د.أحلام البريهي - لم تكن ثورة 26 سبتمبر 1962م عملاً ارتجالياً، أو نتيجة ظروف طارئة، بل كانت حصيلة محطات نضالية متعددة حيث أخذت فكرة الثورة ضد الإمامة شكلها الشعبي والوطني المنظم، من منتصف أربعينيات القرن الماضي، وذلك بتشكل النواة الأولى لحركة الأحرار في 1948، كأول حركة منظمة لإسقاط نظام الإمامة واستبداله بنظام حكم دستوري، يحمل في طياته تحولات جوهرية ستخرج اليمن من عزلتها التي فرضها الإمام يحيى حميد الدين.
ونجحت هذة الحركة 1948، أو ما عرف بـ"الثورة الدستورية"، في اغتيال الإمام يحيى حميد الدين،، إلا أنها فشلت في استكمال أهدافها وتصعد الحكم الامام أحمد حميد الدين نجل الامام يحي ، الذي كان وليا للعهد حينها، وقام بحشد أتباعه وإسقاط مخطط الثورة وسجن رموزها وإعدام عدد كبير منهم.وبذاك تكبد مشروع الثورة خسارات فادحة أدى إلى انتكاسها الا أن الأمر لم يغادر فكر الثوار بل زادهم يقينا بضرورة القضاء على الإمامة، ونظام الحكم الملكي، واستبداله بنظام جمهوري، يضمن العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات.
فنظّم الثوار صفوفهم، وخططوا لاستكمال نهجهم وبناء على ذلك جاءت حركة إبريل 1955، التي قادها المقدم أحمد الثلايا ورفاقه، والذين نجحوا في إجبار الإمام أحمد على التنازل عن العرش، إلا أن غياب التنسيق بين الثوار، وعدم استنادها لقاعدة شعبية، أحبطها، وسيق قادة الحركة إلى ساحات الإعدام، لتبدأ مرحلة قمعية غير مسبوقة ضد الحركة الوطنية.
ولم يبق أمام الثوار من خيار إلا اغتيال الإمام أحمد، ومن هنا جاءت حركة مارس 1961، حيث نفذ ثلاثة من أبطال اليمن، هم الملازم عبدالله اللقية ومحمد عبدالله العلفي، ومحسن الهندوانة، محاولة اغتيال للإمام أحمد في إحدى مستشفيات الحديدة.
نجح الأحرار الثلاثة في إصابة الإمام أحمد، إصابة بالغة، لكنه نجا، واستشهد الأحرار الثلاثة بعد أن اشتبكوا مع حرس الإمام، الذي ظل يعاني من إصابته حتى توفي متأثراً بها في 19 سبتمبر 1962م.
حينها كانت الحركة الوطنية قد بلغت الذروة من حيث التنظيم والالتفاف الشعبي والعسكري حولها، وبعد وفاة الإمام أحمد، تولى محمد البدر نجله، الذي أظهر في البداية رغبة في الإصلاح، لكنه انقلب وأعلن صراحة عزمه المضي على نفس منوال والده.
قرر الثوار الاستعجال بالثورة الكبرى، قبل أن يشتد سلطان محمد البدر، وقبل أن يتمكن من امتلاك زمام الحكم، فبادروا لتنفيذ الثورة بعد ستة أيام فقط من اعتلاء محمد البدر مقاليد الحكم.
وفي 26 سبتمبر 1962، أطلق الثوار شرارة الثورة، بعد أن خططوا لها بدقة، مستفيدين من أخطاء الحركات النضالية السابقة في 1948، و1955، و1961، ونجحوا فعلا في السيطرة على صنعاء وتعز وأجبروا محمد البدر على الفرار.
أعلنت الجمهورية، ومن هنا بدأت مرحلة جديدة من الصراع بين الإمامة والجمهورية، ودخلت السعودية كداعم رئيسي لفلول الإمامة، بينما انخرطت جمهورية مصر العربية، إلى جانب الجمهورية الوليدة، وأرسلت الآلاف من جنودها لتثبيت النظام الجمهورية.
استمر النزاع بين الجمهورية، وفلول الإمامة، قرابة 7 سنوات، وعاشت الجمهورية ورجالها مراحل حرجة، خصوصا أواخر العام 1967، واوائل العام 1968، فيما يعرف بـ"حصار صنعاء"، والذي انتهى بهزيمة فلول الإمامة، وتنازل البدر عن المطالبة بالحكم، لتتم المصالحة الوطنية عام 1970، ثم اتي عقد الثمانينات ليجسد أهداف الثورة ويبدأ بتحقيقها فكانت النهضة التنموية ثم تم استعادة تحقيق الوحدة اليمنية كهدف رئيسي من أهداف الثورة، وإشاعة الديمقراطية والتعددية الحزبية ،وبناء علاقات وطيدة مع الجوار ،والانطلاق نحو العلاقات الإقليمية والدولية والاستفادة منها وانفتح اليمن على كافة الحضارات،والثقافات وعمد إلى بناء جيش وطني قوي ليحمي الثورة والوحدة والجمهورية والديمقراطية ودفع لأنباء الوطن لنيل التعليم داخليا وخارجيا واستحداث قفزة تعليمية من خلال تشيد المدارس والجامعات والدفع بعجلة التعليم إيمانا بأن تغيير الفكر البشري والرقي به هو أساس النهضة الوطنية الا أن الحاقدين على ثورة 26سبتمبر وماحققته للوطن من ازدهار واعمار ومكاسب وطنية جعلت اليمن اسما قويا في الجزيرة والمنطقة ظلوا يواصلون مخططهم التدميري ويجهزون عدتهم للانقضاض على اليمن الجمهوري فأقاموا نكبة تحت مسمى ثورة (نكبة 21فبراير 2011م) نكبة كل ماحملته هو استهداف ماحققته ثورة سبتمبر المضيئة.. فأسقطوا النظام، وحطموا الدستور، وجزأوا الجيش الوطني، وادحضوا الوحدة، وقسمو الوطن، وأشعلوا فتيل الحرب ، ووضعو اليمن تحت البند السابع وجعلوا سيادة اليمن مستباحة، استجلبوا العدوان واوجدوا الصراع بين اليمن ودول الجوار وحطموا ماكان قد بنائه من علاقات إقليمية ودولية..وحاصروا الوطن واعادوه محاصرا كمان قبل ثورة سبتمبر وعمدوا إلى توجيع الشعب اليمني وإشاعة الفقر والمرض ، استهدفوا التعليم والمؤسسات التعليمية وعمدوا لاغلاقها حتى يعيدوا الجهل إلى أبناء الوطن، اعادوا الطبقية والمناطقية والمذهبية ودحضو مجتمعاً متساوياً في الحقوق والواجبات.. ونحن اليوم في ذكرى هذة الثورة المجيدة التى كانت قد طالت نعمها كافة أبناء الوطن ونحن إذ نسلسل خطوات تحقيقها وخطوات محاولة تدميرها إذ نرى أن البناء صعب وما اسهل الهدم.واذ نرى أن بأيدٍ يمنية وبخطط أجنبية تم تدمير بيتنا اليمني وماكنا قد أنجزناه في سنين من العمل والبناء تم تدميره بعشر سنوات من الهدم .واني لارى جميع الوطن اليوم متضرر مماحدث من انتكاسة فبراير وما أنتجته من وبال وداء عضال آلم بالمواطن اليمني وأصابه في العظم واستباح جسده كاملا...فاني ادعو عقلاء هذا الوطن وكل مراكز القوى فيه ومن في قلبه ضمير وطني وشرف للانتماء لهذة التربة أن يوقفوا استمرار انتشار هذا الداء العضال وان يجتعموا لمعالجة جسد اليمن المنهك وان يرمموا ما أفسده السفهاء منا. فنحن مازال بيدنا أن نستعيد العافية ومازال في الزمن فرصة يجب أن ينتهزها الرجال الاخيار في الوطن ليستعيدو. وطن 26سبتمبر المجيد ووحدته وديمقراطيته وبناءه وجيشه وقوته ونهضته وانفتاحه على العالم .
❊ عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
|