استطلاع/ صفوان القرشي: - تعيش اليمن أوضاعاً إنسانية غاية في الصعوبة جراء الحرب العدوانية التي تُشن عليها منذ ما يقارب الثمان سنوات وما تفرضه دول العدوان من حصار جائر، الأمر الذي ألقى بظلاله على مجمل مناحي الحياة كما ادى إلى إلحاق الاضرار الجسيمة بجميع القطاعات الخدمية بما فيها القطاع الصحي الذي تضرر بشكل مباشر جراء التدمير الممنهج الذي طال أكثر من 150 مرفقاً صحياً- بحسب الأمم المتحدة- اضافة إلى توقف 50٪ من المرافق الصحية عن أداء عملها وما بقي منها يفتقر إلى ابسط الامكانات التي تؤهلها لتقديم خدمات افضل للمرضى ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل امتد للمستشفيات الخاصة التي أعلنت في مؤتمر صحفي الاسبوع الماضي عن قرب توقفها عن العمل نتيجة انعدام المشتقات النفطية مما يهدد حياة آلاف المرضى .
كل هذه العوامل والاسباب أدت بالضرورة إلى تدني الخدمات الصحية بشكل عام وإلى ارتفاع معدل الأخطاء الطبية في مختلف المستشفيات العامة والخاصة .
وهنا نطرح السؤال التالي ..كيف ينظر أفراد المجتمع لهذه الأخطاء الطبية؟
وهل هناك قانون يعاقب الطبيب على الخطأ الذي ارتكبه ؟
د.عادل المحمدي، تحدث قائلاً:
أولاً الطبيب إنسان معرض لارتكاب الخطأ وغالباً ما يكون غير متعمد وغير مقصود ولكن مهما كأن فإن خطأ الطبيب يكون فادحاً وقد يؤدي إلى إزهاق روح أو التسبب بعاهة مستديمة.. الخطأ الطبي إما فني وهو يتعلق بالمهنة مثل نقل الدم أو سوء استخدام الآلات والأجهزة الطبية، والخطأ الناتج عن اهمال وعدم قيام الطبيب بواجبه كما يجب مثل اجراء عملية وهو مشوش الذهن أو سكران، وتعود الاخطاء الطبية إلى اسباب منها نقص الخبرة ، قلة الكفاءة، وجود أطباء غير مؤهلين، الخطأ في تشخيص المرض وبالتالي يؤدي إلى علاج غير صحيح مما يتسبب في مضاعفات خطيرة .
صحيح توجد أخطأ طبية ولكن لا يجب أن ننظر للطبيب كقاتل تعمد أن يرتكب هذا الخطأ في حق مريض أمنه على نفسه وأمل أن يجد على يديه الشفاء ومع ذلك لا يجب أن تكون مهنة الطب عرضة يمارسها كل من أراد ولا يجب أن تكون حقل تجارب , الطب مهنة مقدسة وعلى الطبيب أن يكون عند مستوى المسؤولية وأمانة المهنة وأن يلبي الواجب في أي وقت وتحت أي ظروف لأن رفض الطبيب علاج مريض أيضاً يندرج تحت بند الخطأ الطبي والتقصير يحاسب عليه ومع الأسف لا توجد إحصائية رسمية بعدد الأخطاء الطبية .
*القاضي جمال المقطري.. قال:
الأخطاء الطبية جرائم تندرج تحت طائلة القانون ويحاسب مرتكبها وفقاً لقانون الجرائم والعقوبات اليمني في المادة (245) منه، على أن يعاقب الطبيب المتسبب بخطئه في المساس بسلامة جسم غيره بالدية والأرش حسب الأحوال (إذا كان له موجب) ، وبالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو الغرامة لأن ذلك نتيجة إخلاله بما توجبه عليه أصول مهنته , والمشرع هنا قد شدد في عقوبة الطبيب المرتكب للإصابة الناجمة عن خطئه الطبي وساوى في العقاب بين عقوبة أي مساس بسلامة جسم غيره (المريض) وبين عقوبة حدوث العاهة المستديمة حرصاً منه على سلامة جسم المريض , مما يعني مطالبة ذوي المهن ومنهم الأطباء بالحرص على سلامة الآخرين , والالتزام بقواعد وأصول المهنة أثناء ممارستها
فقد نصت المــادة(245)من قانون الجرائم والعقوبات على أنه" يعاقب بالدية او بالأرش على حسب الاحوال من تسبب بخطئه في المساس بسلامة جسم غيره وبالحبس مدة لا تزيد على سنة او بالغرامة واذا نشا عن الجريمة عاهة مستديمة، او اذا وقعت نتيجة اخلال الجاني بما توجبه عليه اصول وظيفته او مهنته او حرفته او مخالفته للقوانين واللوائح أو كان تحت تأثير سكر او تخدير عند وقوع الحادث كانت عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنتين او الغرامة
وللعلم هناك خطأ جسيم وخطأ غير جسيم وخلال السنوات الأخيرة شهدت المحاكم رفع الكثير من الشكاوى ضد الأطباء والتي وصلت إلى 100 شكوى اغلبها انتهت بالصلح وهذا العدد أقل بكثير من عدد الأخطاء الطبية التي ارتكبت وهو ما يشجع على استمرار ارتكاب هذه الاخطاء لأن عدم العقوبة والتي تنقسم إلى شقين مدني وجنائي يجعل من العاملين في مهنة الطب متهاونين وغير ملتزمين بواجباتهم، واغرب قضية ما حدث للطفل الرضيع في مستشفى الحكمة بتعز حيث قام أخد الأطباء بإجراء عملية له بمجرد خروجه من الحاضنة وهذا خطأ مهني فادح ادى إلى وفاة الطفل والنتيجة التعامل معها كمخالفة إدارية وتوقيف الطبيب لمدة شهر مع الخصم من راتبه، والحقيقة التصالح مع والد الطفل وهكذا تنتهي معظم القضايا بدون عقاب رادع وهذا مرده إلى جهل الناس بالقانون من جانب وعدم ثقة بالقضاء من جانب آخر.. عدد قليل من القضايا التي تم اصدار احكام فيها من قبل القضاء لا تتعدى اصابع اليد .
المحامي ياسر حُميد تحدث قائلاً:
الأخطاء الطبية من الجرائم الشائعة التي ترتكب في معظم المستشفيات الخاصة والعامة وغالباً ما تكون اخطاء جسيمة تؤدي إلى الوفاة أو التسبب بعاهات مستديمة وتخضع لقانون الجرائم والعقوبات بموجب المادة 245 التي حددت العقوبة بالحبس مدة لا تزيد عن السنتين أو الغرامة من دفع الدية أو الأرش والمسئولية القانونية وفقاً للقوانين تنقسم إلى مسئولية مدنية ومسئولية جنائية، وقد يشتمل الفعل الواحد على أكثر من مسئولية.
الطبيب غير ملزم بشفاء المريض ولكنه ملزم بالتقيد بأخلاقيات المهنة والقيام بواجبه على أكمل وجه دون اهمال أو تقصير لأن أي تقصير أو اهمال يؤدي إلى ازهاق روح أو إلحاق الضرر بجسم المريض يحاسَب عليه، واغلب الاخطاء ترتكب أثناء التخدير والعمليات والتشخيص غير السليم للمرض وقد تم توثيق عدد من الأخطاء الطبية التي وقعت في عدد من المستشفيات العامة والخاصة وادت إلى الوفاة والاجهاض والعاهات المستديمة، والأكيد هناك عشرات الاخطاء التي لم تكشف وتم التعامل معها قضاء وقدر.
نحن لا نتحامل على الاطباء، والاخطاء الطبية تحصل في كل الدول بما فيها المتقدمة ولكن الفرق في طريقة التعامل والتعاطي مع هذه الاخطاء ومعاقبة مرتكبها حتى لا تصبح حياة الانسان عرضة للاستهتار والاهمال واللامبالاة .
الأخطاء الطبية عالمياً
وبحسب الأمم المتحدة يموت طفل كل خمس دقائق على مستوى العالم نتيجة الأخطاء الطبية..
ويعاقب الطبيب بموجب القانون الدولي للإهمال الذي يؤدي إلى الأذى يعاقب بالسجن لمدة سنة..
الإهمال الذي يؤدي إلى الموت يعاقب مرتكبه بالسجن لمدة خمس سنوات ، أما الخطأ المتعمد الذي يؤدي إلى إلحاق الأذى الشديد يعاقب فيه الطبيب بالسجن عشر سنوات , اما الاهمال المتعمد الذي يؤدي إلى الموت يعاقب فيه الطبيب بالسجن لمدة 15 سنة مع سحب رخصة مزاولة المهنة .
*أسباب الأخطاء الطبية
وبحسب الدراسات التي اجريت لعدد من الباحثين فقد ارجعت الأخطاء الطبية إلى ما يلي
عدم مراعاة الأصول والقواعد العلمية
* عدم التقيد بمعايير الحيطة والحذر أثناء أداء العمل
*عدم الاهتمام الكافي بالمريض
*وجود خلاف بين المريض والطبيب أو الجهة الطبية * عدم توقع النتائج قبل البدء بالتشخيص والعلاج
*الإهمال الناجم عن التقصير في أداء الواجبات بالتوقيت المناسب والطريقة الصحيحة
* عدم المقدرة على التشخيص السليم، ممّا يؤدّي إلى فشل التشخيص وبالتالي تفاقم المشكلة
*عدم الاهتمام بحل النتائج السيئة للعلاج الخاطئ عند العلم بالخطأ
*التعب النفسي والاجهاد الجسدي وعدم المقدرة على إدراك الواجبات بالشكل السليم
*ممارسة الطب من اشخاص غير مؤهّلين وغير مرخصين للمهنة الطبية، وعدم ملاحقتهم من قبل الجهات المعنية
*اختيار الدواء الخاطئ،
* عدم مراقبة المريض بالشكل المناسب في المستشفيات
*تأخير النظر في حالة المريض الخطرة
*حدوث خلل بالأجهزة المستخدمة للفحص والعلاج
*عدم توافر بعض الإمكانيات والأجهزة الضرورية للفحص والتشخيص الدقيق
*عدم وجود قوانين رادعة للعاملين بالمجال الطبي في حال قاموا بالأخطاء الطبية وعرضوا حياة المريض للخطر أو حتّى الموت
*عدم وجود ملف لكل مريض يحتوي على كافة التفاصيل اللازمة لمعرفة حالته الصحية ويشمل جميع الفحوصات، في حال انتقل المريض من مكان لمكان آخر للعلاج
أسماء عدد من ضحايا الاخطاء الطبية الموثقة في المحاكم
1-جميلة الاديمي
2- مالك الشرعبي
3- ماجد مأمون
4- محمد الصبري
5- هاني البعداني
6- ملاك الزريقي
|