كتب/ إبراهيم الحجاجي - يحتفل أي شعب بطريقة جنونية عندما يحقق منتخب بلده لقب بطولة في كرة القدم، إلا أن فرحة الشعب اليمني لا يمكن مقارنتها بأي فرحة إطلاقاً، حققت البرازيل وإيطاليا والمانيا والارجنتين وفرنسا وأورجواي وأسبانيا وانجلترا ألقاب كأس العالم كأعظم وأغلى لقب في العالم، وغيرها من المنتخبات التي حققت ألقاباً قارية، ويصبح ذلك في رفوف الفخر والاعتزاز لهذه البلدان وتاريخاً ممجداً تتباهى بها شعوبها وأجيالها.
ما حققه منتخب اليمن للناشئين الفوز بلقب بطولة غرب آسيا يتجاوز بقيمته ودلالاته تاريخ كأس العالم وكؤوس القارات مجتمعة، لأن من ذكرناهم في مطلع هذه المادة حققوا تلك الألقاب وهم في أوج ازدهار اللعبة، لديهم امكانات هائلة سواء من حيث البيئة الخصبة وتطور المسابقات الداخلية فيها، أو من حيث الاستقرار العام أو الإعداد المستمر، لكن أن يأتي منتخب من بلد يئن من جراح مثخنة نتيجة الحرب الظالمة منذ سبع سنوات، منتخب خرج من تحت انقاض مقدرات مدمرة وإن كانت خصوصيتهم مدمرة (أقصد ملاعب كرة القدم) ومسابقات محلية متوقفة تسببت بحرمانهم من ممارسة أنشطتهم بالشكل الذي يؤهلهم كمنتخب ولو بالحد الأدنى لمجاراة المنتخبات المنافسة وغيرها من العوامل كالجانب النفسي نتيجة الوضع المعيشي الصعب وحرمانه دولياً من اللعب على أرضه وبين جماهيره وغيرها من الصعوبات والمعوقات..
من كل هذه الظروف الصعبة أتى منتخب تم تجميعه بظرف صعب وفترة إعداد داخلية قصيرة جداً، وشارك في بطولة قارية أمام منتخبات لها ثقلها وامكاناتها الهائلة التي لا يمكن بأي حال وضع أدنى مقارنة مع امكانات منتخبنا، مع ذلك فاز عليها جميعاً أداء ونتيجة بدءاً بفوزه على الأردن (3-1) والبحرين (5-0)، ومروراً بفوزه على سوريا (2-1) وانتهاء بفوزه على السعودية بضربات الترجيح، وانتزاع اللقب من أمام واحد من أقوى منتخبات آسيا ومن أرضه وبين جماهيره، لذلك قلنا وعطفاً على ذكرنا سابقاً إن هذا اللقب يتجاوز كؤوس العالم والقارات مجتمعة، قيمة ودلالة.
لو كانت هناك معايير منصفة لدى تصنيف الاتحادين الدولي والآسيوي لكرة القدم لصنف فوز منتخبنا الوطني للناشئين بهذا اللقب بأعظم وأفضل لقب في تاريخ كرة القدم، لكن للأسف المعايير لدى صناع القرار دولياً وقارياً ظالمة وغير عادلة، كما يحدث في تصنيف المنتخبات واللاعبين في أي بطولة أو أي عام.
بالنسبة لهذا الانجاز سيظل نهراً سارياً من الفخر والاعتزاز يتدفق في نفوس اليمنيين عبر التاريخ وتتباهى به الاجيال جيلاً بعد جيل حتى قيام الساعة.
ذلك الانفجار الفرائحي الهائل الذي عم الشعب اليمني في كل انحاء البلاد من أقصاها الى أقصاها، لم يأت مجرد تعبير عن فرحة الفوز باللقب فقط، بل له دلالات كبيرة أبرزها قهر المستحيل والانتصار على التحديات والصعاب وانتزاع اللقب من أمام منتخب يمثل دولة هي السبب في كل هذه المعاناة تحديداً.
من حقنا أن نفرح بل نبالغ بالفرحة وبكل فخر واعتزاز بهذا الانجاز، وتكريم المنتخب من مختلف الجهات واجب أيضاً، لكن الأهم من هذا والأهم جداً أن يتم الحفاظ على هذا الجيل الذي يضاهي جيل زيدان ومارادونا وبيليه وباولو روسي وغيرهم من الأساطير، يجب أن يتم وضع استراتيجية لا يمكن نقضها أو الاهمال في تنفيذها للحفاظ على هذا المنتخب العظيم.
وخزة
تهافت العديد من التجار والبيوت التجارية للإعلان عن تبرعات ومكافآت للمنتخب، وهذا شيء طيب أسعدنا جميعاً، لكن نتمنى ألا يستغل البعض وليس الكل هذه المناسبة للترويج لعلاماتهم التجارية نرجو الأمر مجرد اعلان فقط دون أن ينفذ كما حدث في السابق، وهو ما نطالب الحكومة والجهات المختصة إلزام أولئك بتنفيذ ما أعلنوا عنه.
|