الميثاق نت- وحدة الرصد: - لم تكن الثورة اليمنية «26 سبتمبر1962» التي أطاحت بنظام حكم الإمامة الكهنوتي المتخلّف عسكرياً فقط، بل كانت أيضاً ثورة فنيّة وثقافية خاضها اليمنيّون باقتدار، وشارك فيها نجوم الفن والثقافة العرب، وفي مقدّمتهم رموز الفن في جمهورية مصر العربية.
وتحتفظ الذاكرة الثورية وايضاً الأرشيف الفني اليمني والعربي بقائمة طويلة من الأغاني الوطنية والحماسية لفنانين ومطربين مصريين وعرب ساندوا من خلالها الثورة اليمنية منذ انطلاقها وحتى إعلان ميلاد الجمهورية، ووصولاً إلى السفر إلى صنعاء وتعز لإقامة حفلات غنائية جماهيرية اعتبرت متنفساً لنشر الوعي الثوري والثقافي في أوساط المجتمع اليمني.
ومثّلت الأغاني الثورية التي قدّمها كبار الفنانين المصريين إلى جانب الأغاني الوطنية والحماسية للفنانين اليمنيين بمثابة ثورة أخرى ضد سلطة الإمامة الكهنوتية التي اعتبرت الأناشيد والأغاني من المحرّمات ولاحقت كل من يحاول إذاعتها..
وهنا ترصد "الميثاق" أبرز الأغاني الحماسية التي غنّاها ألمع نجوم الفن والطرب العرب و المصريين بالذات دعماً للثورة اليمنية، وكان لهذه الأغاني دور بارز في إشعال حماس المجتمع اليمني وحشده خلف الثوّار في معركة الخلاص من سلطة الاستبداد والكهنوت، بل إنها كانت لا تقل أهمّية عن الدعم العسكري الذي قدّمته جمهورية مصر العربية لإسناد الثورة السبتمبرية.
ومن ضمن هؤلاء، برزت الفنانة المصرية الكبيرة "فايدة كامل" والفنان "محمد قنديل"، والفنان الكبير "عبدالحليم حافظ" والمغني والملحن المصري "محمد فوزي"، والفنان الكبير "كارم محمود"، والفنانة "نجاة الصغيرة"، والمطرب "شفيق جلال" والمطربة السورية "رويدا عدنان"، والفنان السوري "فؤاد غازي" وغيرهم الكثير ممن قدموا أعمالاً فنيّة متنوّعة.
فايدة كامل
وكانت الفنانة »فايدة كامل« من أبرز نجوم الفن المصريين الذين ساندوا- حينها- الثورة اليمنية بالأغنيات الوطنية والحماسية التي كان لها أثرًا ودوراً بارزاً في رفع معنويات الأحرار وإشعال حماس أبناء المجتمع اليمنية لمواجهة الإماميين.
وتفاعلاً مع الثورة اليمنية، قررت الفنانة "فايدة" زيارة اليمن مع كوكبة من فناني ونجوم مصر المشهورين لإقامة حفلات غنائية جماهيرية دعماً للثورة حينها، وشاركت في إحياء عدد من الحفلات في قاعة سينما بلقيس في صنعاء بمشاركة الفنانة المصرية "شريفة فاضل" والفنان المصري "شفيق جلال" وغيرهم من الفنانين المصريين واليمنيين.
وتعد أغنية »ثورة اليمن السعيد«، من أروع وأقوى الأغاني الثورية الشهيرة التي غنّتها الفنانة "فايدة" لدعم الثورة اليمنية، والتي كتب كلماتها الشاعر كمال منصور، ولحّنها عبدالعظيم محمد، وكانت قد غنّتها في حفلات صنعاء وسجلتها لإذاعة صوت العرب وإذاعة صنعاء.
وتقول كلمات الأغنية:
بالإرادة والعزيمة والجهاد
اليمن أشعلها ثورة ع الفساد
ثورة بالنار والحديد
ثورة اليمن السعيد ثورة الشعب المجيد
ثورة ع الظلم والطغاة
لا إمامة لا قيود ولا عبيد
الأسود زأروا وثاروا
أعلنوها جمهورية
كما قدمت الفنانة "فايدة" أغنية أخرى، تقول كلماتها:
الشمس طالعة على اليمن بالخير
بالعزة والحرية والتحرير
والشعب تحت الشمس ماشي بجد
ماشي في طريق القوة والتغيير
وفى حفل آخر بصنعاء أُقيم في قاعة سينما بلقيس، قدّمت الفنانة فايدة أغنية أخرى عظيمة بعنوان "أنشودة صنعاء" من كلمات الشاعر الكبير محمود حسن إسماعيل، وألحان رياض السنباطي، ويقول مطلعها:
أرض صنعاء لقد عاد القدر
وطوى عندك أحلام السفر
فازحفي بالنور وامضى واهتفي
زمن الطغيان ولى واندثر.
وشاركت حينها مع المطرب "شفيق جلال" والمطربة السورية "رويدا عدنان" وبعض المطربين اليمنيين في تقديم أوبريت »ريح الشروق« الذي كتب كلماته الدكتور سعيد الشيباني، وهو طالب يمني كان يدرس بالقاهرة أثناء قيام ثورة سبتمبر، ومن ألحان صديقه المطرب اليمنى الكبير فرسان خليفة، الذى كان أيضًا يدرس الموسيقى بالقاهرة، وكان الأوبريت ملحمة عظيمة يتغنى بكل مدن ومحافظات وقرى ومناطق اليمن، وتقول بعض مقاطعه:
»البيضاء هم اخواني
من حرض إلى خولان
ذو الحسين هم أحبابي
وأرحب والحدا خلان
كل اليمن كلهم إخواني
من حرض إلى ذبحان
صنعاء يا بلادي صنعاء
من عدن إلى جيزان
وساهم هذا العمل الفني العظيم في حشد جماهير الشعب اليمني للاصطفاف بقوّة حول الثورة السبتمبرية المجيدة.
محمد قنديل يشعل جذوة الثورة..
الفنان "محمد قنديل" أحد أهم الفنانين المصريين الذي غنّوا للثورة اليمنية أغاني خاصة حماسية، ومن ضمن مجموعة الفنانين المصريين والعرب الذي زاروا صنعاء إبان الثورة وأقاموا فيها حفلات فنّية وغنائية لدعم الثورة.
ويوم 28 سبتمبر 1963 أحيا الفنان محمد قنديل مسائية احتفالية في مدينة تعز، وقدم نشيد »أرض العرب هي العزيزة الغالية« كلمات محمود بيرم التونسي، وألحان أحمد صدقي، والتي أعاد تسجيلها لليمن مستبدلا كلمتي »أرض العرب« بكلمتي »أرض اليمن«.
ومن أغانيه الحماسية العظيمة "هبَّ الشعب اليمني وثار" والتي سطّر كلماتها الشاعر مصطفى عبد الرحمن، ولحّنها الموسيقار أحمد صدقي، وجاء في كلمات الأغنية:
»هب الشعب اليمنى وثار
في طريقه طريق الأحرار
هدم القصر على الخاينين
بعد ما عاش في السجن سنين
ضرب الخونة والاستعمار
هب الشعب اليمنى وثار«.
كما قدم الفنان "محمد قنديل" أغنية حماسية أخرى لدعم الثورة اليمنية 26 سبتمبر هي "نشيد اليمن" من كلمات عبدالفتاح مصطفي، وألحان عبدالعظيم عبدالحق، ويقول مطلعها:
الحق سيوفه يمنية
والنصر سيوفه يمنية
يمنيك يا وحدة قوية
يا وحدة مصر وسوريا
يا يمن السعد ويمنها
يا مداين باركها الله
وقدّم "قنديل" العديد من الأغاني الوطنية يتغنّى فيها ببطولات وشهامة الجنود المصريين الذين شاركوا في إلى جانب أحرار اليمن في ثورة سبتمبر، ومنها أغنية "يا راجع من اليمن" التي كتب كلماتها حيرم الغمراوي، ولحّنها عبدالعظيم محمد، ويقول في مطلعها:
يا راجع من اليمن وجبينك في السماء
يا مسجل للزمن الأرواح والدماء
حقيقة وحدتك وشهامة أمتك
وعروبة ثورتك وعزة قوتك
عبدالحليم حافظ.. في صنعاء
الفنان العربي الكبير عبدالحليم حافظ (العندليب الأسمر) قدّم العديد من الأغاني الفريدة الداعمة لثورة اليمن السبتمبرية منذ بزوغ فجرها في 26 سبتمبر 1962، سواء أغاني منفردة بصوته، أو مشاركاً في أغاني داعمة للثورة اليمنية مع كبار فناني مصر العروبة.
وكان "حافظ" قد زار اليمن إبّان الثورة السبتمبرية لمؤازرة جنود بلاده وأحرار اليمن وكان يطوف المواقع القتالية مرتدياً الملابس العسكرية ليغنى للجنود المصريين واليمنيين، كما زار الأبطال الجرحى في مستشفى القوات المسلحة بتعز وعنّى لهم مجموعة من الأغاني الوطنية. ومن ضمن الأغاني السبتمبرية التي غنّاها العندليب عبدالحليم حافظ، عن ثورة 26 سبتمبر، رائعته "فوق الجبل أفراح" التي أظهر فيها دخول اليمن في عهد جديد جمهوري، بعد أن أطاح بنظام الحكم الإمامي الرجعي الكهنوتي، وقال في مطلعها:
فوق الجبل أفراح
تحت الجبل زغاريد
طايرة على صنعاء
صاعدة على صعدة
إلى أن قال:
شعب اليمن يا خال
صبح في عهد جديد
أعلنها جمهورية
وثار على الرجعية
وا دي البشاير دوم
والفرحة يوم ورا يوم
ومن ضمن الروائع الغنائية لـ"عبدالحليم حافظ" أغنية ترحيبية بعودة وحدات من القوات المصرية إلى بلادهم بعد مشاركتهم في مهمة إسناد ثوّار اليمن، ومنها أغنية " يا حبايب بالسلامة" من كلمات حسين السيد، وألحان محمد عبدالوهاب، وفيها حيّا هبّة الشعب اليمني ونضاله ضد الإمامة الرجعية، وجاء في مطلعها:
يا حبايب بالسلامة رحتم ورجعتم لنا بألف سلامة
رحلة نصر جميلة مشوار كله بطولة
خطوة عزم نبيلة لسنين جاية طويلة
ثورة شعب بحاله هبت من أجياله
أيدتم فى نضاله و شاركتم ابطاله
و دافعتم عن شرف العزة و الكرامة.
محمد فوزي..وكسر القيود
وفي خضم الثورة اليمنية، تصدّر المغني والملحن المصري الكبير "محمد فوزي" بصوته وألحانه داعماً الشعب اليمنى في معركته ضد محاولة الإمامة الانقضاض على الثورة الفتية، وحينها قدّم أغنيته العظيمة "الشعب لازم ينتصر" والتي كتب كلماتها محمد حلاوه.. وتقول في مطلعها:
الشعب لازم ينتصر قيوده لازم تتكسر
يا ويل عدو الشعب ساعة الخطر
الشمس طلعت على اليمن
من بعد ما غاب الزمن
تملى القلوب الحرة بالنور والأمل
تملى الحياة أمجاد للشعب البطل
والصف وحد القلوب المؤمنة
في كل ساعة بالعمل يعلا البناء
نجاة الصغيرة..
ومن ضمن النجوم، برزت الفنانة المصرية "نجاة الصغيرة" في رائعتها الغنائية »أول صباح« من كلمات على مهدي، وألحان بليغ حمدي، تتغنّى فيها بتضحيات الجنود اليمنيين والمصريين المشاركين في معارك تحرير اليمن، وتقول فيها:
أول صباح زي النهار ده
على اليمن هلت ضياه
أول صباح زي النهارده صحى الحياة
ما أحلى صباح نوره اللي بان
ما أحلى اللي بإيمانهم نوروه
ما أحلى اللي بحياتهم بيصونوه
عاش النضال وعاش الرجال
كارم محمود..من صرواح الى صنعاء.
وبرز الفنان المصري الكبير "كارم محمود" في دعم الثورة اليمنية بأغنية "عيد العروبة في اليمن" أحد أهم الأغاني الوطنية التي كتب كلماتها محمد كمال بدر، ومن ألحان بليغ حمدي، وتغنى فيها ببطولات الشعب اليمني ونجاحه في الإطاحة بنظام الإمامة الرجعية. وجاء في مطلع الأغنية:
من بين جبال صرواح
طالع على صنعاء معك
طالع على الشعب اللي ثار
ونهدد الرجعية بيدين من حديد
ودم اخويا تحرر اليمن السعيد
الثورة قامت من اليمن
وتكسرت كل القيود
الثورة أقوى من الزمن
أقوى من النار والبارود
والشعب بالعرم الأكيد
فؤاد غازي..مارد الثورة..
أغنية "يا ماردًا في هامة التاريخ" للمطرب السوري فؤاد غازي، ومن كلمات عباس الديلمي، وألحان سهيل عرفه، وجاء في مطلعها:
يا مارداً في هامة التاريخ يقهر المحن
وصانع أيلول صنعاء وتشرين عدن
لا لن ينال الطامعون من شموخه ولن
ولا مكان بيننا لعابد الوثن..
وليس في صفوفنا من يزرع الفتن
أرواحنا دماؤنــــا تفديكـ يا يمن..
ولاءنا إخلاصنا للشعب للوطن
أرواحنا دماؤنا تفديكـ يا يمن ..
ولاؤنا إخلاصنا لله للوطن.
وهكذا كان للاغنية الوطنية دورها في استنهاض وتثوير الشعب ضد التخلف والحكم المستبد، لتكون شعلة وضاءة للاجيال ومازالت حتى اليوم، وستستمر بإذن الله.
|