حسين علي الخلقي ❊ -
التهاني لشعبنا اليمني العظيم بمناسبة الذكرى الـ39 لتأسيس المؤتمر الشعبي العام، والتبريكات لقيادته وأعضائه بقيادة الشيخ المناضل/ صادق بن أمين أبوراس.
أمام عظمة هذه المناسبة العزيزة، نوضح للجيل الجديد سبب احتفائنا بهذه المناسبة الغالية، 24 أغسطس وهذا يحتم علينا في البداية أن نجيب عن هذا السؤال:
لماذا ومتى تأسس المؤتمر الشعبي العام.. وكيف تم انشاؤه؟.
كانت اليمن ساحة للصراعات الفكرية السياسية الدولية، كل فريق يريد فرض أفكاره الدخيلة المستوردة من الخارج، كانت الخلافات الطاحنة تمزق أبناء اليمن بسبب انحياز كل طرف لفكر من الأفكار الدخيلة التي تخدم دولاً وجماعات غير يمنية، ليس لليمن واليمنيين فيها ناقة ولاجمل..
كان كل فريق يتبع جهة دولية، صراع على السلطة من أجل فرض أفكار خارجية دخيلة على اليمن، انشغلوا بذلك متخلين عن الولاء الوطني لليمن أرضاً وشعباً.
لذلك كانت اليمن بأمس الحاجة لوجود فكر وطني جامع لكل أبناء الشعب يوحدهم، يكون بمثابة عقد اجتماعي بين مختلف الفئات الاجتماعية، وقوى وشرائح شعبنا اليمني، لتحقيق مبدأ التكافل الإجتماعي، تعزيزاً للوحدة الوطنية، يكون الولاء لليمن، تتضافر الطاقات والجهود من أجل بناء اليمن.
من أجل ذلك وبعد أن تم انتخاب الزعيم علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية من قبل مجلس الشعب التأسيسي في 17 يوليو 1978م، حرص منذ توليه رئاسة الجمهورية على لغة الحوار لأنها تجمع ماتفرق وتقرب ماتباعد، وتستحضر مشاعر التآلف والتآخي والتواصل والتسامح بين أبناء الوطن على اختلاف آرائهم وتوجهاتهم وأحزابهم.
ففي أواخر عام 1978م أوكل الزعيم الصالح الى لجنة من المفكرين والعلماء والمثقفين مهمة وضع مشروع ميثاق وطني يُطرح للنقاش الجماهيري المستفيض بمشاركة مختلف قطاعات الشعب، وفي شهر مايو 1980م، صدر القرار الجمهوري رقم 5 لسنة 1980م، بتشكيل لجنة الحوار الوطني، المكونة من (51) مشاركاً من كل القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية انتخبت اللجنة في أول اجتماع لها الأستاذ/ حسين عبدالله المقدمي، رئيساً للجنة..
تم الحوار لصياغة الميثاق الوطني ليشكل ضمانة للحيلولة دون الانحراف نحو هاوية الارتهان الفكري وصمام أمان ضد محاولات الاستلاب السياسي الخارجي.
لذلك تكمن عظمة الميثاق الوطني انه لم يكن حصيلة جهد فردي أو نخبة اجتماعية، وانما كان نتاج جهود جماعية مضنية اشتركت فيها مختلف القوى والفئات الاجتماعية والشخصيات الوطنية عبر ممثلين عنها انفقوا في إعداد مشروعه أمداً ليس بالقصير، ناهيك عن اسهام آخرين من ذوي الكفاءة والمقدرة في مراجعته، ريثما تم التوصل الى صياغة نهائية مقبولة من الجميع بعد سلسلة من الحوارات الوطنية الجادة، بروح ديمقراطية استمرت أربع سنوات (1978-1982م).. ثم جرت عملية الاستبيان الشعبي عليه حيث خضع لاستبيان المؤتمرات الشعبية من خلال (250) مؤتمراً شعبياً في جميع مناطق الجمهورية (الشطرالشمالي) وفي المهجر، حتى أقر في صيغته النهائية بإرادة شعبية ليصبح الميثاق الوطني بعد اقراره في المؤتمر العام الأول للمؤتمر الشعبي العام الذي انعقد خلال الفترة 24-29 1982م، تحت شعار: (من أجل ميثاق وطني يجسد عقيدة الشعب وأهداف الثورة) وثيقة اجماع وطني سجلت بذلك سبقاً في تاريخ العمل السياسي.
وفي المؤتمر العام الأول للمؤتمر الشعبي العام تم اقرار استمرارية المؤتمر أداة سياسية ترعى العمل السياسي وتشرف على عملية تجسيد الميثاق الوطني في الواقع العملي.
هكذا تم اقرار الميثاق الوطني ليكون عقداً سياسياً واجتماعياً في التعامل السياسي يضع القيم المشتركة والمبادئ والثوابت الوطنية فوق كل اعتبار من منطلق أن الولاء الوطني مبدأ شريف لاينسجم بأي حال من الأحوال مع التبعية أياً كان شكلها أو نوعها.
هكذا تم قطع دابر التبعية والعمالة بإيجاد فكر وطني يملأ الفراغ السياسي، يوحد اليمنيين حول اليمن بعيداً عن الولاء لغير اليمن، وتم الاعلان عن قيام المؤتمر الشعبي العام الذي جاء حصيلة لرؤية موحدة ناضجة قضت على التناقضات والصراعات، ورصت صفوف الشعب اليمني وقواه السياسية على اختلاف ميولها السياسية والاجتماعية في بوتقة واحدة تم الاتفاق على فكرها وبرامجها العملية الملموسة ووسائلها في ترجمة ارادة الجماهير وتحويلها الى أفعال ملموسة..
في يوم الثلاثاء الموافق 24 أغسطس 1982م، تم اقرار الميثاق الوطني والاعلان عن قيام المؤتمر الشعبي العام الذي تحتفل اليمن بهذه المناسبة العزيزة الغالية هذا العام 2021م، بذكراها الـ39 ..
يعتبر انشاء المؤتمر الشعبي العام مكسباً ديمقراطياً عظيماً، فقد مثل وجهاً حقيقياً للائتلاف الشعبي على قاعدة الغايات الوطنية والمصالح العليا للوطن..
كما شكل قيام المؤتمر، حدثاً بارزاً وتجربه رائدة من التجارب الديمقراطية فالمؤتمر - قبل كل شيء - هو مؤتمر جماهيري لممثلي الشعب.
لقد كان ذلك تأطيراً واعياً للعمل السياسي وتحولاً نوعياً نحو بناء مؤسسي حقيقي، فخلال الفترة يناير - ابريل 1983م، تشكلت فروع المؤتمر الشعبي العام في المحافظات، وتلتها العديد من ندوات التوعية السياسية والثقافية بهدف رفع الوعي السياسي للجماهير وتوسيع مشاركتها في الحياة السياسية.
* عضو قيادة فرع المؤتمر بجامعة ذمار
رئيس الدائرة السياسية والإعلامية
| 
لماذا وكيف تأسس المؤتمر الشعبي العام؟ 
