يحيى العراسي - مسيرة طويلة وشاقة من الكفاح والنضال المرير والتضحيات الجسيمة بالغالي والنفيس والروح والدم حتى الوصول الى تفجير ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ثورة العدل والخير والمساواة وازالة الفوارق في المجتمع ثورة شعبية انقاذية لحياة الشعب اليمني الذي كاد ان يتلاشى تحت وطأة حكم كهنوتي متخلف ضرب ستارا سميكا وحديديا على الشعب اليمني لئلا يرى نور القرن العشرين او يساير تطوراته الحديثة في جوانب التقدم والنهوض..
نعم ثورة حياتية بعد ما يزيد عن نصف قرن من المسير الطويل والشاق والتضحيات الغالية والوصول الى 26 من سبتمبر يوم الثورة الخالدة.
بعد ان تسلم الامام يحيى من الاستعمار التركي بعض الاختصاصات الدينية كالاوقاف والارشاد وما يتصل بذلك عام 1905 جاء صلح دعان بعد ذلك عام 1911 وكان خلال التحضيرت للحرب العالمية الاولى 1914-1918م ضد الاستعمار التركي من قبل المجتمع الدولي من اجل ما سمي النظام الدولي الجديد وبذلك تسلم الامام السلطات على اساس ديني ومذهبي محدود لم يدر في الخلد تاسيس دولة او استلام مؤسسات او قيام حكومة بكامل اختصاصاتها.
واكتفى الامام بتسيير الحال بقدرات محدودة وثقافة نمطية لا تتصل بالشأن الوطني في شيء وفرط بحقوق اليمن الارض والانسان وتداعت الامور العكسية عليه في العشرينيات من القرن الماضي باحتلال اجزاء من تهامة وضياع عسير ونجران وجيزان وتمردات الزراميق والمقاطرة في تعز وهو قابع في مكانة في صنعاء لا يتحرك ولا يناور محدود الاتصال والعلاقة على اساس عائلي واسري دون اشراك القوى الوطنية والفاعلة والمستنيرة حتى تم في 1926 الاتفاق بين الادريسي والملك عبدالعزيز على تولي حماية الادارسة وهيمن الملك السعودي بصورة كاملة على عسير ونجرن وجيزان.
وازداد بذلك غضب اليمنيين التواقين الى الحرية والعدل والدولة حتى وصل في مطلع الثلاثينيات الى قصف قصر الامام من قبل الغاضبين من قبائل همدان وخولان وتطورت المعارضات الى اجزاء واسعة من اليمن وفي عدن المحتلة وتشكلت جمعية الاصلاح من قبل الاحرار التواقين للحياة العصرية وازداد الصراخ في الداخل والخارج من قبل المغتربين اليمنين في ارض الاغتراب كما في دعوات ناشر عبدالرحمن العريقي واخيه من شرق افريقيا وصولا الى حركه 48 التي دكت اركان الامامة وزعزعت كيانه واضعفته لولا دهاء الامام الجديد وعدم الوعي الوطني والجماهيري في الداخل وتهاون خارجي لصالح الامامه والنظام الرجعي وادت بعد فشلها الى التنكيل برجالاتنا واعدامهم بطرق وحشية دون محاكمات او مراعاة لحقوق الانسان المكفولة دينيا ودوليا واخلاقيا ولكن الضربات توالت واشتد عود المعارضة وتوسعت مشاركاتها ببعض عناصر من البيت الامامي نفسه كما في حركة البطل الشهيد المقدم احمد الثلايا عام 1955م.
وكانت نكسة اخرى بالسجن والتنكيل والاعدام لرجالاتها وكل من شارك فيها وفي مقدمتهم الشهيد الثلايا.
لكن الارض اليمنية مابرحت تنتج من جديد وتحبل وتلد فكانت حركه 59 في حاشد وخولان والتي ساندتها الكثير من الشخصيات الوطنية وفشلت بعودة الامام من روما وتهديده بقطع الرؤوس وتدمير البيوت واهلاك الحرث والنسل فكان استبسال العلفي والهندوانة واللقية في عمليتهم الفدائية في مستشفى الحديدة قد صرع الامام احمد برصاصاتهم القاتلة التي بات بعدها مشلولاً قعيدا مخدراً لا يستطيع العيش بدون التخدير بكل انواعه وكانت الممهد الحقيقي لقيام ثورة الشعب المجيدة ثورة العدل والانصاف بعد وفاته في الـ19 من سبتمبر وكان الضباط الاحرار على أهبة الاستعداد وكامل الجاهزية بعد الاعداد الدقيق واشراك القوى الوطنية في التخطيط واكتمال شروط الهجوم بصورة مخططة ومذهلة نالت التأييد واعلنت الافراح بصوت الثورة والجمهورية وتحقق للشعب انتصاره وكان 26 سبتمبر بذلك اجمل صباحات اليمن واعظمها في التاريخ الحديث وتحقق لليمن بعد ذلك الانفتاح على العالم ورفع الستار وتوالت الانجازات بكل صورها بصورة حثيثة من اجل طي المسافات الفارقه بين اليمن والعصر الحديث ولا يعرف ويقدر عاليا تلك الانجازات العظيمة الا من هو على بينة كيف كان اليمن قبل ذلك
صحيح واجهت الثورة مؤامرات وعداوات خارجيه من قبل السعودية وحلفائها الدوليين والاقليميين الذين لا يريدون لليمن الحرية والامن والاستقرار والتطور والنهوض بالاضافة الى المرضى الذين فقدو مصالحهم واحداث بتور وقصور في جسد الثورة الا ان النضال الوطني كان قوي وتغلب بإرادته القوية وامكاناته المحدودة وانتصر على الحصار ومضى حثيثا الى الامام محققا التطلعات والاماني وكانت العجلة تدور باستمرار ولم تتوقف..
|