شوقي شاهر - تطالعنا بين الحين والآخر بعض التقارير الإعلامية بأن نسبة الاخبار المضللة التي يتم نشرها أو بثها هي في ارتفاع مستمر، أي أن الامر لم يعد له علاقة بالأخطاء المهنية بل انه يمكن أن يصبح قاعدة وربما صار نشر وبث مثل هذه الاخبار متعمداً وعن سابق إصرار، وهو الامر الذي ينعكس سلباً على سلامة واستقرار أي مجتمع من المجتمعات..، ولايقتصر هذا الامر على الجانب الإعلامي والصحفي فقط بل يمكن ان نلاحظ أن ذلك يتسق مع نسبة الاخطاء التي تُرتكب وتشهدها بقية المهن ، حيث يلاحظ أن نسبة هذا النوع من الاخطاء في ازدياد مستمر، ومخاطرها وأضرارها باتت واضحة المعالم وتكاد تطال مختلف شرائح المجتمع وعلى مختلف الصعد الحياتية والمعيشية..
إنها أحداث وحوادث تتكرر بشكل يومي ويتضرر منها الجميع تارةً بصورة مباشرة وتارة أخرى بصورة غير مباشرة، ونتائجها تسير وفق صيرورة تراكمية، مما قد يفقد الحياة جودتها والعلاقات إنسانيتها.
إنها في أحايين كثيرة تستهدف أوجه الحياة برمتها وفي احايين أخرى نرى أنها تسلب الضمير جوهره والمجتمعات سلامتها وصحتها..
ولعل من الجدير التذكير بأن مثل هذه الأخطاء لا تقتصر على خدمة أو مهنة معينة بل اصبح نطاقها يتسع باستمرار ليشمل معظم إن لم يكن جميع الخدمات ،وكذا السلع والمنتجات التي باتت أخطاؤها تتجاوز كل ذلك لتصبح أخطاء متعمدة وذلك من خلال رداءة التصنيع وعدم التزامها بمعايير الجودة وغيرها من المواصفات والمقاييس التي تحافظ على سلامة المنتج أو الخدمة وصحة وسلامة المستهلكين.. وإذا ما أردنا استعراض كل ذلك فإن القائمة قد تطول فالماء الذي يتم شربه قد يكون ملوثاً والخضار والفواكه التي تعرض في الاسواق قد تكون بعضها لامستها السموم والمبيدات الخطرة، والدواء قد يكون مهرباً وغير مطابق للمواصفات، وانبوبة الغاز ربما تالفة وغير معبأة تماماً.. والبترول اصبح معظمه مخلوطاً بمواد أخرى، والمواد الالكترونية التي نبتاعها قد تنتهي خلال ايام كونها مقلدة أو تحمل علامة تجارية مزورة.. وقد يصل الامر إلى ان تصبح يد الطبيب قاتلة بدلاً من أن تكون سبباً في نجاة المريض من الألم ومن المصير الذي كان يخشاه..
إن القائمة تتسع وتطول وقد تصل في مرحلة من المراحل إلى أن تصبح هذه الاخطاء هي القاعدة المتعارف عليها بينما يكون عكسها هو الاستثناء.. فما هو السبب أو الأسباب المؤدية إلى ذلك؟ وما الاخطاء /الجرائم الأشد فتكاً وضرراً بالمجتمع وسلامته وأمنه؟.. وهل لذلك علاقة بالتسيب واللامبالاة؟.. أم أن الامر يعود لفقدان الضمير وغياب الوازع الديني والأخلاقي؟ .. وهل يمثل غياب أو عدم تنفيذ التشريعات والقوانين المنظمة لهذه المهن العامل الابرز لمثل هكذا تدهور قيمي وأخلاقي؟ وهل وهل وهل؟.
الإجابة التي نعلمها أن مثل هذه الممارسات قد ترتقي إلى مستوى ارتكاب الجرائم وعوضاً من ان تكون خطأ غير مقصود فإنه إن لم يتم ردعها وهي في مهدها فقد تتطور لتصبح جرائم بحق المجتمع مع سبق الإصرار والترصد.
ولا فرق هنا بين خبر تبثه أو تنشره وسيلة إعلامية بهدف التضليل، وبين استخدام انبوبة غاز تالفة أو دواء مهرب أو تناول خضار أو فاكهة تعرضت لأسوأ انواع الأسمدة والمبيدات الكيماوية، أو شرب ماء ملوث..، الفرق يكمن فقط في عدد المتضررين والمتعرضين لمثل هكذا سلع أو خدمات أو أخبار..
وفي السياق يصبح أهم ما نختتم به موضوعنا هو النتيجة التي توصل اليها موقع يمن فيوتشر من خلال الاستبيان الذي أجراه مؤخراً حول المنافذ الاخبارية والاخبار المضللة والتي مفادها أن الأخبار الكاذبة والمضللة يكون أثرها مدمراً وصادماً للجمهور.
|