«الميثاق» - نادية صالح - طموح النجاح وتحقيق الذات في العمل أم الأسرة؟ الأطفال أم تحقيق الأهداف الشخصية؟ أسئلة تطرحها على نفسها كل امرأة دخلت مشوارها المهني وقررت مع شريك حياتها التوفيق بين الأسرة والمشوار المهني، قرار ليس بالسهل اتخاذه، ويحتاج الى قوة و عزيمة و مساعدة من الطرفين لنجاح الحياة الزوجية فيما بينهما .
حول هذا الموضوع وقدرة المرأة على التوفيق بين عملها و بيتها استطلعت »الميثاق« آراء عدد من الشخصيات في سبيل توضيح الرؤى ومعرفة ما يعترض المسيرة العملية والعلمية للمرأة اليمنية خصوصاً التي باتت تمتلك أسرة وتحمل مسؤولية أطفالها ومنزلها.
التوفيق بين الأمرين ممكن
يقول محمد علي - طالب دراسات عليا - التوفيق بين الأمرين، شيء ممكن لكنه يتحقق عادة على حساب المرأة، لأن نسبة عالية من الرجال غير مستعدين لتحمل مسؤولية القيام ببعض الواجبات المنزلية. ويُعلل ذلك غالباً بأن الرجل ليس لديه الكفاءة لتربية الأطفال، مع أن تجارب عدة أثبتت أن الأب قادر على رعاية أطفاله إن أراد ذلك حقاً.
عندما لا ينجح الطرفان في التنسيق والتوفيق بين عملهما وتدبير الأمور المنزلية، تضطر أكثر النسوة الطامحات إلى النجاح في مشوارهن المهني إلى التخلي عن إنجاب الأطفال كي يستطعن تحقيق ما يصبون إليه.
عمل المرأة يصون الأسرة
مصممة الجرافيكس الحان الشرعبي، تقول: إن عمل المرأة يصون الأسرة كلها من الحاجة والعوز للغير لأنها تساعد زوجها، وأن زوجها شخصياً تعرض إلى تعثر مالي، متسائلة ماذا كان بوسع المرأة أن تفعل لو لم تكن عاملة ؟هل تمد يدها للناس خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الناس؟!
وفي هذا الرأي يوافقها المحاسب اياد وليد - من أبناء محافظة تعز- بقوله إن زوجته تعمل وتساعده على نفقات الحياة وكم مرة حدثت له مشاكل في العمل ولم يجد سوى زوجته لتقف بجانبه، خصوصاً في ظل ما يعانيه اليمن واليمنيون من عدوان وحصار جعل الكثير يسقط في هاوية الفقر والعوز، وأضاف : متفاهم جداً أنا زوجتي كونها اكملت دراستها ونحن متزوجان، وتعمل طبيبة أسنان لها عيادتها الخاصة وكلانا يسند الآخر معنوياً ونتقاسم المسؤولية الأسرية بكل تفاهم.
من جهتها تقول سوسن الصايدي - متخصصة الأمراض النفسية والمشاكل الأسرية في الصندوق التابع للأمم المتحدة للسكان: إن المرأة العاملة تحتاج للدعم والإسناد والعون لأنها ضحية ضغط يومي يجعلها تعيش قلقاً سببه محاولة التوفيق بين عملها وبيتها، خصوصاً إذا كان لها زوج وأولاد يجب الوفاء بمتطلباتهم وغير مسموح لها بالتهاون، وهذا بحد ذاته ضغط كبير يلغي مشاعر المرأة وتعبها البدني ويراها آلة لابد ان تفي بكل التزاماتها المنزلية والعملية، الأمر الذي يجعل المرأة تتشتت وتتعب كثيراً وتتعرض للإرهاق من أجل تحقيق هذه المعادلة الصعبة، خاصة أن أعباء أشغال المنزل تلقى على عاتقها وحدها، لأن أغلب الرجال يرفضون اقتسام أعباء المنزل مع المرأة .
وتقول الصايدي إن النساء العاملات أكثر تعرضاً للإحباط من اللواتي بقين في منازلهن لرعاية أسرهن وتتحمل أعباء وضغوطاً تفوق طاقتها، لكن إذا ما وجد التفاهم والتفهم من الزوج وكذلك تمكنت من تنظيم وقتها والتحكم في تصرفاتها سوف تحقق التوازن , وتتحقق لها الراحة النفسية.
من الصعب التوفيق بين الاثنين
تؤكد طبيبة النساء والولادة ابتسام السمان أن من الصعب جداً على المرأة أن توفق بين العمل والبيت، خاصة إذا كان العمل الذي تمارسه مكثف ويحتاج إلى تواجد وحضور ومتابعة دقيقة كما أفعل أنا للمرضى سواءً في العيادة أو بالمستشفيات التي أعمل بها ، وهذا يتطلب مني جهداً مضاعفاً ولأجل متطلبات الحياة ومستلزماتها أضطر أن أقضي أغلب وقتي خارج المنزل .
وتضيف: أن هناك ثلاثة هواجس تسيطر على المرأة العاملة، هاجس منزلها وهاجس أطفالها وهاجس عملها، ولذلك تحاول دائماً أن تبرهن للجميع أنها قادرة على التوفيق بينها رغم الضغوط التي تعيشها، ولذلك اعتقد أن من الضروري أن تتوافر (مساعدة في المنزل / شغالة) لكي تساعدها في أعباء المنزل، وإذا لم تكن قادرة على دفع أجرتها فإنها تعيش ضغطاً يومياً يجعل من الصعب عليها التوفيق بين العمل والمنزل بنسبة 100 ٪، وفي غالب الأحيان تميل الكفة لصالح العمل.
بالنسبة لي فإن معاناتي تتجلى في ضغط التنقل نظراً للحالات الصحية والطارئة في تخصص النساء والتوليد، وكمتخصصة انهك كثيراً في سبيل تأدية واجبي الإنساني بالمقام الأول، بالإضافة لتحملي أعباء المنزل حتى لا أتهم بأنني مهملة.
أما ليلى المجيدي فتقول إن من الصعب أن توفق بين وظيفتها كمدرسة ومسؤولياتها كزوجة وأم، خاصة أن متطلبات الحياة أصبحت كثيرة، وقالت :أعيش توتراً وقلقاً شبه يومي، مما يجعلني في سباق مع الزمن، وكمثال على ذلك فإن منبه ساعتي يكون مضبوطاً كل يوم على الساعة 5 صباحاً حتى أستطيع إعداد وجبتي الفطور والغداء، وذلك بسبب ضيق الوقت خلال فترة الظهيرة، أما بالنسبة لزوجي فإنه غير مستعد ليقتسم معي أعباء المنزل ما يجعلني أتحمل وحدي المسؤولية.. إنه روتين يومي أعيشه على أعصابي.
نجحت في التوفيق رغم الصعاب
وتقول عبير سعيد - مدرسة لغة انجليزية: حاولت منذ البداية أن أنظم وقتي حتى أتمكن من التوفيق بين عملي خارج المنزل وداخله، وتمكنت من التوفيق بينهما إلى حد كبير، حيث حظي منزلي وعملي بنفس الأهمية، وعلى الرغم من أنني أعمل في معهد إلى جانب عملي كموظفة حكومية في احدى المدارس، إلا أن هذا لم يمنعني من تحمل جانب من أعباء المنزل، حيث أخصص الوقت الكافي للأشغال المنزلية وبين واجبات أولادي الذين استطعت أن أوفر لهم أسباب الراحة والنجاح، وواجبي تجاه زوجي كونه الأحق والأساس بكل شيء في حياتي.
بكلمات بسيطة تختصر سلمى القباطي - موظفة في إحدى شركات الصرافة والتحويلات - إجابتها على استطلاع الميثاق، وما تعانيه المراة العاملة من هم لتحقيق التوازن، بقولها : تقع على كاهلي مسؤوليات مضاعفة ما بين البيت والعمل، وتضيف: أدير شؤون البيت كاملة وتقع عليّ الأعباء المنزلية لوحدي، فزوجي عندما يساعدني يعتبر انه يقوم بذلك بإرادته وتبعاً لرغبته فقط، لكن العمل بكامله مسؤوليتي، وهذا يجعلني مسئولة إدارية وأماً وزوجة على مدار اليوم كله رغم أنفي، رغم محاولاتي الدائمة لتحقيق التوازن بين هذين العملين، وهذا يحتاج مني طاقة مضاعفة كي لا أخسر أحدهما.. وعموماً هذه -كما يقال- ضريبة خروج المرأة إلى العمل وإثبات نفسها، فأي تقصير يقع عليها وحدها وأي نجاح هو ممن حولها.
|