عبدالله الصعفاني❊ - بعد (كل عام وأنتم بخير..)
أشعر بين وقت وآخر أنني وكثيراً ممن أعرف ولا أعرف واقعون في حفرة تقطعت بنا السبل فرأينا في عيد الأضحى فرصتنا اليتيمة للتعبير عن حجم الأوجاع..لعل وعسى..!
* وأدخل في الموضوع وأقول إن في استقبالنا لعيد الأضحى المبارك ما يجدد دعواتنا المتكررة عند كل مناسبة دينية أو وطنية لتجريب أن يكون العيد فسحة لاستدعاء تجليات الحكمة المقصودة من المناسبات، ومنها عيد الأضحى المبارك حتى لا نكون من القانطين أو من الظالمين الضالين..
* قد يقول قائل..ها أنت تتفاءل مع أن بلدك المنكوب بأبنائه في حالة احتراب لا تخفف من مراراته وتداعياته أي هدنة وأي كلام، بعد اتساع الخرق على الراقع ولكن.. لا مفر من تذكير كل من يتحكمون بمصير البلاد وشعبها بفداحة ما أوصلونا إليه، وبأن من واجبهم أن يتوقفوا عن هذا العبط اللئيم فيسارعون لإلقاء معاول التدمير والهدم من ايديهم، وإتلاف ما ينتجونه من المرارات والآلام بعد أن طفح الكيل وزادت المعاناة بطفح الحماقات الظالمة.. ليجرِّبوا إدراك كون للعبادات أثرها في تزكية النفس وتطهيرها من جرائم وآثام يدفع الشعب اليمني ثمنها من دمه وشظايا أسباب حياته..
* هو عيد نحر الأضاحي التي تذهب لحومها للناس.. ومن الأولى أن لا تتواصل عمليات نحر أحلام اليمنيين بغريب المواقف وعجيب السياسات
خارج ابجديات الحكمة والمنطق.. وخارج الاحترام لواجبهم في حفظ أرواح الناس ودمائهم وأموالهم وتحقيق السلام والسكينة..
لا تكتفوا من العيد بنحر الأبقار والأغنام والجمال وإنما انحروا أيضاً متواليات الحقد والكراهية ومواقف التشظي والتمزيق في نفوسكم.. اعترفوا برحمة الله واحفظوا للشعائر الدينية أثرها في المراجعة وتزكية النفوس الأمارة بالسوء، وتطهيرها من هوس التماهي مع الأعداء في تدمير بلد طالما فاخر بأنه بلد الإيمان والحكمة فإذا به ضحية للحماقات والجنون.
* وكلا .. ليس في ما سبق أو ما سيأتي إفراط في الحُلم أو تحميل العيد كمناسبة دينية فوق ما يقدر، لكنها لحظة تاريخية يجدر بفرقاء السياسة والسلطات المتشظية فيها أن تقرر الجنوح للسلام والارتقاء فوق حيوانية المخرج الخارجي الكبير وأدواته، وجميعهم أثبتوا أنهم لا يحبون أي طرف سياسي في اليمن وإن دعموه فبقدر ما يحقق رغباتهم في التمزيق الممنهج لليمن وإلى حين والشواهد كثيرة..
* وأما ونحن في عيد تملأ فيه أصوات الله أكبر هذه الآفاق فإنها فرصة لتذكير الظالمين بأن الله أكبر منهم وأن عليهم تجنب أدعية مظلومين ضاقوا ذرعاً بقسوة الحياة اليمنية وفسادها وظلم القائمين عليها...وبأن الله أكبر من قيادات حكومية حزبية وجهوية ترفض الاحساس بأوجاع الناس وترفض التغيير الذي يرضي الله ويسعد عباده..
* ولا بأس حتى وقد طفح الكيل وجثم اليأس على الصدور من التذكير بخطأ اعتقاد النِّهابة للأرواح والأرزاق على امتداد أرض اليمن بجريمة استمرار الاتفاق غير المكتوب في ما بينهم على أن تتكدس أرصدتهم وخزائنهم بالثروة رغم العداوات أمام عيون ملايين الجوعى دونما وعي أو إحساس بأن حياتهم بائسة في ميزان الله وعدالته ما داموا لا ينتجون للشعب اليمني المظلوم غير الجوع والتعاسة والاكتئاب كصناعة لمسئولين احترفوا انتاج الأوجاع..
* إنهم يتمادون في التغاضي عن معاناة الناس وآلامهم حتى ولم يعد بينهم من ينوي الاعتراف بمسئوليته أو حتى تصور ما يعانيه غيره، فهل من تراجع لمن قذفتهم الأطماع الشخصية والحزبية والجهوية داخل الغواية المحكمة والجهل بعواقب الظلم وظلماته..؟ وهل من حكيم مؤثر يصدح بالحق فيقول إلى هنا ويكفي..؟
* ويا أيها المسئول.. في أي كيان وأي منطقة كنت..كن في أي تكتل حكومي أو حزبي أو جهوي ولكن.. احذر دعوات المظلومين.. تجنَّب يوماً تشخص فيه الأبصار و تُحاسَب فيه وتعاقب دونما اعتبار للونك السياسي..
وتذكَّر أن الله قد يغفر ما يخصه من ذنوب التقصير، لكنه لن يغفر لمن يقهر العباد ويتحالف مع أعداء اليمن في تجويع الشعب ووضعه على هامش الحياة، بائساً فقيراً..
* ماذا سيقول الظالمون عن تجميعهم مقدرات البلد من أرزاق العباد ليعيشوا وحدهم في الرفاهية التعيسة..؟
ولماذا كل هذا الإصرار على السباق في مضمار الكسب غير المشروع واعتبار استمرار الحرب الخيار المناسب لجميع لصوص السلطة والثروة..؟!
أرجوكم وأنتم تحتفلون بالعيد..
أفرجوا عن ضمائركم.. أطلقوا العنان لإنسانيتكم.. أعطوا فرصة للتواصل واللقاء حول فكرة اليمن..
* التقوا.. تسامحوا..
انتقلوا بالسياسة إلى خط الاهتمام بالشعب.. وانتقلوا من الخطاب الديني للمذاهب وما فيها من الانفعالات إلى الموضوعية والتعقل..
ومن أجلكم ..
لا تغفلوا حقيقة أن السلطة أمانة، والمال أمانة، والأرواح والدماء أمانة، وأن الاشخاص الأكثر تسامحاً يتمتعون بصحة خارج عُقَد الذنب..
* اليمن الذي نعيش فيه أو نهاجر بجوازاته ونحتفظ بجيناته الوراثية يدعونا لأن نحبه.. ولن نحبه أو حتى نحب أنفسنا بنزيف الدماء أو التضييق على البسطاء في أرزاقهم وأسباب معيشتهم..
* لنتمتع بما تيسر من الحلم في تعاطينا مع بعضنا، وحسبنا معرفة أن الحلم والتسامح من اقوى أنواع الصبر وأشقها على النفس، لأنها تعكس القدرة على ضبط النفس بالهدوء والحكمة واشاعة السكينة وتغليب العقل على ثورات التشنج والغضب..
* التقوا.. اعتذروا من بعض..
وقبل ذلك اعتذروا من الشعب..
وإذا أخذتكم العزة بالإثم والعدوان.. تذكروا قوله جل من قائل (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس)..ولا تنسوا أن الله تعالى أثنى على الحلماء من عباده.. أهل العقل والإرادة.. وامتلاك النفس عند الغضب..
* هذا هو خيار العقل ومنطق التواصي بالحق ، وغير ذلك ليس سوى المزيد من الظلم والظلمات الذي يثير غضب الله في السماء ،وسخط عباده المظلومين في الأرض..
❊ صحيفة اليمني الامريكي
|