أ.د/ محمد حسين النظاري - ها نحن على موعد جديد من احتفالنا بتأسيس حزبنا الرائد (المؤتمر الشعبي العام) ففي مثل هذا اليوم وقبل 39 سنة كان ميلاد هذا الكيان السياسي الذي ولد من الرحم اليمني، ولم يكن مستنسخاً من الأحزاب الأخرى التي لها امتدادات خارجية (عربية ودولية) ولعل تلك الميزة هي التي جعلته يحتوي الجميع دون أي تصنيف عقائدي أو مذهبي أو سياسي.
لقد مثل يوم الـ24 من أغسطس 1982م تحولا كبيرا في النشاط السياسي في الجمهورية العربية اليمنية حينذاك، واستطاع الرئيس المؤسس الزعيم علي عبدالله صالح رحمة الله عليه، استيعاب الجميع دونما إقصاء وهو ما شجع حتى من لديهم توجهات معينة على الانخراط في المؤتمر كونه وجد فيه أقرب السبل للتعبير بدلاً عن الانزواء.
عوامل عدة أبقت المؤتمر فاعلاً إلى الآن رغم الأوضاع التي تمر بها البلاد بدءاً بالعدوان وما ترتب على ذلك من أحوال سيئة على الوطن والمواطنين، ومن تلك العوامل امتلاك الحزب رصيداً تراكمياً في العمل السياسي والاقتصادي والأمني منذ تأسيسه عام 1982م، وخرَّج كوادر وطنية مؤهلة مشبعة بحب الوطن وخدمته، على مدى اربعة عقود مضت، جعلته يحوز على ثقة الشعب اليمني بحكم خبرته الطويلة في إدارة الوطن، حيث مكنته تلك الخبرة من اخراج الوطن من أزمات عدة صعبة، وتجلى ذلك في الفترة التي حكم فيها الشطر الشمالي من الوطن قبل الوحدة المباركة في الـ22 من مايو 1990م.
وفي الذكرى الـ39 للتأسيس يستذكر المؤتمريون وغير المؤتمريين الدور الكبير الذي لعبه الحزب في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، بالرغم من العقبات التي وضعتها بعض الدول أمام هذا الإنجاز الكبير.
بعد إعادة تحقيق الوحدة كان بإمكان المؤتمر كحزب قوي وشريك للحزب الاشتراكي في حكم البلاد، عدم فتح الباب أمام التعددية السياسية، وتقاسم الأدوار مع الحزب الوحيد حينها (الاشتراكي) ولكن روح الميثاق الوطني المحبة لكل ما فيه الخير للبلاد هي التي أنتجت التعددية الحزبية والسياسية والانفتاح على إصدار الصحف ومشاركة تلك الأحزاب في الحياة السياسية من خلال الانتخابات التي أنتجت اول برلمان يحوي مختلف أطياف اللون السياسي.
من حق الجميع التحدث عن أي إخفاقات حدثت طيلة السنوات التي كان فيها المؤتمر هو الحزب الحاكم، ولكن ليس من العدل والإنصاف إغفال أو تناسي أو نكران ما تحقق في عهده، فقد شهدت اليمن الأمن والاستقرار والتنمية على يد الرئيس المؤسس، وها هو الحزب بقيادة الشيخ صادق بن أمين ابو راس يواصل العمل بنفس النهج الذي يرتكز على رأب الصدع وتوحيد الكلمة ورفض التدخلات الخارجية والوصاية من أي بلد كان، بالرغم مما يمر به من تحديات جمة كانت كفيلة بالقضاء النهائي على الحزب .
إن وقوف المؤتمر إلى جانب قيادة أنصار الله، ينطلق من المبدأ ذاته التي وقف فيها مع المكونات السياسية المختلفة عبر الأزمنة المختلفة، حيث إن القاسم المشترك والمتمثل في وحدة الأرض والشعب والدفاع عنه ضد من يعتدي عليه، كان ومازال نهج المؤتمر الذي لم ولن يحيد عنه.
أثبتت الأيام أن ما تحدث به المؤتمر عن الربيع العبري وخطورته على الأمة العربية والإسلامية، هو صحيح، فتفتيت الدول وافقار شعوبها ونهب مقدراتها ونشر النعرات الطائفية والمذهبية، كانت أهم ركائز ذلك المسمى بالربيع، وها هي الدول وشعوبها بعد عقد من الزمن ترى ما حذر منه المؤتمر واقعاً مؤلماً من الصعب التخلص منه.
للأسف الشديد هناك من رأى أن المؤتمر اليوم لم يعد يمثل له شيئاً، بعد أن كان هو لا شيء وصنع منه المؤتمر كل شيء، وجميل جداً أن يتخلص المؤتمر من هؤلاء، ولكن السيئ لو عادوا مجدداً عندما يرون في المؤتمر مكانا يحققون فيه رغباتهم من جديد.. والعيب وقتها ليس فيهم بل في المؤتمر نفسه، الذي لم يستطع خلال هذه الفترة معرفة من هم كوادره الحقيقيون الثابتون على نهج الحزب.
|