د. علي محمد الزنم ❊ - بدايةً التهاني والتبريكات للقيادة السياسية والشعب اليمني بمناسبة أعياد الثورة اليمنية »سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر« وهي محطات مهمة لتقييم تلك الثورات وفي المقدمة الثورة الأم ثورة 26 سبتمبر التي انطلق منها المارد صوب قصر البشائر ليسقط حكم الأئمة في 1962م، ومن خلال ربطها بثورة الـ14 من أكتوبر 1963م، التي تؤكد حقيقة ناصعة وهي واحدية الثورة اليمنية والتضحيات الكبيرة في سبيل ترسيخها وتحقيق أهدافها الستة، وحرب السنوات السبع بين الجمهوريين والملكيين المدعومين من آل سعود.
كل تلك الأحداث التي مرت بها اليمن وضعت نفسها أمام الكُتاب والنقاد ليتحدثوا عن ثورة 26 سبتمبر، هل هي ثورة أم انقلاب؟ وأصحاب الرأيين كلٌ له توجهاته، باعتبار أن من يذهب إلى مصطلح الثورة بأنها تنطبق على ثورة الـ14 من أكتوبر 1963م، كونها ضد المستعمر البريطاني وأما ثورة 26 سبتمبر فهي انقلاب داخلي وتغيير نظام، لكن بغض النظر عن القولين نتحدث عن النتائج ومخرجات الثورتين، هل كانت صائبة وأحدثت نقلة نوعية في حياة الشعب اليمني أم العكس من ذلك أم أنها لم تصل إلى ما كان يؤمل منها في تغيير الوضع المأساوي في اليمن المشطر، ومن خلال الاستعراض للأحداث قبل وأثناء الثورة وبعدها نشاهد تغييراً إيجابياً كبيراً في حياة الشعب اليمني وبصورة تدريجية خاصة في شمال الوطن، كون جنوب الوطن دخلت عليه الصراعات المبكرة بين الجبهتين القومية والتحرير كما هو في شمال الوطن الذي ظل في صراع وانقلابات مستمرة شكلت خلال رئاسة السلال والإرياني 22 حكومة مما يؤشر على عدم استقرار الوضع عموماً.
ما أريد أن أصل إليه من استخلاص مختصر لهذه الحقبة من تاريخ اليمن بأن الثوار أدوا ما عليهم ووضعوا أهداف ومسؤولية التنفيذ على من يليهم بالمسؤولية المتناقلة منذ 1962م حتى يومنا هذا، لكن ما هو ملاحظ بشكل جلي أنه وبعد مرور ثمانية وخمسين عاماً من عمر الثورتين سبتمبر وأكتوبر ،سبعة وخمسون عاما ويأتي من يطالب بالعودة إلى الماضي بطريقة أو بأخرى، ومن يطالب بالاستعمار وبصور مختلفة ومتعددة، مما يبرز لنا مؤشراً سلبياً بأن الثورة وأهدافها النبيلة والسامية لم تخلق جيلاً مؤمناً ومتمسكاً بأهدافها والدفاع عنها، لكنهم تخلوا من أول صراعات القرن الواحد والعشرين، فأين القصور في عدم وصول الثورة إلى عقول أبنائنا والجيل الحالي والقادم، فإن مراجعة منهجية الثورة وترسيخ أهدافها، وبناء المجتمع اليمني على أساسها يجب أن نعترف بفشلها والعمل على تصحيح المسار، وأعتقد أن المشكلة الرئيسية هي سلوكيات القيادات التي تعاقبت على قيادات الدولة في الشمال والجنوب، وبعد الوحدة خلقنا جميعاً جيلاً متصارعاً وغير متصالح مع نفسه ومع الغير وغير منسجم مع آراء من يحملون رايات الثورة والجمهورية، والواقع العملي يشير إلى عكس ذلك مما خلق اليأس لدى مواطنينا وأن ثورتي سبتمبر وأكتوبر أكذوبتان بدليل عدم إيجاد جيل متجانس مؤمن بالثورة الأم وأهدافها الستة، بل وُجد بينهم من يحن إلى الماضي ويعيدنا مرة أخرى للمربع الأول وهو جرس إنذار بأن القائمين على الأمر سياسياً واجتماعياً وتعليمياً لم ينجحوا وهذا ما نوصي به من خلال استعراضنا للصراعات المستمرة والأزمات المتلاحقة سياسياً وعسكرياً وانقسام جاء من المجتمع اليمني يجعلنا نفكر ألف مرة في الاعتراف بأخطائنا وتصحيح مسار الثورة والجمهورية وتصبح واقعية تتفق مع تطلعات الشعب اليمني المهدد اليوم بأمنه واستقراره وجمهوريته ووحدته، فليس أمامنا سوى الهروب إلى المصارحة والمصالحة والاتفاق على ما يجمع الأمة بين ثوابت ليست مقدسة لكي تلقى إجماعاً معقولاً يحقق للوطن الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي مترجماً أو مصححاً لأهداف الثورة اليمنية الأم، وليس عيباً أن نطلق على مستقبل نبنيه بصورة قريبة للواقع بالجمهورية الثانية أو الثالثة.. المهم يلمس المواطن حقيقة الثورة وترجمة أهدافها، وتغييراً جذرياً ينقل الشعب من وضع سيئ إلى وضع أفضل، وبالتالي مراجعة المسميات لم يكن الدافع انتقامياً في حق جهود الثوار وتضحياتهم الجسيمة، لكن كان الدافع هو في ضوء النتائج لما بعد الثورة والوضع الذي أفرزته، ويظل الأمر محل تقييم، وأي إخفاقات يتم التقليل من ثمار الثورة أياً كانت، وبالتالي المواطن البسيط قد لا يدخل في عمق الحدث وأبعاده ومسألة الحرية والكرامة بقدر ما يقيس كل ذلك على وضعه المعيشي والأمني والجوانب الصحية والتعليمية والخدمات الأساسية التي تسير حياته وبعدها يقيم إما أن تكون ثورة سبتمبر ثورة حقيقية أو انقلاباً، وكذا ثورة أكتوبر وصولاً إلى ثورات ماتسمى بالربيع العربي، اليوم المواطن يقيمها بأنها نكبة وليست ثورة شعبية، باعتبار أن المحصلة العامة التي آلت إليها الأمور في كثير من البلدان ومنها اليمن كارثية حروب وانقسامات وأزمات وفتن لم تهدأ حتى اليوم للأسف الشديد.
وأمامنا جميعاً فرصة لتصحيح كل تلك الانتكاسات وندعو إلى وحدة الصف الوطني لمواصلة مواجهة العدوان الغاشم الذي شن على وطننا بقيادة عالمية تتزعمه أمريكا وإسرائيل وأدواتهما بالمنطقة في المقدمة السعودية و الإمارات.. ونحيي الانتصارات التي تحققت بفضل الله على يد رجال الرجال من الجيش واللجان الشعبية فهم عنوان عزتنا.. وعزاؤنا فيما آلت إليه الأمور فبمقدور اليمنيين إعادة البوصلة لاستدراك مافاتهم من إعادة اليمن القوي بعيدا عن الوصاية والتدخل الخارجي .
❊ عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام
عضو مجلس النواب
|