د . أحمد محمد الأصبحي - تكشفت حقيقة المخططات التآمرية على اليمن بوضوح وبدأت دول العدوان وشركاؤها بتنفيذها منذ العام 2011م .. ونظراً لغياب الرؤية حول أهمية اليمن البحرية والاستراتيجية..
"الميثاق" تفتح كتاب "نحو وطن مزهر.. "استراتيجية الموقع وثقافة البحر" للدكتور أحمد محمد الأصبحي حتى يطل القارئ الكريم من خلال فصول على كافة الجوانب المرتبطة بالأمن الاستراتيجي الحساس لليمن.. والذي سيتم نشره في حلقات
• إن قراءتنا للتاريخ قراءة دقيقة، غير متحاملة ستجعلنا نقف على أن شعبنا بنى السدود والمدرجات الزراعية بالتعاون، وفي أيام الدولة الرسولية كان الاهتمام بالنخيل والإكثار منها، وتعدادها.. لتقوم عليها مصانع وحرف يدوية وأشغال ومهارات إلى أيامنا هذه في ساحل تهامة.. كالفرش والحصر والزنابيل والقفف والآجاب والمراوح اليدوية والخيوط والحبال والسلال المختلفة.. والزراعة المتنوعة التي شملت زراعة الأرز والشاي اللذان ليسا الموجودان الآن.. ألم يقل المثل: ازرعوا تهامة تشبعوا ليوم القيامة! ولكن بسبب الجهل والتخلف صارت تهامة فقيرة تحصدها أمراض ووبائيات الملاريا، وحمى الضنك والكوليرا وغيرها..
ولا يختلف اهتمام الدولة الرسولية بالصناعة اليدوية في ساحل تهامة عن الزراعة، فمن تراب مدينة حيس انتشرت صناعة الأدوات المنزلية كالأباريق والأكواب والجمان والجفان والقلل والجرار والأزيار والتنانير وغيرها..
ومن قطنها وكتانها وجلود الماشية أقاموا المصابغ والمدابغ وحياكة الأنسجة والملابس وصناعات الجلود والحقائب والأحذية، واتخذت الدولة الرسولية من زبيد، مدينة للعلم والعلماء..
ومنها ظهر "القاموس المحيط" للفيروز أبادي، واشتهرت زبيد، وإلى
أيامنا هذه بعلوم القرآن والحديث والفقه واللغة والأدب، والتاريخ والفلك والرياضيات وعلوم الزراعة والنبات والصيدلة.
ولا غرابة فالناس ـ كما يقال ـ على دين ملوكها ـ ومعروف أن الحكام والسلاطين في الدولة الرسولية كانوا علماء في علوم الدنيا والدين، وكانوا يشجعون العلم والعلماء ويبنون المدارس، فجعلوا من مختلف مناطق اليمن نواة للتقدم والنبوغ وجعلوا من تهامة نواة للعلم والزراعة والصناعة، وحري بنا أن نهتم بها ونطورها ونحدثها.. ولا ننس أنها أرض أبي موسى الأشعري وأرض الأشاعر، ومثلها تعز التي اتخذتها الدولة الرسولية عاصمة
سياسية وثقافية، وفيها القلعة وجامع المظفر والمدرسة الأشرفية، ومنها انطلق التعليم وبناء المدارس وإليها استقدم العلماء والصنائعيون وازدهرت ونمت.. وغدت إلى يومنا هذا عاصمة الثقافة، مثلما اعتبرت إب عاصمة السياحة والخضرة والجمال.
كفانا فقراً واحتراباً وتخلفاً في القرن الحادي والعشرين، ونحن في الأصل أغنياء، ومازالت صعدة حتى اليوم تنتج اعناباً ورماناً وزاد عليها برتقالاً وتفاحاً وبطيخاً وخياراً وخضروات شتى.. ولكن القات يذهب بالبركة.. وكانت مناجم الحديد التي تشهد عليها تلال (خبث الحديد) المنتشرة في صعدة.. صنعت منها السيوف والرماح والجنابي والسكاكين. وصنعت منها المطارق وأدوات البناء، والزراعة، وأدوات الطبخ والصحاف والقدور الراسيات والجفان.. وقد ترك العمل باستخراجها!..
ومازالت قوانين السّقي في صعيد صعدة قائمة ومعمول بها، كما أن مدينة صعدة اشتهرت بالعلم والأدب والشعر.. وقبور مدينة صعدة تؤرخ لموتاها بتواريخ شعرية في شواهد من الحجر أو الرخام، فضلاً عن تميزها بالعلوم الدينية.
وهي اليوم تمطر بوابل من القذائف تحرق المزارع وتهلك الحرث والنسل، فالحرب لا تعرف الأخلاق.
ومدينة عدن فإن سكانها يأتيهم قوتهم من أبين ولحج وتعز وإب،
لا ينقصهم شيء من الغذاء، مثلهم مثل شبوة والمكلا وسيئون ومأرب والجوف وتعز والحجرية وعمران وحجة والمحويت وريمة والحيمتين وحراز وصعفان وعتمة والوصابين وذمار والبيضاء والضالع ويافع.. وجميع مناطق اليمن تكاد تكون مكفية، لأن الأرض طيبة، والمزارع اليمني نشطٌ رغم الحرب.
فبعد أن كنا نصدر البن والحبوب بجميع أنواعها إلى وقت قريب، وقد حل محل البن، شجرة القات التي لا تصدر إلى الخارج، وإنّ ما هو ملاحظ زحف شجرة القات على الأراضي والمدرجات بشكل جنوني، والشعب مقدم عليها صغاراً وكباراً، نساء ورجالاً.. يمضون وقتاً طويلاً لمضغها على حساب الوقت.. والصحة والمال، ولا تكاد مدينة او قرية في اليمن إلا وأهلها يمضغون القات، ولقد عاب علينا هذه العادة المستحكمة د. مهاتير محمد، وطالب بالإقلاع عنها! وكثيرون غيره ممن زارونا وقالوا لوكان هناك ما يشغلهم بالصناعة وغيرها من أعمال الإنتاج، هل سيجدون وقتاً يهدرونه
في القات ولوك القيل والقال ؟
• كفانا فقراً واحتراباً وتخلفاً اليوم، ونحن في الأصل أغنياء، ولا عذر لنا، فإنَّ ما رُفع من شعار عظيم "يد تحمي ويد تبني" فإنّ اليد التي تبني مازالت تنتظر أن تبني، فهي متوفرة وتنتظر فرص العمل..
• كفانا فقراً واحتراباً وتخلفاً إلى وقتنا هذا، ونحن في الأصل أغنياء، وكم من دولة وشعب من حولنا كانوا فقراء، وكان الدمار والاستعمار قد حاق بهم، كلما ودوا أن يكونوا أغنياء فاستقلوا بإرادتهم وعزموا على التغيير فتحقق لهم ما أرادوا، وأصبحوا يضرب بهم الأمثال، وماثلين أمامنا للعيان: اليابان، الصين، كوريا الجنوبية والشمالية، الهند، سنغافورة، ماليزيا، إندونيسيا، وستعقبهم الباكستان وإيران قريباً جداً فهم جميعاً شرقيون، وشهدت علاقاتنا التجارية والثقافية معهم سلاماً وصفاء في التاريخ القديم والوسيط لا استعمار فيه، بل شكلت عملية الاحتكاك من خلال الأخلاق الكريمة دخول عدد كبير في الإسلام.
• وتعتبر هذه الدول مادة استفادة لنا، وخبرة من نوع ماسيكون عندما نقرر البدء بالتغيير نحو وطن مزدهر. فلنفكر إذا بجدية.. ولنراجع أوضاعنا ولنضع نصب أعيننا قول الله تعالى إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ولنشرع نحضِّر للتغيير بإحصائية بعدد رجال الأعمال والتجار من جميع مدن اليمن والاجتماع بهم، ومفاتحة شركة أجنبية من خلال إعلان مناقصة دولية لتركيب توربينات لتوليد الكهرومائية وبطاقة كبيرة تغطي حاجة المدن الصناعية المستقبلية والبلاد.
• إعلان مناقصة عالمية لتحلية المياه من البحر.
• تخطيط الأراضي البيضاء في منطقة ذوباب والشيخ سعيد، وعمل مشاريع البنية التحتية لمدينة صناعية.
• توزيع الأراضي بين رجال الأعمال والتجار، ومعرفة عمل كلً منهم وفق إرشادات، لإنشاء مجمعات صناعية في المدينة الصناعية، تحل مكان
ما كان يعتزم تنفيذه عام 2008م، من مخطط سابق لأوانه لإنشاء جسر بحري كأطول جسر في العالم يربط بين اليمن وجيبوتي عبر المضيق، وبناء مدينة تعرف بمدينة النور!
الاهتمام السياحي بالجزر:
1. يهدف إلى إحياء الجزر، وأن تكون آهلة بالسكان.
2. خلق فرص عمل أمام اليد العاملة.
3. يفضل أن تكون اليد العاملة من أهالي المنطقة.
4. إعداد وتدريب الشرطة السياحية وتزويدها بالقوارب.
5. إمداد الجزر بالكهرباء والماء الصالح للشرب.
6. عمل مظلات، واكشاك ومرافق صحية في الجزر.
7. توفير قوارب سياحية للتأجير، وأدوات ولوازم وبدلات غطس.
8. مطاعم سياحية.
9. محال تجارية للمقتنيات السياحية كالمرجان والميداليات والطين.
10. فنادق (Day Use).
أرخبيل سقطرى:
هذا الأرخبيل رغم شهرة سقطرى التاريخية من القديم منذ عهد الرومان إلا أنها مازالت بكراً خاماً سياحياً.. ولأنها متميزة بندرة نباتها وطيورها، والإقبال السياحي عليها فإن ذلك يستوجب فضلاً عما ذكر من الجزر، وجود:
1. الاهتمام السياحي بالمدن القائمة في سقطرى (حديبو، قلنسية..).
ــ زيارة أشجار دم الأخوين واستطباباتها.
ــ زيارة أشجار اللبان، والحديث عن طريق اللبان القديم.
ــ زيارة المغارات الموجودة.
ــ زيارة السواحل الساحرة بجمالها ونظافتها.
ــ زيارة الآثار، وأنواع الكتابات فيها، ودراسة لهجات سقطرى.
ــ زيارة ومعرفة الجماليات الطبيعية فيها من طيور نادرة ومهاجرة.
ــ رؤية الأغنام والماشية التي تسرج دون خوف من الذئاب، فليس هناك حظائر.
ــ زيارة الشواطئ المحيطة بالجزر، ومصانع تعليب السمك.
ــ زيارة مظاهر غزل الصوف وصناعة السجاجيد واللحافات.
ــ زيارة المناحل، وغابات النخيل.
2. تدريب وإعداد مرشدين سياحيين لمعرفة مناطق السياحة وأخذ السائحين إليها.
3. تشجيع عمل صور لمناظر سياحية تختص بها الجزيرة لكل ما ذكر.
4. عمل مطويات وأدلة سياحية وميداليات ومعلقات سياحية عن الجزيرة.
5. توفير فنادق ومطاعم سياحية بالمواصفات السياحية من حيث مظهر العاملين ونظافة المطاعم وأسعارها.
6. تنظيم الرحلات اليومية إلى الجزيرة من صنعاء وعدن والمكلا، وبأسعار مناسبة.
الموانــــئ:
تعتبر الموانئ منافذ بحرية لليمن، ومصدر اتصال بالعالم، فإليها تأتي البضائع ومنها يصدر إنتاجنا.. وفي حالة ضعفنا وطمع الآخرين كانت مدخلاً للغزو والاستعمار، وعندما نفطن إلى أهميتها تكون مصدر خير ورزق وفير، تدر على دولنا الأموال الكثيرة، وهذا ما يذكره لنا التاريخ.
ميناء عدن:
اكتسبت شهرتها عبر التاريخ بموقعها الاستراتيجي في خليج عدن وقربها من مضيق باب المندب، وتوسط موقعها للعالم، وعمق مياهها.
وقد عرفت قديماً بدهليز الصين، وكانت تأتيها السلعُ من الهند والصين محملة بأنواع الأفاويه والبهار والحرير لتحمل منها عبر طريق اللبان والبخور وغيرها من المنتجات اليمنية إلى بقية جزيرة العرب وبلاد الشام والعراق ومصر، ومنها إلى أوروبا القديمة.
واليوم إذا ما أحسنا إدراتها وتوسيعها والإكثار من الأرصفة فيها، فستكون مع طريق الحرير البحري الجديد التي اعتزمت الصين إحياءه، وباشرت العمل فيه.. فسيكون لميناء عدن شأن عظيم، وستدر على بلادنا كثيراً من الدولارات، فضلاً عن امتصاصها لليد العاملة بنسبة كبيرة، وستغدو عدن شامخة العمران مزدهرة الإنسان.
خصوصاً أنه تم التوقيع على الاتفاقية الصينية اليمنية في نوفمبر 2013م، بعد شهر من إعلان الرئيس الصيني في مبادرة الحزام والطريق، ومن خلالها على أساس سيادة القرار واستقلاليته اليمنية، سيتم بعد ذلك إحياء الموانئ الأخرى، وخاصة ميناء الحديدة وكذا بقية الموانئ على بحر العرب (نشطون والمكلا، وقنا). |