محمد اللوزي - لاشك أنه اليوم في خضم أمواج متلاطمة تتقاذفه كسفينة فقدت ربانها يوم ريح عاتية، وليس عليه والحال هگذا إلا أن يتلمس النجاة الى ان تهدأ العاصفة ليواصل السير ببوصلته الخاصة.. المؤتمر الشعبي العام اتكأ على الواحدية في اتخاذ القرار كما ركن الى الجماهير كثيراً دون بناء نظري وتربية أيديولوجية، كما اتكأ على موازنة هائلة صرف جلها على الاقربين أولى بالمعروف وكان يهمه الوافد الدخيل عليه اكثر من الوفاء لقواعده وجماهيره التي اخلصت له واشتغل أيضاً على اقصاء الكثير من المثقفين معتمداً على الصف الاول من القيادات التي اشتغلت على مصالحها الذاتية وحاربت التميز والإبداع..
المؤتمر الشعبي العام ظل في حراكه التنظيمي موسمياً ومناسباتياً يتحرك في الانتخابات بثقله ثم يعاود السبات لم يفعل هيكله التنظيمي ولم يسهم بقوة وفاعلية في عملية البناء والتنمية، وبقي مقتصراً في أروقته وجهازه الاعلامي والسياسي على المناكفة مع الاحزاب والتنظيمات السياسية وعطل دوره الذي يجب ان يضطلع به في الندوات الفكرية والثقافية والابحاث والدراسات، لذلك لم ينتبه إلى اعتمالات الواقع وماقد ينجم عنه.. لعل احداث فبراير 2011مثال بارز على ذلك لقد تفاجأت القيادات المؤتمرية بها كما رئاسة الدولة، لانه لم يكن هناك وعي بتحولات كبيرة على صعيد الواقع، وبقي المؤتمر يظن في نفسه الغلبة له حتى حدث ماحدث.. اليوم يجد نفسه امام متغير كبير هو غير فاعل فيه بالمستوى الذي هو جدير به، لأنه يعاني من شروخات في بنيته التنظيمية جماعة الامارات، وجماعة السعودية، وجماعة الداخل ، وهكذا تفرقت ايدي سبأ.. نوقن والحال هكذا ان رئيس المؤتمر الشعبي العام الشيخ صادق بن أمين ابو راس يشتغل على الواقعية تماماً ولايقفز عليها، يرى في الممكن ما يجعله يحافظ على كيان ومكتسبات مؤتمرية ووطنية لاينبغي التفريط فيها حتى يجد متنفساً اكبر يقدر من خلاله ان يسهم بفاعلية في مسيرة وطن.. لعل هذه القراءة الواقعية جداً هي ماكان يفتقدها المؤتمر قبل الحادي عشر من فبراير ويبدو أن الوعي بالممكن والمتاح والبناء عليه هو الافضل في هذه المرحلة وهو المطلوب حتى لملمة الشروخات وإعادة البناء التنظيمي بالمستوى الصحيح والاشتغال على فهم المعطى وتحولاته، والرهان على المستقبل، وتمكين القدرات الفكرية من صياغة تنظيم يتكيء على موروث مهم في مسيرته رغم العديد من الاخفاقات التي كان يمكنه تجاوزها لو أنه مكن القدرات الثقافية من العمل بمنهجية وايديولوجيا ميثاقية..
في كل الأحوال تبقى تجربة المؤتمر بمافيها من تعرجات وتحديات تشكل خبرة مهمة تثري تجربته، تجعله يتجاوز المعرقل، تمكنه من نقد الذات، تجعله يعير الجماهير انتباهاً ويشتغل بها ومعها في حدود الممكن لنقل التجربة الى آفاق ارحب ضمن رؤية تستوعب الماضي، تغربله تنتقده وتشتغل في الحاضر وفي وعيها امتلاك المستقبل، وهو تحد كبير عليها ان تأتي إليه بقوة ضمير وثقة وإرادة تمتلك وعياً واستحضاراً لما ينبغي عمله.. هذا ما سينتظر الشعبي العام اليوم رغم قساوة الواقع وحصاره الشديد الذي يجد نفسه فيه وبشراكة في مواجهة عدوان خارجي من جهة، ومن جهة أخرى حليف داخلي حديث عهد بالتجربة الديمقراطية وينظر إليها بارتياب ولايقبل بالتنوع حتى في إطار الوحدة إلا بحذر شديد، وتلك مشكلة إضافية على المؤتمر ان يتكيف معها حتى ينتهي العدوان على الأقل، والأمر أذاً يحتاج الى أناة وتبصر ودراية بالمعطى وتعامل حاذق. لعلنا نراه بوضوح ومهارة في رئيس المؤتمر الشعبي العام الشيخ صادق بن امين ابو راس.
|