محمد علي اللوزي - لست مع اتفاق السلم والشراكة، ولا مع الفدرلة، ولا مع مخرجات فندق الموفنبيك، ولا مع المحاصصة تحت أي مبرر.. مجتمعنا نسبة الأمية عالية فيه وتتجاذبه قوى طامعة وغير مسئولة، وتتحين الفرص تحت اي عناوين سلمية للانقاضاض على السلطة بذات السحنة وذات الأوجه المستعارة. وهي اليوم تدلي بتصريحات عن السلام بعد ان توارت طويلاً تحت ستار الحرب.. لسنا سويسريين حتى نتحدث عن مخرجات الحوار الوطني العالية الجودة لمجتمع غير مجتمعنا المتخلف.. هذه حقيقة يجب أن نقف أمامها ملياً، ونعقل مانحن فيه، وماهو المناسب لنا والمتاح، وكيف نخرج من واقع مؤلم تجاذبته أطراف نزاع قوية ومنعدمة الضمير، لذلك لابد من تعايش حقيقي مبني على شراكة وطنية، لاترتهن للمناطقية ولا المذهبية ولا الرساميل التي تكونت من جماجم ودماء المضطهدين.. نحتاج الى معالجة قضايا الماضي الفاعلة فينا بثاراتها حتى اليوم، والى ثقافة إنسانية خالية من المواربة والخداع والادعاء والاستعلاء والإقصاء، وإلى حل مشكلات أدمت مجتمعنا وخلقت مناخات خصومة وثارات وتربص بالآخر.. نحتاج الى توصيف دقيق لما نحن فيه، ونقد واقعنا بمسئولية وقوة انتماء، نحتاج الى تصفية للخصومات حتى وإن استدعى الأمر تعويضات من مسهم الضر جراء تتالي سلطات القمع والقتل والدمار.. علينا ان ننشد زمناً أكثر إيماناً بما هو إنساني، وان نقبل بالدولة كمؤسسات دستورية ونظام وقانون.. لايهمني من يحكم وفق قواعد الديمقراطية، حتى وإن كان من قرية واحدة، ما يهمني دولة ذات سيادة.. الدستور والقانون والنظام هو النافذ.
البحث عن تحولات رومانسية كما هو حال مخرجات الموفنبيك عالية الجودة لاتؤدي إلا الى خلخلة النسيج الاجتماعي، لأن القوى المتخلفة هي صاحبة السطو على المتغير والاعتلاء من خلاله تحت لافتات متعددة الأوجه وشعارات الدولة المدنية الحديثة التي نرجوها ولكنها وفق الواقع تبدو رومانسية كثيراً.. وإذاً علينا أن نتجه الى دراسة المتراكم من القضايا والمشاكل وحلحلتها بدلاً من صياغة فراغ، كما أن علينا ان نقف أمام جذور المشكلات والعمل على تجاوزها من خلال الاشتغال على الموضوعي، وفهم مكونات المجتمع اليمني وحاجياته وتطلعاته، بعيداً عن قوى الاستلاب التي فشلت تماما في البناء والتنمية واحترام الحقوق والحريات وبعيدا عن الحلول الناجزة والوهمية القائمة على معتقد واحد، لاسبيل أمامنا الا العمل المشترك في إطار دولة ودستور وقانون، وإخراج القوى التي اشتهر عنها الفساد وإزاحتها تماماً، وتقديم قوى تقبل بالتعايش الخلاق وتجسد الروح الوطنية في بناء الدولة كمؤسسة فاعلة ضوابطها الدستور والقوانين النافذة بعيداً عن اي رهانات اخرى.. وهنا يجب على النخب الثقافية ان تقدم رؤاها المدروسة والمنهجية، والقائمة على البحوث والدراسات السيسيولوجية والسيكولوجية للمجتمع اليمني ولمكوناته السياسية والحزبية بدون شطط ومغالاة وادعاء المرجعية الواحدة القاهرة، فذلك ليس سوى خرق لقانون التعايش المجتمعي المبني على التثاقف والتفتح والحوار.. فهل نسعى حثيثاً للإسهام في خلق المعنى الحقيقي لمفهوم الدولة؟ أم سنظل رهن ذات القوى التقليدية التي ارهقت البلاد والعباد زمناً غير قصير..؟!
|