|
|
|
الميثاق نت: - إن سبتمبر العظيم الحدث التاريخي المهم الذي لا يضاهيه أي حدث في تاريخ اليمن شماله وجنوبه ، الحدث الذي تجسدت به إرادة الشعب اليمني ورغبته في الحياة الحرة الكريمة لم يكن بأي حال من الأحوال كما رسمته ريشة أقلام الاستعمار وأتباعه من العملاء والأغبياء على صفحات من الزور والبهتان كضرب من ضروب الحرب التي مارسها ضده منذ استهلال قمره الوضاء ، فمن ينكر أن سبتمبر الثورة اليمنية هو الطلقة النجلاء التي فوجئ بها الاستعمار بشكله القديم والجديد تهوي عليه من قلب الحظيرة العربية مرتع مصالحه ومطامعه.
أجل لقد حارب الاستعمار ومن يدور في فلكه ثورتنا الظافرة من أول يوم قيامها ، ففي الأسبوع الأول احتلت قواته العدوانية مدينة صعدة عاصمة لواء الشام وحاصرت الحامية العسكرية في جبل السنارة في الأسبوع نفسه احتلت قواته العدوانية مدينة مأرب وحريب وفي منتصف الأسبوع الثاني احتلت قواته العدوانية جبال مريس زاحفة على مركز قعطبة ، ومن هنا أملت على الثوار والضباط الأحرار شرعية الدفاع عن أراضي الوطن.
وعندما حقق الشعب في شمال الوطن طرد الأتراك بعد الحرب العالمية الأولى لم يكن الإمام يحيى يملك أي تصور واضح لطبيعة المهام التاريخية الجسام التي كان على الدولة اليمنية أن تقوم بها.. إن الإمام كان أسير نظرة رجعية متخلفة وكان جل همه أن يرث ألأتراك على أيه رقعة يمكنه أن يحكمها حكماً مطلقاً ، لقد كان تخلص الإمام يحيى من الذين شاركوا في مقاومة الأتراك واستبداده المطلق حافزين أساسيين لمناهضة حكمه ، وقد بدأ التململ في شكل مطالب بالإصلاح تمثلت في جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولعل أفكار الإصلاح التي نادت بها مدرسة مجلة الحكمة اليمانية (1939- 1941م) كانت خلاصة لاجتهادات أبناء ذلك الجيل للخروج باليمن من دائرة التخلف إلا أن رهبة الإمام لكل جديد جعلته يتخلص من رئيس تحرير الحكمة بالسم.
فترة الثلاثينيات
وشهدت فترة الثلاثينيات إلى جانب مدرسة الحكمة وجمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نشاطاً ثقافياً تمثل في نادي الثقافة في الحجرية1934م. وبدأت الصحوة الفكرية تقلق نظام الإمامة ولعل لعام 1934م مكانة خاصة في تاريخ الشمال الحديث لارتباطه بعدة أحداث تاريخية مهمة كان لها تأثيرها ، ومن ذلك وجود حركة الأحرار اليمنيين ، وحركة الأحرار الدستوريين ، بالإضافة إلى اشتراك التجار وبعض رجال الإقطاع المستنيرين في حركة المعارضة الجديدة ، و عندما فر بعضهم من تعز إلى عدن ، كان الإمام أحمد(ولي العهد في ذلك الوقت) يردد بأنه يريد أن يلقى ربه وسيفه مخضباً بدماء العصريين ، بعد أن تظاهر لفترة بأنه يعصي والده الطاغية ، وأنه يريد أن يجدد في نظام الحكم بل ويعمل على تحرير الجنوب المحتل .
لقد أطاحت القبائل التي هاجمت صنعاء بدولة الدستوريين ولا شك أن الجيش كان من نقاط الضعف التي أحسن ولي العهد أحمد استغلالها ، كما أن حركة الدستوريين لم تكن لها أي صلة تذكر بالفلاحين " القبائل " ولذا تمكنت الإمامة من نشر أفكار مضللة عن الدستور والأحرار وصورت الدستور بأنه اختصار للقرآن وأن الدستوريين كفرة ملحدون.
انقلاب فبراير 1948م
إن حركة الأحرار وانقلاب فبراير 1948م كان بمثابة الحجر الذي ألقي في ماء أسن فأحدث هزة ربما تحرك الأعماق بقوة ولكن الدوائر التي ارتسمت على سطح الماء أصبحت بمرور الزمن عوامل إثارة وتحريض والذين جاؤوا بعد الانقلاب كان عليهم أن يخطوا الخطوة الثانية بعد الذين سبقوهم .. وبعد فشل انقلاب 1948م هزم العرب في فلسطين ولم تفتح القاهرة أبوابها للزبيري إلا بعد ثورة يوليو 1956م ، ثم تلاحقت الأحداث في الوطن العربي وأصبحت فكرة الوحدة القومية والنضال ضد الاستعمار محور الحياة السياسية والفكرية في تلك السنين ، بعد ذلك أخذت الحياة السياسية تتطور من خلال العديد من الاتجاهات المختلفة وكان لوجود الجيش المصري في الشمال دور في إشعال نار الثورة في الجنوب ، وكان الاتحاد اليمني في هذه الآونة وحدة شخصية (الزبيري والنعمان) اللذين أرادا أن يرمزا إلى الوحدة الوطنية وأن يجسدا استمرار حركة الأحرار التاريخية ، وكانت هذه التيارات كحركة البعث والقوميين العرب والشيوعية العربية تحاول أن تشق طريقها إلى حياة سياسية جديدة وتطمح في تغيير المجتمع اليمني ، وكانت هذه التيارات تعمل على امتداد اليمن كله من الشمال إلى الجنوب ، وفي عام 1962م كان التاريخ في شمال اليمن "المملكة المتوكلية" على موعد مع فجر26 من سبتمبر ليعود اليمن إلى العروبة وإلى التاريخ بعد فترة العدم الطويلة.
خلاف الأسرة الحاكمة
كانت أصعب فترة يواجهها الإمام أحمد منذ أن تولى شؤون الحكم في اليمن بعد مقتل أبيه في حركة 1948م هي تلك الفترة الواقعة بين عامي (1954 و1962م) حيث تبلور الخلاف على السلطة بين أفراد الأسرة الحميدية بشكل واضح نتيجة للطموح الذي سيطر على عدد من الأمراء وفي مقدمتهم الأمير الحسن ، وقد أشتد الخلاف وتحول إلى صراع مباشر بعد أن برز كل من الأمير عبد الله والأمير العباس في الحركة الانقلابية التي تزعمها عسكرياً الشهيد المقدم أحمد الثلايا في شهر مارس 1955م ضد الإمام أحمد مما دفع الأخير إلى التردد في القضاء على منافسيه بالسيف فأعدم الأميرين عبد الله والعباس في معتقلهما بحجة وأصر على استمرار نفيه لأخيه الحسن خارج البلاد.
الإعداد الفعلي للثورة الخالدة يرفع إلى العمود الذي بعده
بعد عقد اجتماعات تمهيدية عديدة للضباط على مختلف المستويات من الجيش والأمن تقرر إنشاء تنظيم ثوري سري يسمى "بمنظمة الضباط الأحرار " ، ثم تطورت التسمية إلى "تنظيم الضباط الأحرار" ، وفي ديسمبر 1961م عقد الاجتماع الحاسم في منزل الملازم عبد الله المؤيد وحضره العديد من الضباط ، وفي هذا الاجتماع وضعت اللمسات الأولى للتصورات والطموحات التي يريد تنظيم الضباط الأحرار أن يحققها على كافة المستويات وفي كل المجالات ، حيث تناول ذلك الحوار الذي دار في الاجتماع جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وكانت المسئولية الكبيرة والجسيمة التي وقعت على عاتق هؤلاء الضباط هي تحرير اليمن من كل قيود التخلف والاستبداد في الشمال ورعونة الاستعمار البريطاني في الجنوب ، وبعد أن أستمر هذا النقاش ما يقرب من ثلاثة اجتماعات متوالية أتفق الجميع على أن تكلف اللجنة القيادية في التنظيم بوضع الصيغة النهائية لكل هذه التصورات في شكل أهداف للتنظيم المزمع قيامه ، وكان من الضروري أن يكون تنظيم الضباط الأحرار مستقلاً في نشاطه عن أي تنظيم سياسي آخر وذلك لاعتبارات عديدة أهمها سرية العمل المنظم حيث كانت التجمعات الوطنية آنذاك شبه مكشوفة للسلطات الأمامية ، لهذا كان لابد أن ينشأ تنظيم على نحو يكفل له النمو والنجاح في كل أعماله ، وقد تكون للتنظيم فرعان الأول في تعز والثاني في الحديدة ، وكان للتنظيم علاقات داخلية وخارجية ، وكان له أيضاً علاقات بالأحزاب آنذاك مثل حزب البعث العربي الاشتراكي ، وحركة القوميين العرب وطلائع الماركسيين .
وفاة الإمام أحمد
أنتشر خبر موت الإمام أحمد وإعلانه رسمياً ، وذلك بعد أن واجه قدره حين أنقض عليه ثلاثة من الضباط الأحرار وهم الشهيد الملازم محمد عبدالله العلفي ، والشهيد الملازم عبدالله اللقية ، والشهيد محسن الهندوانة ، حيث صرعوه بتسع رصاصات أحدثت فيه جروحاً خطيرة سقط متأثراً بها ، وقد شاءت الأقدار أن يعيش الطاغية أحمد بعد هذا الموقف الرهيب مدة ثمانية عشر شهراً وثلاثة عشر يوماً قضاها طريح الفراش محطماً بين جدران قصيرة لا يقوى على فعل شيء حتى وافته المنية في التاسع عشر من شهر سبتمبر 1962م .
وبرغم ما تركه حادث محاولة اغتيال الطاغية أحمد من آثار في نفوس أفراد الأسرة الحميدية إلا أن الموقف السياسي على الصعيدين الداخلي والخارجي ظل يسير على وتيرته السابقة حتى نهاية شهر ديسمبر 1961م حيث صدر قرار انفرادي من قبل الرئيس جمال عبدالناصر بإلغاء الوحدة بين مصر وسوريا واليمن بعد نشر قصيدة الإمام الشهيرة عن الاشتراكية ، وكان لذلك القرار آثار حسنة في نفوس المسئولين بالسعودية والقوى الحسنية على حد سواء لأنهما كانا يعملان على تدمير الوحدة بين مصر واليمن وسوريا منذ قيامها في 8 مارس 1958م باعتبارها عاملاً كبيراً للبدر ولي العهد أما البدر فقد صدم بإلغاء مشروع الإتحاد لأنه بالنسبة له يمثل وسيلة ذات أهمية في مواجهة الضغوط السعودية وتدابيرها المضادة . وفي أعقاب إلغاء الإتحاد تشكلت حكومة جديدة برئاسة البدر ولي العهد ، ولم يشارك في هذه الحكومة غير أمير واحد هو الحسن بن علي .
ويستخلص من ذلك أن فترة الخمسينات ومطلع الستينات كانت فترة مخاض تمكنت فيها القوى الوطنية من التأثير على كل الصعوبات والنكبات التي واجهتها وأن مسألة ولاية العهد باعتبارها من أهم عوامل الخلاف بين الأسرة الحميدية الحاكمة قد قتلت في تلك الفترة أخطر نقطة ضعف في موقف الأسرة .
مبايعة البدر إماماً لليمن
وما أن تم دفن الإمام أحمد وعلى مدى أسبوع حدثت تطورات كثيرة كان من أبرزها على صعيد السلطة هو اتفاق العناصر الحسنية التي كانت مناوئة للبدر على الالتفاف حوله وإظهار تأييدهم له كخليفة على اليمن بعد أبيه ، ولم يبق إلا أن يبعث الأمام الحسن بورقة التأييد والمبايعة للإمام الجديد من منفاه في الولايات المتحدة ويعود للبلاد مع بقية الأمراء الذين كانوا في الخارج.
أما على الصعيد الشعبي فقد توافد الكثير من القبائل إلى مدينة صنعاء بهدف المبايعة للإمام الجديد ، وقبل قيام الثورة بأربعة أيام توجه المشايخ إلى بيت حسن إبراهيم " وزير الخارجية " والذي كان البدر قد كلفه باستقبال الناس واستلام البيعة منهم ، ولكنهم قبل التوجه إلى "دار البشائر " مقر الإمام عقدوا اجتماعاً موسعاً تم فيه تحرير صيغة المبايعة مشفوعة بعدد من المطالب ومنها بناء مدارس ومستشفيات وغيرها . وكلف الجميع الأخ علي عبدالله القوسي بقراءة الكلمة .
ولكن حسن إبراهيم رفض المطالب التي عرضها عليه المشائخ واعتبرها تطاولاً على الإمام وانتهت الأمور إلى ذلك ولم تتم مبايعة الإمام.
وبينما كان الشعب اليمني ينتظر من الأمام الجديد تحديد ملامح حياة جديدة في أول خطاب له بعد تربعه على عرش الإمامة أذا به يؤكد بأنه سيسير على النهج الذي سار عليه أباؤه وأجداده وأنه سيضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه مناهضة الحكم الجديد وقد أحدث هذا الخطاب رد فعلآ واسع في أوساط العناصر الوطنية وفي مقدمتها تنظيم الضباط الأحرار مما أدى إلى تفجير الثورة.
بعد رفض الزعيم حمود الجائفي فكرة قيادة الثورة ، تم التوصل بعد جدال طويل أتسم بروح المسئولية إلى ترجيح الزعيم عبدالله السلال لقيادة الثورة وقد وافق على ذلك بقناعة تامة دون قيد أو شرط.
وفي الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الأربعاء 25سبتمبر فرضت حالت الطوارئ في الكلية الحربية ومدرسة الأسلحة وصدرت توجيهات من القيادة بتواجد جميع الضباط ومنع خروج أي ضابط من الكلية إلا من كلف من قبل القيادة بمهمة، وأنصرف الجميع كل إلى سلاحه لاستكمال التجهيزات النهائية وتعبئة الدبابات والسيارات بالوقود ، وتم الاتفاق على أن لا تفتح مستودعات الذخيرة إلا في وقت متأخر وكان لابد من التأكد من خروج الإمام البدر إلى ديوان المواجهة في قصر البشائر وتم تكليف النقيب حسين السكري لمعرفة ذلك، وتم اللقاء بالسكري وأكد بأن الإمام البدر قد خرج ليرأس إجتماعاً لمجلس وزرائه.
وفي الساعة الثامنة وبعد أن تحدد موعد التحرك في ليلة السادس والعشرين من سبتمبر أمرت القيادة بفتح مستودعات الذخائر والأسلحة الخفيفة وتوزيعها على الضباط ، كما تم نقل ذخائر الدبابات إلى موقع الدبابات في الفوج عن طريق أسطح ثكنات الكلية الحربية وفوج البدر وذلك من خلال منفذ صغير يؤدي إلى مقر قيادة الفوج ،وبعد أن تم إنجاز مهمة نقل الذخائر تقرر عقد اجتماع عام بمقر القيادة " الكلية الحربية " في الساعة التاسعة مساءً ، وبعد الكلمة التي ألقاها الملازم صالح علي الأشول في الاجتماع بدأ بإعلان المهام على الحاضرين ، وبعد أن تأكد كل عنصر من واجبه تحرك الجميع إلى مواقعهم في إنتظار أو امر التحرك ، وفي الساعة العاشرة ليلاً كانت القوة في كل من قصر القيادة ومقر الفوج على أهبة الاستعداد للهجوم . وكما هو متفق عليه فقد ظلت القيادة تنتظر سماع طلقات الرصاص وهي الإشارة التي تؤكد أن المهمة الأولى في الخطة قد أنجزت من قبل النقيب حسين السكري وهي القضاء على الإمام البدر بعد خروجه من مقر الاجتماع ، وبعد أن تأكد للقيادة تعثر مهمة النقيب السكري أصدرت أوامرها بالهجوم في الساعة الحادية عشر ليلاً وأنطلق الثوار بجرأة ليصنعوا يوماً مجيداً خالداً هو يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1963م.
الهجوم على دار البشائر
كانت القوة المعدة للهجوم على دار البشائر تتكون من ست دبابات وانضمت إلى هذه القوة دبابة سابعة بقيادة الملازم عبدالكريم المنصور بعد منتصف الليل من موقع بئر خيران حيث كانت ترابط هناك وإلى جانب الدبابات عدد من السيارات المدرعة بأسلحتها مهمتها حماية تحرك الدبابات في الهجوم على دار البشائر الذي كان محاطاً بمنازل عديدة وشوارع ضيقة ، وعندما ظهرت أول دبابة أمام مدخل القصر أغلق أفراد الحرس الملكي البوابة مباشرة وفتحت نيران كثيفة من القصر على الدبابات المهاجمة ، وكانت القيادة قد وجهت إنذارآ إلى الإمام البدر لتسليم نفسه وحقن الدماء ، وأبدت استعدادها لترحيله على طائرة خاصة تنقله إلى أي مكان يريد خارج البلاد ، ولكن ذلك لم يعد مجدياً والنيران تنطلق من القصر بكثافة وفي تلك اللحظة فقط استخدمت الذخيرة الحية بمدافع الدبابات وانطلقت أول طلقة منها على قصر البشائر ، وحدث بعدها سكون وانطفأ التيار الكهربائي وأصبحت المنطقة في ظلمة حالكة ، وبعد إطلاق القذيفة الأولى انتشرت الدبابات على مواقع متعددة حول القصر واستمر القصف حتى الصباح ولكن بشكل متقطع .
وبقيت الدبابات في تنقلات متواصلة وهي تتحرك من مكان إلى أخر لمحاولة إحكام الحصار على القصر من جميع الاتجاهات ، وفي تلك اللحظات حدثت مشكلة لدبابة وهي تحاول الدخول إلى ساحة القصر الضيقة سبب تعثراً ، حيث انفجرت بعد إطلاق القذيفة الأولى أجهزة الرجوع والإعادة لمدفعها فقرر قائدها التراجع بها إلى ميدان شرارة "التحرير" ونادى على دبابة أخرى بالاقتراب لتفريغ ما تبقى من ذخيرة إليها ، وتوجه بالدبابة إلى ثكنة الدبابات في العرضي واستبدل الدبابة بمدفع متحرك أخر وعاد به إلى قصر البشائر لمواصلة المعركة.
وكان قائد ذلك المدفع هو الملازم محمد الشراعي الذي انتهى محترقاً بداخله جوار قصر البشائر مع زميلين له هما الملازمان عبدالرحمن المحبشي والعريف أحمد العزكي وقد سقطا جميعاً شهداء وسجلوا الفداء الأول على كتاب قوافل شهداء الوطن.
الإمام البدر هارباً
كان الحرس خلال الساعات الأولى من طلوع الفجر يقاتلون بعناد وشراسة ، وقد إنخفضت حدة القتال تدريجياً خلال تبدد الظلام ومجيء الضوء وتمكنوا من الفرار عبر البيوت الملاصقة للقصر مما جعل البدر ينظر إلى قصره المنيع وإذا به قد أصبح منهاراً أمام حصار الدبابات ، فأقدم على مغامرته بالهروب مستعيناً بما بقي من أقرب المقربين وخرجوا متنكرين في ملابس أخفتهم تماماً وتمكنوا من الوصول إلى بيت بعيد عن القصر بضعة أمتار وأستنجدوا بصاحبه وناشدوه بكل الأعراف والمقدسات أن يأويهم ويحميهم وأغروه ببعض الأموال ووعدوه بأكثر إلى بعد حين .
تفاصيل تنفيذ الخطة
تضمنت الخطة الكثير من الترتيبات وكان الغرض منها تحقيق السيطرة الكاملة على المواقع الإستراتيجية في العاصمة صنعاء ، وكانت الخطة على النحو التالي:
اقتحام دار البشائر قصر الإمام البدر وتحركت لتحقيق هذا الهدف القوة التالية:
دبابتا اقتحام وعلى كل من الدبابتين مجموعة اقتحام أولى وثانية.
أربع دبابات أخرى
تحرك مدرسة ضباط الصف بقيادة الملازم أول هادي عيسى ومهمتها احتلال الأماكن المحيطة بقصر البشائر وهي منزل الهجوة ، منزل جمال ، منزل الشوكاني ،منزل رفعت ، وكانت أيضاً من مهمتها تنظيم عملية الاقتحام إلى داخل القصر وضرب أي مقاومة مضادة.
ثلاث مدرعات على كل منها رشاش متوسط.
احتلال الإذاعة
تتحرك لإحتلال الإذاعة القوة التالية:
دبابة بقيادة الملازم صالح الأشول .
مدرعة بقيادة الملازم أحمد الناصر.
مدفعان مضادان للطائرات عيار 37ملم .
احتلال منطقة بئر خيران
تتحرك دبابتان لاحتلال منطقة خيران ، وتقوم هاتان الدبابتان إلى جانب مهمتهما الأساسية بمعاونة القوة المهاجمة لقصر البشائر في حالة الضرورة .
بالإضافة إلى احتلال دار الوصول ومحاصرة قصر السلاح واحتلال منطقة خزيمة ، بالإضافة إلى قيادة الطبشية ،والسيطرة على الهاتف وقطع الخطوط الهاتفية المطوية ، وكذا السيطرة على دوائر الأمن .
بداية التحرك
وقبل شروق الشمس وصل الزعيم السلال إلى مقر القيادة مرتدياً بدلته العسكرية وفور وصوله التقى الأخوة الضباط وسألهم ماهي قواتكم ؟ وهل أنتم مستعدون للموت ؟ فقالوا : نعم ، فرد عليهم إذاً سنموت سوياً.
وفي الساعة الحادية عشرة من ليلة الـ 26 من سبتمبر الخالد صدرت أوامر التحرك ، وكانت القوة المكلفة باحتلال الإذاعة تتكون من دبابتين ومدرعتين ومدفعين من طراز (م ط 37) كما ذكر في تفاصيل الخطة سابقاً ، ولما تم التحرك من مقر القيادة " الكلية الحربية" توجهت هذه القوة إلى الإذاعة .
وفور انتهاء الملازم المؤيد من كلمته صرخ الملازم صالح الأشول على الضباط والجنود الذين كانوا على المدرعة بأن يتوزعوا فوراً بأسلحتهم على مراكز الحراسة ، ومنع أي شخص يقترب من أسوار الإذاعة.
وبعد فترة قصيرة ،انتقل كل من الملازم صالح الأشول والأخ علي أبو لحوم إلى أستديو المذيعين ، وقبل أن يصلا إليه انطلقت رصاصات نحوهما فأصيب الأخ علي أبو لحوم إصابة خفيفة ، وكان إطلاق الرصاص من قبل قائد الحامية " الحرازي " وقد حاول بهذه المبادرة أن يدفع الحامية إلى المقاومة داخل الإذاعة ، ولكن الحامية لم تحرك ساكناً فخاب أمله والتزم السكينة ، ولما سمع قصف الدبابات لمقر الأمام البدر " دار البشائر " لجأ إلى الطابق الذي يسكنه المهندس علي الأبيض ، وبقي هناك حتى الصباح حيث استسلم وأرسل إلى مقر القيادة.
وبعد حلول الفجر توجه الملازم صالح الأشول من الإذاعة إلى ميدان التحرير " ميدان شرارة" لتنظيم حركة الدبابات ، وذلك على المدرعة التي كانت مرابطة في الإذاعة ،ولكن هذه المدرعة تعطلت فور وصولها إلى الميدان، فاضطر الملازم صالح الأشول إلى استخدام إحدى المدرعات المرابطة في الميدان .
وبعد أن تم التأكد من سلامة الموقف كان لابد من العودة إلى الإذاعة حيث كان الوقت قد حان لأن تبدأ الإذاعة في البث، وبعد العودة مباشرة بدأ البحث عن المهندسين المختصين بتشغيل الإذاعة.
وفي الساعة السابعة من صباح اليوم الخالد يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م بدأ الإرسال الإذاعي على الموجة المعتادة ينشد " الله أكبر يا بلادي كبري " ليعلن على الشعب اليمني وعلى العالم بأسره ميلاد عهد جديد، هو عهد الثورة والانعتاق من براثن التخلف والعزلة ، والتحرر من الحكم الإمامي الكهنوتي المستبد ، وبدأ الملازم علي قاسم المؤيد والأخوة الشباب : عبدالعزيز المقالح ، والأستاذ عبدالوهاب جحاف ،والأستاذ صالح المجاهد ، بإعلان بيانات الثورة وأهدافها الستة الخالدة . وقد سارت الأمور في الإذاعة سيرا حسناً.
وفي ليلة الثورة ليلة26 سبتمبر 1962م خصصت اللجنة القيادية دبابتين لمحاصرة قصر السلاح ؛وكان باب اليمن يغلق عادةً في الساعة الثالثة ليلاً ولئلا تحدث ضجة في كسر الباب أوكل الأخ الرئيس لأحمد صالح مثنى قائد مفرزة باب اليمن مهمة فتح الباب عند سماعه تحرك الدبابات، وفعلاً نفذ المهمة وفتح الباب لدخول الأولى وانتظر الأخرى قليلاً ولما لم تصل أعاد إغلاقه ووصلت الدبابة الأخرى فكسرته ؛وقام الملازم علي محمد الشامي بإقحام دبابته حتى كادت تلامس باب القصر لغرض منع الدخول والخروج منه .
وبعد وصول الأخ عبدالرحمن احمد عقبة ومعه الأخ محمد المترب فتحت المخازن وسحبت كميات كبيرة من الذخائر إلى مقر القيادة واستمرت المعركة وتمت السيطرة على قصر السلاح
الموقف في دار الوصول " القصر الجمهوري حالياً"
كان الغرض من السيطرة على دار الوصول ،تأمين أعضاء الوفود الأجنبية التي كانت قد وصلت لتهنئة الإمام البدر على تربعه العرش ، والحيلولة دون لجوء البدر إلى أعضاء الوفود ليحتمي بهم وللحفاظ على ما في مخازن القصر من نقود، وقد كلف بهذه المهمة الأخ الملازم علي بن علي الحيمي حيث تحرك بدبابة (طراز تي 34)ومعه بعض الضباط .
وقد تم فتح البوابة في صباح يوم الخميس، وتم استلام القصر، والتقى بأعضاء الوفود وأبلغهم تحية الثورة والثوار، وشرح لهم باختصار الدوافع التي دفعت بالشعب اليمني إلى الثورة فأبدوا ارتياحهم للثورة وبقيت الدبابة مرابطة في القصر لمدة أسبوع.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|