إبراهيم الحجاجي - مرت أيام على احتفالنا بالذكرى الـ 59 لثورة 26 سبتمبر الخالدة وتفصلنا أيام عن الاحتفال بالذكرى الـ 58 لثورة 14 اكتوبر المجيدة، واللتين يعتبران توأماً شعبياً وطنياً قومياً للعزة والاستقلال، وملهماً للتحرر من الغزو الجديد ومقاومة العدوان الحاصل على بلادنا حتى النصر بإذن الله.
إذا ما رجعنا الى جذور الغزو البريطاني لعدن وشماعة مهاجمة سفينة تابعة لها قبل حوالي 184 سنة، من قبل يمنيين بحسب ادعائها آنذاك رغم وجود خليط من المتسابقين على احتلال عدن واليمن بشكل عام، سواء أكان العثمانيين أو البرتغاليين وغيرهم، اقصد أن بريطانيا وجهت الاتهام الى اليمنيين المعروفين تاريخياً بمسالمتهم وعدم الاعتداء على أحد، إنما كان ذلك مبرراً لبريطانيا من أجل غزو عدن واحتلالها، لغرض توسعة نفوذها وضمان تعزيز مصالحها من خلال السيطرة على موانئ ومنافذ ومضائق البحر العربي والبحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي..
ما تبع ذلك من أحداث ومعاناة عاشها ابناء جنوب الوطن على مدى حوالي 128 سنة حتى نالوا التحرر والاستقلال عندما انطلقت شرارة ثورة 14 اكتوبر وأعلن اليمنيون قرار التحرر والاستقلال أياً كان حجم المحتل جيشاً وعتاداً وإمبراطورية، حيث كانت ثورة 14 اكتوبر بقرار يمني موحد، فبعد نجاح ثورة 26 سبتمبر 1962 انطلقت هذه الثورة بأبنائها وأدواتها وروحها لتكون سنداً لثورة 14 اكتوبر 1963م.
اليوم وبعد أكثر من نصف قرن من الزمن على هاتين الثورتين، يعيد التاريخ نفسه باحتلال جديد وإن اختلفت الأقمصة والأدوات إلا أن المخرج واحد في صياغة سيناريو الأطماع بطرق مختلفة، وحكاية أن تحالف العدوان الذي تقوده السعودية بمبرر دعم الشرعية لأوهن من خيط العنكبوت، حيث دمر هذا العدوان على مدى أكثر من ست سنوات مقدرات اليمن ومصالحها وقتل الآلاف من أبنائها سواء من القصف المباشر بالطيران أو بالحصار الخانق الذي حال دون وصول الغذاء والدواء بالشكل المطلوب، وتسبب بانقطاع الرواتب عن المواطنين وشحة الدخل وانعدامه لدى الكثير منهم، فهل كل هذا الدمار والقتل بحق شعب مسالم ومصادرة مقدراته والسيطرة على مياهه وموانئه ومطاراته بدون أي مبرر عمل يخدم الشعب اليمني أم رعاية لمصالح العدوان ومن يقف خلفهم من دول كبرى ؟
فالاحتفال بذكرى هاتين الثورتين ليس مجرد بروتوكول مناسباتي سنوي للشعارات والخطابات فحسب، بل للتذكير بما يمر به الوطن من أوضاع صعبة ومعقدة وما يتعرض له من عدوان غاشم وحصار جائر، ويجب أن يستلهم كل اليمنيين معنى التوحد والاصطفاف لتحرير كل شبر من أرض الوطن ويعود القرار اليمني الى أهله.
|