يحيى العراسي - كانت ثورة الـ 26 من سبتمبر وستظل بمضامينها وأهدافها واخلاقيات رجالها هي المنقذ الحقيقي والواقعي للشعب اليمني الذي اخرجته من دياجير الظلم والظلام والجهل والتجهيل والفقر والمرض..
نعم لا يجوز ولو للحظة سهواً التهوين او التقليل من عظمة الإنجازات والتحولات النهضوية والتقدمية التي تحققت لليمن على مختلف المستويات وفي كل المجالات التطويرية مجتمعيا واقتصاديا وتنمويا في كل مسارات الحياة ومثلت الثورة وقيام الجمهورية اعظم انجاز تاريخي وسياسي لليمن الجديد، حيث خرج الشعب اليمني الى الحياة الجديدة بكل جماهيره واطيافه للحاق بالحياة المستحقة في ضوء ما يشهده العام من تطور وحداثة وما مثله ذلك من ازاحة للعزلة والانزواء والتخلف الى عالم القرن العشرين بكل مقوماته ومستلزماته ومحاولة اللحاق ومواكبة العصر ..
نعم لقد كانت الثورة اليمنية الـ 26 من سبتمبر الخالدة و14 من أكتوبر المجيدة ثورة انسانية انقاذية للتخلص من الكهنوت والتخلف والرجعية وكذا التخلص من الاستعمار البغيض..
وعلى الرغم من مرور نحو ستة عقود على قيام الثورة إلا ان نورها لايزال يشع وجذوتها تزداد اتقاداً ووهجاً في تطورات حتمية استمرار المؤامرة من قبل القوى المعادية لأمن واستقرار ووحدة اليمن من القريبين والبعيدين في اطار العداء التاريخي للديمقراطية والحداثة، والتطور واحباط المسير نحو تحقيق الآمال والطموحات وطي المسافات الفارقة مع تطورات العصر..
نعم ومع تعاظم عطاء الثورة وما حققته من نهوض شامل على مختلف الصعد ووحدة وطنية التأم فيها شمل شعبنا اليمني في 22 مايو 1990م في انجاز تاريخي ظل حلم الشعب اليمني منذ زمن بعيد..
وفي الواقع ان هناك خطراً كبيراً يتمثل في عزوف الجيل الجديد عن قراءة التاريخ ووقائعه والنتائج التي افرزها ويفرزها وانصرافهم نحو الجديد واللهو في ايقاعات العصر من خلال تطورات الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وما تنتجه وسائل الاتصالات الحديثة بكل تناقضاتها سلباً وايجاباً بالإضافة إلى ما تحمله من تضليل ومغالطات في خدمة اهداف ومرامي استعمارية ومصلحية..
ومع اعترافنا بكارثة حرب 94م بعد الوحدة المباركة وما سببته من ويلات ومآسٍ وخلفت انشقاقات عميقة وخلخلات واسعة في العقيدة الوطنية من خلال تحميل الوحدة وزر تلك الاعمال والجرائم المدانة إلا انه لا بد من التأكيد على حقيقة ان جيل الوحدة قد تعرض لعمليات تضليل ومغالطة وطمس للحقائق والوقائع السياسية كما هي من قبل الذين فقدوا مصالحهم ووظائفهم وارتباطاتهم العملية بكل صورها وانواعها في بيئة لها مؤثرات ماضويه في دوامة الخلافات والصراعات. جهوياً ومناطقياً.
كما ان عمليات توحيد الجيش قد اخذت هذا البعد بصورة كاملة ونقصد هنا البعد المناطقي ما زاد من عمق الجراحات والاختلافات.. صحيح هناك من اساء، وهناك من نهب من الجميع هنا وهناك ولا يجوز تحميل الوحدة والوطن وزر تلك الافعال المشخصنة.
واليوم نحن في الجمهورية اليمنية وفي العام السابع من العدوان الهمجي الغادر والمبيت نمر بمرحلة من اصعب المراحل بعد قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر.
العام السابع من العدوان الهمجي، والشعب اليمني يسجل في صفحات التاريخ اللامعة صموداً تاريخياً ليس له مثيل ستتذكره الاجيال بكل ما ينتج من انتصارات ومرارات وحسرات وما يكتنف ذلك من مواقف دولية واقليمية ومحلية بكل معاييرها وحساباتها الذاتية والاستعمارية والمواقف السياسية ازاء ذلك من مختلف الجوانب. والاتجاهات وما يسمى بالمجتمع الدولي والمواقف المتذبذبة والمواربة وعلاقة ذلك بمصلحة الشعب العليا.
وعلى الرغم من الاعتراف العام دولياً واقليمياً ان هذا العدوان العسكري الواسع النطاق قد خلف أكبر أزمة انسانية في العالم، وهو ما تقوله الامم المتحدة والمجتمع الدولي، إلا ان ذلك لم يولد موقفاً حازماً وصادقاً لأنهاء هذه الحرب المجنونة والحاقدة من أجل ايقاف هذه المعاناة وهذا الخراب الكبير..
ولا نجانب الحقيقة والصواب اذا ما اعتبرنا ان هذه الحرب تصب حقدها الدفين ضد الثورة والجمهورية والنمو الاجتماعي والاقتصادي والديمقراطي الذي حققته وتحققه اليمن في ظل الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الفكر والصحافة، ويأتي استجرار ذلك الحقد الدفين والمبيت للقضاء على هذه المقومات الإنسانية والوطنية وفقاً للخيارات الديمقراطية والشعبية..
وذلك ما يؤكد بالتالي ان ثورة سبتمبر الخالدة من اعظم الثورات الإنسانية والأخلاقية الهادفة الى التحرر والتطور وانهاء العزلة والتخلف والجهل والانغلاق الذي فرض على شعبنا منذ قرون عدة..
|