استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني -
منذ أربعين عاماً وتحديداً في 24 أغسطس 1982م كانت اليمن على استحقاق ومكسب وطني كبير تمثَّل في إقرار "الميثاق الوطني" الذي شكل نظرية عمل وطني مستقبلي يترجمه تنظيم سياسي أخذ على عاتقه مهمة كبيرة في ترجمة مضامينه ورؤاه كاستحقاق وطني اجمعت عليه كل القوى السياسية والوطنية حينها وأصبح عقداً اجتماعياً للجميع، محدثاً تغييراً كبيراً في العقل الجمعي اليمني ، مجسداً أهداف الثورة اليمنية الخالدة..
لقد كان المؤتمر الشعبي العام منذ نشأته الوطنية الخالصة تنظيماً يمتاز ويتمايز برنامجاً وتشكيلاً فقد ضم بين جناحيه تجربة وطنية جسدته تلك العقول النيرة من رموز الحركة الوطنية في مختلف ارجاء الوطن ، بمختلف مشاربهم السياسية والفكرية الذين ظلوا في وقت لاحق مرتبطين جذرياً وفكرياً ونظريا بـ"الميثاق الوطني"..
لقد اجمع كل السياسيين تقريباً على أنه لايزال يشكل قواسم مشتركة بين جميع التيارات في الساحة الوطنية حتى هذه اللحظة ، لذلك فلا غرابة اليوم ونحن في هذه الأوقات العصيبة والمنعطف الأخير الذي يمر به وطننا أن ترتفع الأصوات بالعودة إلى أدبيات الميثاق الوطنى والعمل بما جاء فى سطوره من رؤى وأفكار لمعالجة الاختلالات والتباينات في المشهد السياسي اليمني، الذي اصبح معقداً للحد الذي لم يعد هناك مجال للوصول لنقطة التقاء بنظر البعض ، لتأتي الدعاوى للتزود بذلك الزاد الوطني والمنهل الذي لا ينضب امام ايديولوجيات اصبحت من الماضي ومشاريع صغيرة تختزل الوطن في شخوصها وتعمل على تقزيمه وتفتيته، وهذا ما نراه اليوم للأسف ، ولعل قيادة المؤتمر اليوم وهي تحمل على عاتقها مواجهة هذه التحديات ومرونة تعاملها مع المستجدات الراهنة فهذا ليس غريباً ولا جديداً فهي تستند لخبرة نضالية وحزبية عريقة اكتسبتها من خلال عملها التنظيمي والحزبي والنضالى على حد سواء..
فكر خلاق
الشيخ / سيف الهياشي -رئيس دائرة المنظمات الجماهيرية بالمؤتمر الشعبى العام- اكد أن المؤتمر هو صانع التحولات الكبرى في الوطن ولا احد ينكر ذلك مؤكداً أيضاً أنه إذا كان المؤتمر اليوم يمر بظروف استثنائية فهو قادر على تجاوزها بكل اقتدار .. وقال الهياشي: "إننا أمام فصول وتحولات عظيمة انجزها تنظيمنا الرائد عبر مسيرة انجز خلالها الكثير ، ويجب علينا اليوم أن نستحضرها لشحذ الهمم لتجاوز واقعنا فالمؤتمر ليس شخوصاً بل هو فكر انساني خلاق مثله ميثاقه الوطنى إنجازاً مستمراً وممتداً لعقود وبرنامج عمل يتجدد ويتحول ويتغير مع محيطه نحو الأفضل ، ونحن نحتفي هذه الأيام بذكرى التأسيس وإقرار الميثاق الوطنى ومع الواقع الذي نراه والأحداث المحيطة بوطننا ومؤتمرنا فإن هذه المرحلة تستدعي الثبات على الموقف الذي قطعناه نحن المؤتمريين على أنفسنا في الحفاظ على وحدة اليمن وسيادته وامنه واستقراره والذود عنه والسير نحو المستقبل لتحقيق الأهداف المنشودة التي تضمنها الميثاق الوطنى الذي صاغته كل القوى السياسية بوعي حينها ، التى ما زالت محدداتها الكاشفة مضيئة متوهجة"..
واستطرد الشيخ الهياشي قائلاً: " إن محاولة إثناء المؤتمر ووقف مسيرته التي بدأها قبل 40 عاماً سيكون مصيرها الفشل ،وأن وجود المؤتمر في قلب الحياة السياسية بتموجاتها وتشعباتها وما طرأ عليها من متغيرات كمكون سياسي له تجربته الخاصة هو استحقاق وطني إصيل ورقم قوي في المعادلة لا يمكن تجاوزه، ومحاولة اضعافه وتهميشه يطفىء ما تبقى من وهج المشهد السياسي الخافت أصلاً..
واختتم الهياشي حديثه بالإشارة إلى أن وجود المؤتمر قوي يصب فى مصلحة كل القوى السياسية اليمنية التي شكل رديفاً قوياً لها واعطاها زخماً خاصااًفي العمل السياسي ومثّل مصدر إلهام لباقي الأحزاب الأخرى في ميدان العمل والنشاط والفكر والانضباط..
وسطية واعتدال
د. حميد غوبر اشار الى ان "الميثاق الوطنى" هو الدليل النظري للمؤتمر كما أنه يمكن اقراره للجمهورية اليمنية كونه قد احتوى على الاسس العامة لأي نظام سياسي..
وقال غوبرا إن الميثاق احتوى على الجانب العقائدي الذي يجب ان يرتبط به الانسان وهو الدين الاسلامي كعقيدة وشريعة وحث على منهج الوسطية والاعتدال في العقيدة ، كما أنه يتسم كفكر بالوسطية بين اليمين واليسار ويمثل أقصى الممكن وأدنى المطلوب من غير إفراط ولا تفريط..
وتابع د غوبر قائلاً: " لقد احتوى الميثاق الوطني على باب كامل للانسان والوطن ومن اهم اسسه الولاء الوطني الذي لا ينسجم مع التبعية للخارج ، وحدد معايير الولاء الوطنى، كما انه شدد على الوحدة اليمنية والوحدة العربية الشاملة ، محتوياً على المقومات الاساسية لتطور المجتمعات. والمتمثلة في الادارة والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتربية والثقافة فهذه اسس بناء تطور المجتمعات على مستوى كل الدول ..، كما تطرق إلى كيفية بناء الدوله والممارسات الديمقراطية من اجل الحكم والتداول السلمي للسلطة..
أسس الحياة
ويواصل الدكتور غوبر قائلاً: لقد حث الميثاق الوطني على توسيع المشاركة الشعبية لادارة الوطن والعدل الاجتماعي والمساواة وكفل الحقوق وصانها وعدم إهدار كرامة الإنسان الذي هو التطبيق الواقعي للقيم المنبثقة عن الاسلام..
وأضاف: "لقد حدد الميثاق الوطني المرتكزات الاسياسية للانتعاش الاقتصادي المتكامل ومن ضمنها البناء الهيكلي الاساسي والزراعة والثروة السمكية والصناعة والتجارة الداخلية والخارجية والقوى البشرية والحركات التعاونية والتربية والثقافة..
كما اشار د غوبر فى حديثه عن" الميثاق الوطني، الى إنه تحدث عن بناء القوات المسلحة على اسس علمية وتسليحها بأفضل انواع الاسلحة لحماية البلاد ضد اي عدوان خارجي واخيراً حدد الميثاق الوطني السياسة الخارجية للجمهورية ، مشيراً الى ان الميثاق الوطني شمل جميع اسس بناء الدولة..
واعتبر غوبر الميثاق الوطنى" المرجعية الفكرية والنظرية للمؤتمر الذي يعد بمثابة الضمان الحقيقي للوصول الى يمن جديد وديمقراطي وموحد ينعم فيه المواطن بالامن والاستقرار..
حزب رائد
الكاتب الصحفي محمد صالح حاتم بيّن أن الميثاق الوطني تمت صياغته ليكون هو الدستور الذي ينظم الدولة، وقد صاغة مجموعة من رجال القانون والفكر الوطني في بداية ثمانينيات القرن الماضي، ومحتوى الميثاق الوطني في جلها تعد تشريعات ولوائح منظمة لسير أمور الدولة..
مشيراً إلى أن "القرارات التى تصدر يجب أن تكون بمشاركة الجميع"، لافتاً إلى أن هذا ينبطق على بقية الاحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية، التى لا يُعمل باللوائح الداخلية لها..
وتمنى صالح ان يقوم المؤتمر الشعبي العام باصلاحات داخلية وينظف لجانه ممن يسيئون للحزب والوطن بشكل عام لأن المؤتمر وبميثاقه الوطني حزب رائد، وله قواعده الشعبية الكببرة، وأن يكون التصحيح شاملا ومنطلقاً من ميثاقه الوطني المستمد من التشريعات الاسلامية، الذي يحفظ لليمن وحدته وحريته وسيادته واستقلاله وكلها كانت موجهات فى صميم ميثاقه الوطني.
| 
سياسيون لـ"الميثاق": (الميثاق الوطني) مرجعية فكرية وطنية للوصول إلى يمن قوي موحد
