فايز البخاري -
كلما أمعنت النظر في واقع الأمة العربية والتشرذم والتخاذل والخور والوهن الذي أصابها أوقن تمام اليقين أننا بحاجة ماسة إلى زعيم عربي فذ يجدد لهذه الأمة شبابها ويبعثها من أجداثها ويوقظها من سباتها العميق الذي تغط فيه منذ عقود من الزمن، ويحرك المارد الذي نام في كيانها منذ أمد بعيد.
تناحر وتمزق وتقاتل وتشريد ونزوح بالآلاف يحدث كل يوم على مرأى ومسمع من العرب قاطبة في الصومال والعراق وفلسطين، والعرب ينظرون لذلك وكأن الأمر لا يعنيهم؟!
لبنان يعيش حالة من الفوضى في ظل الفراغ الدستوري لكرسي الرئاسة الذي لم يشهد قطر عربي قط، ورغم ذلك نتابع مجريات الأمور فيه وكأن الأمر لا يعنينا؟!!
العراق يكاد أن يفنى ساكنوه وأبناؤه بين عدوان المحتل الأمريكي الغاشم ونيران العملاء الذي عاثوا في العراق الفساد خدمة لأسيادهم في الشرق والغرب؟!!
وفوق هذا وذاك تظل فلسطين، ذلك الجرح الذي لم يندمل في جسد الأمة العربية منذ ما يقارب القرن من الزمان، تعيش حالة من النسيان والإقصاء والتهميش في ذاكرة الزعامات العربية التي بتنا نحفظ عن ظهر قلب شعاراتهم وأقوالهم الزائفة التي يتشدقون بها كلما زاد مصاب فلسطين أو قويت الهجمة الشرسة للعدوان الصهيوني على الفلسطينيين الأبرياء.
تلك الشعارات الجوفاء أيضا ليتها تطلق من قلب صادق أو تصدر عن قناعة وإيمان خالص لدى هؤلاء الزعماء ، لكنها للأسف تصدر تهدئة لهيجان الجماهير العريضة من أبناء الأمة العربية الأنقياء الذين يقودهم للتظاهر إيمانهم الكبير بعدالة القضية الفلسطينية وشعورهم المطلق بأن فلسطين تمثل جزءاً عزيزاً من الجسد العربي المترامي من المحيط إلى الخليج، هذا اذا لم تكن هي فعلاً عند غالبية المواطنين العرب القلب النابض للأمة العربية.
ستظل فلسطين كذلك رغم الإصابات التي تلحقها من الكيان الصهيوني في ظل الصمت العربي المشين، فالقلب بإذن الله سيتعافى وإن أصيب بعدة نوبات أو جلطات ، ما دام هناك تصميم لدى صاحبه على الوقوف والثبات ومواصلة المسيرة التي بدأها في هذه الحياة.
ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق اليوم من تقتيل وتنكيل وتشريد حقيقة هو العار نفسه الذي ستوصم به الأمة العربية إلى آخر الزمن، ولا يمكن لنا إزالة هذا العار ما لم نسع جاهدين جميعاً ، حكومة وشعوباً من أجل تجاوز الحال المزري الذي بتنا نعيش فيه، والواقع المأساوي الذي فرضه علينا الخور والوهن الذي أصابنا مؤخراً.
نحن مطالبون الآن قبل الحكومات بأن نبذل كل مساعينا وجهودنا لنصرة إخواننا الفلسطينيين بالمال والدم والسلاح، وأن نقوم بواجباتنا على أتم وجه من خلال الضغط الفعال على حكوماتنا العربية للعمل لدى المجتمع الدولي بجدٍ ومصداقية مطلقة وشفافية ووضوح لوقف العدوان الصهيوني الذي تمادى في غيه إلى أبعد الحدود ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
العالم بأسره والمجتمع الدولي والأمم المتحدة مطالبون بالنظر لقضية فلسطين بعين السوية مثل نظرهم لبقية القضايا العالمية، وبذل كافة المساعي والجهود لإيقاف حمام الدم الذي يجري حالياً على أراضي فلسطين كما فعلوا في دول الاتحاد اليوغسلافي، وكما فعلوا بالتدخل المشين في العراق وأفغانستان.. نحن نقول لهم: فلسطين هي الأولى بتدخلكم من العراق وأفغانستان، فهذه تتعرض لاعتداء خارجي غاشم، ومحتل لا كيان له ولا هوية وتلكما لم تكونا بحاجة لتدخلكم، أقصد لاحتلالكم ، فهل ستكفرون عن جزء من سيئاتكم وتوقفون هذه المجازر ؟!!
نقلا عن الثورة