د. علي محمد الزنم ❊ - بدايةً نرفع أسمى آيات التهاني وأجمل التبريكات إلى شعبنا اليمني الصامد المناضل من صعدة حتى المهرة بمناسبة العيد الـ57 لثورة الـ14من أكتوبر المجيد الذي حل علينا واليمن يمر بظروف حرجة وعدوان غاشم واحتلال جديد ولعل المخرج والمنفذ هو هو من احتل جنوب الوطن في الماضي يكرر المشهد في الحاضر وبأدوات محلية وأقليمية حاقدة ولذا فإن مشوار النضال التحرري مستمر وهو قدر ومصير الشعب اليمني الذي لا يقبل بالضيم والخضوع إلا لخالقه جل وعلا .
وستظل ثورة 14 أكتوبر 1963 شأنها شأن ثورة 26 سبتمبر 1962م حدثاً بارزاً في حياة الشعب اليمني وستبقى ذكراهما خالدتين في ذاكرة الشعب حتى وإن لم يتم تدوين أحداثهما بالشكل المطلوب وكذا الأجيال التي تتطلع إلى معرفة هذا التاريخ، وسيبقى كذلك حتى تكتمل الكتابة بالصورة الطبيعية والواقعية، وبما أن الشخصيات الوطنية التي شاركت وأسهمت بدور بارز في النضال الوطني وانتصار الثورة اليمنية في اعتقادي لاتزال هي المرجع الوحيد عن تلك الثورتين والنضال من أجلها فكان علينا أن نتتبع ماذا يقول الرعيل الأول الذين شهدوا وشاركوا في صنع الانتصار لإرادة وحرية وكرامة الشعب اليمني من ظلم الإمامة والاستعمار، والجميع يؤكدون واحدية الثورة اليمنية..
الثورة الأم 26 سبتمبر، وجاء دور ثورة 14 أكتوبر لنصحب القارئ عبر إطلالة قصيرة عن أهم الأحداث والمؤثرات لنجاح هذه الثورة وما رافقها من انعكاسات على اليمن أرضاً وإنساناً بشكل عام.
لتحديد البعد الزمني لهذه الثورة منذ وقت مبكر من الخمسينيات بالذات بعد قيام ثورة يوليو 1952م في مصر العربية واشتداد نضال حركات التحرير في الوطن العربي وخارجه ضد الوجود الاستعماري، وقد كانت اليمن تزخر بالانتفاضات والتمرد ضد الحكم الإمامي في الشمال والوجود الاستعماري في الجنوب وشكلت عدن التي فيها القيادة المركزية للاستعمار البريطاني وقواعده العسكرية شكلت مركز تجمع لكل اليمنيين شمالاً وجنوباً، ومنها كانت البداية للانطلاقة المنظمة لحركة الثورة اليمنية ضد الإمامة والاستعمار، ولذلك شهدت نهاية الخمسينيات النشاط النقابي والسياسي العلني داخل مدينة عدن وبعض المدن اليمنية الأخرى.
وكان من الطبيعي أن يفكر الاستعمار البريطاني بأشكال سياسية جديدة ليتعامل من خلالها مع المتغيرات التي حدثت، ولاحتواء المشاعر التحررية التي تحركت في وجدان الجماهير اليمنية جراء ثورة مصر القومية بقيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فقام الاستعمار بإنشاء مجالس بلدية محلية دعا لأول مرة أبناء مدينة عدن لانتخاب من يمثلهم في هذه المجالس مع اشتراطات حرمان أبناء المناطق في المحميات الجنوبية وأبناء الشمال من حق الترشيح والانتخاب في هذه المجالس، ومن ثم عمل الاستعمار البريطاني بحق التكوين النقابي للعمال في عدن وأصدر قوانين تنظم حرية التكوين للنقابات وهكذا تطورت أساليب السياسة البريطانية في عدن والمناطق الأخرى فيما كانت تسمى بالمحميات، وكلما تطور وعي المواطن وزاد تفاعله مع الحركات الثورية والقومية في الوطن العربي كلما ابتكر الاستعمار أسلوباً جديداً لاحتواء هذه التطورات.
البريطانيون وفكرة الاتحاد الفيدرالي وإنشاء مجلس تشريعي
مواكبة للمتغيرات وتعامل السياسة الاستعمارية البريطانية معها، فقد بدأ في هذه المرحلة البريطانيون يعملون على إيجاد صيغة اتحاد فيدرالي يجمع أولاً جميع السلطنات والدويلات في المحميات الغربية ومن ثم صيغة اتحادية مع مدينة عدن والمحميات الشرقية حضرموت والمهرة، وترافق مع هذا النشاط البريطاني إنشاء مجلس تشريعي لمدينة عدن لإشراك المواطن العدني فقط وأبناء الجاليات الأجنبية في صنع القرارات الإدارية لمدينة عدن وحرمان أبناء المحميات الأخرى وأبناء الشمال من حق الترشيح والانتخاب إلى هذا المجلس.. وهنا برز النفس الاستعماري الخبيث من خلال محاولة شق الصف بين أبناء اليمن، حيث قام البريطانيون بإشراك أبناء عدن وحرمان أبناء المحميات الأخرى أبناء المناطق الشمالية وحاول الاستعمار مواجهة كل الحركات الثورية بأساليب مختلفة ومتصاعدة لمواجهة المد التحرري في الجنوب اليمني وخاصة بعد أن بدأ نشاط النقابات يتوسع تأثيره في أوساط الجماهير والتبني الواضح ليمنية عدن والمحميات الغربية والشرقية، واعتبار حق المواطنة في عدن لكل أبناء اليمن.
نشاط نقابي وحزبي مكثف ضد الاستعمار
رافق هذه المرحلة نشاط نقابي واسع بعد عام 1958م، وقد برز النشاط الموسع لحزب البعث العربي وحركة القوميين العرب إلى جانب نشاط رابطة أبناء الجنوب التي شكلت في نهاية الأربعينيات، وقد شكلت الجبهة الوطنية المتحدة عام 1956م، مع العلم أن نضال الرابطة كان هدفه من أجل دولة الجنوب العربي عدن والمحميات الغربية والشرقية لدولة عربية لا ترتبط باليمن ولا تعترف بيمنية هذه المناطق الجنوبية، وهكذا تصاعد النضال التحرري في الجنوب وبرزت احزاب أخرى كحزب اتحاد الشعب الديمقراطي (الماركسي) في عام 1962م وغيرها من الأحزاب.
وهناك عناوين كثيرة عن ثورة الـ14من أكتوبر وتفاصيل مثيرة للغاية ووفقاً للمراجع التي رجعت إليها ومقابلات لعدد من المناضلين وممكن أن نسرد كل ذلك في حلقات وفي مناسبات أخرى.
ونكتفي اليوم بهذه المقدمة احتفاء بذكرى التحرر من المستعمر البريطاني ونقول بأن الحكاية مازالت مستمرة فالمحتلون الجدد بحاجة إلى سبتمبر، وأكتوبر ونوفمبر أخرى لنقتلع وجودهم غير الشرعي، وجاري تجديد الاشتراك في مسيرة النضال الطويل ليقول الشعب اليمني كلمته في حق كل من تجرأ على حريته وكرامته واستقلاليته وأمنه واستقراره وسوف ينتصر بإذن الله وعونه ويعود الوطن إلى ألقه الوحدوي السبتمبري الأكتوبري مهما تعقد المشهد وتصاعدت أصوات البنادق فهي مقدمة السلام المشرف الذي نناضل من أجله ومن أجل الحرية والاستقلال.
❊ عضو مجلس النواب
|