الحاجة لنتاجهم الفكري لتحقيق المصلحة العليا للوطن ولأمتهم التي تستحق الحياة الكريمة والعيش بحرية واستقلال.
كما نتوجه بالدعاء لله سبحانه وتعالى أن ينصر جيشنا ولجاننا الشعبية في مواجهة العدو المتغطرس وأن يوحد الصف والكلمة لما فيه خير البلد والشعب الكريم.
|