د. عبدالوهاب الروحاني - تعامل محمد مرشد ناجي مع الفن بكونه رسالة وطنية ، فطوع اللحن والنغم لخدمة القضية والمجتمع ، لحن وغنى اجمل القصائد الوطنية ، فأصبح صاحب مدرسة مقاومة ، لم تسهم في التنوير والتثوير فقط ، وانما اسهمت ايضا في تقويم المسار وكانت مصدر إلهام .. فناضل كما اطرب..
(كبلوني)
القصيدة الصرخة للطفي جعفر أمان .. الشاعر المعلم ، الذي امتلأت روحه بقيم الفن والجمال .. ولدت كلماتها - كما يروي المرشدي- في محكمة انجليزية بعدن كانت لها قصة ارتبطت بمواقف رائد من رواد الفكر والثقافة اليمنية عبدالله عبدالرزاق باذيب .. فكانت الاغنية اللوحة ، التي تداخلت فيها الالوان وتنوعت فيها الصور ..
أخي كبلوني
وغل لساني واتهموني،
بأني تعاليت في عفتي
ووزعت روحي على تربتي
فتخنق انفاسي قبضتهم
لأني اقدس حريتي
لذا كبلوني
اعطى (المرشدي) للأغنية الوطنية مذاقا خاصا .. غنى للناس ..للعاطفة وللثورة والاستقلال ، فتماهى مع الكلمة ، وعاش اللحظة ، واتقن اللحن فغنى للوطن بأجمل واعذب الألحان.
(يا ظالم) ، القصيدة التي نقش حروفها عبدالله هادي سبيت كانت أولى أغنيات (المرشدي) الوطنية..
يا ظالم
با نجوع وبا ننفى
بس المبدأ الأسمى
بينور لنا الظلما
إفهم ذا يقين واعلم
يا ظالم
أنا فِدى صنعاء:
مواكبة واستحضار الحدث كانت من ابرز ما تميزت به مسيرة (المرشدي) الفنية والوطنية.. فكانت كل اغنية عنده ترتبط بحدث ، غنى (يا طير يا رمادي) للشاعر الجميل سعيد الشيباني ، الذي شكا ملاحقة عساكر (الحلالي) في (يا نجم ياسامر).. وكانت مواكبة لسبتمبر .. الثورة على كهنوت وظلم الطغاة:
بالله عليك يا طير يا رمادي ..
تفرد جناحك تردني بلادي
صوت المذيع بكر يدق بابي
يعلن على الدنيا على الروابي
أنا فدى صنعاء فدى بلادي
أنا فدى السلال بكر ينادي
من الحسن والبدر حرر بلادي
هوية الكلمة وصناعة اللحن ، وعذوبة الصوت رسمت للأغنية الوطنية عند (المرشدي) بعداً مقاوماً في الشارع اليمني ، كما في (يا بلادي) للطفي جعفر امان ، التي طوعها لحن وصوت (المرشدي) لتخلق في الوجدان الوطني طيفاً من جمال اللحن وروح الانتماء:
يا بلادي يا نداء هادراً يعصف بي
يا بلادي يا ثرى ابني وجدي وأبي
يا كنوزاً لا تساويها كنوز الذهب
اقفزي من قمة الطود لأعلى الشهب
نشوان:
في 1977م غنى المرشدي رائعة المثقف والسياسي الاستثنائي سلطان الصريمي (نشوان) .. القصيدة التي اثارت لغطا في الوسطين الثقافي والسياسي، ونبشت الاوجاع وايقظت التوترات بين صنعاء وعدن..
(نشوان) تحفة فنية وأدبية وسياسية مميزة ، جادت بها قريحة شاعر مبدع، ولونها فنان استثنائي بلحن وصوت يعكس أنين الناس واوجاع الوطن ..
نشوان لا تفجعك خساسة الحنشان،
ولا تبهر إذا ماتت غصون البان،
فكر بباكر ولا تبكي على ما كان
نشوان انا فريسة المصالح
ضحية الطبال والقوارح
من يوم خلق سيف الحسن وصالح
وانا وحيد في قريتي اشارح
حسك تصدق عجايب طاهش الحوبان
ولا تصدق عصابة عمنا رشوان
ولا تصدق حكاية بنت شيخ الجان
اصحابها ضيعونا كسروا الميزان
باعوا الأصابع وخلَوا الجسم للديدان وقطعوها على ما يشتهي الوزّان ..
مُنعت (نشوان) لعامين في عدن ، وحينما اشتعلت التوترات مع صنعاء في 79م أفرجت عنها ، وكانت رسالة فنية - شعبية قوية منعتها صنعاء .. وقيل انها ادخلت الصريمي "بيت الخال".
لم يمتلك (المرشدي) حنجرة ذهبية فقط بل امتلك رؤية .. وتفرد بأعلى درجات الاحساس الوطني .. فجدد في الاغنية واللحن وأرخ لهما .. وغنى كل الالوان فملأ الارض لحناً وشدواً وغناء..
|