نجيب شجاع الدين - في البدء كان الميثاق الوطني .. سمح إقرار مشروع الوثيقة السياسية الوطنية بعد أن خضعت للنقاش والاستفتاء الشعبي بولادة المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982م.
منذ ذلك اليوم شهدت البلاد العديد من التحولات المهمة التي قاد المؤتمر عملية تنفيذها وشكلت مع تتابع السنين وسام فخر واعتزاز على صدر الوطن وفي كافة أرجائه وفي مختلف المجالات.
مشروع أصيل متفرد في الوجود ومستمر في العطاء والأداء المشرف.
التزم المؤتمر بأهداف الثورة اليمنية وثوابت ومبادئ الوطن واستخلص رؤى وتطلعات الشعب نحو المستقبل وعمل على إخراجها إلى الواقع .
لم تكن تجربة المؤتمر كتنظيم سياسي عبارة عن نسخة مستوردة من الخارج أو ما يمكن تسميته مجرد فرع اليمن لحزب رئيسي عربي أو غربي، بل فكراً يمنياً خالصاً صاغ ابناء الشعب اهدافه ومبادئه وحددوا الخطوط العريضة لمساره.
خاض الجميع وليس فقط النخبة السياسية والوطنية والأكاديمية نقاشات مطولة وحوارات مستفيضة تم خلالها استيعاب ملاحظات المواطنين عبر لجان متخصصة وتضمينها كاملة مشروع وثيقة الميثاق الوطني المستفتى عليه .
واستناداً إلى الوثائق فإنه في 27 مايو 1980م صدر قرار جمهوري بمشروع صياغة الميثاق الوطني، وأكدت حيثيات القرار على ضرورة إيجاد فكر وطني يقوم على أساس الجمع بين الأصالة والمعاصرة" ولأهمية الوحدة الفكرية لتعزيز وتكريس الوحدة الوطنية, وتمشياً مع المنهج الوطني الهادف إلى بناء مجتمع تظلله الديمقراطية وتسوده العدالة والمساواة ويعمه الرخاء والازدهار..
ومن أجل تمكين كل أبناء الشعب من ممارسة حقهم في الإسهام في صياغة فكرهم الوطني, فقد نصت المادة الأولى من القرار على تشكيل لجنة للحوار الوطني والتهيئة للمؤتمر الشعبي العام مؤلفة من »51« عضواً.
كما نصت المادة الثانية أن تقوم اللجنة بتقصي آراء ووجهات نظر المواطنين حول مجمل القضايا الأساسية التي تهم الوطن من خلال توزيع نسخ من مشروع الميثاق الوطني عليهم كورقة عمل قابلة للتعديل.
أما المادة الثالثة من القرار فتضمنت لائحة عمل اللجنة.
في 21 يونيو 1980م عقدت لجنة الحوار الوطني اجتماعها الأول تم خلالها تشكيل اللجان الداخلية:
1- لجنة تنظيم الحوار.
2- اللجنة الاقتصادية والسياسية.
3- اللجنة الثقافية والاجتماعية والتاريخية.
4- لجنة فرز وتبويب الآراء.
5- لجنة الصياغة.
كذلك تم إقرار اللائحة الداخلية وتحديد مهام اللجان الداخلية والفرعية وأسلوب العمل وانتخاب رؤساء وأعضاء اللجان الخمس المنبثقة والمتفرعة من لجنة الحوار الوطني.
14 ديسمبر 1980م الانتهاء من تشكيل اللجان الفرعية للمحافظات..
16 ديسمبر 1980م اللجان الفرعية تعقد مؤتمرات مصغرة في المحافظات وتوزيع استثمارات استبيان مع نسخ من مشروع الميثاق الوطني على المواطنين..
4 يناير 1981م انتهاء اللجان من أعمال اللقاءات الجماهيرية و الاستبيان
حيث تم عقد (250) مؤتمراً مصغراً وزعت خلالها (100.000) نسخة من مشروع الميثاق الوطني إضافة إلى ( 200.000) استمارة استبيان الآراء.
15 فبراير 1981م لجنة الحوار الوطني تقوم بالفرز والتبويب للآراء والردود ووجهات النظر التي تضمنتها استمارات الاستبيان ليتم التعامل معها ومناقشتها وتعديل المشروع المقترح وفقاً لأفكارها الإيجابية..
وجرى خلال هذه المرحلة أيضاً التصويت على كل باب بعد نقاش وحوار صريح داخل اللجنة وصولاً إلى الصيغة النهائية المقترحة للمشروع.
31 أغسطس 1981م لجنة الحوار الوطني تقترح تصوراتها لقوام المؤتمر الشعبي العام على أن يكون عدد أعضائه ألف عضو.
4 أكتوبر 1981م عقدت لجنة الحوار الوطني بكامل أعضائها اجتماعها الأخير الذي تم فيه استعراض مشروع الميثاق الوطني وتم التصديق على المشروع بالإجماع عن طريق النداء بالاسم ورفع الأيادي.
19 أكتوبر 1981م صدور قرار بتحديد أعضاء المؤتمر الشعبي العام الذي سيتولى مهمة التصديق على مشروع الميثاق الوطني.. ونصت مادته الأولى على أن يتكون المؤتمر الشعبي العام من (ألف شخص)، منهم 70٪ يُنتخبون من قبل المواطنين في جميع أنحاء الجمهورية، بينما 30٪ منهم يتم تعيينهم بقرار جمهوري.
23 مارس 1982م إقرار اسماء الفائزين بعضوية المؤتمر وعددهم (697) عضواً من مختلف الدوائر الانتخابية في الجمهورية.
31 مارس 1982م لجنة الحوار تكلف بالإعداد والتحضير للمؤتمر الشعبي العام العام لاقرار الميثاق الوطني.
11 أبريل 1982م لجنة الحوار تضع خطتها للإعداد للمؤتمر وعملت على تشكيل ست لجان فرعية مساعدة من بين اعضاء لجنة الحوار ومن خارج اللجنة أيضاً, ويرأس كل لجنة فرعية مساعدة عضو من أعضاء لجنة الحوار.. واللجان الفرعية المساعدة هي:
- لجنة السكرتارية.
- اللجنة الإعلامية
- لجنة الاستقبال
- اللجنة المالية
- لجنة تنظيم وتجهيز مقر المؤتمر
- اللجنة الأمنية.
10 أغسطس 1982م صدور قرار بالأعضاء المعينين في المؤتمر الشعبي العام وعددهم (309) أعضاء يمثلون نسبة 30٪ من أعضاء المؤتمر.
12 أغسطس 1982م صدور قرار بدعوة المؤتمر الشعبي العام للانعقاد ابتداء من يوم الثلاثاء 4 ذو القعدة 1402هـ الموافق 42/8/1982م وأوكلت المادة الثانية من القرار إلى المؤتمر:
1- إقرار الميثاق الوطني اليمني في صيغته النهائية
2- تحديد أسلوب العمل لتطبيق الميثاق الوطني في المرحلة القادمة التي تعقب المؤتمر الشعبي العام 24 أغسطس 1982م انعقد المؤتمر الشعبي العام الأول في الساعة التاسعة صباحاً من يوم الثلاثاء بالعاصمة صنعاءتحت شعار: "من أجل ميثاق وطني يجسد عقيدة الشعب وأهداف الثورة".
أسرار القوة
لعل هذه أول أسرار البقاء والقوة للمؤتمر رغم ما تعرض له ولا يزال من ضربات مزلزلة تبغي القضاء عليه إلا أنه ظل صامداً وشامخاً أيضاً في وقت انهارت فيه أحزاب وكيانات أكبر عمراً وتجربة لكن تقلبات الأزمات أظهرت مدى هشاشتها وضعفها فكان مصيرها الزوال .
وفي وقت تحولت فيه أحزاب أخرى إلى صورة مشوهة من العمالة والارتزاق والمتاجرة بقضايا الوطن .. لم ينكسر المؤتمر ولم ينسحب الى خندق العداء للوطن طمعاً في مكاسب رخيصة .
كان السباق الى التمسك بمبادئه وفي مقدمها رفض التدخل في شئون اليمن سياسياً أو محاولة حل خلافاته عبر فرض القوة العسكرية .
تقدم المؤتمر صفوف المتصدين بقوة وارادة للعدوان انطلاقاً من مواقفه الثابتة التي تحتم عليه الدفاع عن الوطن وحماية أراضيه ووحدته وسيادته واستقلاله، حيث يعتبر الميثاق الوطني المعيار الأول للولاء الوطني بأنه يتمثل في " الحفاظ على سيادة الوطن واستقلاله باعتبار ذلك قمة المصلحة العليا للوطن وعقيدته، وأي تبعية خارجية مادية أو فكرية أو التزام تنظيمي يعتبر خيانة وإضراراً بمصلحة الوطن العليا وإخلالاً بالولاء الوطني "
كما أكد على أن "الولاء الوطني المرتبط بالولاء لله هو الذي نصون به سيادة الوطن واستقلاله ونرسخ به وحدته أرضاً وشعباً وحكماً ".
وعلى ذلك "كان حب الوطن من الإيمان، الدفاع عن الوطن دفاع عن العقيدة، والتخلي عن الوطن هو تخلٍّ عن العقيدة ".
|