محمد اللوزي - الفتات من الاحزاب لم تعد قادرة على ان تجد نفسها بضياعها للأيديولوجيا وفقرها القيمي وتنازلها التام عن المبادئ التي سار عليها رفاق كانوا في المعترك النضالي حقيقة حتى ان البعض أخفي أو اغتيل أو سجن وعذب ليخلف من بعدهم رفاق خانوا كل نضالات من سبقوهم بارتمائهم في احضان الرجعية والاستعمار بلامبالاة أوحتى ندب حال.. والواقع أن تغييب الايديولوجيا بفعل المغرى المادي قد جعل من هذه الاحزاب مثار تندر وسخرية وتحولت من صمام امان التعددية السياسية والحزبية الى مجرد ديكور لمسرحية عبثية تحت عنوان التحالف لتدمير الوطن.. وإذاً فذات الاحزاب اليسارية التي كانت نشأتها على النقيض من دول البترودولار عملاء الاستعمار والإمبريالية وتتحد مع تطلعات الجماهير وتشكل رافعة سياسية مهمة لها.، هي الآن تقع في فعل المؤامرة تتخذ من لافتاتها الحزبية مجالاً لجني محصول العمالة والخيانة وتشرعن للقتل بلامبالاة بما يعني أن هذه الاحزاب تلتقي مع قوى اليمين في تعميق التخلف وطمس الهوية النضالية وفتح نوافذ وارتزاق وصراع أيضا فيما بينها بما فيها الاحزاب الوسطية وقد تشظت كما هو حال الشعبي العام لتبدو الصراعات البينية متعددة والعمالة واحدة. الجميع مع الرياض وأبو ظبي ولكنهم في تناحر الاصلاح ضد الناصري والناصري ضد المؤتمري والمؤتمري ضد الاصلاح والجميع ضد انصار الله والكل ضد الكل. بلاوجهة وبلا رؤية وطنية، وبلا معنى نضالي. تداخلات هذا الصراع حتى في إطار الحزب الواحد نفسه، ففي الداخل لايوجد اتفاق مع الخارج، الناصري والاشتراكي والمؤتمري في الداخل لا يتبع ولايتفق مع الخارج، وكل له قيادته وادعاء التمثيل، من بوابة هذا التشظي استطاعت قوى التحالف ان تغرس انيابها في خارطة الوطن اليمني لتتحول الى احتلال تشرعنه الاحزاب المنضوية في البترودولار، فالجنوب يرزح تحت قوى الهيمنة والاستعلاء ولاوجود يذكر لما تُسمى شرعية على الارض، وهي الاخرى على تناقض مع الوطن والثورة والوحدة ومع نفسها ومجرد أداة طيعة لقوى الاحتلال.
واقع الحال يكشف عن خواء سياسي فلم يعد احد يمتلك سيادة اتخاذ القرار لا الوطني ولا الحزبي الكل في فلك العمالة والارتهان يستخذي ويعيش أزمات نفسية بين واقع اليوم ونضالات الأمس.. في كل الأحوال ثمة تحولات عميقة قد تقصي القوى الرخوة والانتهازية السياسية التي قد تجد نفسها أمام مساءلة الاحتلال لها بأنها مجرد قوى مرتزقة لم تقدم نصراً.. وقد تجد من يمنحها وقتاً ضيقاً للمغادرة الى أي وجهة بما جنته من أموال ثمن دور قدمته وانتهى.. في المحصلة الفرصة مازالت متاحة رغم ضيق الوقت في عودة الوعي الى هذه الاحزاب بمختلف ألوانها وتفاعلاتها السلبية وتشظيها على نفسها وعلى التعددية الحزبية اللاممنهجة واللامؤدلجة والمتمصلحة من هذا التحلل القيمي الذي اغرقت نفسها فيه، بمقدورها ان تتقارب وتتجاوز ثارات صنعتها ظروف سياسية ومصالح مالية الى واقع افضل، لشراكة مع الداخل ليس بأفضل شروط وإنما بالممكن، قبل ان تجد نفسها على قارعة الطريق مهملة مرمية تأكل فتات البترودولار دون اي حضور اخلاقي لها.. ثمة تباينات تجاوزها تهم الاثرياء أولاً من قادة الاحزاب للدخول دونما تأشيرة الى الوطن، فهل تجد احزاب مفككة القدرة على ترميم شروخات اتسعت، أم ستبقى في ذات التصدع حتى أفولها ببروز قوى جديدة قادرة على فعل المبادرة والتجديد..؟ القادم وحده يجيب على هذا التساؤل. |